السيسي : ألوو .. أستاذ هيكل،، هو عبدالناصر عمل إيه مع رصد؟ هيكل يرد على الجانب الآخر من الهاتف.. السيسي: بتقول إيه !! مكنش فيه رصد أيامها .. لم تكد تمر دقائق على التسريب الجديد الذي تبنته شبكة رصد الإخبارية لحوار وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي مع رئيس تحرير "المصري اليوم" ياسر رزق، حتى وجدت الطرفة السابقة طريقها لمواقع التواصل الاجتماعي . دلالات الطرفة تتمثل في أن قياس ظروف الصراع بين الإخوان والعسكر عام 1954 على نفس الصراع عام 2013، لم يكن صوابًا بالمرة بحسب من أطلقوا الطرفة . فوسائل الإعلام لم تعد تحت سيطرة الدولة بشكل كامل، كما كانت في الخمسينيات حيث كان الصحفي الشهير محمد حسنين هيكل مقربًا من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، كما أن دخول الإعلام الجديد أو ال"نيوميديا" على خط الصراع قلب الموازين رأسا على عقب وجعلت شخصًا مطاردًا مثل محمد البلتاجي القيادي في حزب الحرية والعدالة يخرج تصريحًا من المكان الذي يختبئ به لينقله عبر مواقع التواصل الاجتماعي ثم على القنوات الفضائية. ورغم أنه تم القبض على البلتاجي بعد ساعات من إطلاق تسجيله الأخير، إلا أن القيادي في الحزب ذاته عصام العريان، وآخرين مازالوا يبعثون برسائلهم دون أن تتمكن السلطات الحالية - حتى الآن - من القبض عليهم . مفتي الجمهورية السابق الدكتور على جمعة بدوره كان أحد ضحايا تلك التسريبات، حيث أطلق في آخرها سلسلة هجمات على التيارات الإسلامية المناهضة للنظام الجديد، وبرر عمليات القتل واقتحام المساجد باعتبار أنها "ضرورة أمنية وشرعية"، وتسبب الفيديو المسرب في ضجة كبيرة، وهجوم حاد على المفتى السابق. حرب التسريبات التي وصلت لمرحلة خطيرة، اكسبت وسائل الإعلام خبرة لا يستهان بها في تكتيكات النشر لتعظيم الاستفادة من تلك التسريبات، فشبكة رصد التي نشرت تسريباتها تحت عنوان (رصد ليكس) - على غرار وثائق (ويكيليكس) التي تخصصت في نشر تسريبات الدبلوماسيين الأمريكيين - تبدأ عادة بالإعلان عن وجود تسريب لشخص ما، ثم تعلن عن موضوع هذا التسريب، قبل أن تنشره في اليوم التالي (غالبا أقل من دقيقتين)، ثم تترك القضية تتفاعل عدة أيام.. وبعد أن توشك نيران التسريب الأخير أن تنطفئ، تعلن عن تسجيل جديد. نقطة البداية لاستخدام سلاح التسريبات في الحرب الدائرة حاليا في مصر، بدأت مع تسجيلات للرئيس المخلوع حسني مبارك، والتي نشرتها جريدة اليوم السابع على شكل حلقات، غير أن ردود الفعل بشأنها لم تكن كبيرة، ليس بسبب ضعف مضمونها وفقط، لكن أيضا بسبب كونها صدرت عن رجل أصبح خارج اللعبة تماما. ومع كل ما سبق يتبادل إلى الأذهان السؤال الكبير: من المسؤول عن هذه التسريبات؟؟ ولأن التسريبات مختلفة المنشأ فإن مصادرها تكون في الغالب مختلفة أيضا، لكن التسريبات الأخيرة التي وجهت ضربات قوية للسيسي تحديدا يثار بشأن مصدرها جدل واسع جدا. فالبعض يرى أن السيسي - الذي دخل في صراع أسفر عن قتل وإصابة واعتقال الآلاف - أصبح وجوده عبئا على الجيش، وأصبح التخلص منه أمرا مهما كما حدث مع مبارك وطنطاوي وعنان من قبل، وهو ما يعني ترجيح احتمال أن تكون مراكز قوة في الجيش هي المسؤولة عن التسريبات. وغير بعيد عن هؤلاء يرى آخرون أن العلاقات القوية التي يتمتع بها رئيس الأركان السابق سامي عنان - الطامح للرئاسة - داخل الجيش، مكنته من تسريب المقاطع التي وضعت منافسه الأساسي والأكبر - عبدالفتاح السيسي - في مأزق سياسي شديد الصعوبة. وهناك أيضا من يرى أن الرئيس المعزول محمد مرسي - الذي استمر عاما كاملا حاكما للبلاد - لديه من يدعمه داخل المطبخ العسكري والدائرة المقربة من القيادة الحالية للقوات المسلحة. وبين هؤلاء وأولئك يقول البعض إن احتمال تسريب الفيديو عن طريق أحد العاملين في مؤسسة المصري اليوم، لا يزال واردا، خاصة في سياق ما توارد عن إحالة صحفيين بالجريدة للتحقيق، وتعرض ياسر رزق لورطة كبيرة مع المؤسسة العسكرية بعد اتهامات تفيد بتسريب الفيديو من مكتبه. التسريبات تتواصل، وكذلك الضحايا.