براءة ... وإعتذار

لاأدرى إن كنت أضحك أم أبكى مما قرأته بالصحف حول واقعة إحالة موجه اللغة إلانجليزية ومدير ووكيل إدارة شرق الإسكندرية التعليمية للتحقيق معهم بتهم تتعلق بإهانة رئيس الجمهورية ، وإقحام أمور سياسية بورقة الامتحان الخاص بطلبة الصف الأول الثانوي بمدارس إدارة شرق، وذلك بعد طلب الموجه ترجمة عبارة باللغة العربية إلى الإنجليزية جاء فيها: "في مملكة الحيوان لا يستطيع الخروف أن يكون ملكًا". والتى إعتبروها إسقاطا على الرئيس المقصود بها الإهانه , ورغم إعتذار وزير التربية والتعليم لهذا المعلم بعد أن أكدت اللجنة الفنية المشكلة بشأن فحص واقعة الموجه إيهاب السلامونى، صاحب العبارة ببراءته من تهمة إهانة رئيس الجمهورية إلا أن هذه الواقعة تركت رد فعل قوي فى الشارع المصرى .
عن نفسى أول ما تردد فى ذهنى بعد سماعى لتلك القصة هو القول المعروف فى مصر ( بأن اللى على راسه بطحة ... ) , ولم أستطع التوقف عن إنتقاد هذا الفعل , ولكنه كان إنتقادا مصحوبا بالضحك على مانحن فيه , وماوصلنا اليه , وكيف تعالج تلك الأمور بسذاجة تثير البلبلة فى الشارع المصرى , بل وتثير حملة من الإنتقادات اللاذعة لجماعة الإخوان المسلمين , وهو الأمر التى هى فى غنى عنه فى الوقت الراهن , وهو ماجعلنى أيضا أردد فى نفسى عدة تساؤلات .. الى هذا الحد أصبح ترديد كلمة خروف تهمة ؟؟ والى هذا الحد كان تأثير وصف المعارضين وشباب الثورة للتيار الاسلامى بالخرفان مثيرا لأعصابهم ؟؟ حتى دعاهم ذلك الى التقدم بشكوى ضد موجه اللغة الانجليزية للقصاص منه دون التأكد أولا إن كان يقصد المعنى الذى لاح فى أذهانهم أم لا؟؟.
أما عن مواقع التواصل الإجتماعى وخاصة الفيس بوك فلم تسلم تلك الواقعة من التناول والسخرية , فقام عدد من الصفحات بترجمة الجملة التى تم تحويل موجه اللغة الانجليزية الى التحقيق بسببها (في مملكة الحيوان لا يستطيع الخروف أن يكون ملكًا ) مع إرفاقها بقول (تضامناً مع موجه اللغة الإنجليزية المحول إلى التحقيق بسبب غضب الإخوان من "سؤال الترجمة إللى اعتبروه إهانة لرئيس الجمهورية" والجملة ، أنا مش هترجمها للإنجليزى بس.. لأ أنا هترجمها بكل اللغات ) , أما التعليقات المصاحبة للمنشور فكانت خليطا مابين مؤيد ومعارض له حيث ذكر أحدهم (الراجل كتب "لا يستطيع الخروف ان يكون ملكا"، فاتهموه باهانة الرئيس.. طيب انتوا اللى عرفكوا انه يقصده .. يخرب بيت الذكاء ) , واخر قال ( لما واحد كتب " في مملكة الحيوان لا يستطيع الخروف أن يصبح ملكاً" في امتحان واتحول ل التحقيق بسببها امال لو واحد دبح خروف هيعملوا فيه ايه ؟ هيحاكموه بتهمة اغتيال رئيس ؟؟ )وأخر قال (طيب في العيد مش هندبح ولا ايه علي كدة ) , وقال أخر ( ان تسخروا منا فان ان شاء الله سنسخر منكم كما تسخرون الا لعنه الله على الكاذبين ) الى غير ذلك من التعليقات ....

لا أستطيع القول سوى أن الشعب المصرى معروف عنه أنه شعب خفيف الظل يعالج دائما أى قضية تواجهه من خلال المقولات والنكات الساخرة , أما أنا وأعوذ بالله من كلمة أنا , فلا أقصد من خلال الإشارة الى تلك المقولات إهانة أى أحد , ولكنى أردت إلقاء الضوء على هذه المهزلة وهذا التخبط الذى يؤكد أن جماعة الاخوان المسلمين تتعرض لضغوط نفسية كبيرة جدا من كثرة الإنتقادات الموجهة اليها وللرئيس محمد مرسى بالاضافه الى القلق المتزايد لديهم من توقيعات حملة تمرد التى تغزو المؤسسات والنقابات التى تطالب بسحب الثقة وإسقاط الرئيس، والتى جعلتهم يحكمون على من حولهم بالإعتماد على الإفتراض والنوايا دون التأكد من صحة الوقائع , وهذا مؤشر خطير لنفاذ صبرهم الذى ربما يأخذهم الى إرتكاب أخطاء أكبر.

وأعتقد أن واقعة ورقة الامتحان هذه ماهى إلا جرس انذار للمعارضين للتذكير بأن الأمور مازالت فى قبضة يد الاخوان وأن ماحدث مجرد قرصة ودن , أو كما نقول فى الأمثال ( إضرب المربوط يخاف السايب ) من أجل إثارة الخوف والرهبة داخلهم وحتى تتوقف حملات المعارضة ضد الرئيس .