جاء إنطلاق أعمال مؤتمر السلام الخاص بسوريا(جنيف 2) اليوم الأربعاء في منتجع مونترو السويسرى وبمشاركه مصرية رفيعة المستوى ليثير الكثير من المشاعر المتباينة حيث يأمل أبناء الشعب السورى والعالم على إتساعه فى أن يكون المؤتمر بمثابة بداية لإنهاء مأساتهم التى طال أمدها وشواهد ومواقف على الأرض لاتبعث على التحلى بقدر كبير من الأمل فى أن يتمخض المؤتمر عن نتائج تساعد على الخروج من هذا النفق المظلم الذى لا تلوح حتى الان بوادر على قرب الخروج منه. ورغم ما يعترى المشهد من تعقيدات إلا أن مصر الثورة التى تستعيد بقوة دورها الفعال على الساحتين الاقليمية والدولية بدت حريصة على أن تسهم فى كل ما يمكن أن يساعد فى وقف نزيف الدم فى سوريا الشقيقة حيث تحضر المؤتمر بوفد رفيع المستوى يرأسه وزير الخارجية نبيل فهمى جنبا إلى جنب مع الطرفين الأساسيين فى سوريا الحكومة والمعارضة ، وبالإضافة إلى وفود الأممالمتحدة ، وجامعة الدول العربية ، والاتحاد الأوروبي ، ومنظمة التعاون الإسلامي والعديد من الدول المعنية . ويعد مؤتمر جنيف 2 اللقاء الأول بين المعارضة والحكومة منذ بدء الأزمة في سوريا في منتصف مارس 2011 ، والتي أودت بحياة أكثر من 130 ألف شخص. وتغيب إيران عن المؤتمر بعد سحب دعوة الأممالمتحدة الموجهة إليها ، ما اعتبرته موسكو "خطأ"، فيما حذرت طهران من فشل المؤتمر. وقد اضطر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى سحب الدعوة تحت ضغط غربي وتهديد وفد المعارضة السورية بمقاطعة الاجتماع ورفض إيران التجاوب مع طلبه الموافقة على بيان(جنيف -1) و كان قد تم الاتفاق في مؤتمر (جنيف -1) الذي عقد في يونيو 2012 في غياب الطرفين السوريين ، على تشكيل حكومة من المعارضة والنظام كاملة الصلاحيات تتولى الإشراف على العملية الانتقالية ، من دون أن تأتي على ذكر مصير بشار الأسد. ويستغرق اجتماع مونترو يوما واحدا ، وينتقل بعدها الوفدان السوريان إلى جنيف حيث سيجريان اعتبارا من الجمعة مفاوضات في حضور المبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية الأخضر الإبراهيمي ، وقد تستغرق هذه المحادثات أياما إذا ما قدر لها أن تمضى على النحو المخطط له. وتتباين المواقف بشأن «جنيف 2» وأيضا غياب إيران عنه ، حيث أعرب الاتحاد الأوروبي عن دعمه الكامل للمؤتمر ، وشددت كاثرين آشتون ، منسقة الشئون الخارجية في الاتحاد، على أن المهم بالنسبة ل «جنيف 2» المرحلة التي ستليه ، أي تنفيذ مقرراته. وأشار بيان الاتحاد الأوروبي إلى أن الهدف من المؤتمر تشكيل سلطة حكم انتقالية ب "التراضي"، لها سلطات تنفيذية كاملة. أما المعارضة السورية فتشارك في المؤتمر في ظل انقسامات داخلية ، وتوقعات المعارضة من (جنيف -2) تبقى ضعيفة وهي تخشى من أن يؤدي المؤتمر في النهاية إلى إضفاء شرعية على النظام. ويتوجه الائتلاف السوري المعارض إلى مؤتمر (جنيف -2 ) وسط انقسامات تعصف به خصوصا بعد انسحاب المجلس الوطني السوري منه ، حيث اعتبر رئيسه جورج صبرا أن " الإرادة الدولية انتصرت ونجحت في تحقيق مأربها بدفع الائتلاف للالتحاق بركب (جنيف 2) من دون شروط ودون ضمانات" ، في حين "يذهب النظام لاستعادة أهليته عربيا ودوليا مشفوعا بصمت دولي وأممي مريب يلامس حد التواطؤ" حسب المجلس. وفي ذات السياق ، اعتبرت مجموعة ال 44 ، التي تشمل الأعضاء المنسحبين من الائتلاف اعتراضا على الذهاب إلى جنيف ، أن "قرار الذهاب إلى جنيف الصادر عن الهيئة العامة للائتلاف بمجمله باطل ؛ لأنه اتُخذ بموافقة أقل من نصف أعضاء الائتلاف ، بخلاف ما يشترطه النظام الأساسي للائتلاف ووثائق تأسيسه" أما الجانب الإيراني ، فقد ندد بسحب الأممالمتحدة دعوته إلى مؤتمر(جنيف2) ، وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف "من المؤسف أن بان كي مون لا يتحلى بالشجاعة اللازمة لإعلان الأسباب الحقيقية لسحب الدعوة".. مضيفا "أوضحت في عدة مكالمات هاتفية مع الأمين العام أن إيران لا تقبل أي شروط مسبقة لحضور المحادثات". كما لاقى سحب الأممالمتحدة دعوة طهران إلى مؤتمر (جنيف 2) انتقادا روسيا ، حيث اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن قرار الأممالمتحدة سحب دعوة إيران لحضور المؤتمر ، يشكل "خطأ"..مضيفا " لقد شددنا على الدوام على أن كل الأطراف الخارجية يجب أن تكون ممثلة". إن روسيا والفيتو الخاص بها ، والفيتو الصيني المتوقع وضعف الموقف الأمريكي ومؤتمرات أصدقاء سوريا الواهية ...كلها خدعت الشعب السوري وأدت لمزيد من عويل الأمهات وبكاء الأطفال. وعن الجانبين الفرنسي والألماني ، فقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس "إن بلاده تتوقع تحقيق خطوات صوب السلام في سوريا ، خلال المحادثات التي تنطلق بمونترو بسويسرا". ومن جهته ، قال رئيس الدبلوماسية الألمانية فرانك فالتر شتاينماير إنه يرى أن المؤتمر (جنيف-2) سيسفر عن "خطوات صغيرة" وعلى الصعيد العربي ، لاسيما مصر فقد أعرب نبيل فهمي وزير الخارجية في أعمال مؤتمر (جنيف 2) عن أمله في عدم إهدار فرصة تاريخية لإنهاء مأساة السوريين..مؤكدا أن مصر ستقدم كل ما يمكنها لدعم التفاوض الهادف لتسوية الأزمة السورية ، كما سيشارك في المؤتمر عمرو موسي رئيس لجنة الخمسين لتعديل الدستور. وقد التقى فهمي بنظيره الروسي سيرجى لافروف في مدينة مونترو السويسرية في إطار الاستعداد لعقد مؤتمر جنيف 2 للسلام في سوريا. وسبق أن أعلنت المملكة العربية السعودية تأييدها لانعقاد المؤتمر دعما للحل السلمي في سوريا ، فيما دعا العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في وقت سابق إلى الإسراع بإيجاد حل سياسي شامل للأزمة السورية ، يحافظ على وحدة سوريا أرضا وشعبا ، وينهي حالة العنف، ويجنب المنطقة آثارها الكارثية. ويستضيف الأردن الذي يملك حدودا تمتد لأكثر من 370 كيلومترا مع سوريا، أكثر من نصف مليون لاجئ سوري منهم نحو 120 ألفا في مخيم الزعتري شمال المملكة قرب الحدود مع سوريا. وجاءت تصريحات الأسد الأخيرة بإعلانه قبل يومين من عقد مؤتمر (جنيف 2) للسلام أن أمام ترشحه لولاية رئاسية جديدة في يونيو المقبل "فرصة كبيرة" لتلقى بظلال قاتمة على مجالات الحوار وأي حل سياسي. وفى النهاية تقف الأطراف السورية والدولية بين اليأس والرجاء فى أن يخرج مؤتمر جنيف 2 ببصيص أمل فى نقطة انطلاق لحوار أشمل يلملم أطراف الأزمة السورية على مائدة حوار بين الحكومة والمعارضة .