بعد ان ظل مفقودا طوال قرون ظهر بشكل غامض تمثال نادر من البرونز لإله الشعر (ابولو) ووضع تحت عهدة الشرطة فتوارى مرة اخرى عن الانظار. وأخذ الاعلان عن نبأ الكشف النادر بتلابيب المهتمين بالاثار لكن الشرطة لم تستطع ان تقول متى سيظهر مجددا التمثال البرونزي وهو بالحجم الطبيعي وأين يمكن عرضه. وقال صياد فلسطيني انه انتشل تمثال ابولو وزنته 500 كيلوجرام من قاع البحر في اغسطس اب وحمله في عربة يجرها حمار عائدا الى بيته غير مدرك لقيمته الحقيقية. لكن آخرين عرفوا سريعا أهميته وظهر التمثال لفترة قصيرة على موقع الكتروني للبيع بسعر 500 الف دولار وهو سعر يقل كثيرا عن قيمته الحقيقية. وسارعت الشرطة الفلسطينية في قطاع غزة الذي تديره حركة المقاومة الاسلامية (حماس) الى مصادرته وقالت انها تحقق في الامر. ولخيبة أمل الاثريين لم يستطيعوا مشاهدة التمثال برؤية العين واضطروا لان يقنعوا بفحص عدد محدود من الصور الفوتوغرافية غير الواضحة للتمثال المسجى على ملاءة منقوشة. ويقول علماء الاثار ان من هذه الرؤية المحدودة بوسعهم القول ان تاريخه يتراوح بين القرن الخامس والقرن الاول قبل الميلاد وهو ما يجعل عمر التمثال 2000 عام على الاقل. وقال جان ميشيل دو تاراجون المؤرخ بمعهد الاثار الفرنسي التوراتي في القدس "انه نادر. يمكنني القول انه لا يقدر بثمن. كمن يسأل عن قيمة لوحة لا جيوكندا (الموناليزا) في متحف اللوفر." وقال لتلفزيون رويترز "يندر جدا جدا العثور على تمثال ليس من الرخام او الحجر بل من المعدن." وذكر ان الحالة الجيدة للتمثال تشير فيما يبدو الى انه تم العثور عليه على اليابسة لا في أعماق البحر وأرجع اخفاء مكان اكتشافه الحقيقي لتجنب الجدل حول ملكيته. وقال ان هذا التمثال "لم يعثر عليه على الشاطيء او في البحر انه نظيف جدا.. لا (لقد عثر عليه) على اليابسة وهو جاف" وأضاف انه لا توجد اي تشوهات او آثار لطحالب بحرية التي تظهر عادة على الاشياء المنتشلة من البحر. لكن الصياد الفلسطيني جودت غراب يقدم رواية أخرى. يقول الصياد (26 عاما) وهو أب لطفلين انه رأى شكلا يشبه الانسان في منطقة مياه ضحلة على بعد نحو 100 متر من الساحل شمالي الحدود بين مصر وغزة. في باديء الامر ظن انه جسد محترق بشدة لكن حين غطس ليلقي نظرة عن كثب أدرك انه تمثال. وقال ان انتشال هذا "الكنز" وسحبه الى الشاطيء استغرق منه ومن اقاربه أربع ساعات كاملة. وقال غراب الملتحي لرويترز "شعرت ان هذه هبة من الله. حالتي المالية صعبة جدا وانتظر مكافأتي." لم تسعد والدته كثيرا باحضار تمثال ابولو الى المنزل وطالبت بتغطية الاجزاء الحساسة من التمثال العاري. وتذكر غراب ضخم البنية تعليق أمه حين قالت له "ما هذه الكارثة التي أتيت بها معك" وهي تنظر الى التمثال الضخم. كان لون التمثال مزيجا من الاخضر والبني.. كان الاله الاغريقي الشاب يقف منتصبا على ساقيه القويتين وقد مد أحدى ذراعيه وفتح راحة يده. كان له شعر مموج وينظر بجدية الى العالم. كانت حدقة احدى عينيه مكسوة بحجر أزرق اما الاخرى فكان بها مجرد فجوة. وقال غراب انه بتر احد أصابع التمثال ليعرضها على خبير في المعادن على أمل ان يكون التمثال مصنوعا من الذهب. وبدون علمه بتر أحد اشقائه صباعا آخر ليجري تحرياته الخاصة. وقام صائغ بصهره. وسريعا ما تولى أفراد من الاسرة ينتمون الى قوة مسلحة تابعة لحماس مسؤولية التمثال وفي مرحلة ما ظهر تمثال ابولو للبيع على موقع الكتروني وحينها قال البائع ان المشتري بوسعه ان يحضر الى غزة لتسلمه. يسهل الكلام لكن تطبيق هذا فعليا صعب. فقطاع غزة منقطع في واقع الامر عن العالم الخارجي اذ تفرض كل من اسرائيل ومصر قيودا صارمة على دخول القطاع الفقير الذي يقطنه 1.8 مليون نسمة. ولم يتضح ما اذا كان قد ظهر فعلا مشتر محتمل لكن حين عرفت سلطات حماس المدنية بأمر التمثال النادر أمرت الشرطة بمصادرته. وأبلغ مسؤولون في وزارة السياحة في غزة رويترز ان التمثال لن يعرض على الجمهور الا بعد الانتهاء أولا من التحقيق لمعرفة من حاول بيعه. وقال احمد البرش مدير قسم الاثار في الوزارة انه شاهد التمثال ووعد بأن يحصل الصياد على مكافأة بعد ان تحسم المسألة. وأضاف ان هذا كنز ثمين وكشف أثري هام. وقال ان فور تسليم الشرطة التمثال لوزارته سيقوم الخبراء بترميمه وعرضه على الجمهور في غزة. وصرح بأن المؤسسات الدولية اتصلت بوزارته وعرضت المساعدة في عملية الترميم وأضاف ان متحفا في جنيف واللوفر في باريس عرضا استئجاره. واتفق البرش مع ما قاله الصياد بشأن العثور على التمثال في البحر. وقال المؤرخ تاراجون انه من الضروري معرفة المكان الحقيقي لهذا الكشف. وتخفي رمال قطاع غزة تاريخا يرجع 5000 عام الى الوراء فقد حكمها قدماء المصريون وقدماء الفلسطينيون والرومان والبيزنطيون والصليبيون. وحاصر الاسكندر الاكبر المدينة وزارها الامبراطور الروماني هادريان. لكن الاثريين المحليين تعوزهم الخبرة ليقوموا باي استكشافات هامة ولا زال الكثير من المواقع مدفونة. ويرى تاراجون ان تمثالا كتمثال ابولو قد لا يكون وحده بمعنى انه قد يكون بمثابة القطرة الاولى من الغيث ليعقبه العديد من الاكتشافات. وقال "التمثال في ذلك الوقت كان يوضع في مجمع او معبد او قصر. واذا كان معبدا يجب ان تكون هناك كل القطع الفنية الاخرى (في الموقع)" وأضاف انه يأمل ان تقدر حماس أهميته المحتملة. وقال "هناك شعور بانه يمكنهم العثور على المزيد والمزيد من (القطع) المرتبطة بالتمثال المزيد والمزيد من القطع الفنية وهذا شيء بالغ الحساسية."