بينما كنا نشق طريقنا فى عالم الصحافة فى منتصف التسعينيات تقابلت مع أروع شخصين تعرفت عليهما فى دنيا الصحافة، هما الزميلان مصطفى صقر وأسامة عبد اللطيف، وجمعنا حلم العمل فى مؤسسة الأهرام .. وحدثنا مصطفى عن أحد أقاربه الذى يعمل صحفيًا فى الأهرام ونظرًا لقربنا معًا كنا نتشارك الأحزان والأفراح، وذات يوم اصطحبنى مصطفى لزيارة قريبه وتوقعت أننا سنلتقيه فى مكتبه المكيف بزى رسمى، وحينما وصلنا أمام المبنى توجهت إلى الباب الرئيسى فإذا بصديقى يأخذنى تجاه شارع جانبى بجوار الأهرام، قائلاً: لعله وسط هذا الجمع ووجهت نظرى إلى الجمع المقصود فإذا بهم مجموعة من السيدات يرتدين ملابس سوداء بالية وتظهر على وجوههن معاناة الحياة وتعب السنين، واقتربنا بالفعل فإذا بممدوح الولى يتوسطهن ويتبادل معهن أطراف الحديث بود يُحسد عليه. ويسألهن عن أولادهن بالاسم حتى إنه وجه سؤاله لإحداهن .. بنتك فلانة اتجوزت؟ انبهرتُ بذلك الشخص وتمنيتُ أن أكون بهمته نفسها فى خدمة الناس. وانتهى الموقف وتعلق أملى بممدوح لإنجاز المهمة التى أتينا من أجلها وهى محاولة التوسط لدخول مصطفى العمل محررًا بالأهرام. وبدأنا نتردد عليه بين الحين والآخر ولم أدخل يومًا مكتبه أو ألتقيه إلا وجدت عنده من يطلب قضاء حاجة. وذات يوم ذهبنا معًا للقاء ممدوح، على هامش اجتماع لمجلس النقابة لتذكرته بالموضوع نفسه، حيث سيحضر الأستاذ إبراهيم نافع الاجتماع، وأبدى استعداده لمحاولة إنجاز الموضوع، وفى ذلك الوقت كانت هناك اعتداءات غاشمة على الفلسطينيين، بينما الاجتماع مستمر وأملنا متعلق بما هو داخل القاعة، فإذا بأحد الزملاء يخرج من القاعة ويبلغنا أن مجلس النقابة أعدً بيانًا لإدانة العدوان على الفلسطينيين، وحينما عرض البيان على ممدوح قال: "بيان بارد زى اللى عمله " وعرفنا أن المهمة لن تُنجز، وتقبّل مصطفى الأمر بروح "أهل بحرى" بينما أنا بحكم تربيتى وتشبعى بصعيد مصر أخذت أصبّ لعناتى على ممدوح، مؤكدًا ضرورة أن الواجب كان يحتم عليه تجاوز هذا الموضوع لإنجاز المهمة، وحينما هدأت نفسى وخرجت من عباءتى الصعيدية زاد احترامى وتقديرى لممدوح الولى، ولم أعرف عنه مقايضة أو تبديل المواقف، ولعله يثبت على ذلك.