يحتفل العالم بعد غد الجمعة باليوم العالمي لداء الكلب ، حيث يسلط الضوء علي الآثار الناجمة عن داء الكلب البشري والحيواني ويروج لكيفية الوقاية منه ووقف انتشاره بمكافحته في مستودعاته الحيوانية. وكانت منظمة الصحة العالمية قد أطلقت حملة دولية للسيطرة علي المرض منذ عام 2006 من خلال إعلان يوم 28 سبتمبر من كل عام يوما عالميا للتوعية ضد داء الكلب ، وقد بلغ عدد الدول المشاركة في الحملة هذا العام 185 دولة تقوم بتوعية ما يقارب من 183 مليون نسمة حول العالم ، فضلا عن تطعيم 7،7 مليون كلب ضد المرض في جميع أنحاء العالم . وتشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلي أن داء الكلب يوجد في أكثر من 150 بلدا وإقليما ، وبحسب التحالف الدولي لمكافحة داء الكلب يتسبب المرض في وفاة 70 ألف شخص سنويا. وتتصدر الهند القائمة بنحو 20 ألف حالة وفاة سنويا ، كما تسبب الكلاب في وقوع 99% من وفيات البشر الناجمة عن داء الكلب ، وتشير التقديرات إلى أن داء الكلب الكلبي يتهدد حياة أكثر من 3،3 مليار نسمة في آسيا وأفريقيا ، منهم 4،1 مليار نسمة في جنوب وجنوب شرق آسيا ، كما تشير الاحصاءات إلى حدوث 20 ألف حالة وفاة كل عام في الهند بسبب هذا الداء (أي بنسبة 2 /100000 من عدد المصابين)؛ أما في أفريقيا فإن عدد تلك الوفيات تقارب 24 ألف حالة (أي بنسبة 4 /100000 من المصابين). وعلى الرغم من أن جميع الفئات العمرية معرضة لمخاطر الإصابة بداء الكلب، فإن هذا المرض يشيع أساسا بين الأطفال دون سن 15 عاما؛ فمن الملاحظ أن 40% من المقررات العلاجة ذات الصلة تعطى لأطفال تتراوح أعمارهم بين 5 سنوات و14 سنة، وأغلبهم من الذكور. كما يواجه خطر الإصابة بهذا المرض كل من يتعرض بشكل مستمر أو متكرر أو متزايد لفيروسه إما بحكم إقامته أو مهنته ، وفي المناطق التي ينتشر داء الكلب فيها ينبغي على المهنيين الذين يتعرضون للحيوانات بشكل متكرر (مثل الأطباء البيطريين) أو الذين يقضون فترات طويلة في البراري (مثل المتخصصين في دراسة الحيوانات البرية أو الباحثين) ولاسيما في المناطق الريفية أن يخضعوا لتطعيم وقائي ، وهذا الأمر ينطبق أيضا على المسافرين والمتنزهين الذين يزورون مناطق تنتشر فيها الخفافيش. وداء الكلب مرض حيواني المنشأ (ينتقل من الحيوانات إلى البشر) يسببه فيروس ، ويصيب هذا المرض الحيوانات الأليفة والبرية وينتقل من الحيوان إلى الإنسان من خلال التعرض عن كثب للعاب الحيوانات الموبوءة عن طريق العض أو الخدش . يذكر أن المرض بات منتشرا في جميع قارات العالم تقريبا باستثناء القطب الجنوبي ، غير أن أكثر من 95% من الوفيات البشرية تحدث في آسيا وأفريقيا، كما يؤدي داء الكلب بعد تطور أعراضه إلى وفاة المصاب به في جميع الحالات تقريباً. وينتشر داء الكلب بشكل كبير في البلدان المتقدمة بين الحيوانات البرية بالدرجة الأولى، وينتقل من تلك الحيوانات إلى الحيوانات الأليفة والبشر عن طريق التعرض للعابها الذي يحتوي على الفيروس. وظهر داء كلب الخفافيش في السنوات القليلة الماضية كمشكلة صحية عمومية في إقليمي الأمريكتين وأوروبا ، وفي عام 2003 تجاوز عدد وفيات داء الكلب التي حدثت في أمريكا الجنوبية بسبب عضات الحيوانات البرية ولاسيما الخفافيش لأول مرة عدد وفيات المرض الناجمة عن عضات الكلاب . ومن النادر جدا حدوث وفيات بسبب داء الكلب جراء التعرض لعضات أنواع الحيوانات البرية، مثل الثعلب والراكون والظربان الأمريكي وابن آوى والذئب ، ويمكن أن تصاب الماشية والخيول والأيائل بفيروس الكلب ، غير أنها نادرا ما تنقله إلى البشر والحيوانات الأخري. وكل عام يتلقي أكثر من 15 مليون شخص العلاج الوقائي التي تعطى عقب التعرض للعض من أجل الوقاية من ظهور الأعراض ومعضمهم في الصين والهند ، ويبلغ العبء الاقتصادي الذي ينوء به العالم النامي جراء داء الكلب مستويات فادحة أيضا. ذلك أن متوسط تكلفة الطعم عقب عضة مشتبه فيها تبلغ 40 دولارا أمريكيا في أفريقيا و49 دولارا أمريكيا في آسيا. ويمثل هذا العلاج الذي يعقب التعرض للعض عبئا ماليا فادحا بالنسبة لمعظم الأسر في تلك البلدان، حيث يتراوح معدل الأجور بين دولار أمريكي واحد ودولارين للفرد الواحد في اليوم. وتتراوح فترة حضانة داء الكلب عادة بين شهر واحد وثلاثة أشهر، ولكنها قد تتراوح بين أقل من أسبوع وأكثر من سنة. وتتمثل أعراض المرض الأولى في الحمى وألم يصاب به الشخص المصاب في غالب الأحيان أو شعور بالوخز أو النخز أو الحرق في موضع الجرح ، وحيث أن الفيروس ينتشر في الجهاز العصبي المركزي، فإنه يلاحظ حدوث إلتهاب تدريجي في الدماغ والنخاع يؤدي إلى وفاة المصاب به. ويمكن أن يعقب ذلك ظهور شكلين من المرض يتمثل أحدهما في داء الكلب الهياجي ، ويبدأ المصابون بهذا الشكل علامات فرط النشاط والخوف من الماء والخوف من الهواء أحيانا ، وبعد مضي بضعة أيام تحدث الوفاة نتيجة فشل قلبي تنفسي. أما داء الكلب الصامت فهو يقف وراء حدوث 30% من مجمل الحالات البشرية، ويتسم هذا الشكل من المرض بدرجة أقل من الشكل الهياجي ويستغرق فترة أطول منه ، وتصاب العضلات تدريجيا بالشلل إنطلاقا من موضع العضة أو الخدش ، وتتطور الأعراض ببطء إلى غيبوبة تعقبها الوفاة في آخر المطاف ، وكثيرا ما يساء تشخيص هذا الشكل المسبب للشلل مما يسهم في نقص الإبلاغ عن المرض. وللوقاية من داء الكلب بعد التعرض لعضة حيوان ، ينبغي في الخطوة الأولى غسل الجرح بالماء والصابون ، كما ينبغي أن يتم إحتجاز الحيوان منفردا في مكان ما ومراقبة ظهور مؤشرات مرض داء الكلب عليه أو قتله وفحص نسيج مخه بحثا عن فيروس داء الكلب. وإذا ما أشار أي من هذين الإجراءين إلى وجود داء الكلب، فإن على الطبيب أن يبدأ العلاج الوقائي في الحال. وإذا لم يكن بالوسع العثور على الحيوان ، فإن الطبيب قد يعمد أيضا إلى العلاج الوقائي كإجراء احترازي. غالبا ما يشمل العلاج الوقائي القياسي حقنة من الجلوبيولين المضاد لمرض داء الكلب تعقبها خمس حقنات من لقاح داء الكلب ، وتحصين كل الكلاب والقطط بلقاح داء الكلب هو وسيلة مهمة من وسائل الحد من هذا المرض. يذكر أن الوقاية من داء الكلب البشري بمكافحة داء الكلب بين الكلاب الأليفة من الأهداف التي يمكن بلوغها في مناطق واسعة من أفريقيا وآسيا، كما أن هناك ما يبررها من الناحية المالية نظرا للتكاليف التي ستوفرها في المستقبل من خلال وضع حد لعلاجات ما بعد التعرض الوقائية التي توفر للناس. وتعمل منظمة الصحة العالمية على توسيع نطاق الحصول على العلاج التالي للتعرض باستخدام التقنيات الحديثة لزراعة الأنسجة ؛ وزيادة إنتاج المستحضرات البيولوجية المأمونة والناجعة لمكافحة داء الكلب، علما بأن هناك نقصا في إمدادات تلك المستحضرات على الصعيد العالمي، ولاسيما الجلوبولين المناعي المضاد لهذا الداء؛ ومواصلة تثقيف المهنيين الصحيين والأطباء البيطريين في مجالي الوقاية من داء الكلب ومكافحته؛ وتطعيم 70% من مجموع الكلاب من أجل وقف دوران الفيروس في المنشأ.