بدا لافتاً عزوف الناخبين عن المشاركة في أول أيام الاقتراع في انتخابات "مجلس النواب" – الاستحقاق الأخير من خارطة المستقبل التي وضعها الجيش في أعقاب ثورة 30 يونية – رغم أن دعوات مقاطعة الانتخابات كانت محدودة، ولم يتم تسجيل حملات تقودها قيادات شابه أو شخصيات معروفة في المجتمع تتمتع ببعض الشعبية، وهو ما يعني أن العزوف جاء بدافع داخلي من المواطنين ممن لهم حق الاقتراع في الانتخابات. ويعتبر برلمان 30 يونية من أكثر البرلمانات التي لها صلاحيات واسعة حيث يتقاسم السلطات مع رئيس الجمهورية، وهو ما دفع الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى التأكيد في أكثر من مناسب على ضرورة حسن اختيار الناخبين للمرشحين. دعوات المقاطعة وشهدت الأيام الماضية دعوات لمقاطعة انتخابات النواب إلا أنها لم تكن دعوات ذات صدى، ولم تلقى ترويج إعلامي مناسب سواء على صفحات الجرائد أو الفضائيات التي يمتلكها حالياً رجال اعمال ذات مصالح واسعة مع الدولة. "قاطع برلمان الأغنياء والفاسدين" وهي حملة دشنها حزب "الاستقلال" الذي يترأسة القيادي الإسلامي مجدي أحمد حسين، المُوقوف حالياً على ذمة تحقيقات النيابة بتهم الانتماء إلى جماعات إرهابية (في إشارة إلى ما يسمى ائتلاف دعم الشرعية الموالي لتنظيم الإخوان) عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، واعتبروا أن البرلمان المقبل يُرسخ أركان دولة الفساد والظلم من خلال انتخابات وصفوها وقتها ب"هزلية"،وأكد القائمون أن أهداف الحملة هو اعتزال برلمان ما أسموه الأغنياء. "قاطع الانتخابات" وهي حملة دشنها عدد من نشطاء مواقع التواصل إلا انها لم تجد أيضاً صدا وتأثير قوي في الشارع المصري وقتها، إلا أنهم أكدوا أن سبب دعواتهم للمقاطعة انعدام العدالة الاجتماعية، وانهيار الاقتصاد. دعوات الروبي للمقاطعة حركة "6 أبريل" القيادي في حركة شباب "6 إبريل"، شريف الروبي، دعى هو الآخر لمقاطعة الانتخابات، وأكد وقتها أنه سوف يفعل حملة "ضدك" التي أطلقتها الحركة منذ الانتخابات الرئاسية الماضية. دعوات البرادعي من جانبه دعا السياسي محمد البرادعي من فينا، إلى مقاطعة صور الديمقراطية الشكلية - بحسب وصفه - وقال إنها وسيلة فعالة للتغيير، وقال عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "لنتذكر.. كانت الدعوة منذ 2010 لمقاطعة الانتخابات البرلمانية والرئاسية، والاستفتاءات، وغير ذلك من صور الديمقراطية الشكلية، وسيلة فعالة للتغيير". أسباب المقاطعة وللعلم فإن عزوف الناخبين لم ياتي استجابة لتلك الدعوات وإنما كانت هناك أسباب حقيقية وراء عزوف المواطنين بينها: 1 – انتقاد قوانين الانتخابات: وقد أحدثت القوانين المنظمة للعملية الانتخابية، قانون (مباشرة الحقوق السياسية – الانتخابات البرلمانية – تقسيم الدوائر) حالة واسعة من الجدل والرفض لتلك القوانين وقالوا إنها قوانين لا توجد إلا في أشد الدول ديكتاتورية. 2 – عودة فلول الحزب "الوطني" المنحل: لقد شكلت العودة الصريحة لقيادات الحزب "الوطني" إلى السباق الانتخابي أمراً مزعجاً للعديد من القطاعات في الشارع المصري. 3 – استمرار حبس الشباب: كما اعتبر الكثير من المُراقبين أن إصرار الدولة على الإبقاء على الشباب المحبوسين، نتيجة اختراقهم قانون التظاهر، أدى في النهاية إلى استمرار احتقان الأوضاع بين قطاع كبير من الشباب ومؤسسة الرئاسة. 4 – الانهيار الاقتصادي: كما أدى تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد إلى توسيع حالة الاحتقان المجتمعية، فأشارت تقارير إلى أن بعد نحو عام ونصف من حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلا أنه للأسف لم يتم ضخ استثمارت في البلاد تساعد على تحسين الأوضاع الاجتماعية للمواطن، كما غاب الحديث عن قانون العدالة الاجتماعية.