قال الدكتور جمال عبد الستار، القيادي بجماعة الإخوان والأمين العام لرابطة علماء أهل السنة، إن التصريحات التي أطلقها الدكتور جمال حشمت، القيادي ب" الإخوان"، بشأن تراجع الجماعة خطوة أو خطوتين للوراء البعض اساء فهمها، لأن ما قصده "حشمت" هو أن تنوعا في الأداء السياسي سيحدث، وأن تغييرا في أدوات اللعبة السياسية سيكون من معالم المرحلة القادمة، ولم يكن فيها تنازلا أو تراجع. وأضاف- :"ربما تكون هناك بعض المؤامات السياسية، ولكن لايعني ذلك الرجوع أو النكوص، وإن كانت هناك ثلاثة مرتكزات لا نقاش فيها ولا جدال، هي عودة العسكر إلى ثكناتهم ولا علاقة لهم بالعمل السياسي، والقصاص العادل لدماء جميع شهداء مصر منذ 25 يناير2011، وعودة الحرية للشعب ليختار الطريق الذي يسلكه والمنهج الذي يرتضيه". وذكر "عبد الستار" أن أبرز التحديات التي تواجه الجماعة هي المواءمة بين حماسة الشباب وحكمة الشيوخ، والانشقاق المجتمعي الحاد، ووضع المرأة في المكانة اللائقة بها داخل إطار العمل التنظيمي، وما وصفه بالتآمر الإقليمي والدولي، والحرب الإعلامية الشاملة. وأوضح أن أبرز الأخطاء التي وقعت فيها "الإخوان" تتمثل في إدارة الدولة بمنهج إدارة الجماعة، فالدولة تحتاج إلى منهجية الثواب والعقاب على خلاف الجماعة في منهجية الإستيعاب، والدولة تحتاج إلى منطلقات ثورية فاصلة مؤلمة في بعض الحالات لا يتناسب معها طريقة العمل الدعوي داخل الجماعة. وتابع:" كما أن الدولة تحتاج إلى مناورات وتدابير لا تتناسب مع منهجية العمل الدعوي، وتحتاج الدولة إلى مصارحة ومكاشفة مع الشعب ليتحمل المسؤلية بخلاف العمل الدعوي الذي يحكمه ركن الثقة، كما كانت هناك حالة من الانخداع الزائد عن الحد بكثير من المؤسسات والتيارات، مما أوقع البلاد في هذه المحنة، وأيضًا القصور الإعلامي الكبير مما أدى إلى تغييب وعي الشعب وقلب الحقائق، وكذلك كان هناك ضعف الاستفادة من طاقات الشباب والمرأة". وأشار الأستاذ بكلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر إلي أن ما حدث يتطلب من "الإخوان" إجراء مراجعات شاملة للتنظيم وإعادة هيكلة الجماعة، والاستفادة بالتجربة، فما كان يصلح في زمن قد لايصلح في زمن غيره، كما يحتاج "الإخوان" إلى احتراف العمل الدعوي واستقلال الممارسة السياسية، وإلى تمكين الشباب على كل الأصعدة وفي كل المجالات، كما يحتاج "الإخوان" إلى لوائح جديدة وآليات كذلك جديدة. وحول ما وصلت إليه الجماعة بعد 86 عام من التأسيس، قال:"أرى أن هذه محطة تزود وترقي وتهيئة لانتصار، وليست مرحلة انحسار - كما يظن البعض- وأرى أن منتج المنتسبين للجماعة قد تضاعفت مكانته كيفا وإدراكا وعمقا وتربية وثباتا وتضحية، وتضاعفت كما بسعة الانتشار وقوة التأييد" وردًا علي اتهام البعض للإخوان بالفشل في الحكم وأنها لا تجيد سوي المعارضة، أجاب، قائلا:" بالطبع كل عمل فيه الخطأ والصواب، وليس أحد من الناس معصوما بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقينا أخطأ "الإخوان" في أمور كثيرة، ولكنهم كذلك أصابوا في أمور كثيرة، ولكن ما ينبغي بحال أن ننسى أن دور الدولة العميقة التي كانت تعمل ليل نهار لصناعة الأزمات عن طريق أبرز أعمدة الدولة: الجيش والشرطة بالإضافة إلى الإعلام والقضاء، كما علينا أن ندرك أن دولا خليجية وضعت ثرواتها الطائلة تحت أمر المتآمرين، وأن أطرافا دولية كانت تحيك المكائد، وأن أطرافا إسلامية كانت تبدع في النفاق، ومكر السوء، والمتاجرة بالدين، وتغييب الوعي بقضايا مصنوعة". وشدّد "عبد الستار" علي أن الجماعة - بإذن الله تعالى- ستخرج من هذه المحنة أصلب عودا، وأوسع أفقا، وأعمق إدراكا، وأكثر اتساعا، وأرسخ فكرة، وأرشق إدارة، بالرغم من أنها تواجه حربا شاملة في الداخل والخارج، موضحًا أن وضع "الإخوان" في الخارج يتأثر بقوة بالوضع الداخلي، إلا أن الوضع الخارجي مستقر ويزاد قوة وثباتا ويحقق انجازات كبيرة للحفاظ على الصف الدعوي، وإن إدراكه للتحديات الخارجية جيد يجعله يتحرك على بصيرة.