يكتب : سقوط حر لدراما رمضان في غياب شامل لدور الدولة في الإنتاج الدرامي وغياب مؤسساتها عن الرقابة ، يعيث المنتج الخاص فسادا في عقول وضمير ووجدان وتاريخ المصريين بكل وقاحة ، لدرجة أن دراما رمضان تقدم دروسا خاصة في الدعارة والمخدرات والإجرام بكل أنواعه ، وأصبح شعار الدراما الرمضانية (نحن نؤهلكم لإتباع خطوات الشيطان ونضعكم علي طريق جهنم )، وليست هذه مبالغة ، فمسلسل (بنات سوبرمان ) يشرح فيه بطل العمل معني أسمه (قرني ) ويفصل معني القوادة لأبنه الصغير متفاخرا بقدرات أمه العاهرة في الإبقاء علي جسمها حيا نابضا بالدعارة لثلاثة ليال متصلة وأن من فضائلها أنها لم ترفع سعرها !!) ثم نري تدريبا حيا علي تقبل داعش من خلال برنامج ناري يحرق ضيوفه ، بكل إدعاء وتلفيق ويقدم أفضل الدروس في تنشئة جيل مستعد للسخرية والتلذذ بالجثث المحروقة ! وفي دراما يقودها العجائز من أشباح النجوم الذين يرفضون الاعتراف بالزمن ، ويرفضون بتشبث مماثل لتشبث رموز مبارك بالسلطة والثروة أن يفسحوا المجال لأجيال متعاقبة من الممثلين أثبتت جدارتها .! وهكذا كتب علي المشاهد أن يتعامل مع دار مسنين يعبرون عن مشاعر الشباب من حب ومغامرات وخلافه ! ننتقل من هذا إلي فقرات إعلانية لا تقل سفالة تتخلل المسلسلات حتي لا تعرف هل الأصل هو الإعلان أم الدراما ! ونري إعلانا يؤكد أن كوتونيل هو الراعي الرسمي للمؤخرة المصرية .! وإعلانا أخر عن الحاجة زينب يسيء لفخامة الرئيس السيسي وهو يريد أن يبرز تضحيات الفقراء من اجل مصر ، ولكن الطريقة المقدم بها الإعلان تظهر الرئيس وكأنه يحصل علي أغلي ما يملكه الفقراء ، تاركا الأغنياء دون فرض ضرائب عليهم ! ومن المؤكد أن مصمم الإعلان من أعداء الرئيس ، وراغب علامة بسبب فجاجة اللعب بالنار يتلفظ بلفظ خارج - ومسلسل أبو البنات أول حلقة فيه (جسم جديد) طوال الحلقة بالشورت الساخن ! و4 أعمال تبدأ بجرائم غامضة ! والميزان يجمل صورة رجل الأعمال المظلوم الملقي في الحجز بنفس ملابس رموز مبارك البيضاء .! وعادل أمام بخيل يعيش في قصر ، وفي المقابل صديقه رجل أعمال يبدو كالملائكة ! الكرم والنبل ودفع الضرائب والوقوف مع الصديق ! ومسلسل (سقوط حر) نري الضابط يقول لصفاء الطوخي (ياريت تنزلي من غير شوشرة علشان الجيران !) بينما أتي لها في دورية بوليس بسرينة وزفة !! ونغرق لمدة 4 أو 5 حلقات في تهويمات وأمراض نفسية تحيط ببطلة العمل، ورغم تقديري الكبير لموهبة الكاتبة مريم نعوم ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة أين قضايا مثل : الفقر - البطالة - الجهل - المتاجرة بالدين - ثورة يناير - 30 يونيو - الأزمة الاقتصادية - الإرهاب - الحريات - سيطرة رأس المال - الاستقلال الوطني - تردي الرعاية الصحية - حق السكن - الدجل - الخرافة - طغيان المادة علي المشاعر والقيم - أزمة المثقف مع السلطة - - مشكلات المرحلة الانتقالية - مشكلات الشباب الحقيقية - وضع المرأة - فساد قوانين مبارك للأحوال الشخصية - .أزمة المرور ..وغيرها من قضايا هامة ...هل لمحتم اى ظلال لها في مسلسلات رمضان !!؟؟؟؟ والخلاصة عندنا سيل من التفاهة والعنف الممزوج بالاستظراف والموضوعات المعادة ، بل ربما نفس أماكن التصوير، ناهيك عن فشل استنساخ ليالي الحلمية ليس لان إسماعيل عبد الحافظ وأسامة أنور عكاشة ماتوا ولكن لأن أشياء أخري وقيم أخري ماتت منذ زمن بعيد .!... مع مهرجان إعلانات التسول والتبرع من جيوب المواطنين لمراكز ومشاريع وهمية !لا نعرف أين تذهب تلك التبرعات ؟وهل تخضع لإشراف رقابي من الحكومة ؟وإذا كانت الحكومة هي بعض رجال المال الذين صنعوا كل هذا التردي ! فكأننا نصرخ في البرية كل عام !ونطلب من المريض أن يكون طبيبا ومن الجاني أن يقيم العدل ! المهم لصناع الدمار هو العجل المقدس (الإعلانات ) ومن أجلها تسحق كل القيم والأعراف ، وبهذا المنطق فلا مانع أبدا من أن نحول المجتمع كله لشقة كبيرة للدعارة ! وهكذا انتهي الفن، فلم يعد لدينا لا سينما ولا مسرح ولا دراما تليفزيونية ،ولا تعليم ولا بحث علمي ولا صناعة ولا زراعة ولا صحة ،ولا عدالة ، فكان منطقيا أن تختفي الأخلاق ، وهكذا قادت وتقود القوي المضادة للوطن صرف المليارات كل عام لتقديم السفالة ولتدريب المواطن علي فنون العري والدعارة والمخدرات والسرقة والقتل ولنشر الدجل وترسيخ الفكر الخرافي وربط المشاهد بعالم الجن والعفاريت ، وتقديم مخدر مدمر يلهيه عن واقعه المر ، ولكن بمخدرات أشد فتكا من واقعه المتهاوي ، وهكذا تسقط بنا الدراما أكثر إلي هوة سحيقة ، بدلا من تلعب دور المسحراتي الذي يوقظنا من غفلتنا ، مسحراتي الأوطان الذي طالما لعبته الدراما المصرية البهية في عصورها الذهبية ، ولكن للأسف صارت الدراما التليفزيونية تقوم بعمل الشياطين التي تمت سلسلتها في الشهر الكريم ، فهي تضعك علي طريق الشيطان وتؤهلكم مجانا لدخول جهنم . ----------------- خبير إعلامي [email protected] المشهد .. لاسقف للحرية المشهد .. لاسقف للحرية