خلال ما يزيد عن عقد من الزمان سيطر الجهل والفساد والنهب المنظم على شتى ربوع وأعمال الهيئات النووية في مصر، وفي القلب منها هيئة الطاقة الذرية، وهي الهيئة الأم لكافة الكفاءات النووية في مصر والعالم العربي والعديد من الخبراء في دول العالم المتقدم. وواكب هذا الاضمحلال فترة صعود المد العائلي المنظم لآل مبارك وأتباعهم وحاشيتهم، وظهور آليات جديدة لتجريف ثروات ومقدرات الشعب المصري، من خلال فرض مماليكهم وأعوانهم على كافة القطاعات الاستراتيجية والحيوية في مصر، وبالطبع لم يسلم القطاع النووي من أعمال السلب والنهب وتسريب و"تطفيش" المئات من الكفاءات العلمية والنووية المتميزة والمؤهلة على أعلى المستويات التقنية النووية، وأصبحت المعايير مقلوبة، فالبقاء للأفسد والأجهل والأطوع، ولا قيمة ولا تقدير للخبرة أو العلم أو السمعة الجيدة، وفُرِض لسنوات على الهيئات النووية جهلة وفاسدون وناهبو المال العام بشتى الطرق والأساليب، وتم تجريف الهيئات النووية من جميع مقومات تميزها وقوتها، وهبطت عليها قيادات لا تجيد إلا السمع والطاعة، وتنفيذ مشيئة أولي الأمر وأصحاب الأمر والنهي ممن فرضوهم على رؤوس العباد والبلاد. خطة محكمة ومتتالية لتفريغ القطاع النووي من عناصر قوته، بشخصيات كارتونية هزيلة على قمة السلطة النووية، وانهار الهرم القيادي، فالأقزام على قمة المؤسسات النووية يستعينون دائماً بمن هم أقزم منهم وأكثر فساداً وجشعاً وتطلعاً لأي منصب يتم من خلاله الاغتراف من صناديق الملايين النووية ومن مغارات ولي النعم "يونس بابا والأربعين نووي". ومايسترو هذا التدمير والتفريغ، وزعيم منظومة الجهل والفساد، ومؤسس هيكلها، هو للحقيقة شخص تم اختياره بعناية مفرطة، مطابق لمواصفات ومتطلبات قيادات النهب الأعظم لمصر، ويحظى بثقة كافة قيادات الحزب المنحل، وبتعضيد أجهزة أمنه الخاصة، وقبل كل شيء يحوز مباركة المبارك الأعظم فرعون مصر الذي كان يمنح ويمنع ويعز ويذل (معاذ الله). وهكذا ربض يونس على مقدرات وثروات قطاع الطاقة في مصر، وخلال عشر سنوات فقط نجح في تدمير المقدرات النووية لمصر من قوى بشرية ومقدرات مالية وإمكانيات فنية، وترك لأعوانه وحاشيته الباب على مصراعيه للسلب والنهب واغتراف أموال تلك الهيئات لجيوبهم وذممهم الخاصة، وتجاهل تنكيلهم وبطشهم بكل من تسول له نفسه التصدي لإجرامهم وفسادهم. وصمّ أذنيه طوال 10 سنوات عن كل شاك أو مظلوم أو مضطهد، وأوعز لمماليكه التخلص من كل من يُسلِّط الأضواء على تخريبهم ونهبهم وفسادهم. وها هو الآن وبعد أن دارت عجلة الزمان، وزالت دولته، وخُلِع من كان يحتمي بحماه، وأصبح أقرانه هاربين أو ضيوفاً دائمين على مؤسسات التأديب والإصلاح في طرة وشقيقاتها الإصلاحية، يحاول حسن يونس أن يتجمل دون أن يمس جوهره الأصيل الناشر والداعم للفساد، بإجراء بعض تغييرات شكلية في قيادات قطاع الكهرباء – دون مساس بالقطاع النووي- بتبديل المواقع أو تغيير الوظائف، دون أن يحيل أياً منهم لجهات المحاسبة والقضاء، وفي حين آخر يبشرنا –من خلال جوقة إعلامه الملاكي لمحرري الكهرباء في الصحف القومية وبعض الصحف الخاصة بأنه، لا فُض فوه، قد أحال – بعد الثورة- جميع المخالفات التي وردت إليه للنائب العام أو الرقابة أو النيابة الإدارية، وكأن الوزير تحول إلى "محولجي" لا حول له ولا قوة، ومعدوم الصلاحية والقدرات، وعاجز عن اتخاذ قرار حاسم بالوقف أو العزل أو الفصل. وكأن سيادته بذلك يتصور أنه أبرأ ذمته بالإحالة على جهات أخرى متخمة بسيل من مئات الآلاف من البلاغات اليومية، وكأن سيادته يخيل إليه أن ملاعيبه تلك تنطلي على المواطن العادي، فما بالك بالجهات القانونية الحقيقية؟! فأين كان يونس خلال السنوات العشر الماضية، وهو الوزير المسئول قانوناً، وهو يغض البصر والسمع والكلام عن فساد مرءوسيه وتوحشهم في النهب والتنكيل، وأين كان يونس وآلاف الشكاوى تنهال عليه بوقائع ومستندات فساد وتربح واستيلاء وتسهيل الاستيلاء على المال العام. هل كان يونس يتفرج فقط؟ أم يشارك أم يا ترى يقتسم الغنائم مع مماليكه؟!، والوقائع حاضرة وكاشفة. ألم يعتمد يونس محاضر مجالس إدارات الطاقة الذرية المتخمة بمئات الملايين كمكافآت خاصة لعدد محدود من قيادات القطاع النووي وبعض قيادات الوزارة، والتي بلغت في العامين الأخريين أكثر من 275 مليون جنيه، فهل كان يعتمد فقط، ويتفرج على الملايين المنهوبة لمجرد حبه في الفساد ودعم الفساد؟ أم كان له النصيب الأعظم ؟ وما سر سكوت الأجهزة الرقابية والسيادية عن هذا السلب والنهب المنظم برعاية يونس، هل كانت هي الأخرى تتفرج، وهي التي على علم بكل شاردة وواردة؟ أم كانت تحصل على منافع تتناسب مع صمتها وتجاهلها لما ينهب؟ أم كان يونس والأجهزة الرقابية يعتنق مبدأ حرية النهب، ودع الناهب ينهب ولا تضيق عليه !!. تساؤلات تحتاج لإجابة ! ولكن لا مجيب وكأننا نؤذن في مالطة أو نصرخ في البرية. وأخير لم يكتف يونس بتدمير البنية الأساسية للقطاع النووي بخطى حثيثة وعزم لا يلين، بل إنه شرع فعلاً في التدمير الحقيقي للمفاعلات البحثية، بحوادث كارثية، بحيث تصاعدت الوتيرة في السنوات الأخيرة إلى وقوع 4 حوادث نووية (من الدرجة الثالثة) موزعة بالعدل والقسط بين المفاعلين الروسي والأرجنتينى! وعندما كشفت لأول مرة حادثة أبريل 2010 أوعز يونس إلى مملوكه على رئاسة الطاقة الذرية بالتنكيل بمن تجرأ وكشف تدميرهم وجهلهم وفسادهم، وانهالت ماكينة التلفيق والتزوير والفبركة وكتيبة الصحفيين المرتزقة في حملات شرسة لإفقادي المصداقية وكيل اتهامات ركيكة وهزلية وسخيفة، وترديد شعارات براقة عن الإساءة للهيئة والعاملين ولمصر، وأن ماينشر كله من اتهامات لهم بالجهل والنهب والسلب لا يعدو كونه محض أكاذيب عارية تماماً من الصحة !! وعندما نشرت المستندات الدالة على فساده تحول الكورال إلى نشيد الأمن القومي والمساس بالأمن القومي، وتحول فجأة ما كان يطلق عليه وصف الأكاذيب العارية من الصحة إلى معلومات سرية خطيرة تمس الأمن القومي ولا صوت يعلو على صوت البرنامج النووي وسفريات البرنامج وعمولات البرنامج النووي. ولا نريد أن نستطرد في كارثة المفاعل الأرجنتيني وإهدار المليارات عليه دون أدنى عائد حقيقي، بل والجريمة في استلامه بعيوبه المتعددة طبقاً لما أدلى به د. علي الصعيدي، وزير الكهرباء والطاقة السابق (الدستور-عدد 1540-14 ديسمبر 2011-ص7) ورفضه لاستلامه لعيوب قاتلة في تصميم المفاعل ومخالفات جسيمة في إنشائه، وأنه لا يمكن إصلاحه إلا بتغيير التصميم نفسه – أي بتغيير المفاعل بالكامل. إلا أن يونس بمجرد توليه الوزارة في 2011 قام على الفور باستلامه، وأهدر المليارات، وسهل للشركة الأرجنتينية المصنعة الاستيلاء على المال العام، ولم يعمل المفاعل من يومها حتى الآن بشكل حقيقي يحقق الغرض منه والعائد من المليارات المستثمرة فيه، بل والتغطية على هذا الفساد بحملات صحفية مأجورة تبشر بطفرة تكنولوجية وتزف للشعب إنجازات وهمية! ---------------------------------------------------- المنسق العام للجبهة الوطنية ل "نوويين ضد الفساد" والمتحدث الرسمي باسم ائتلاف مهندسي محطات إنتاج الكهرباء