استقرار الدول ليس مجرد حالة، لكنه مؤشر كاشف عن الفقه السياسي للأنظمة التي تديرها، ولا أقول تحكمها، والاستقرار ليس ادعاء أو تصريحاً أو أمر يصرح به الحاكم ويلوكه حملة المباخر، لكنه أمر أظهر من أن يخفى، وابلغ من أن يتم الجدال بشأنه، يكفيك أن تدرك وجوده من خلال مؤشرات لا تخطئها عين المحب أو حتى المبغض... وإن كنت تود أن تعرف الفارق بين أنظمة عابرة كالريح العقيم وأنظمة مستقرة كالنهر العميق فإليك الأدلة: الأنظمة العابرة تستخدم الدولة، والأنظمة المستقرة تخدم الدولة الأنظمة العابرة تتحدث إلى شعوبها، والنظم المستقرة تتحدث مع شعوبها الأنظمة العابرة تضيق بالنقد، والأنظمة المستقرة تتسع بالنقد الأنظمة العابرة ترى أن شعوبها غير جاهزة للحرية، والأنظمة المستقرة تؤمن أنها يجب أن تكون جاهزة للحرية الأنظمة العابرة تحارب الثورة، والأنظمة المستقرة تحارب أسباب الثورة الأنظمة العابرة تراهن على استهلاك الوقت، و الأنظمة المستقرة تراهن على استغلاله الأنظمة العابرة تهبط على السلطة وتهبط بالشعوب، والأنظمة المستقرة تصعد إلى السلطة وترتقي بالشعوب الأنظمة العابرة تحارب الحرية، والمستقرة تحارب من أجلها الأنظمة العابرة تسوق لفكرة المستبد العادل، والأنظمة المستقرة تؤمن أن العدل حياة والاستبداد موت، ولا يمكن اجتماع الموت والحياة الأنظمة العابرة تأتي لتحجب كل الأصوات، والأنظمة المستقرة لا تأتي إلى من خلال الأصوات الأنظمة العابرة تؤمن أن من سبقها هواء، ولا يوجد من بعدها إلا الفناء، والأنظمة المستقرة تكمل البناء، وتفهم أنه سيأتي دوماً من يكمل البناء الأنظمة العابرة تفتح أبواب الجدل، والأنظمة العابرة تفتح أبواب العمل الأنظمة العابرة ما وعت يوماً أنها عابرة، والأنظمة المستقرة تؤمن دوماً أنها عابرة في كل ما مر بنا من تاريخ في القرن العشرين، كانت أنظمة الأستبداد أنظمة عابرة، تنزح من الثروة ما استطاعت، وتنظر إلى الناس بعيني الريبة والاستعلاء، وتسعى بكل ما لديها من جبروت من أجل البقاء، وجاء سقوطها مدوياً ومخزياً، كما حدث لإيطاليا الفاشية وألمانيا النازية ومعظم دول الشيوعية، أو انحدرت إلى قاع الأمم مثل كوريا الشمالية وجمهوريات الموز ودول انقلابات أفريقيا... أما الأنظمة التي تأتي وتذهب بإرادة الناس والمؤسسات فهي خادمة عند الناس وليست مستخدمة أو مستعبدة لهم. الأنظمة التي تدعي الاستقرار هي في الأغلب أنظمة كاذبة، لأن الاستقرار أداء وليس ادعاء، لكن جل مثل هذا الحكم ابتلاء... أوله افتراء، وآخره اهتراء، وما بينهما هراء. المشهد .. درة الحرية المشهد .. درة الحرية