محمد علي خير: الأجور في مصر تحتاج إلى ثورة.. لا يمكن فتح بيت بأقل من 15 ألف جنيه    الشرطة الأمريكية تفتش جامعة براون بعد مقتل 2 وإصابة 8 في إطلاق نار    استشهاد طفل برصاص الاحتلال فى السيلة الحارثية غرب جنين    إحالة ربة منزل للمحاكمة بتهمة تعذيب وقتل طفليها بالعمرانية    لميس الحديدي: اتفرجت على "الست" مرتين.. الناس بتصفق بعد كل مشهد    ستار بوست| عبلة كامل تتحدث بعد غياب.. وقرار غير حياة عمرو يوسف    وزير الخارجية الأمريكي روبيو يحذر رواندا من إجراءات بسبب الكونغو    مصدر أمني ينفي ادعاءات إخواني هارب بوجود دعوات لتجمعات بالمحافظات    في دورته الثالثة.. محافظ المنيا يشهد ختام مهرجان المنيا الدولي للمسرح    نائبة بالأقصر تزور مصابي حادث انهيار منزل الدير بمستشفى طيبة.. صور    حفاظًا على صحة الأم والطفل.. الصحة تدعو للمباعدة «بين كل مولود وآخر»    رئيس الإنجيلية يبدأ جولته الرعوية بمحافظة المنيا    خطب قبلها 3 مرات والأخيرة طردته يوم كتب الكتاب، تفاصيل صادمة في مقتل «عروس المنوفية»    فيلم فلسطين 36 يفتتح الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية بحضور مخرجته وكامل الباشا    نائب وزير الصحة: حياة كريمة كانت السبب الأكبر في إعلان مصر خالية من التراكوما المسبب للعمى    الصحة: لقاح الإنفلونزا يقلل الإصابة بنسبة 60% ويخفف شدة الأعراض    المستشار عبد الرحمن الشهاوي يخوض سباق انتخابات نادي قضاة مصر    أوروبا.. تعاون مشروط وتحمل مسئولية الحماية    خارجية كوبا تتهم لجنة نوبل بازدواجية المعايير    الكتب المخفضة تستقطب زوار معرض جدة للكتاب 2025    آرسنال ينتزع فوزًا مثيرًا من وولفرهامبتون ويواصل الابتعاد في الصدارة    باريس سان جيرمان يفوز على ميتز في الدوري الفرنسي    رئيس هيئة المتحف الكبير بعد تسرب مياه الأمطار للبهو العظيم: تمثال رمسيس فقط الموجود في المنطقة المفتوحة    توروب: الشناوي وشوبير؟ لست هنا لأصنف الحراس.. وهذا موقفي من عبد الكريم وديانج    د.محمود مسلم عن استقبال السيسي لنتنياهو في القاهرة: مستحيل.. ومصر لن تقبل أي شيء على حساب الفلسطينيين    نائب وزير الصحة: نسبة الإصابات بكورونا لا تتجاوز ال 2% والإنفلونزا الأعلى 60%    طفل يلقي مصرعه خنقًاً.. ويُكشف عنه أثناء لعب أصدقائه بقرية اللوزي بالداقهلية    مصرع شاب تناول حبه غله سامة لمرورة بضائقة ماليه في العدوة بالمنيا    محامي عروس المنوفية: إحالة القضية للجنايات.. ووصف الجريمة قتل مقترن بالإجهاض    وزراء رحلوا وسيرتهم العطرة تسبقهم    خلال ساعات نتيجة كلية الشرطة 2025    توروب عن إمام عاشور: عودته من الإصابة تمنح الأهلي قوة إضافية    إسلام عيسى: على ماهر أفضل من حلمى طولان ولو كان مدربا للمنتخب لتغيرت النتائج    أخبار مصر اليوم: الاحتياطي الاستراتيجي من زيت الطعام يكفي 5.6 أشهر، بدء الصمت الانتخابي في 55 دائرة بجولة إعادة المرحلة الثانية من انتخابات النواب غدا، الصحة تكشف حقيقة انتشار متحور جديد    رئيس أريتريا يزور ميناء جدة الإسلامي ويطّلع على أحدث التقنيات والخدمات التشغيلية    الزراعة: التوعية وتغيير سلوكيات المجتمع مفتاح حل أزمة كلاب الشوارع    خالد لطيف ل ستوديو إكسترا: الكل مسئول عن تراجع الكرة المصرية    تراجع حاد في صادرات النفط الفنزويلية بعد مصادرة الناقلة والعقوبات الأمريكية    أخبار 24 ساعة.. موعد صرف معاشات تكافل وكرامة عن شهر ديسمبر    العثور على جثمان تاجر مواشي داخل سيارته بالشرقية    المصل واللقاح: الإنفلونزا هذا الموسم أكثر شراسة    إينيجو مارتينيز ينتظم في مران النصر قبل موقعة الزوراء    محافظ المنيا يتابع مشروعات رصف الطرق ورفع كفاءة الشوارع    وزير العمل: الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي يعيدان تشكيل خريطة الوظائف في مصر    الداخلية تعلن نتيجة القبول بكلية الشرطة غدًا    "الإسكان" تناقش استراتيجية التنقل النشط بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية ومعهد سياسات النقل والتنمية    شعبة الدواجن: المنتجون يتعرضون لخسائر فادحة بسبب البيع بأقل من التكلفة    يسري جبر يوضح حقيقة العلاج بالقرآن وتحديد عددٍ للقراءة    القومي لذوي الإعاقة يحذر من النصب على ذوي الاحتياجات الخاصة    جامعة أسيوط تنظم المائدة المستديرة الرابعة حول احتياجات سوق العمل.. الاثنين    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    استعدادات مكثفة بمستشفى أبو النمرس تمهيداً لافتتاحه    الليجا على نار.. برشلونة يواجه أوساسونا في مواجهة حاسمة اليوم    بيراميدز أمام اختبار برازيلي ناري في كأس القارات للأندية.. تفاصيل المواجهة المرتقبة    وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس الطائفة الإنجيلية ووفد من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولازالت مصطبة عم السيد شاهدة ?!    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كل مرحلة ولها مكحلة
نشر في المشهد يوم 15 - 11 - 2011


يصغر الدين إذا صغر رجاله (حسن البنا)
( 1 )
تجربة حركة التحرر الوطني الفلسطيني.. هي تجربة فريدة بين شقيقاتها في حركات التحرر الوطني العالمية..، لقد نجح المشروع الاستعماري الصهيوني.. العدو المركزي للقضية الوطنية القُطرية الفلسطينية والقضية القومية العربية في الوصول -عبر الدعاية المكثفة- للعقل الغربي ..، بأنه الامتداد الطبيعي للاستعمار العالمي في المنطقة الشرق أوسطية، وبأنه يمثل العودة لأرض الميعاد التوراتية في هارمجدّون ومجيء المسيح المُنتظَر الذي سيعيد اليهود إلى الديانة المسيحية / التي كفروا بها ..، وخدمت الظروف الدولية المشروع الاستعماري الصهيوني قبل وما بين الحربين العالميتين [في القرن الماضي] ، خاصة إبان الحرب العالمية الثانية .. حيث مارست النازية الألمانية وغيرها ممارساتها العنصرية العرقية فقتلت عشرات الملايين من أبناء الأمم والتجمعات البشرية الأوروبية، فعلى سبيل المثال بلغ عدد قتلى النازيين من أتباع المذهب الأرثوذكسي المسيحي أكثر من خمسين مليونا.. وقتلت المرضى والمشوهين والغجر والأقزام والشيوعيين ومن أتباع الدين اليهودي فيما أطلق عليه "المحرقة الهولوكوست"، وبلغ عدد قتلى اليهود من هذه الملايين (القتلى) حسب الرواية المدونة في مبنى "المحرقة" في برلين حوالي أربعة ملايين ونصف المليون.

( 2 )
استغل الصهاينة هذه المأساة المقززة على أيدي النازيين واستثمروها أيما استثمار، لقد تَغَوّلوا في استغلالهم هذا واستثمارهم وتوظيفهم هذه المسألة العنصرية.. على حساب الأمة العربية عامة والشعب الفلسطينية خاصة .. في جلب عشرات بل مئات الألوف من الموسويين إلى أرض فلسطين.. بعد أن أغلق أهل الحضارة الغربية (الأوروبية والأمريكية) أثناء الحكم النازي أي إبان "المحرقة"، أغلقوا حدود بلادهم في وجوههم (اليهود) ..، وبعد أن رفضت الزعامة الصهيونية قبل وأثناء وبعد الحرب العالمية الثانية تقديم أدنى المساعدات لمن رَغِب وأراد من اليهود أن يتوجه إلى أي قطر خارج أوربا.. بل وفضلت الصمت في أحسن الظروف عندما أمر هتلر بإرسالهم للمعتقلات النازية في "أوشفتس" و"داخاو" وغيرهما.. حيث لقي الآلاف بل وعشرات الآلاف حتفهم.. أمام إصرار الزعامة الصهيونية على جلبهم إلى فلسطين وإلا فليواجهوا معسكرات الإبادة النازية.

( 3 )
كيان المشروع الاستعماري الصهيوني هو صنيعة المسيحية الصهيونية / حاملة راية المدونات التوراتية كذبا خدمة للاستعمار البريطاني أولاً، وللاستعمار العالمي ثانيا..، وأخيرا خدمة لفكرة المشروع الصهيوني القائم على التحرر من اضطهاد الحضارة الغربية على مدار القرون الماضية، وأن يكونوا ويشكلوا رأس الجسر الاستعماري في الشرق، هذا من زاوية، ومن زاوية ثانية انه صنيعة الجهل واللا وعي والفرقة العربية الرسمية، وأما الزاوية الثالثة وهي الأهم كونه (Hitler Hand Made صناعة يد هتلر).
لقد كان الصهاينة أذكياء واستغلوا خطايا هتلر وجرائمه في "الهولوكوست" وجندوها لصالحهم.. وهذه لعبتهم المحببة.. تجنيد أخطاء الآخرين ما أمكنهم لذلك سبيلاً.. ونجحوا في لعبتهم السياسية مع النازية أيما نجاح..، ودفعنا الثمن.. أرضنا وديارنا وتفاعل شعبنا أفقيا وعموديا مع المعطيات الثقافية والاجتماعية والإنسانية والسياسية والحضارية في قطرنا العربي الفلسطيني.. وانتشى عَدونا الأجنبي الغازي وهو يمارس اجتثاث وجودنا الوطني وإلغاء تفاعل مجتمعنا.. بل وقذفنا خارج الحدود المُرَّسَمَة بفوهات بنادقه.. بما سُمي الطرد الجماعي "الترانسفير"، إن المخطط الصهيوني كان يتمنى أمرا آخر في أعماق نفسيات وذوات زعامته، كم تمنى لو استطاع ارتكاب جرائم "الهولوكوست" ضد شعبنا الفلسطيني.. ولكن ضجة العالم ضد ممارسات هتلر كما هللّوا وكبّروا لها في أجهزة دعاياتهم المختلفة والمختلقة.. كانت طازجة في العقل البشري بعد نكبة عام 1948، قد منعتهم من ممارستها ضد شعبنا العربي الفلسطيني مسيحيين ومسلمين وكذا بعض اليهود مما عارضوهم في سياسة التقتيل الفاشية والطرد اللا إنساني، هنا تم شطبنا سياسيا لمرحلة.. أرادها الصهاينة أبدية، ومن هنا تأتي أهمية المعاودة السياسية ومن فوهة بندقية علاها الصدأ في عمليات الكفاح المسلح منذ [الأول من يناير كانون ثاني / 1965] .

( 4 )
عُدنا والعَوْدُ أحمد.. كما يقول العرب القدماء..، عُدنا ونحن نعلن للعالم ونَزُّف للعروبة من الخليج إلى المحيط .. "أن اللقاء في أرض المعركة"، "البنادق كل البنادق في اتجاه العدو أو في صدر العدو"، وإن كنا ندعو إلى السلام إلا أن الكفاح المسلح هو استراتيجية التحرير وليس تكتيكها، ومضينا عمليا ونظريا في هذا السياق، وعَبَرَنا الآفاق ونجحنا في نقل قضيتنا الوطنية -النقلة الثورية التي تليق بها وتليق بعظمة عطاء شعبنا وعظمة انتمائه لأمته العربية، والإنسانية المناضلة الثائرة، لقد نقلنا في تلك الآونة قضيتنا الإنسانية المحضة التي تناقش عند مناقشة ميزانية (الأونروا) ونقلنا قضيتنا من أدراج وزارات الخارجية حيث علاها الغبار.. إلى ساحات النضال الميداني السياسي النابع من فوهة بندقية.
وتألق فدائيونا في تضحياتهم وتعريض ذواتهم للخطر المحدق من كل حدب وصوب..، فمنذ الانطلاقة عام 1965 حتى نكبة حرب عام 1967، تلقى العدو الضربات في العمق من فدائيينا، حيث لم يكن يتوقعها آنذاك. ولكن إثر هزيمة عام 1967، اجتمعت قيادة "فتح" في [11 و12 /6/1967] وقررت / الاستمرار في الكفاح المسلح وأرسلت دوريات الاستطلاع الميدانية، وعادت تحمل النتائج، وقررت قيادة (حركة فتح) انتقال القيادة إلى الداخل وقاد "أبو عمار" دورية القيادة الأولى في عمق الأراضي المحتلة عام (1967)، وهكذا مارست "حركة فتح" ما سبق أن أعلنته (إن القيادة تنبع من خط النار) أولاً..، ومن ثم يكون التكامل مع هذه المقولة الفتحاوية الصادقة ثانيا.
وتعملق نضال العمل الفدائي من دول الطوق في اتجاه الداخل وتتبع شعبنا وأمتنا وأحرار العالم أنباء الفدائيين..، ولم يخدشوا فحسب، بل أصابوا بعنف وقوة "أسطورة الجيش الذي لا يُقهر"، ولعلهم أصابوا منه مقتلاً نفسيا وجسديا (ما) في معركة الكرامة [21/3/1968] ، وفي دوريات العمق الارتكازية .. في الضفة والقطاع على السواء.
وتأثر مشروعهم الصهيوني.. أيما تأثر، فهم لم يعتادوا "إقلاق راحتهم!" من بعض المتسللين ، فكيف وقد جاءهم الزلزال .. وما أدراك ما الزلزال، إنه الزلزال المصيري لوجودهم مهما طال الزمن .. جاءت حركة التحرير الوطني الفلسطينية .. جاء صاحب الحق التاريخي .. ليزأر بالرصاص والرشاش في وجه الغزاة الأجانب المحتلين .. (ها نحن هنا) لسنا لاجئين بل فدائيين .. وقيادتنا تتقدم الصفوف إننا طلاّب الحق لبناء الدولة الديمقراطية العلمانية.

( 5 )
وتعاظم شأن العمل الثوري .. وتناسب ذلك طرديا مع حجم المؤامرة ضد الثورة .. من الأمريكان وأغلبية الأوروبيين الرسميين ومسلسل مؤامرات من "الكم" و "الكيف" الذي لا نُحسد عليه من بيوت الحكم العربية ..، وكل هذا يمكن أن يكون مفهوما ولكنه ليس مقبولاً من أحد..، إلا أن "الذريعة" لتفجير المؤامرة العظمى ضد الدور الفلسطيني الثوري قد كمن في اللا انضباط من العناصر والكوادر، وعدم وجود القانون الثوري الصارم عندما تغلب اللملمة العاطفية على حسن الإعداد لانتزاع إنجاز أرقى.
إن غياب أو عدم تفعيل القانون الثوري .. إنما هو الف / باء انهيار الإطار والمشروع والفكرة..، فالقانون الثوري أو أي قانون بلا أنياب سامة.. إنما هو حكاوي على القهاوي! . ليس عيبا أن يدرس الثائر عدوه.. بل وأن يُمعن في دراسته ما استطاع لذلك سبيلاً فهذا الأمر يوفر الجهد والعرق والآلام والمعاناة والدماء..، ولكن العيب ألا يستفيد الدارس من دراسته.

( 6 )
تفهم مهندس الكيان الصهيوني [دافيد بن غوريون] المعاني الظاهرة / البارزة والخفية لماهية القانون ولا بد من الوعي الكامل بأنه لا يهم . في المراحل الحرجة شديدة الانعطاف في المسيرة ماهية القانون المراد تطبيقه، المهم أن ينجح التطبيق فأصل العمل نتيجة، أي لا يهم في التطبيق العملي ميدانيا دلالات القانون المهم نتائج التطبيق على الأرض، نعم أصل العمل أي عمل .. نتيجته ، مع العلم أن القانون يخدم الطبقة التي تُقره وتُطَبقه.
إن "بن غوريون" هذا .. قد اتخذ قرارات صعبة وقاسية، / على نفسه وعلى تاريخه، خدمة للفكرة العقائدية وإفرازاتها الثقافية والاجتماعية والسياسية الآنية والمستقبلية، تماشيا مع سياسة الكتاب الأبيض الصادر صيف عام (1939)، فقد منعت سلطات الانتداب نزول الركاب غير الشرعيين من المهاجرين الصهاينة إلى الشواطئ الفلسطينية، ووضح ذلك بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية في [1/9/1939]، ورفضت الزعامة الصهيونية ذلك وواصلت سياساتها القديمة وهكذا وصلت 3 سفن إلى السواحل الفلسطينية فجمعتها السلطات البريطانية في سفينتين وأمرت إحداها (باتريا) بالإبحار إلى الجزر البريطانية البعيدة، ورفضت الزعامة الصهيونية واجتمعت (الوكالة اليهودية والهاغناة) وقررتا في [نوفمبر تشرين ثاني / 1940] [منع السفينة (باتريا) من الإبحار ولو كلف الأمر إغراقها] وفعلاً تم نسفها وقُتل (267) مهاجرا صهيونيا، وكانت منظمة (الإتسل أي الأرغون) قد خططت نسف السفينة .. ولكن "الهاغناة" قد سبقتها.
وفي خضم الحرب العالمية الثانية وصلت السفينة "ستروما" قادمة من رومانيا وعلى ظهرها (769) مهاجرا صهيونيا، إلى الشواطئ التركية.. التي رفضت نهائيا السماح برسوها على الشاطئ وإنزال ركابها متذرعا ربانها / بحجة العطب، إلا أن الحكومة التركية رفضت إنزالهم إلى شواطئها ما لم تتعهد الحكومة البريطانية باستعدادها لاستقبالهم، ولكن بريطانيا رفضت الطلب التركي، وفي [24/2/1942] تفجرت السفينة بأفكار وأوامر وأفعال وتنفيذ الزعامة الصهيونية وغرقت بركابها ونجا شخص واحد فقط.

( 7 )
ولعل القيادة الفلسطينية تعرف كل هذه الروايات وأكثر ..، وإن سفينة الأسلحة "التالينا"، ربما من أكثر ما تعرف قيادتنا عن تلك المرحلة من حرب عام 1948 ، أرسلت زعامة "الإتسل" عصابة "مناحيم بيجن" إلى فروعها خارج البلاد بتعليماتها لتشكيل فرقة عسكرية يهودية دولية (إصلاحية من أتباع أفكار زئيف جابوتنسكي)، لتصل إلى الشواطئ الفلسطينية في [15/مايو أيار / 1948] ، حيث (من شأن هذه القوة الإضافية في الظروف التي تجتازها البلاد، حسم المعركة مناحيم بيجن)، أرى أنه كان يرمي إلى الحسم ضد الهاجناه من جانب، وضد العرب من جانب آخر، ولكن بن غوريون كان منتبهاً لذلك.
أبحرت السفينة واطلقوا عليها إسم (التالينا) وهو الإسم الأدبي لزئيف جابوتنسكي، [هكذا يحترم الأتباع والرفاق والاخوة القدامى زملاء النضال ولا يسعون كقيادتنا لسحقهم ما استطاعوا لذلك من نفوذ، أتحدى إذا كرمت قيادتنا مقاتلا أو مناضلا أو فدائيا أو أحدا من لابسي الكاكي منذ ستة سنوات.] ، أبحرت السفينة من ميناء مارسيليا في [11/يونيو حزيران/1948] وهي تحمل على ظهرها (913) مقاتلاً من مقاتلي (إتسل) ومعهم (5000 بندقية و250 مدفعا رشاشا و 5.000.000 طلقة و 5 مصفحات وكميات ضخمة من المواد المتفجرة).
جرت محاولات لحل الإشكال الحاصل بين "الإتسل" و (وزارة الدفاع) وكان على رأسها بن غوريون..، وأصر بن غوريون على أن هناك جيشا واحدا ل"دولة إسرائيل" .. إنه "جيش الدفاع الإسرائيلي" ولا مكان لأي قوة عسكرية على التوازي معه .. مهما كلف الأمر من نتائج .. وأكد استعداده لتحمل أوزار هذه العملية .. ولكنه أفاض في شرح مكاسبها.
أكد بن غوريون أن حمولة السفينة تعود ل"جيش الدفاع" ويجب أن يتسلمها بدون قيد ولا شرط ، وإلا ....،. ولكن بيجن حاول التسويف والمماطلة وكسب الوقت، وأمر بإنزال قوارب تحمل السلاح إلى الشاطئ فما كان من بن غوريون إلا أن أعطى أوامره لضرب السفينة على من فيها قبالة "تل أبيب" في [22/6/1948] وكان على متنها "مناحيم بيجن" الذي سارع بالهرب قبل إنفجارها وغرقت وقتل معظم من هم على ظهرها.

( 8 )
وواجه بن غوريون منتقديه بما عُرف عنه كزعيم تاريخي لصهيونيته .. بكل الحزم والحسم والقوة والحجة والمنطق متسلحا كما قال : بِ"الشرعية والقانون" ..، وأكد : "لو سقطت كميات الأسلحة بيد العصابة الإرهابية .. لأصبح الإرهابيون قادرين على اغتيال الدولة اليهودية وحرية الييشوف دفعة واحدة" ، وأضاف : "إنني أعتقد أن حرق هذه السفينة هو عمل عظيم، لأن هذه السفينة هي التي حملت بداخلها خطر دمار إسرائيل" .. ثم يصف المدفع الذي قصف "التالينا": "مبارك هو المدفع الذي قصف هذه السفينة ..".

( 9 )
أين بن غوريون فلسطين..، حقا نفتقده هذه الأيام، ولكن الأمهات الفلسطينيات.. من أشهر الوَلّادّات بين نساء الأرض، لهذا أُراهن وأُجزم سيأتي ولن يطول حضوره وتواجده وقيادته لشعبنا البطل. إن الذي أراد الحرص على سمعته الشخصية بطريقة خاطئة وبالتالي نتائج أكثر خطئا.. عليه أن يدفع لخالد مشعل وغير خالد مشعل الكثير من التنازلات ..، وهي ليست من جيبه الخاص الشخصي .. إنها من عطاء وفداء ودماء وتاريخ "فتح" والحركة الوطنية الفلسطينية. لم نستفد من تاريخ الأعداء..، ولا من تاريخ الأصدقاء..، ولا من تاريخ الأشقاء..، ولا من تاريخ الرفاق الزملاء..، على ما يبدو أن الكثير من قياداتنا لا تقرأ .. وإذا قرأت لا تفهم .. وإذا فهمت لا تمارس .. وإذا مارست تمارس خطئا.. وإذا أخطأت فإنها تخطئ بحق الأوفياء من الأبناء ولا تخطئ بحق وباطل الأدعياء. حقا من هذه النتيجة علينا أن نراجع مجمل قياداتنا التنظيمية والسياسية مراجعة كاملة، فإن نسبة من لا يستحق قيادة "3 نعجات بياض" في سهل وليس في وعر، ولكنه مطيع وكاتب تقارير، فإننا نجده على رأس السلم التنظيمي في الضفة بما فيها القدس والقطاع والشتات. ومن لديه القدرات التنظيمية من هذه القيادات فلا يسند لها ما تستحقه من مهام .
نعم .. نعم .. ما أشبه الليلة بالبارحة.. فهل تتعظ قيادتنا (وهي مثل الهَم على قلب الفقير).. ولو بعد فوات الآوان.. أي وليغادروا لكي نقرأ مذكراتهم -لمن يحسن منهم الكتابة- قبل أن نسبقهم إلى اللّحد.
_______________
* دردشة رقم (79) .. هذه دردشات بعضها قديم وبعضها جديد، وبعضها عليه تعليق ما / وآن أوان نشرها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.