فيماستكون السينما الكردية ضيف شرف مهرجان القاهرة السينمائي الدولي المقبل فإن الثقافة الكردية هي موضع حفاوة من جانب المصريين الذين انفتحوا دومًا على كل الثقافات بروح من التسامح وثقة تستند لعمق حضاري. فهذه السينما سواء على مستوى الأفلام الروائية أو الوثائقية تعبر عن ثقافة أصيلة لمكون من المكونات السكانية في منطقة الشرق الأوسط بقدر ماتبوح بعذابات الأكراد ومعاناتهم جراء الممارسات القمعية لبعض الأنظمة التي تخاصم الديمقراطية وإن تشدقت بشعاراتها مثل نظام رجب طيب أردوغان في تركيا.
ومن المقرر أن يصدر مهرجان القاهرة السينمائي في دورته ال36 برئاسة الناقد سمير فريد التي تبدأ يوم التاسع من نوفمبر القادم وتنتهي في الثامن عشر من الشهر ذاته 12 كتابًا متخصصًا من بينها كتاب بعنوان "تاريخ السينما الكردية" لمهدي عباس وكتاب آخر عنوانه "السينما الكردية" وهو من تأليف إبراهيم حاج عبدي.
وإذا كانت السينما من أهم وسائط الثقافة وطرح أفكار ومفاهيم وقيم منذ عرض أول فيلم للأخوين لومير عام 1895 فإن السينما الكردية تأثرت دون شك بواقع الأكراد المقسمين في أغلبهم بالمنطقة بين تركيا وإيران والعراق وسوريا وسعت للتعبير عبر عشرات الأفلام عن المعاناة التاريخية الأكراد.
وتمكن بعض السينمائيين الأكراد من الفوز بجوائز في مهرجانات سينمائية عالمية ومن الأسماء الهامة للمخرجين السينمائيين الأكراد هونر سليم وبهمن قباذي وشوكت أمين كركي وهشام زمان والا داك وبابك اميني فيما أقيمت مهرجانات للسينما الكردية في بريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة.
ومن الأفلام الكردية الشهيرة: "عبور الغبار" وبلاد الثلج" و"وادي الدفوف" و"بطاقة باص" و"جان" و"هكذا ولدت" و"تحت سقف باريس" وكلها تعبر عن الخصوصية الثقافية للأكراد ومعاناتهم في شتات العالم كما أنها تكشف عن تطور ملموس على المستوى التقني السينمائي واشكال التعبير الفني والجمالي.
ومن دواعي الإنصاف الاعتراف بأن الأكراد عانوا طويلًا من القمع في الدول التي توزعوا بينها بمنطقة الشرق الأوسط كما تعرضت حقوقهم الثقافية لاعتداءات ممنهجة وغير مبررة فيما ازدادت المعاناة الكردية جراء تصاعد "الظاهرة الداعشية المتطرفة" في الأونة الأخيرة .
وتتجلى "ثقافة الأسوار الفاصلة والجدران العازلة" في ممارسات السلطات التركية ضد الأكراد سواء داخل تركيا او في المحيط الإقليمي وخاصة في سوريا وعلى نحو مثير للأسى والأسف خاصة مع تناقض هذه الممارسات مع الشعارات التي يرفعها نظام رجب طيب أردوغان.
والأكراد وإن اختلفوا عرقيًا عن العرب فهم تاريخيًا وثقافيًا وحضاريًا في "حالة توأمة مع الأمة العربية" ومكون أصيل في العالم الإسلامي ولا حاجة لاستدعاء نموذج البطل صلاح الدين الأيوبي قاهر الصليبيين ومحرر القدس وهو كردي الأصل.