حقيقة رسوب 71% من طلال أولى طب بقنا و80% بأسنان في جامعة جنوب الوادي    برعاية رئيس مجلس الوزراء |حوار مع الشباب بالحقائق والأرقام    أخبار كفر الشيخ اليوم.. مدرس يهدي طالبتين من أوائل الجمهورية بالثانوية سبيكة ذهبية عيار 24    «500 ألف كيس طحين».. حاجة ملحة لسكان غزة أسبوعيًا في ظل عدم انكسار المجاعة    ضياء رشوان: مجازفة كبيرة لعبور الشاحنات من معبر كرم أبو سالم حتى ساحل غزة    بن شرقي: فخور بتواجدي مع الأهلي.. والجماهير أبهرت الجميع في المونديال    الطقس غدًا.. أجواء شديدة الحرارة على أغلب الأنحاء والعظمى بالقاهرة 40 درجة    أحمد سعد: الناس بتحب شكل المطرب يبقى غريب والجمهور مستني "لوك" مختلف    انطلاق مؤتمر جماهيري حاشد بقنا لدعم مرشحة الجبهة الوطنية وفاء رشاد في انتخابات الشيوخ    أسباب تأخر إعلان الحد الأدنى للمرحلة الأولى لتنسيق الجامعات 2025    إعلام عبري: إصابة 8 جنود إسرائيليين بجروح خطيرة في قطاع غزة    التعليم العالي توجه نصيحة للمتفوقين بالثانوية العامة قبل بدء تنسيق المرحلة الأولى    بوفون ينتصر في معركته مع باريس سان جيرمان    وزير الطيران المدني يشارك في فعاليات مؤتمر "CIAT 2025" بكوريا الجنوبية    دار الإفتاء: السبت غرة شهر صفر لعام 1447 هجريًّا    المشاط: 15.6 مليار دولار تمويلات تنموية للقطاع الخاص في 5 سنوات    الصيادلة: سحب جميع حقن RH المغشوشة من الأسواق والمتوافر حاليا سليم وآمن بنسبة 100%    تخفيض أسعار تذاكر صيف الأوبرا 2025 في إستاد الأسكندرية احتفالاً بالعيد القومي للمحافظة    مقتل 12 شخصا على الأقل في اشتباك حدودي بين تايلاند وكمبوديا    الكويت الكويتي يعلن تعاقده مع سام مرسي    جمال الكشكى: دعوة الوطنية للانتخابات تعكس استقرار الدولة وجدية مؤسساتها    الرئيس الإيراني: نواجه أزمة مياه خانقة في طهران    السبت أول أيام شهر صفر لعام 1447ه    ترحيل محمد عبد الحفيظ المتهم بحركة "حسم" خارج تركيا    الداخلية تنظم دورة تدريبية في الغوص والإنقاذ النهري    تطورات صفقة انتقال حامد حمدان للزمالك .. سر وعد جون إدوارد للاعب الفلسطيني (خاص)    وفاة المصارع الأمريكي هوجان    "تناغم بين البرتقالي والأبيض".. منة فضالي بإطلالة صيفية جريئة على اليخت    هنادي مهنا تنتهي من تصوير حكاية "بتوقيت 28"    خالد الجندي: مساعدة الناس عبادة.. والدنيا ثمَن للآخرة    هل يحاسب الإنسان على المحتوى المنشور على السوشيال ميديا؟ أمين الفتوى يجيب    هل لمبروك عطية حق الفتوى؟.. د. سعد الهلالي: هؤلاء هم المتخصصون فقط    مغربي جديد على أعتاب الزمالك.. من هو أيمن ترازي صفقة الأبيض المحتملة؟    "الصحة" تتخذ خطوات للحد من التكدس في المستشفيات    جولة مفاجئة لوكيل صحة المنوفية.. ماذا وجد فى مستشفى حميات أشمون؟    لخفض ضغط الدم- 5 أشياء احرص عليها قبل النوم    «خطافة رجالة».. غفران تكشف كواليس مشاركتها في مسلسل فات الميعاد    جلسة خاصة لفيريرا مع لاعبي الزمالك قبل المران    رفع 50 طن نواتج تطهير من ترع صنصفط والحامول بمنوف    شعبة الدواجن تتوقع ارتفاع الأسعار بسبب تخارج صغار المنتجين    جامعة الإسكندرية تبحث التعاون مع التأمين الصحي الشامل لتقديم خدمات طبية متكاملة    أردوغان: نسير بثبات لنصبح قوة مؤثرة بالمنطقة والعالم    تشغيل كامل لمجمع مواقف بني سويف الجديد أسفل محور عدلي منصور    عمرو الورداني: نحن لا نسابق أحدًا في الحياة ونسير في طريق الله    «جمال الدين» يستعرض إمكانات «اقتصادية قناة السويس» أمام مجتمع الأعمال بمقاطعة تشجيانغ    غدًا.. "شردي" ضيفًا على معرض بورسعيد الثامن للكتاب    وزير التعليم العالي يكرم الطلاب الفائزين في مسابقة "معًا" لمواجهة الأفكار غير السوية    تعرف على خطوات تصميم مقاطع فيديو باستخدام «الذكاء الاصطناعي»    أمين الفتوى: لا يجوز التصرف في اللقطة المحرّمة.. وتسليمها للجهات المختصة واجب شرعي    الأمم المتحدة: الحرمان من الغذاء في غزة يهدد حياة جيل كامل    «سعد كان خاين وعبد الناصر فاشل».. عمرو أديب يرد على منتقدي ثورة 23 يوليو: "بلد غريبة فعلا"    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية خلال النصف الأول من 2025    تحليل رقمي.. كيف زاد عدد متابعي وسام أبو علي مليونا رغم حملة إلغاء متابعته؟    وزير الأوقاف: فيديوهات وبوسترات لأئمة المساجد والواعظات لمواجهة الشائعات والأفكار غير السوية بالمجتمع    الرئيس الصيني: نسعى لتعزيز الثقة والتعاون مع الاتحاد الأوروبي رغم الخلافات    «كتالوج»... الأبوة والأمومة    بالأسماء.. إصابة ووفاة 5 أشخاص فى حادث تصادم سيارتين بمحور ديروط فى أسيوط    صاحب مغسلة غير مرخصة يعتدي على جاره بسبب ركن سيارة بالإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كتاب الخلاص قبل قرن من الزمان
نشر في المشهد يوم 22 - 12 - 2011

قبل حوالي 109 أعوام كتب المفكر العلامة الراحل عبد الرحمن الكواكبي كتاباً قيمًا، يؤكد المقربون منه أنه دفع حياته ثمنا له فقد كان الكواكبي في قمة مجده ومحاولاته الإصلاحية حين توفي بشكل مباغت وعمره حوالي 48 عامًا.
ويرى الكثيرون، محقين، أن رحيله لم يكن بريئا، بل أنه نتيجة لمؤامرة دبرت ضده لإسكات صوته الذي كان بدأ يفعل فعله في مصر ودنيا العرب، والعالم الإسلامي عموماً. وتوفي – يرحمه - بالقاهرة عام 1902 ضحية سم دُس له في فنجان قهوة، معيدًا قصة أرسطو فيلسوف الإغريق وضحية الدفاع عن الحرية.
وأعتقد أن الغالبية العظمى من قراء العربية لم يقرأوه، سواء كان ذلك عن عمد بسبب حظر هذا الكتاب رقابيًا في معظم الدول العربية، أو عن جهل بسبب عزوفنا عن القراءة، واعتقد يقينا أننا حكامًا ومحكومين دفعنا ثمنًا باهظًا لعدم قراءة كتاب (طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد).
فالكتاب يشخص بشكل دقيق الحالة التي تعيشها الشعوب العربية الإسلامية، ويوضح أيضًا سبيل الخلاص، وكأن الرجل لايزال يعيش بيننا.
فرغم مرور هذه المدة الطويلة إلا ان الكواكبي صور طبيعة المستبدّ الشريرة التي تحكمت ولا تزال تتحكم في عالمنا العربي قديمًا وحديثًا، وانه يتخذ من هواه قانوناً، ويساعده في ذلك "ترزية القوانين" الذين يسخرون الأجهزة التشريعية لوضع قوانين وفق هوى الحاكم ويقول في كتابه:"المستبد يحكم الناس حسب مشيئته، ويسوسهم بأهوائه، وهو مدرك أنّه معتد أثيم فيسترسل في ظلمه، يكمم الأفواه، ويحول بينها وبين قول الحقّ، والمستبدّ يحارب الحرية والعدل لأنهما أصل حياة الشعوب ومنطلقِها، والناس بسطاء غافلون لا يدركون من أمرهم شيئاً، أمّا العلماء فهم الرجال الناصحون لهم فإذا نبهوهم ثاروا على واقعهم وإلا قضي عليهم".
ويوضح الكواكبي يرحمه الله بشكل دقيق طبيعة العلاقة بين الحاكم المستبد وبين شعبه، مؤكدًا أنها قائمة على الخوف، قائلا :"إنَّ خوف المستبدّ من نقمة رعيته أكثر من خوفهم من بأسه، لأنَّ خوفه ينشأ عن علمه بما يستحقُّه منهم، وخوفهم ناشئ عن جهل.. وخوفه عن عجزٍ حقيقي فيه، وخوفهم عن توهّم التخاذل فقط.. وخوفه على فقد حياته وسلطانه، وخوفهم على لقيمات من النّبات وعلى وطنٍ يألفون غيره في أيام.. وخوفه على كلِّ شيء تحت سماء ملكه، وخوفهم على حياةٍ تعيسة فقط ".
وكشف الكواكبي سر البطانة الفاسدة التي تحيط بالحاكم المستبد، وتحاصره حتى تبعده عن الشعب كي لا يعرف حقائق الأوضاع وكيف تسير الأمور فقال: "وكم يلهون المستبدَّ بسوقه إلى الاشتغال بالفسوق والشَّهوات، وكم يغرونه برضاء الأمَّة عنه، ويجسِّرونه على مزيد التشديد، وكم يحملونه على إساءة التدبير، ويكتمونه الرُّشد، وكم يشوِّشون فكره بإرباكه مع جيرانه وأقرانه.
يفعلون ذلك وأمثاله لأجل غاية واحدة، هي إبعاده عن الانتباه إلى سدِّ الطريق التي فيها يسلكون، أمَّا أعوانه، فلا وسيلة لإغفالهم عن إيقاظه غير تحريك أطماعهم المالية مع تركهم ينهبون ما شاؤوا أن ينهبوا".
وكان الكواكبي بفكره الثاقب سابق عصره، فرد على مقولات التخاذل الذي يرددها البعض في المنطقة العربية من أجل تثبيط الهمم في مواجهة الحكام المستبدين فقال: "ولبسطاء الإسلام مسليات أظنُّها خاصّة بهم يعطفون مصائبهم عليها، وهي نحو قولهم: الدنيا سجن المؤمن، المؤمن مصاب، إذا أحبَّ الله عبداً ابتلاه، هذا شأن آخر الزمان، حسب المرء لقيماتٍ يقمن صلبه، ويتناسون الحديث الشريف: "إنَّ الله يكره العبد البطّال"، والحديث المفيد معنى “إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم غرسةً فليغرسها"، ويتغافلون عن النص القاطع المؤجّل قيام الساعة إلى ما بعد استكمال الأرض زخرفتها وزينتها. وأين ذلك بعد؟”.
ولم يكتف المفكر والعالم الكواكبي بتشخيص الداء الذي تعاني منه الأمة بل انه وضع خطة محكمة ومختصرة للنهضة قائلا : “يا قومُ: هوَّن الله مصابكم، تشكون من الجهل ولا تنفقون على التعليم نصف ما تصرفون على التدخين، تشكون من الحكَّام، وهم اليوم منكم، فلا تسعون في إصلاحهم، تشكون فقد الرابطة، ولكم روابط من وجوهٍ لا تفكِّرون في إحكامها. تشكون الفقر ولا سبب له غير الكسل. هل ترجون الصَّلاح وأنتم يُخادع بعضكم بعضاً ولا تخدعون إلا أنفسكم؟. ترضون بأدنى المعيشة عجزاً تُسمّونه قناعة، وتهملون شؤونكم تهاوناً تُسمّونه توكُّلاً! تموِّهون على جهلكم الأسباب بقضاء الله وتدفعون عار المسببات بعطفها على القدر، ألا والله ما هذا شأن البشر".
والسؤال الهام الذي يطرح نفسه: ماذا لو احتوت مناهجنا التعليمية على كتاب الكواكبي (طبائع الاستبداد) وكتاب العقاد ( التفكير فريضة اسلامية)، وغيرها من الكتب التي تؤسس للوعي الحقيقي، بدلًا من المناهج الهزيلة المستوردة؟؟. لو فعلنا ذلك كنا قد وفرنا على أمتنا دماء الشهداء البريئة الذين سقطوا في سجون الدكتاتوريات العربية، ودماء عشرات الآلاف الذين سقطوا أثناء ثورات مصر وتونس وليبيا ولا تزال تسيل في اليمن وسوريا.

[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.