لا أعرف متى سيأتي الوقت الذي تغيب فيه حركتا “فتح” و”حماس” عن المشهد، وينتهي حل الدولتين، وحل الدولة الواحدة ونصل إلى مشارف حل “إسرائيل” وتعود فيه فلسطين كلياً إلى العرب . إن فلسطين العربية كبيرة إلى درجة أنها تسع العالم كله، وصغيره لدرجة أنها لا تقبل القسمة على اثنين . ما الشروط الواجب توافرها لزوال “إسرائيل”؟ القاعدة التاريخية تقول: يزول كل استعمار عندما تصبح تكلفته أكثر من فائدته، هذا الكلام بحاجة إلى تخطيط في السر وتنفيذ في العلن . لنعترف: إن صراعاً مميتاً بين القومية العربية والصهيونية خلال مئة سنة مضت كان حتى تاريخه لمصلحة الصهيونية، والصراع مازال مستمراً، والحروب المتعددة تقرع أجراسها . ومنذ مئة عام تحاول الصهيونية العالمية ومعها الإمبريالية ممثلة بالغرب العنصري أن تقنع العرب “بفضيلة” الاستسلام تحت شعار:”إن أسرع طريقة لإيقاف الحرب هي أن تخسرها” . إن شمس بعض المسؤولين العرب تسير نحو الغروب غير مدركين أن شمس الشعب العربي العتيد تطلع دائماً من جهة الشرق، وأن هذه القيادات تنظر باستخفاف كبير نحو الخرافات الصهيونية التي ترش على الموت سكراً، ناسفة من الجذور الأوهام التي صدقها بعض العرب: - الوعد الإلهي . - 80 في المئة من فلسطين لليهود - 20 في المئة لأصحاب الأرض الأصليين . - الأكذوبة السداسية: (عودة اليهود إلى فلسطين - إقامة دولة “إسرائيل” - القدس عاصمة الدولة الاستعمارية - بناء هيكل سليمان - معركة أرماجدون بين الخير والشر - عودة المسيح وتنصير اليهود) . علق رئيس وزراء “إسرائيل” الأسبق مناحيم بيغن متهكماً من سذاجة المسيحيين الصهاينة والمؤمنين بالخرافات التوراتية قائلاً: “أشكر المسيحيين على تأييدهم لنا الآن . . وأعدهم بتأييدنا لهم عندما يعود المسيح” . يقول الكاتب الأمريكي تشارلي ريس: “لن ينال الفلسطينيون استقلالهم قبل أن ينال الأمريكيون استقلالهم”، من يدري فقد يحصل العكس . هناك ثلاث قضايا أساسية تبقي شعلة الكفاح متقدة: * أولاً: الخطأ خطأ حتى لو كان الكل معه، والصواب صواب حتى لو كان الكل ضده . * ثانياً: إذا كان القلب مصمماً فسوف يجد ألف طريقة، أما إذا كان القلب ضعيفاً فسوف يجد ألف عذر . * ثالثاً: إذا كنت مؤمناً عنيداً بمبادئك، فلا تخف أن يكون لك أعداء . هذه الشروط ضرورية للوقوف في وجه الانتكاسة ورأس حربة لاختراق العقبات . نأتي إلى موقف صعب نحدق فيه بعين العاصفة . كيف نجعل تكلفة الاحتلال أكبر من فوائده؟ هذه دعوة لكل مواطن لم يقطع لسانه بعد ولم تصطك ركبتاه من الرعب . - العصيان المدني ضد الاحتلال - مقاطعة تدريجية لبضائع العدو - الامتناع عن دفع الضرائب له - تقوية الاقتصاد الوطني بكل الوسائل الممكنة والاستغناء عن اقتصاد العدو تدريجياً . - رفض حل الدولتين، رفض حل الدولة الواحدة، التمسك بضرورة خروج الغاصب الصهيوني المحتل (ألمان - روس - تشيك - بلغار - بولنديون، أمريكيون، بريطانيون، وفرنسيون . . إلخ) كل ما هو يهودي غير عربي . يقتضي التغيير الأساسي بوجود قيادة فلسطينية ثورية برنامجها الأساسي نقطة واحدة: كيف يعود اليهودي الصهيوني المحتل إلى بلده الأصلي - سلماً أوحرباً - إذ ليس لهذا الغاصب حق بشبر واحد من فلسطين ولا يجري بحث أي حقوق لهذا الغاصب سوى الطرد والرحيل عن فلسطين . منذ قرن من استعمار فلسطين على يد الإنجليز ودخول الصهيونية وإقامة دولة “إسرائيل” وميزان القوى يعمل لمصلحة العدو، وكان الخلل الأساسي في الجانب العربي هو وجود (قيادة رجعية لشعب ثوري) . لقد آن الأوان ليصحح شعب فلسطين، والشعب العربي في ربيعه المتعثر الرجراج، وضعيته بحيث يصبح التطابق كاملاً: (قيادة ثورية لشعب ثوري) . . الحصان أمام العربة لا وراءها . ونسأل: ماذا تفيدنا هذه النقلة من واقع الهزائم الأليم إلى الحلم الوردي بالنصر؟ على جدار برلين قبل أن يهدم كتب أحدهم: “من لا يحلم لا يستطيع أن ينتصر”، لذلك فإن كل نصر عربي هو نصر ناقص إذا لم يكن نصراً في فلسطين ينهي الوجود الاستعماري الصهيوني ويقتلعه من الجذور، وتعود فلسطين إلى العرب، ويعود العرب إلى فلسطين . هنا قلب “الخسة”: حكام الهزيمة ماتوا قبل أن يموتوا . . وأطفال النصر ولدوا قبل أن يولدوا . لن يقف في وجه هذا النصر المقبل لا أمريكا ولا الصهيونية العالمية .