مصر ليست القاهرة فقط، هكذا يصر فنانو وتشيكليو مصر خارج العاصمة، ويصرخون بأن القاهرة تستأثر بكل المجد والشهرة والمال، وهم يظلون دائمًا في الظل، مشكلة ليست جديدة، فهل القيادات الثقافية بعد ثورة يناير يلقون عليها نظرة، وتكون باقة أمل لهم في خروج أعمالهم لجمهور عريض يعرفهم ويحتك بهم، وتصل أعمالهم لمعارض وساحات العالم. الفنان الدكتور أحمد رأفت ابن الصعيد يصرخ للمسؤولين في وزارة الثقافة بكل فروعها لإنقاذ المبدعين من الفنانين التشكيليين من أبناء الصعيد، لأنه يرى أن كل محافظات الصعيد من بني سويف شمالاً حتى أسوان في أقصى الجنوب زاخرة بأعداد كبيرة من الرسامين والنحاتين والخزافين والجرافيكيين والمصورين، ويمتلكون طاقات هائلة ويبحثون عن فرصة للانطلاق بلا حدود، وهم في نفس الوقت محرومون تمامًا من المشاركة في المعارض والأنشطة المحلية التي تنظم في القاهرة والإسكندرية، وبالتالي هم بعيدون كل البعد عن المشاركة في الأنشطة الدولية، رغم أن هناك أعمالاً عديدة تستحق أن تدرس أساليبها في كليات الفنون وهي بذلك جديرة أيضًا بأن تعرض في المحافل الدولية، لكن للأسف وزارة الثقافة وأجهزتها تعمل في هذا المجال بأسلوب ( البعيد عن العين بعيد عن القلب). ويستطرد رأفت قائلاً "صحيح أن هناك حالات فردية استطاعت وبالجهد الشخصي المنفرد أن تخترق هذا الحصار، لكنها ليست قاعدة، فالقاعدة العامة التي نراها كفنانين أن الفنان البعيد عن القاهرة بعيد أيضًا عن المشاركة الحقيقية في الحركة الفنية في مصر"، ويرجع الدكتور رأفت هذه المشكلة إلى السياسة العجيبة التي تتبعها الأجهزة المختلفة في وزارة الثقافة والتي تقصر الفرص المتاحة للمشاركة في المعارض والأنشطة الفنية على أبناء القاهرة والإسكندرية. ويؤكد الدكتور محمد منصور- الأستاذ بكلية الفنون الجميلة بالمنيا - على كلام الدكتور رأفت، ويضيف " رغم إنشاء كلية الفنون الجميلة بالمنيا بداية من عام 1983، فإن هذا لم يقلل من حدة المشكلة، ولم يغير من النظرة العنصرية والغريبة إلى أبناء المحافظات من المبدعين، فما زالت حتى الآن فرص العرض والاحتكاك الفني قاصرة على أبناء القاهرة والإسكندرية"، ويطالب بفرص متساوية لكل الفنانين فالمحافظات - على حد تعبيره - مليئة بالمواهب التي يمكن أن تأخذ طريقها للعالمية. لكن القاهرة وقياداتها كان لهم رأي آخر في تلك القضية الأزلية، فقد رفض الدكتور صلاح المليجي - رئيس قطاع الفنون - الاعتراف بأن ( فنان الأقاليم) يعاني من التهميش، مؤكدًا أن الموهبة الجيدة تفرض نفسها رغم أي ظروف يمكن أن تتعرض لها. وعن خطة القطاع لرعاية أبناء المحافظات من الموهوبين فنيًا يقول المليجي "إن هذه المهمة ليست مسؤولية قطاع الفنون بوزارة الثقافة، ولكنها من أهم مهام هيئة الثقافة الجماهيرية، ومع هذا فإنه يضع ضمن أولوياته في مهمته الجديدة التنسيق مع الثقافة الجماهيرية ووضع خطة مشتركة لدفع الفنانين على طريق المشاركة في الفعاليات الفنية سواء منها المحلية أو العالمية". ويعترف الشاعر سعد عبد الرحمن - رئيس هيئة قصور الثقافة - بأن فناني الأقاليم يعانون من التهميش ولا يجدون من يأخذ بأيديهم، والسبب في ذلك في رأيه ليس في قصور الثقافة ولكن العيب يرجع إلى الإعلام الذي لا يسلط الأضواء إلا على الفنانين في القاهرة والإسكندرية والمحافظات القريبة من العاصمة، وعن حل هذه المشكلة في رأيه يقول سعد "إننا سنبدأ خلال الفترة المقبلة في التنسيق مع قطاع الفنون من ناحية والمحافظين من ناحية أخرى لتنشيط الحركة التشكيلية في المحافظات".