يحدث كثيرًا أن يعمد البعض إلى تأجيل زفافه لأسبوع أو أسبوعين، أو حتى لعام كامل، لكن أن يؤجل زفافه لما يزيد على ثلث قرن، فهذا هو الغريب حقًا، وها هو أخيرًا الأسير الفلسطينى "المحرَّر" نائل البرغوثي، والذي تم إطلاق سراحه ضمن صفقة "شاليط" لتبادل الأسرى، يعلن عن إقامة حفل زفافه إلى السجينة السابقة إيمان نافع غدًا الجمعة، 18 نوفمبر قائلاً إنه "سيكون يومًا وطنيًا جامعًا لن ترفع فيه إلا الأعلام الفلسطينية". قضى نائل أسبوعًا كاملاً فى التحضير والإعداد للزفاف الذى تأجل 34 عامًا -فترة بقائه فى الأسر- وفي بيت عائلته المتواضع، الفرح منقوص، فنائل اليوم هنا بعد طول انتظار لكن والده ووالدته اللذان غيبهما الموت لن يكونا في استقباله، وشقيقه الأكبر يغيبه "اعتقال إداري" بدون محاكمة في السجون الإسرائيلية، إضافة للكثيرين ممن عرفهم طفلا وشابا. ونقل موقعCNN بالعربية عن العريس نائل البرغوثى قوله "قرار الارتباط هو جزء من رسالة تتمثل في أن الأسير والأسيرة من حقهما العيش سويا وبتوافق، فهم مروا بتجارب مشابهة ما يسهل عليهم فهم بعضهما البعض، كما أنه يتمثل في شد الأزر بين المناضل والمناضلة، وجزء من النظرة للمرأة في المجتمع النضالي، فلا يجوز أن ندعي الإيمان بحرية المرأة ونتجاهل المرأة المناضلة والمضحية عندما نقرر -كأسرى- الزواج". أما العروس -إيمان نافع- والتي اعتادت العمل في مجال الدفاع عن السجناء وحقوقهم منذ تحررها من الأسر في عام 1997 ترى أن نائل يمثل حالة نضالية منذ أن عرفته اسيرا، وتابعت "كل من حولي كان يتحدث عن مواقفه وشجاعته وأمله في الحرية". وأضافت "أنا سعيدة جدا لارتباطي بإنسان كنائل، واعتقد أن إطلاق سراحه هو هدية من الله ليعطينا أملاً في إنشاء عائلة فلسطينية تستمر رغم الاحتلال ومنغصاته". وحول كيفية توقعها لأن تكون حياتهما سويا كأسيرين محررين، تضيف إيمان، التي قضت قرابة 9 سنوات ونصف خلف القضبان أن نائل سيواجه في حياته العديد من الصعوبات والمشقات كونه أسيرا محررا وممنوعا من التنقل، إلا أني اخترت أن أشاركه في التغلب على كل ما يواجهه". وفي الحديث عن اللقاء والتعارف، يقول نائل "أنا شخصيا لم أعرف إيمان، لكني عرفتها من خلال نشاطها في دعم حركة الأسير، وبذل كل ما تملك من وقت وجهد للدفاع عنها، فكانت تواظب على زيارة والدي وأهالي الأسرى الآخرين، فعرفتها ناشطة، مثابرة، مهتمة بقضية الأسرى، مدافعة بدون حدود عنهم، ما دعاني إلى طلب يدها للزواج بعد تحرري من الأسر". وهو يقترب من يومه المنشود ليزف مرة ثانية بعد أن زف محررا منتصف الشهر الماضي، يصر نائل على أن زواجه سيكون يوما وطنيا لا ترفع فيه سوى الأعلام الفلسطينية، فأهل قريته يواظبون على الإعداد لزفافه، والكل مدعو، وبالطبع لم يتسن له نسيان رفاقه في الأسر وعائلاتهم، فلهم في زفافه نصيب من التحضير ودعوات الحضور، إضافة إلى الأحزاب السياسية الفلسطينية والأطر الوطنية.