واصل الآلاف من المسيحيين تدفقهم على الكاتدرائية المرقسية في العباسية لإلقاء نظرة الوداع على البابا شنودة الثالث، بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الذى توفي أمس الأول "السبت" عن عمر يناهز 89 عامًا، والذي أحزن رحيله المسيحيين والمسلمين على السواء.. واحتشد المسيحيون حول الكاتدرائية في العباسية لليوم الثالث على التوالى في أجواء مفعمة بالحزن لوداع الفقيد الراحل.. وتم إلباس جثمان البابا الملابس الدينية الرسمية ووضعه على كرسيه البابوى قبيل ظهر "الأحد" وسيبقى كذلك لمدة ثلاثة أيام حتى يتمكن جمهور الأقباط من إلقاء نظرة الوداع عليه قبل تنظيم قداس الجنازة في مقر كاتدرائية الأقباط الأرثوذكس بالعباسية في القاهرة، بحسب مصادر الكنيسة. وارتدى المسيحيون المتوافدون على الكاتدرائية ملابس الحداد السوداء، وكان العديد منهم يبكون والتقط عدد منهم بواسطة كاميرات هواتفهم المحمولة صورة أخيرة لزعيمهم الروحى.. وقال إميل عصام (28 عاما): "البابا كان رجلا حكيما، كان أبا للكل للرجال والنساء، للأرامل واليتامي، لقد مررنا بأزمات عدة وفي كل مرة كان هو صوت العقل والحكمة".. وقال اسحق زكريا (18 عاما): "كان البابا شنوده مثل والدي، كان واسع الافق، لن نجد أحدا مثله". وقال ميلاد جابر (21 عاما)، وهو عامل كان يقف في صف طويل أمام الكاتدرائية في انتظار الدخول: "جئت من بني سويف (100 كيلومتر جنوبي القاهرة) لأودع البابا مهما يطل بي الوقت سأظل أنتظر إلى أن أراه".. وأضاف: أتمنى أن يأتى خليفة للبابا شنودة يفعل نصف ما كان يفعله البابا شنودة". وقالت سومة لبيب (42 عاما)، التي تعمل ممرضة وكانت تقف في صف آخر للنساء: "عاش وسطنا وكان يعرف كل مشاكلنا التي نمر بها، أتمنى أن يشارك من يأتي بعده في بناء مصر مع الرئيس القادم".. ويتمتع فقيد مصر الراحل بشعبية كبيرة بين المصريين المسيحيين والمسلمين على حد سواء؛ لأنه كان رمزا من رموز الوطنية المصرية وكان يردد دائما مقولته الشهيرة: "مصر ليست وطنًا نعيش فيه وإنما وطن يعيش فينا".. وكان المشير محمد حسين طنطاوى، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، قد قرر إعلان الحداد فى عموم مصر غدا "الثلاثاء" حدادًا على رحيل البابا، ومنح المسيحيين العاملين في مؤسسات الدولة عطلة ثلاثة أيام لوداع البابا.. وانتقل طنطاوي وأعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة الى مقر الكاتدرائية، حيث أدوا واجب العزاء في الفقيد.. ونعى المجلس الذي يدير أمور مصر منذ تنحى مبارك تحت ضغط الانتفاضة الشعبية البابا شنودة، وعبر في بيان عن الأمل في "أن تتحقق أمانيه الغالية والتي عمل عليها بإخلاص وأمانة طوال حياته للحفاظ على وحدة مصر ووحدة نسيجها الوطني".. ونعاه أيضًا شيخ الأزهر ومفتي مصر وجماعة الإخوان المسلمين ومختلف الأحزاب والشخصيات السياسية.. ويتولي أسقف البحيرة "باخوميوس" منصب قائم مقام البابا لمدة شهرين لحين انتخاب بابا جديد.. ونعت العديد من الشخصيات المسلمة والمجلس العسكرى الحاكم البابا شنودة في حين عكست الصحف الشعور العام بالتأثر لغياب البابا الذي كان وجها مألوفا لدى المصريين جميعا مسلمين ومسيحيين. وقال الأزهر في بيان إن مصر "فقدت أحد كبار رجالاتها المرموقين في ظروف دقيقة بالغة الحساسية، هو الفقيد الكبير الحبر الأعظم قداسة البابا شنودة الثالث - بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية". وأضاف البيان أن الأزهر بكل مؤسساته: "يذكر للراحل الكبير مواقفه الوطنية الكبرى"، و"يذكر بكل الأكبار والتقدير موقفه من قضية القدس الشريف وفلسطين العربية وصلابته فى الدفاع عنها وعن تاريخها ومقدساتها".. وبناء على وصيته، سيتم دفن البابا شنودة الثالث في دير وادى النطرون الالاف يتدفوق لوداع البابا