بينما تتجه العلاقات بين مصر وإيران في عهد الرئيس محمد مرسي نحو التقارب، تسير على الجانب المقابل العلاقات بين الرئيس وحلفائه من السلفيين في الداخل نحو الانهيار؛ حيث يرفض كافة المنتمين إلى التيار السلفي فكرة التقارب مع طهران، خشية "التشيع"؛ خاصة أن غالبية السلفيين لديهم "فوبيا" من هذا الخطر.. في الوقت ذاته ترهن الدول الخليجية مساعداتها لمصر باستمرار القطيعة بين القاهرةوطهران. وقد وصلت اليوم مطار طهران، أول رحلة طيران بين مصر وإيران، وذلك للمرة الأولى منذ قيام الثورة الإسلامية الإيرانية قبل نحو 34 عاما، في إطار بدء نشاط خط طيران لنقل السائحين الإيرانيين إلى مصر. وذكرت مصادر مسئولة بمطار القاهرة أن الطائرة تابعة لشركة طيران "إير ممفيس" برحلة رقم 8000، وكان على متنها 8 ركاب إيرانيين بينهم دبلوماسيان، ولم ترسل شركة طيران "إير ممفيس" المملوكة لرجل الأعمال رامي لكح خطابا بالموعد المحدد لعودة الطائرة من طهران، ومن المحتمل أن تنظم الشركة رحلات بين المدن الإيرانية والمطارات الإقليمية في جنوب مصر طبقا للاتفاق الذي تم توقيعه خلال زيارة هشام زعزوع - وزير السياحة - الأخيرة لطهران. وأوضحت المصادر أن دخول الإيرانيين مصر يستلزم حصولهم على تأشيرات دخول مسبقة وموافقة أمنية، مع الإشارة إلى أن شركة "إير ممفيس" تمتلك طائرتين من طراز إم دي، إضافة إلى طائرة تسعى الشركة لاستئجارها من شركة مصر للطيران من طراز "إيرباص 320 وأضافت المصادر أن مالك شركة "إير ممفيس" رجل الأعمال رامي لكح كان يسعى لتغيير اسم شركته إلى "ميجر إير" إلا أن صعوبات إدارية حالت دون تغييره حاليا، ما دفعه لتنظيم رحلات باسم "إير ممفيس" لحين توفيق أوضاعه وتغيير اسم الشركة، على أن تنظم الرحلات إلى المدن الداخلية بنظام "الشارتر". ويشار إلى أن تجديد اتفاقية النقل الجوى بين مصر وإيران (أكتوير 2010) اقتصر على منح شركات طيران البلدين الحق في تنظيم 14 رحلة طيران أسبوعية بين القاهرةوطهران. جاء ذلك في الوقت الذي بدأ فيه حسين أمير عبد اللهيان – مساعد وزير الخارجية الإيراني للشئون العربية والأفريقية - مباحثاته مع المسئولين المصريين حول الاتفاق المشترك بين حكومتي البلدين. وكشفت مصادر مطلعة عن عرض إيراني باستثمارات تقدر ب 50 مليار دولار على مدار 10 سنوات، وإيفاد 3 ملايين سائح سنوياً إلى مصر، مقابل فتح سفارة لها فى القاهرة، وسفارة لمصر بطهران، على أن تنشأ "توأمة" بين البلدين في العديد من المجالات، خصوصاً في مجال السياحة والصناعة، وتبادل البعثات الإعلامية والعلمية. وأوضحت المصادر أن الصفقة التى عرضها مسئولون إيرانيون تضمّنت إغراءات بإتاحة فرص للعمالة المصرية في إيران تبلغ مليون فرصة عمل بنهاية 2014، إضافة إلى إيفاد بعثات من العلماء الإيرانيين المتخصصين في إنشاء المفاعلات النووية المخصّصة لتوليد الطاقة، لإلقاء محاضرات بالجامعات المصرية. وقالت إن حكومة قنديل أرسلت العرض الإيراني إلى الرئاسة، وأن الرئيس مرسي سلم الملف إلى عدد من مساعديه ومستشاريه، لمناقشته وإعداد تقرير مفصل بإمكانية تنفيذه فعليا. وأشارت المصادر إلى أن إيران عرضت كذلك تقديم دعم مالي ضخم للإنفاق على مساجد "آل البيت" فى القاهرة، لترميمها وتوفير رواتب للعاملين بها. وأوضحت أن السلطات الإيرانية طالبت بعقد لقاءات شبه شهرية بين علماء الأزهر ورجال الدين الإيرانيين، وتخصيص قاعة بالجامع الأزهر تحمل اسم إيران. وأكدت المصادر أن الرئيس الإيراني سيرسل عدداً من مسئولي بلاده خلال الأيام المقبلة، لتفعيل الصفقة، والتعرُّف على الرد المصري بشأنها. من جانبه هدد "ائتلاف المسلمين للدفاع عن الصحب والآل" بمحاصرة مطار القاهرة عند وصول الوفود السياحية الإيرانية، لمنع خروجهم منه وعودتهم إلى طهران بالطائرة التي جاءت بهم. وقال وليد إسماعيل منسق ائتلاف الدفاع عن "الصحب والآل" "لدينا معلومات بأن هناك 4 طائرات ستصل من إيران لمصر تضم وفودا سياحية منها طائرتان ستذهبان إلى الأقصر وطائرتان ستذهبان إلى القاهرة"، مضيفاً: "سنحاصر مطار القاهرة حتى لا تخرج الوفود الإيرانية السياحية منه ويعود في الطائرات التي جاءت بهم، كما سنحاول الذهاب إلى الأقصر وأسوان بشكل مكثف وبأعداد كبيرة لتنظيم مؤتمرات تحذر من خطر المد الشيعي.
وأكد مراقبون أن الجانب الإيراني سعى كثيرا، حتى في عهد النظام السابق، إلى عودة العلاقات المصرية الإيرانية، ولكن كانت هناك تحفظات من الجانب المصري تتعلق باعتبارات أمنية وإقليمية ودولية من شأنها عدم الاستجابة إلى هذه المساعي، وبعد قيام ثورة يناير بدأ التفكير في فتح صفحة جديدة مع إيران، وعدم الإصرار على قطع العلاقات كاملة. وأشاروا إلى أن عودة العلاقات المصرية الإيرانية مفيدة فيما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية والتجارية والسياحية، إلا أن العلاقات من الصعب أن تتطور إلى ما هو أبعد من ذلك، نظرا للعامل الخليجي في العلاقات المصرية، الذي يقدره الجانب المصري، وهذا من شأنه منع الاختراق في العلاقات المصرية الإيرانية.