هدد تجار الملابس الجاهزة والمنسوجات ممثلين في الاتحاد العام للغرف التجارية بالاعتصام أمام وزارة الصناعة و التجارة الخارجية الأربعاء المقبل؛ إذا لم يستجب الدكتور محمود عيسى - وزير الصناعة - لمطالبهم، والتي تتركز في إلغاء القرار رقم 626 لسنة 2011، و الذي صدر منذ قرابة أسبوعين بفرض إجراءات حماية على جميع واردات المنسوجات، و إخضاعها لإجراءات مشددة؛ لحماية الصناعة المحلية، كذلك المطالبة بانفصال شعبة صناعة الملابس الجاهزة بغرفة الصناعات النسيجية عن الغرفة، وإنشاء غرفة مستقلة للملابس الجاهزة باتحاد الصناعات، وانضمام الاتحاد العام للغرف التجارية، ممثلًا عن تجار المنسوجات؛ عضوًا بالمجلس الأعلى للصناعات النسيجية؛ أسوة بغرفة الصناعات النسيجية. و لم يسفر المؤتمر الذي عقده الاتحاد العام للغرف التجارية مساء أمس - الأحد - برئاسة أحمد الوكيل، و حضور كل من: سيد أبو القمصان "وكيل وزارة الصناعة و رئيس قطاع التجارة الخارجية بها"، و محمد شفيق "رئيس الهيئة العامة للرقابة على الصادرات و الواردات"، و محمد المرشدي "رئيس غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات"، و علي شكري "نائب رئيس غرفة تجارة القاهرة"، ويحيى زنانيري "رئيس جمعية منتجي الملابس الجاهزة وعضو الشعبة العامة للملابس الجاهزة بالاتحاد العام للغرف التجارية"، فضلًا عن أعضاء غرفتي الصناعات النسيجية و القاهرة التجارية، عن أي حلول أو حتى مهدئات للنزاع الذي وصل إلى ذروته؛ وسط مناقشات و مشاحنات عاصفة بين خصمي القطاع؛ لتواصل الأزمة اشتعالها، خاصة بعد فشل مسؤولي وزارة الصناعة في تقريب وجهات النظر بين الجانبين، في ظل تمسك كل طرف بموقفه في الدفاع عن مصلحته الخاصة. و أكد يحيى زنانيري "عضو الشعبة العامة للاتحاد العام الغرف التجارية، و رئيس جمعية منتجي الملابس الجاهزة" في تصريحات خاصة ل"المشهد": أن قرار وزير الصناعة رقم 626 جاء ليخدم مصالح الصناع وحدهم، دون مراعاة أي اعتبار لمصالح التجار و المستوردين، الذين سيصيبهم ضرر بالغ جراء هذا القرار. و أوضح أن القرار ينص على فرض إجراءات حماية على جميع واردات المنسوجات، من ملابس جاهزة، و أقمشة، و غزول، و مفروشات؛ بحيث يشترط إخضاع كافة أنواع الورادات للفحص من قبل الهيئة العامة للرقابة على الورادات و الصادرات؛ للتأكد من مطابقة المواصفات القياسية المصرية، و كذلك اشتراط الحصول على شهادة جودة دولية معتمدة؛ تؤكد جودة الرسالة المستوردة؛ بخلاف شهادة ال ciqالمشترط الحصول عليها عند الاستيراد من الصين، و ذلك تميهدًا لفرض رسوم حماية على الورادات بمختلف أنواعها، بحجة - و الكلام لزنانيري - إتاحة الفرصة لانتعاش الصناعة المحلية. و قال زنانيري إن هذا القرار سيؤدي إلى أضرار بالغة بالمستوردين، و ذلك لأن هذه الإجراءات من شأنها عرقلة النشاط الاستيرادي و الحد منه؛ لأن إجراء الفحص الإلزامي على واردات المنسوجات - و هو إجراء لا يتبع مع غالبية الواردات - سيؤدي إلى تعطيل الشحنات بالمنافذ الجمركية، و ما يستتبع ذلك من تكاليف الأرضيات، و غرامات تأخير التعاقد مع العملاء. ذلك فضلًا عن أن اشتراط مطابقة الواردات للمواصفات القياسية المصرية شرط غير منطقي، حيث إن أكثر دول العالم تقدمًا -و منها دول الاتحاد الأوروبي - لا تشترط مثل هذا الشرط؛ و إنما تترك هذا الأمر لرغبة المستورد، بشرط ألا تقل الحدود الأساسية للجودة الإنتاجية. مضيفًا أن اشتراط الحصول على شهادة دولية معتمدة إجراء مكلف جدًا؛ لأن قيمة هذه الشهادات مرتفعة، و بالتالي سيعود ارتفاع التكلفة على السعر النهائي للمستهلك، الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع أسعار المنسوجات المستوردة، و الإضرار بالتجار. و أضاف أن المستفيد الوحيد من هذا القرار المهربين، و ذلك لاستغلالهم صعوبة الاسيتراد، و من ثم انخفاض المعروض من خامات إنتاج المنسوجات، كالغزول و الأقمشة؛ للاتجاه إلى المغالاة في أسعار الخامات، و هو ما سينعكس بالسلب على تكاليف الإنتاج، و من ثم السعر النهائي للمستهلك. و من جانبه؛ أكد علي شكري - نائب رئيس غرفة القاهرة التجارية - أنه مطلوب وقف القرار فورًا، و عدم تفعيله؛ و ذلك لأنه لم يراع مصالح التجار و المستوردين، و اكتفى بتحقيق مصالح الصناع و ممثلي غرفة الصناعات النسيجية بمفردهم، مطالبًا بضرورة إعادة صياغة القرار من جديد، بمشاورة التجار، لأنهم طرف أصيل في الموضوع، و المتضرر الوحيد من وراء القرار؛ للوصول إلى حل يرضي الطرفين، مؤكدًا أن تجاهل الدكتور محمود عيسى للتجار و للمنظمة التي تمثلهم - اتحاد الغرف التجارية - في صياغة قرار كهذا، و الاكتفاء بالصناع وحدهم؛ أمر غير مقبول، و يؤخذ سلبًا على الوزير. و قال شكري إن القرار لا يحقق العدالة بين طرفي القطاع، و جاء متحيزًا بالكامل لصالح الصناع، في المقابل يوقع ظلمًا بينًا على التجار و المستوردين، و يهددهم بأضرار بالغة. و كشف عن أن القرار لن يجدي نفعًا مع الصناعة المحلية للمنسوجات، و أن حمايتها من المنتج المستورد ليست الحل، و ذلك لأن الصناعة المحلية تتطلب إعادة هيكلة بالأساس، و ضخ المزيد من الاستثمارات بها، موضحًا أن حجم الإنتاج المحلي لا يقارن بحجم الاستهلاك، و أن الاسيتراد أمر لابد منه لسد عجز الإنتاج المحلي. لافتًا إلى أن دليل دامغ على ذلك أن الصناعة المحلية كانت تتمتع بحماية حتى عام 2005، و مع ذلك لم تستطع تحقيق أي ارتقاء أو صعود لمستوى إنتاجها؛ جودةً و سعرًا، الأمر الذي يؤكد أن قرار حماية صناعة المنسوجات ضرره أكبر من نفعه إن وجد. كما أكد أن القرار لن يجدي أيضًا في حجب الواردات الرديئة و غير المطابقة للمواصفات، و ذلك لأن التهريب لايزال قائمًا. مشيرًا إلى أن القرار سيؤدي إلى زيادة انتشار المنتجات المستوردة الرديئة؛ و لكن بأسعار مرتفعة؛ بسبب استغلال المهربين لصعوبة الاستيراد بالطرق الشرعية في ظل هذا القرار. من جهته؛ رفض محمد المرشدي - رئيس غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات - في تصريح خاص ل"المشهد" كافة مطالب التجار، و أكد تمسك الغرفة بالقرار، و الذي وصفه أعضاء الغرفة بالتاريخي؛ لحماية الصناعة الوطنية. و أكد أن القرار يستهدف حظر دخول الواردات غير المطابقة للمواصفات القياسية المصرية؛ للارتقاء بمستويات الجودة المعروضة بالأسواق، و للحد من منافسة المنتج المحلي، الذي لا يستطيع إيجاد فرصة للتواجد في ظل انتشار و تشبع الأسواق بالمنتجات المستوردة، خاصة و أنها منخفضة الأسعار لدرجة لايمكن منافستها، الأمر الذي كان يمثل تهديدًا بانهيار الصناعة الوطنية للمنسوجات. ورفض المرشدي كذلك مطلب التجار بانفصال شعبة الملابس الجاهزة بالغرفة النسيجية وتشكيل غرفة مستقلة لصناعة الملابس الجاهزة باتحاد الصناعات، مؤكدًا أن هذا الموضوع سبق و أن رفضته الغرفة و مجلس إدارة اتحاد الصناعات برئاسة جلال الزوربا، جملةً و تفصيلًا، و أنها ستؤدي إلى تشتيت الغرفة و تمزيق كيانها، مؤكدًا أن طبيعة الصناعات النسيجية تتطلب توحيدها في كيان واحد فقط، تجنبًا للنزاعات و تضارب المصالح بين قطاعاتها الداخلية.