صهوة التعليم المنزلي عندما كنت طالبة فى الجامعة كنت أواظب على دورات المحادثة فى اللغة الأنجليزيه فى المعهد البريطانى وهناك حدث تقارب بين مجموعة الفصل الذى أدرس به والمعلم البريطانى الذى كان يقوم بتدريسنا حتى أنه دعانا لزيارته فى منزله والتعرف على زوجته وأطفاله والأصدقاء الذين يتقاسم معهم السكن وبالفعل قامت المجموعه بهذه الزيارة التى عرفت من خلالها ولأول مرة أن هناك مايسمى " التعليم المنزلى "فالأطفال لا يذهبون الى المدرسة ويقوم هو وزوجته بتعليمهم وكذلك يفعل أصدقاؤه فى السكن الذين كانوا عبارة عن أسرة أنجليزية صغيرة يتشاركون معا حصص التعليم للأطفال داخل البيت . فى البداية لم تكن فكرة التعليم المنزلى تروق لى بل كنت أستنكر كيف يبقى الأطفال فى المنزل دون صحبة من هم فى مثل أعمارهم ومشاركتهم مقاعد الدراسة والتعود على الإستيقاظ مبكرا وتكوين صداقات وزمالة مع الآخرين والإنصات الى المعلم فى الفصل وأنتظار الفسحة ومعنى الجرس وعمل الواجبات وطابور الصباح والعودة محملا بقصص ينقلها الى أهله أثناء الغداء وأعلان الطوارىء قبل الامتحانات . ولكن بعد أن أصبحت أما ومؤخرا جدة بدأت هذه الفكرة تراودنى كثيرا بعد الحديث عنها فى مواقع التواصل و بعد تسلل أفكار و مشاعر سلبية تجاه منظومة التعليم والأهم فقدان الأحساس بالأمان الذى يشعر به أغلبنا عندما يغيب أطفالنا عن أعيننا حتى لو كانوا فى المدرسة أو الحضانة . " مصر بلا مدارس " شعار بدأ ينتشر الحديث عنه وتجربة جديدة تخوضها بعض الأسر التى تقوم بداية بالبحث وجمع المعلومات عبر الأنترنت لتحديد المنهج المناسب لعمر الطفل ،وبعد أجتيازه أختبارات الذكاء التى تحدد قدرته على الأستيعاب وتعلم المهارات الأساسية المناسبه له , كما يوجد حاليا عدد من المؤسسات والجمعيات التى تقدم المساعدة والارشادات اللازمة يمكن الوصول الى عناوينها بالبحث تحت عنوان " التعليم المنزلى" تقوم هذه الجمعيات بتقديم الدعم اللازم للآباء والأطفال المتعلمين منزليًا بداية من المعلومات العامة وترشيح المناهج الدراسية وتقديم الإستشارات التربوية والنفسية وإنتهاءً بالأدوات المستخدمة في التعليم المنزلي .وأيضا عمل رحلات ترفيهية وعلمية وسياحية داخل مصر للأطفال . دعوات حديثة بدأت تنتشر داخل مصر لحث الناس على خوض تجربة التعليم المنزلى خاصة بعد أنتشار الدروس الخصوصية والوقت المهدر بين المدرسة والدروس و توضيح الجوانب الإ يجابية فى الموضوع ويأتى فى مقدمتها توفير المصاريف الدراسية ، والأهتمام بصحة الأطفال ، والحصول على نتائج أسرع وأفضل وخاصه أن أفضل المدارس لديها قصور فى بعض النقاط فالمدارس الأجنبية مثلا تهتم كثيرا باللغات وتهمل اللغة العربية والقرآن والمدارس العادية بها الكثير من المشاكل وأهمها الكثافة العددية وعدم تأهيل بعض العاملين بها للقيام بالعملية التعليمية والتربوية التى تهدم موهبة الطفل ولا تنمى قدراته الحقيقية. التعليم المنزلى تجربة عالمية تنتشر فى أمريكا وبريطانيا و أسرائيل وينخرط فيها ملايين الأطفال الذين يدعمهم أقرب الناس اليهم وهم الآباء أو الاقارب أو الاستعانة ببعض المدرسين والميزة هنا أن الأهل هم الأكثر حرصا على تنشئة أطفالهم بشكل صحيح بعيدا عن تلك القوالب التى تصنعها بعض النظم التعليمية وتشكل عبئا نفسيا يعرفه أغلبنا مع بداية كل عام دراسى ، التجارب الجديدة على المجتمع دائما تحيط بها المخاوف ولكن ما المانع أن نخوضها مع أطفالنا الذين يشكلون الأستثمار الحقيقى الرابح فى الحياة.