يبدأ محمد عمرو، وزير الخارجية، جولته الإفريقية غدًا الإثنين بزيارة كينيا، يعقبها زيارة تنزانيا ثم روندا فالكونغو الديمقراطية.. ثم جنوب السودان قبل ان يختتمها بزيارة السودان ضمن جولة تضم 6 من دول حوض النيل. و ذلك فى إطار حرص مصر على توطيد علاقاتها بالدولة الوليدة وتعزيز أوجه الدعم التى تقدم لجهود بناء الدولة فى جنوب السودان. ومن المنتظر أن يقوم وزير الخارجية خلال زيارة جوبا ببحث إمكانية إنشاء لجنة مشتركة للتعاون الثنائى بين مصر وجنوب السودان يناط بها مهمة متابعة وتنسيق أنشطة التعاون ، كما سيتم بحث مقترح تدشين آلية دورية للتشاور السياسى بين وزارتى الخارجية فى البلدين لتنسيق مواقفهما إزاء القضايا الدولية والاقليمية ذات الاهتمام المشترك . وتأتى الزيارة استمرارا لجهود مصر المتواصلة فى دعم أولويات الأشقاء فى جنوب السودان فى هذه المرحلة الهامة والتى تتمثل فى بناء القدرات البشرية والمؤسسية للدولة وتطوير البنى التحتية وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين . وتمتد الجهود المصرية لدعم أولويات الأشقاء فى جنوب السودان من المستوى السياسى إلى المستوى الاقتصادى مرورا بدعم بناء القدرات المؤسسية والبشرية وتطوير البنى التحتية سواء فى مجال الطاقة والكهرباء أو الخدمات الصحية والرى وتوفير المياه الصالحة للشرب . وعلى المستوى السياسى فقد احترمت مصر رغبة شعب جنوب السودان فى نيل استقلاله وكانت من أوائل الدول التى اعترفت بقيام الدولة الجديدة يوم 9 يوليو 2011 ، كما كانت من أوائل الدول التى افتتحت قنصلية عامة بجنوب السودان وذلك عام 2007 وتم رفع مستوى التمثيل بعد إعلان الاستقلال مباشرة إلى مستوى سفارة . وتعبيرا عن خصوصية تلك العلاقات كانت جوبا محطة رئيسية فى أولى جولات رئيس الوزراء المصرى السابق الدكتور عصام شرف الخارجية بعد ثورة 25 يناير 2011 والتى رافقه خلالها سبعة وزراء يمثلون أهم قطاعات التعاون الحالى والمستقبلى مع الدولة الجديدة . وتساند مصر من خلال اتصالاتها بكافة القوى الاقليمية والدولية والجهات المانحة جهود حكومة جنوب السودان فى تأمين الحصول على الدعم المناسب من المجتمع الدولى لأنشطة بناء الدولة . وقد تمثل ذلك فى مشاركة مصر فى عدد من الفعاليات الدولية التى هدفت الى جذب الدعم الدولى للجنوب ، وآخرها المؤتمر الذى عقد فى واشنطن يومى 13 و14 ديسمبر الماضى ، كما تسعى مصر دوما من خلال اتصالاتها على العمل لتحقيق الأمن والاستقرار للدولة الوليدة وذلك بالتأكيد على ضرورة حل كافة القضايا العالقة بين الدولة الوليدة وجمهورية السودان عن طريق المفاوضات. و تبذل مصر جهودها الحميدة لتحقيق ذلك من خلال اتصالاتها بالمسئولين فى كل من جوبا والخرطوم .وعلى المستوى الاقتصادى حرصت مصر على إنشاء روابط مع جنوب السودان بما يمهد لقيام علاقات اقتصادية طبيعية ومتنامية بين البلدين ، حيث قامت ببدء تشغيل رحلات طيران مباشرة بين القاهرةوجوبا وكذلك سعت مصر لافتتاح فروع لبنوك مصرية فى جنوب السودان ، ومن المنتظر أن يبدأ فرع البنك الأهلى هناك العمل قريبا . كما أبدى مجتمع الأعمال المصرى استعداده للمشاركة فى جهود التنمية فى جنوب السودان وذلك بقيام وفد من جمعية رجال الأعمال المصرية بزيارة جوبا فى شهر نوفمبر الماضى للوقوف على الفرص الاستثمارية المتاحة هناك . وتم الاتفاق خلال الزيارة على أن يقوم الجانب الجنوبى بموافاة مصر بقائمة من المشروعات الاستثمارية التنموية التى يهدف لاقامتها هناك خاصة فى مجالات الاستثمار الزراعى والانتاج الحيوانى حتى يمكن ترويجها لدى تجمعات الأعمال المصريين واتحادات الغرف التجارية والصناعية . وفى مجال بناء القدرات المؤسسية والبشرية تقوم مصر بتنفيذ عدد من برامج التدريب للكوادر فى جنوب السودان فى مختلف المجالات وذلك بالتعاون مع الصندوق المصرى للتعاون الفنى مع أفريقيا الذى يقوم بالتعاون مع الوزارات والهيئات المصرية بتقديم دورات متخصصة للعاملين فى وزارات الخارجية والداخلية والتجارة والاتصالات والزراعة والاعلام والصحة والرى الجنوبية . وقد تم منح 153 مواطنا من جنوب السودان منذ عام 2008 وحتى الآن دورات تدريبية فى هذه المجالات . وتقدم مصر نحو أربعمائة منحة للطلبة الجامعيين من جنوب السودان وذلك فى الجامعات المصرية الحكومية والخاصة والأزهر الشريف . كما ينتظر أن تقوم مصر- قريبا- بافتتاح فرع لجامعة الاسكندرية فى مدينة تونج بولاية واراب عقب استكمال ما تبقى من أعمال البناء ، حيث استقبلت الجامعة تمهيدا لذلك ستين طالبا من جنوب السودان خلال العام الدراسى الماضى . وأنشأت مصر عددا من المدارس الفنية فى جنوب السودان منها المدرسة الصناعية الزراعية فى مدينة "ورور "بولاية جونجلى والتى تتضمن ورشا للنجارة والميكانيكا ومعملا لاستخراج مشتقات الألبان.. والمدرسة التجارية الزراعية فى العاصمة جوبا . كما يتم النظر حاليا فى قيام وزارة التربية والتعليم المصرية فى بناء خمس مدارس داخلية للفتيات موزعة على مختلف الولايات وذلك بناء على طلب حكومة جنوب السودان التى ستقوم فى وقت لاحق بتخصيص قطع أرض لتشييد هذه المدارس عليها . وفى مجال تطوير البنية التحتية تمكنت شركة المقاولين العرب من التوقيع على مذكرة تفاهم مع وزارة النقل الجنوبية يوم 20 أكتوبر الماضى لتصميم وانشاء مطارات مدنية فى مدينة واو وواراب وبنتيو . وفى إطار تطوير طرق الربط بين مختلف الولايات والمناطق فى جنوب السودان تقوم وزارة الرى والموارد المائية المصرية بمشروع لتوسيع وتعميق مجارى الأنهار فى منطقة بحر الغزال بولاية واراب وذلك بهدف تحسين النقل النهرى فى المنطقة . وبالنسبة للتعاون فى مجالات الطاقة والكهرباء فقد قامت مصر على مدار السنوات الخمس الماضية بإنشاء أربع محطات للكهرباء فى مدن واو بولاية غرب بحر الغزال ويامبيو بولاية غرب الاستوائية ورومبيك بولاية البحيرات وبور بولاية جونجلى . كما قدمت وزارة الكهرباء والطاقة المصرية خلال عام 2011 دورات تدريبية لعدد من المتدربين الجنوبيين فى مجال تكنولوجيا الطاقة الشمسية ، حيث تتتيح وزارة الكهرباء والطاقة ممثلة فى الشركة القابضة لكهرباء مصر امكانياتها ومعاهدها التدريبية لعقد دورات تدريبية لتنمية الكوادر السودانية فى مجالات إنتاج ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية . وفى مجال الخدمات الصحية ، قدمت مصر لجنوب السودان مشروعين بتمويل من الموازنة العامة للدولة لبناء وتجهيز وحدتين صحيتين فى مدينتى جوجريال وبور ، كما أنشأت مصر مركزا طبيا بمدينة جوبا . وتقوم وزارة الصحة المصرية وبالتعاون مع الصندوق المصرى للتعاون الفنى مع أفريقيا بإيفاد قوافل طبية بشكل دورى لمختلف الولاياتالجنوبية تتضمن أطباء استشاريين فى كافة التخصصات.. وذلك لمساندة حكومة جنوب السودان فى توفير الخدمات الصحية للمناطق الأكثر فقرا. وفى الوقت نفسه وفى إطار تعاون مصر مع جنوب السودان يتم تدريب القابلات السودانيات فى المركز الاقليمى لصحة وتنمية المرأة بالاسكندرية ، حيث من المتوقع تدريب أربعين قابلة على دفعتين . كما تنوى وزارة التعليم العالى المصرية التنسيق مع وزارة الصحة فى جنوب السودان لتخصيص 50 منحة من الوزارة لعام 2010 / 2011 لخمسين طالبة من خريجات التعليم الثانوى الجنوبى للدراسة فى كليات ومعاهد التمريض المصرية تمهيدا لعملهن كقابلات، وهناك نية لانشاء مركز لرعاية الطفولة والأمومة وانشاء مدرسة داخلية للبنات فى شمال مدينة جوبا وذلك بعد تخصيص أرض المشروعين . وفى مجال الرى وتوفير المياه الصالحة للشرب تعد مصر من أكبر المانحين لجنوب السودان فى مجال الرى ، حيث تقوم مصر بتقديم حزمة من المساعدات تقدر ب 5ر26 مليون دولار تشمل عددا من المشروعات منها حفر آبار جوفية وتطهير مجارى مائية وإنشاء مركز بمواصفات عالمية لتحليل المياه وقياس نسبة التلوث بها فى جوبا . وتسعى مصر لدعم أواصر التعاون فى هذا المجال مع الجانب الجنوبى وذلك عن طريق التوقيع على مذكرة تفاهم فى مجال الموارد المائية بين وزارتى الرى فى البلدين . وتقوم وزارة الموارد المائية المصرية فى إطار مشروعاتها التنموية بحفر 30 بئرا جوفيا فى جنوب السودان ، حيث تم حفر 11 بئرا منها فى ولايات شمال بحر الغزال وأراب وغرب بحر الغزال وأعالى النيل . كما قامت وزارة الموارد المائية المصرية كذلك بتوفير دورات لعدد من الكوادر الفنية الجنوبية لتمكينهم من تشغيل الآبار بعد انتهاء الشركة المنفذة من الحفر .