السؤال: ماذا تقولون في رجل وقع في العشق، فانشغل تفكيره بمعشوقه، وهو يدافع هذه التفكير، ولكنه يسترسل معه كثيرًا، وتسبب هذا العشق في أنه قد فرط في كثير من مصالح الدين، كقراءة القرآن، وترك بعض النوافل، لكن هذا العشق إلى الآن لم يؤد به إلى ترك واجب، فهو ما زال محافظًا على الصلوات في أوقاتها في جماعة، وأحيانًا يخشع فيها، وأحيانًا لا يخشع، ولو مات على هذه الحال، فهل يكون مشركًا؟ وهل هذا شرك في المحبة حتى وإن لم يؤد إلى ترك واجب؟ أم هو نوع من اتباع الهوى لا يكفر صاحبه؟ وما الفرق بين هذا الرجل ورجل آخر محافظ على الصلوات أيضًا، ولكنه يحب مشاهدة المباريات، وإذا تعارض الأمران قدم مشاهدة الكرة على حضور الصلاة في المسجد في أول الوقت حتى تنتهي المباراة، ولكنه لا يرضى أن يخرج وقت الصلاة عليه بسبب مشاهدة الكرة، فهو لا يصلي في أول الوقت بسبب هذا الأمر، أو أن رجلًا يحب جمع المال ويقدمه على الصلاة في أول وقتها وحضور الجماعة في المسجد، وهل كل هذه الأنواع فيها نوع من الشرك في المحبة؟ وما الفرق بين هذه الأنواع من الذنوب والمعاصي؟ وهل من فعل ذلك أعظم إثمًا عند الله أم من يترك الصلاة بالكلية تكاسلًا وتهاونًا؟ أرجو التفصيل في هذا الموضوع، وعدم الإحالة على فتاوى سابقة - جزاكم الله خيرًا -. الفتوى: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: فقد سبق أن بينا حكم الحب في الإسلام، وأنه قد يكون بكسب من صاحبه، أو يكون بغير إرادة منه، فراجع الفتوى رقم: 4220. وعلى كل تقدير، فإنه لا يجوز للمسلم التساهل والاسترسال في ذلك، فإن هذا غالبًا ما تكون عاقبته ما ذكر هنا من أمر العشق، والذي هو داء من الأدواء الخطيرة التي يمكن أن تقود المسلم إلى حال لا يخطر له على بال، وما ذكر في السؤال من التفريط في كثير من مصالح الدين، كقراءة القرآن، وترك بعض النوافل، ما هو إلا بدايات قد تكون بعدها النهايات الخطيرة التي يخشاها من الوصول إلى درجة الشرك في المحبة، وترك الفرائض، أو التفريط فيها، إلا أن يتدارك المرء نفسه ويتوب إلى ربه عز وجل، فبذلك يسلم ويسلك سبيل النجاة، ولمعرفة كيفية علاج العشق نرجو مراجعة الفتوى رقم: 9360. وليس كل عشق يعتبر شركًا ما لم يصل بصاحبه إلى عبادة معشوقه، والعبادة لها ركنان تتحقق بهما، وهما كمال المحبة، وكمال الذل والخضوع، وانظر الفتويين رقم: 178167، ورقم: 27513. ولا شك في أن هذا من اتباع الهوى الذي هو قسيم الهدى، ويكفيه من الشر وقوعه في العشق، فهو بلاء في حد ذاته، وإن لم يترتب عليه تفريط في الفرائض، وتضييع للصلوات، وكذلك حال الرجلين الآخرين، ففعلهما من اتباع الهوى أيضًا، ومن تقديم محاب النفوس على محاب الله عز وجل، والهوى قسيم الهدى، قال تعالى: إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى {النجم:23}. هدانا الله وهدى الجميع صراطه المستقيم، وجنبنا الخطأ الزلل، وسيئ القول والعمل. والله أعلم. مصدر الخبر : اسلام ويب - فتاوى