في يوليو عام 2004، انطلقت حركة كفاية، عندما صاغ 300 مثقف وشخصية عامة تمثل الطيف السياسي في مصر وثيقة تطالب بتغيير حقيقي سياسي واقتصادي في مصر سبع سنوات تمضي على تأسيس الحركة، وإذ تحل الذكرى، وجب علينا التذكير بها، ردا لبعض جميلها، ووفاءً للراحلين والأحياء من قادتها. التغيير، هو الفكرة الجوهرية التي فرقت بوضوح بين الحركة وباقي قوى المعارضة في الشارع المصري، أيام النظام السابق. وهذه الكلمة هي مفتاح السر في التحول الحقيقي الذي طرأ علينا بفعل الثورة، وأضحينا جميعا منعمين بالحرية في ظلها. نعم التغيير، وليس الإصلاح، التغيير وليس المعارضة، التغيير وليس المغالبة، التغيير وليس التطوير، التغيير ولا شىء غيره، والدلالة المعجمية اللغوية لهذه اللفظة تدور حول أمرين، أحدهما، إحداث شيء لم يكن من قبل، والثاني انتقال الشيء من حالة إلى حالة أخرى. وشيء من هذا قد فعتله كفاية، ففي وقت كان النزول فيه إلى الشارع للتظاهر من المحظورات التي تذهب بأصحابها إلى ما وراء الشمس، فضلا عن أن يكون النزول لمطالب داخلية –أي تتعلق بداخل الوطن-، تحدت الحركة السلطة الباطشة ونزلت وأزالت حاجزا كبيرا من الخوف الذي تملكنا نحن جموع الشعب. وفي وقت كان الحديث فيه عن مبارك وآل مبارك من المحرمات والخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها بحال، رفعت الحركة شعارات لا للتمديد، ولا للتوريث، متحدية بذلك رأس النظام، ولم تحمل الحكومة أو الوزراء مسئولية العبث الذي يعيش فيه الوطن، كما كانت تفعل باقي المعارضة، وهذا وحده كان كفيلا بتهشيم عظام الحركة وملاحقة قادتها بعنف من قبل قوات الأمن، التي شنت حملات اعتقال وسحل وحشي لهم، كان أقلها القبض على المفكر الراحل د/عبد الوهاب المسيري، أثناء إحدى التظاهرات وتركه بعيدا في الصحراء، الأمر الذي تكرر مع عبد الحليم قنديل، لكنه ترك في الصحراء عريانا بعد تجريده من ملابسه. ومن نسى لا يحق له أن ينسى مظاهرات الحركة يوم 25 مايو 2005 يوم الاستفتاء على الدستور- الذي كان ترقيعا يمهد لخلافة الابن- وما جرى خلالها من انتهاكات وحشية على المتظاهرين، والدعوة لإضراب 6 من إبريل عام 2008، وما شهدته المحلة الكبرى يومها من اعتقالات وعنف شديدين. وقياسا على ما سبق يمكن لنا رصد جميع تحركات الحركة منذ التأسيس وحتى ما بعد الثورة العظيمة، الرحمة للدكتور المسيري، والاحترام الشديد لكل الذين ساهموا في تقدم الحركة إلى الأمام، فنحن مدينون لهم بالكثير.