يطوع عدد من الشباب السعودي مواهبهم الفنية، للتعامل مع عدد من القضايا الاجتماعية والسياسية، وربما العقائدية، باستخدام وسائل فن غير تقليدية تتماشى وتغييرات تشهدها المملكة المحافظة. سارة مهنا العبدلي، 22 عاما، واحدة من فنانين سعوديين قلائل، وإن أخذت أعدادهم في الزيادة، تعمل بفن الرسم على الحائط "جرافيتي"، منذ ستة أشهر. ومن بين رسوماتها "علامات شارع مكة"، التي تمثل علامة تشير إلى أفق مكة، التي بالكاد أن تراها من مبان شاهقة أحاطت بها، قالت العبدلي "توجست في بادئ الأمر من ردة فعل المحافظين.. السعودية تمر بالكثير من التغييرات، وفن الشوارع هو الوسيط المثالي لتجربة ذلك". وحول الجرافيتي، تقول العبدلي "إنه شيء جديد تماما هنا.. لا ترى الكثير من فن الشوارع هنا.. مجرد تخريب فقط". تابعت: أحب الرسم على حوائط الشوارع، لأنه بمتناول الجميع، إنه وسيلة بسيطة للتعبير عن الذات. نقشت العبدلي رسومات "شارة مكة" في العديد من المناطق التاريخية بمدينة "جدة" ليتسنى لأكبر قدر من الناس مشاهدتها، مضيفة "لم أرغب في أن تكون قطعة فنية جميلة، بل أن أثير بها نقاشا". نجحت رسومات العبدلي في استقطاب الاهتمام، بعدما جرى تداولها في مواقع اجتماعية ك"فيسبوك" و"تويتر"، كما اكتسبت اعترافا رسميا باختيارها، إلى جانب ثلاثة فنانين آخرين، للمشاركة في معرض "حافة الجزيرة العربية"، وهو أول معرض كبير للفن المعاصر في المملكة العربية السعودية. في بلد تسيطر فيه الحكومة على معظم أشكال الثقافة، فإن العبدلي واحدة ضمن عدد من الشباب "المتمرد" على الأساليب التقليدية لطرح ومناقشة قضايا المجتمع، مثل "عمر حسين" ، مقدم برنامج "على الطاير" الكوميدي، الذي يقدم الأحداث والأخبار بنكهة مختلفة في قالب ساخر، يبث في موقع "يوتيوب". وقال حسين: "نعكس ما يحدث في مجتمعاتنا بطابع كوميدي، ونترك لك قرار خيار ما هو صواب وخطأ". ويتناول حسين في طرحه الكوميدي عددا من قضايا المجتمع، كحقوق المرأة السعودية، دون التطرق لتابوهات الدين أو الأسرة الحاكمة. وأضاف أن "ممارسة الرقابة الذاتية، أفضل وسيلة في هذا النوع من الإعلام المقبول من مجتمعنا الراغب في الترفيه، دون تخطي الحواجز أو القضايا المحظورة". علق مدون سعودي، طلب عدم الكشف عن اسمه، بقوله إن الشباب وجد طرقا خفية لمراوغة هيمنة الحكومة، حيث أوضح أن العديد من الفعاليات الثقافية تنظم من قبل الحكومة التي تضع الكثير من القيود على ما يمكن القيام به. وتابع "لكي تزدهر الثقافة، هناك حاجة لكسر الحواجز، وهذا لن يحدث في بيئة تسيطر عليها الحكومة".