أجمعت مجموعة من الفعاليات السياسية والفكرية اللبنانية على صعوبة تحييد لبنان عن الصراعات العربية والإقليمية المذهبية أو فصل مصير لبنان عن تطورات المنطقة. واعتبرتان الوضع في لبنان لن يهدأ قبل إقامة نظام إقليمي جديد لأنه لا يمكنه أن ينأى بنفسه عن أحداث المنطقة في الوقت الذي عليه أن أن يكون مشاركا في إعادة صياغة المشهد الإقليمي الذي يتم تشكيله حاليا. بالمقابل اعتبرت فعاليات أخرى أن لبنان في طرف الصراع الدائر في المشرق وليس في قلبه كما هو حال سوريا والعراق مشددة على أهمية تحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية المذهبية من ضمن نموذج لبناني داخلي وليس اعتماد نماذج خارجية. جاءت هذه الخلاصة خلال مائدة مستديرة نظمها اليوم مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية بعنوان "استقرار لبنان بين الصراع الإقليمي والإستحقاقات الداهمة" بمشاركة شخصيات سياسية وفكرية من انتماءات وتوجهات مختلفة بهدف إعداد ورقة جامعة تتناول التحديات الرئيسية التي تواجه لبنان وكيفية التعامل معها بالروح الميثاقية الوطنية من خلال استكمال بحثها في حلقات أخرى ينظمها المركز. وشدد المشاركون على أن أولوية حفظ الإستقرار وعلى الإيجابية المتمثلة في أن لبنان لم ينفجر في اتجاه حرب أهلية شاملة رغم الإنفجارات والتوترات الأمنية ورغم حجم وطأة الحرب السورية الضارية التي تؤثر ليس على لبنان فقط بل على كل الدول المجاورة لسوريا. كما أكد المجتمعون أهمية الإلتزام بالإستحقاقات الدستورية وفي طليعتها انتخابات رئاسة الجمهورية، نظرا لمحوريتها في المحافظة على الدولة وانتظام عمل مؤسساتها. وفي الملف الإقليمي أكد المشاركون على أهمية متابعة ورصد الملف الفلسطيني الإسرائيلي والمبادرة الامريكية باتجاه الدفع نحو مفاوضات تؤدي إلى حل نهائي نظرا لمخاطر أن يكون الحل في حال التوصل إليه على حساب لبنان لجهة التوطين وعدم عودة اللاجئين الفلسطينيين خصوصا في ظل التفتت والإنشغال العربي. وعلى صعيد الوضع الداخلي اتفق المشاركون على صعوبة التوصل إلى حل شامل للقضايا المحلية العالقة في ظل الظروف الإقليمية الراهنة وعلى ضرورة التوجه إلى إدارة المرحلة الإنتقالية في الداخل اللبناني في ظل الصراع الإقليمي والإستفادة من بعض الأجواء الإيجابية في الوضع الدولي والإقليمي ومنها انشغال الدول الإقليمية بتحدياتها الداخلية. ولفت بعض المشاركين إلى إيجابيات عدم انفجار باتجاه حرب أهلية شاملة رغم كل ضغط الأزمة السورية عليه ورغم كل التشنج الداخلي مشيرين الى ضرورة اعتماد اللبنانيين على أنفسهم في صناعة الإستقرار وإنقاذ ما تبقى من الدولة وإيجاد آلية سياسية ودستورية لامتصاص الصدمات. واعتبر المشاركون أن من أهم ضمانات الإستقرار انتخاب رئيس جديد للجمهورية وضرورة الإلتفات إلى تحديات دعم الجيش بالعتاد والنازحين السوريين والمخيمات الفلسطينية. ونبه بعض المشاركين الى أن الإتفاق على تشكيل حكومة لبنانية جامعة بمثابة "هدنة مؤقتة" ولذلك لا بد من صياغة مشروع وطني فعلي لبناء الدولة في حين تحدث بعض المشاركين عن العودة إلى اتفاق الطائف وتطبيقه بينما لفت البعض الآخر إلى ضرورة ارتكاز أي مشروع جديد على التوافقية وتحديدا النسبية في المشاركة في السلطة التنفيذية. وفي ملف حزب الله ومشاركته في الحرب السورية رأى مشاركون أن على الحزب مسؤولية في الوصول إلى الوضع الراهن نتيجة ارتباطاته الإقليمية في حين اعتبر آخرون أن حزب الله يشكل قوة استقرار ومن مصلحته التوافق في البلاد لافتين إلى أن هناك مشاركة لأطراف سياسية لبنانية أخرى في الصراع السوري ولو بأوجه مختلفة أو غير معلنة. وعن الدور المسيحي أكد المشاركون أهمية هذا الدور في الحفاظ على نموذج لبنان - الرسالة في الحريات واحترام الآخر المختلف والتنوع رغم تراجع الدور المسيحي السياسي.