أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرئيس الأمريكي باراك أوباما صراحة بأنه لن يعرض أبدا أمن إسرائيل للخطر على الرغم من أن الرئيس الأمريكي سعى لطمأنته بشأن الدبلوماسية الخاصة بالنزاع النووي مع إيران والضغط على إسرائيل في محادثات السلام بالشرق الأوسط. وفي اجتماع بالبيت الأبيض خيمت عليه الأزمة في أوكرانيا يوم الإثنين تفادى الزعيمان أي صدام مباشر أثناء ظهور قصير لهما أمام الصحفيين لكنهما لم يستطيعا إخفاء خلافاتهما بشأن مسألتين أذكتا التوترات بين إسرائيل والولاياتالمتحدة. فقد طمأن أوباما نتنياهو على "الالتزام المطلق" لواشنطن بمنع إيران من اكتساب القدرة على إنتاج أسلحة نووية على الرغم من التشكك الشديد لرئيس الوزراء الإسرائيلي بشأن جهود بقيادة أمريكية للتوصل الى اتفاق دولي نهائي للحد من البرنامج النووي لطهران. وحذر أوباما من أن الوقت ينفد وحث نتنياهو على اتخاذ "قرارات صارمة" للمساعدة في إنقاذ عملية سلام تتوسط فيها الولاياتالمتحدة وتهدف إلى التوصل لاتفاق إطار عمل مع الفلسطينيين وتمديد المحادثات إلى ما بعد ابريل نيسان وهو الموعد المحدد للتوصل إلى اتفاق نهائي شاق. وقال نتنياهو لأوباما "الشعب الإسرائيلي يتوقع مني أن أقاوم بقوة الانتقادات والضغوط." ولم يبد على أوباما ونتنياهو توتر ظاهر حينما كانا يجلسان جنبا إلى جنب في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض. واتسم سلوك الرجلين بطابع الود والجدية. لكن الخلافات بينهما كانت واضحة وحينما انتهت المحادثات بعد قرابة ثلاث ساعات لم تكن هناك أي علامة على حدوث تقدم. وكان نتنياهو وصل إلى واشنطن بعد تحذير مستتر من أوباما من أن دفاع واشنطن عن إسرائيل في مواجهة الجهود الرامية إلى عزلها دوليا سيزداد صعوبة إذا فشلت محادثات السلام. واستغل الزعيم الإسرائيلي ظهورهما المشترك لفترة قصيرة أمام الصحفيين ليلقي على الفلسطينيين المسؤولية عن تعزيز احتمالات السلام وليتعهد أيضا بالتمسك بموقفه في الحفاظ على أمن إسرائيل. وفي تصريحاته عرض نتنياهو على أوباما ما يعتبر في جوهره سردا تاريخيا يغطي الصراع مع الفلسطينيين خلال العشرين عاما الماضية وكذلك ما يرى الإسرائيليون أنه خطر على وجودهم من إيران العدو اللدود للدولة العبرية. وقال نتنياهو "إيران تدعو علانية إلى تدمير إسرائيل ولذا فإنني على يقين أنكم ستتفهمون أن إسرائيل لا يمكنها أن تسمح لمثل هذه الدولة بان تمتلك القدرة على صنع قنابل نووية لتحقيق ذلك الهدف." واضاف "وأنا بصفتي رئيس وزراء إسرائيل سأفعل ما يجب علي فعله دفاعا عن دولة إسرائيل." ويسعى أوباما إلى إتاحة المجال أمام الدبلوماسية مع إيران بينما اشتكى نتنياهو من أن تخفيف العقوبات على الجمهورية الإسلامية الإيرانية يأتي قبل أوانه. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي أثار مخاوف الولاياتالمتحدة في الماضي بتهديده بشن عمل عسكري أحادي الجانب على المواقع النووية الإيرانية. ويمثل الاجتماع بنتنياهو مساعي مباشرة جديدة لأوباما في سبيل صنع السلام في الشرق الأوسط. وكانت جهود أوباما في فترة رئاسته الأولى باءت بالفشل. ويحاول وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إقناع نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس بالموافقة على اتفاق إطار يسمح باستمرار مفاوضات الأرض مقابل السلام رغم تشكيك واسع النطاق من داخل وخارج المنطقة في فرص نجاحه. ومن المقرر أن يزور عباس البيت الأبيض يوم 17 مارس آذار. ورفض عباس طلب نتنياهو الذي كرره في اجتماع المكتب البيضاوي مع أوباما بأن يعترف الفلسطينيون بإسرائيل كدولة يهودية. وبدا أن نتنياهو ينتقد ضمنا تحذير الولاياتالمتحدة من "عزلة دولية" لإسرائيل في حالة فشل جهود السلام واستمرار البناء الاستيطاني. ويرى الإسرائيليون الذين تتزايد مخاوفهم من حركة مقاطعة إسرائيل أن مثل هذه التهديدات الأمريكية محاولة لانتزاع التنازلات. وفي تعقيد جديد محتمل للمحادثات أظهر تقرير للحكومة الإسرائيلية أن البناء الإسرائيلي لمنازل المستوطنين زاد إلى أكثر من الضعف العام الماضي. ويسعى الفلسطينيون لإقامة دولة في الضفة الغربية وقطاع غزة عاصمتها القدسالشرقية. واحتلت إسرائيل هذه المناطق في حرب 1967 وانسحبت في 2005 من قطاع غزة الذي تديره في الوقت الحالي حركة المقاومة الإسلامية (حماس). وقال نتنياهو في تأكيد يرجح أن يكرره اليوم الثلاثاء أمام لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (ايباك) "تقوم إسرائيل بدورها ويؤسفني أن أقول إن الفلسطينيين لا يفعلون ذلك." وأشاد أوباما بنتنياهو لدوره في المحادثات التي استؤنفت في يوليو تموز لكنه حذر من أن "الإطار الزمني الذي حددناه لاستكمال هذه المفاوضات يقترب. "في اعتقادي لا يزال من الممكن إقامة دولتين ولكنه أمر صعب ويتطلب تسوية من كل الأطراف." ويرى الفلسطينيون أن البناء الإسرائيلي في مستوطنات الضفة الغربيةالمحتلة يمثل عقبة رئيسية أمام السلام. وقال نتنياهو لأوباما إن التاريخ اليهودي علم الإسرائيليين أن "أفضل طريقة لضمان السلام هي أن تبقى قويا." وهيمنت أوكرانيا على جدول أعمال أوباما. وحذر أوباما أثناء ظهوره الصحفي مع نتنياهو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن موسكو تواجه عزلة دولية بسبب تدخلها العسكري في منطقة القرم الأوكرانية. وفي الشأن الإيراني لم يبد أوباما ولا نتنياهو إشارة حقيقية على إحراز تقدم في حل الخلافات الجذرية بينهما. وكان نتنياهو وصف اتفاقا مؤقتا توصلت إليه القوى العالمية مع إيران في نوفمبر تشرين الثاني بأنه "خطأ تاريخي". ويقضي الاتفاق بالحد من النشاطات النووية الإيرانية الحساسة في مقابل تخفيف محدود للعقوبات على الجمهورية الإسلامية. ويصر نتنياهو على أن أي اتفاق نهائي مع إيران يجب أن يفكك تماما أجهزة الطرد المركزي الإيرانية لتخصيب اليورانيوم. ويختلف أوباما مع رئيس الوزراء الإسرائيلي في هذا ويرى أن من الممكن السماح لإيران بالتخصيب على أساس محدود من الأغراض السلمية. وقال اريك كانتور زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب الأمريكي لنتنياهو أثناء زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي للكونجرس إنه يؤيد مطالب إسرائيل بتفكيك البرنامج النووي الإيراني وبضرورة اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة يهودية.