يمثل الرئيس المصري المعزول محمد مرسي أمام المحكمة في الرابع من نوفمبر تشرين الثاني بتهم التحريض على قتل محتجين في إجراء من المؤكد أن يزيد القلق في واشنطن التي تبحث بالفعل خفض المعونات للقاهرة للضغط من أجل الديمقراطية. ومرسي محتجز في مكان سري منذ عزله في الثالث من يوليو . وإذا مثل أمام المحكمة فسيكون هذا أول ظهور له منذ ذلك الحين.
وقد تشعل المحاكمة التوترات بين جماعة الاخوان المسلمين والحكومة المدعومة من الجيش وتعمق الاضطراب السياسي الذي أضرب السياحة والاستثمار في مصر كبرى البلاد العربية سكانا.
وتثير الاضطرابات قلق حلفاء مصر الغربيين الذين كانوا يأملون أن تؤدي الانتفاضة التي أنهت حكم حسني مبارك بعد 30 عاما في السلطة الى تحويل كبرى دول المنطقة الى قصة نجاح في سجل الديمقراطية.
وتريد الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي عملية سياسية شاملة في مصر التي ترتبط باتفاقية سلام مع إسرائيل.
ويتهم مرسي أول رئيس منتخب في انتخابات حرة في مصر وقادة آخرون في الاخوان المسلمين الجيش بالقيام بانقلاب اطاح بمكتسبات ثورة 2011 ضد مبارك. وطرح الجيش الذي يقول انه تحرك لحماية إرادة الشعب المصري خارطة مستقبل تتضمن إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة.
وقال القاضي نبيل صليب رئيس محكمة استئناف القاهرة اليوم الأربعاء في بيان إن دائرة بمحكمة جنايات القاهرة ستحاكم مرسي. وأضاف أن مرسي والعضوين القياديين في جماعة الإخوان المسلمين محمد البلتاجي وعصام العريان والداعية الإسلامي وجدي غنيم سيحاكمون في القضية بتهمة الاشتراك "بطرق التحريض والاتفاق والمساعدة" في قتل عدد من المتظاهرين وتعذيب واحتجاز عدد آخر.
كما سيحاكم 11 متهما آخر بتهم القتل أو التعذيب أو الاحتجاز. وقال بيان رئيس محكمة استئناف القاهرة إن 60 متظاهرا احتجزوا في القصر الرئاسي وعذبوا ثم سلموا للشرطة. ومن بين المتهمين بالقتل أو التعذيب أو الاحتجاز أسعد شيخة نائب رئيس ديوان رئيس الجمهورية وقت وقوع اشتباكات في ديسمبر كانون الأول الماضي أمام قصر الاتحادية الرئاسي بين مؤيدين ومعارضين لمرسي أسفرت عن سقوط قتلى ومصابين.
وأحيل للمحاكمة أيضا أحمد عبدالعاطي مدير مكتب رئيس الجمهورية في ذلك الوقت والمستشار الرئاسي أيمن عبد الرؤوف. ووقعت الاشتباكات خلال احتجاجات على إعلان دستوري أصدره مرسي في نوفمبر تشرين الثاني العام الماضي وسع سلطاته وحصن جمعية لكتابة الدستور ومجلس الشورى الذي كان يهيمن عليه حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين من القضاء.
وبعد عزل مرسي اندلعت أعمال عنف سياسي قتل فيها أكثر من ألف أغلبهم من مؤيديه وبينهم أكثر من مئة من رجال الأمن. كما ألقي القبض على المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع وعدد كبير من أعضاء الجماعة القياديين الذين أحيل أغلبهم للمحاكمة لكن أيا منهم لم يظهر في محكمة لأسباب أمنية.
واشتبك مؤيدو مرسي وقوات الأمن مجددا يوم الأحد الماضي في واحد من أشد الأيام دموية منذ عزل مرسي حيث قالت وسائل اعلام رسمية ان الاشتباكات أدت الى مقتل 57 شخصا وإصابة 391 آخرين.
وقال مسؤول امريكي ان الولاياتالمتحدة تميل إلى حجب معظم المساعدات العسكرية الامريكية لمصر باستثناء المساعدات المخصصة لتعزيز مكافحة الارهاب والأمن في شبه جزيرة سيناء واولويات اخرى من هذا القبيل. وأضاف المسؤول ان الرئيس باراك اوباما لم يتخذ قرارا نهائيا بشأن هذه المسألة التي حيرت المسؤولين الأمريكيين مع محاولتهم إيجاد توازن بين رغبة في أن ينظر الى واشنطن على انها تشجع الديمقراطية والحقوق ورغبة في الحفاظ على قدر من التعاون مع الجيش المصري.
وفي القاهرة قالت وزارة الخارجية اليوم الاربعاء أنها لم تتلق أي بيان رسمي من واشنطن بشأن هذا الموضوع. وقال بدر عبد العاطي المتحدث باسم وزارة الخارجية "العلاقة مابين مصر وأمريكا علاقة مشاركة وليست علاقة مانح ومتلق."
ومصر من بين اكبر الدول التي تحصل على مساعدات عسكريةواقتصادية امريكية منذ عشرات السنين بسبب معاهدة السلام التي ابرمتها عام 1979 مع اسرائيل حليفة الولاياتالمتحدة. وتقدم الولاياتالمتحدة لمصر منذ فترة طويلة مساعدات سنوية تبلغ نحو 1.55 مليار دولار من بينها 1.3 مليار دولار مساعدات عسكرية.
وإلى جانب الأزمة السياسية تواجه الحكومة المؤقتة في مصر تمردا اسلاميا في سيناء المجاورة لإسرائيل وقطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس المنبثقة عن الاخوان المسلمين. وكثف متشددون اسلاميون على صلة بتنظيم القاعدة في سيناء هجماتهم على جنود الجيش والشرطة منذ عزل الجيش مرسي ونقلوا حملتهم أحيانا الى مدن كبرى.
وأعلنت جماعة مقرها سيناء المسؤولية عن عملية انتحارية استهدفت اغتيال وزير الداخلية في القاهرة في سبتمبر ايلول. وقالت مصادر أمنية ان من المتوقع أن يحاكم مرسي في معهد أمناء الشرطة القريب من مجمع سجون طره جنوبي القاهرة حيث احتجز مبارك الى أن نقل للاقامة الجبرية في أغسطس آب.
وأضافت المصادر ان السلطات ستبقي على مرسي في منطقة معزولة لأسباب أمنية ولتجنب الاحتجاجات.