يخشي الصحفيون الأتراك الذين ينتقدون سياسات الرئيس التركي "رجب طيب اردوغان" من تكرار حملات القمه ضدهم، خاصة مع اقتراب الانتخابات في البلاد والتي يسعى فيها الرئيس الى فوز حزبه "العدالة والتنمية". وجاءت إدانة صحيفة "حرييت" إحدى أهم الصحف التركية نهاية الأسبوع الماضي بتهمة "الإساءة إلى الرئيس أردوغان"، والحكم عليها بتسديد غرامة مالية كبيرة، مثالا صارخا على نهج الحكومة في هذا المضمار، خاصة وأن الحكم صدر في خضم الحملة الانتخابية للانتخابات التشريعية المرتقبة 7 يونيو. ورأت المحكمة التي ادانت الصحيفة في أنقرة، أن مقال "محمد يلماظ" بالصحيفة يشكل "تعديا على حقوق الرئيس التركي"، وحكمت على الكاتب ومديرة الصحيفة "وصلة دوغان صابانجي" بتسديد غرامة إلى الرئيس بقيمة 20 ألف ليرة تركية (6950 يورو). وكتب يلماظ في مقاله بحرييت، والمنشور يوم 25اغسطس الماضي، يذكر باتهامات الفساد التي وجهت إلى أردوغان، بعد أسبوعين على فوزه في انتخابات الرئاسة، وتنتقد حرييت التي تشكل إحدى أكثر الصحف مبيعا في تركيا أردوغان أحيانا لكنها تعتمد خطا حذرا بشكل عام، ولكن النبرة تبدلت بعد توجيه أردوغان انتقادات حادة لتغطية الصحيفة للحكم على الرئيس الأسبق "محمد مرسي" بالإعدام، حيث عنونت الصحيفة مانسيتها الرئيسي لصفحتها الأولى ي"حكم الإعدام ب52 % من الأصوات"، الأمر الذي عرضها لهجمات الإعلام الموالي للحكم. وفي ذات السياق، قالت صحيفة "نيويورك تايمز" أن لأردوغان تاريخ طويل في ترهيب وقمع وسائل الإعلام، لكن اشارات جديدة برزت الأسبوع الماضي، عندما تم رفع شكوى جنائية بحق محرري صحيفة حرييت ديلي نيوز وموقعها على شبكة الإنترنت، بسبب عنوان أثار غضبه، موضحة إن مثل هذا الاتهام الذي وجهه أردوغان للصحيفة التركية ليس فقط مشوها وسخيفا، بل هو صفعة لفكرة أن تركيا لا تزال دولة ديمقراطية، مشيرة إلى أن "رحمي كورت" المحامي وأحد أنصار حزب العدالة والتنمية الحاكم، قدما بلاغ للنيابة العامة بالتحقيق مع محرري حرييت، واتهمهم ب"تحريض الناس على العصيان المسلح ضد الحكومة" مطالبا باعتقالهم. ويخشى بعض الصحفيين الأتراك من خطط الحكومة لاستغلال قوانين مكافحة الإرهاب لإغلاق صحيفتي حرييت وزمان ومصادرة أصولهما وشركاتهما الأم، وهما مصدر رئيسي لوسائل الإعلام المستقلة، قبيل الانتخابات البرلمانية. وذكرت وكالة جيهان التركية أن اتحاد الصحفيين الاتراك وجه إلى المدعي العام في مكتب متابعة الجرائم ضد النظام الدستوري في تركيا "سردار جوشكون"، انتقادات حادة بعد مطالبته وزير النقل والاتصالات التركي ب"إسكات الإعلام المحايد والحر بسبب معارضته لحكومة العدالة والتنمية". ولفت الاتحاد في بيان رسمي له إلى أن النيابة العامة في أنقرة تمارس ضغوطا من أجل حجب وسائل الاتصال والنشر عن عدد من الوسائل الإعلامية المعارضة لسياسة أردوغان، مشيرا إلى أن التعليمات المسربة والصادرة عن جوشكون إلى إدارة الشركة المشغلة للقمر الصناعي توركسات التابعة لوزارة النقل والاتصالات "مخالفة للقانون"، وأوضح البيان الذي يضم تصريحات خاصة برئيس الاتحاد البريطاني للصحفيين الدوليين وممثل اتحاد الصحفيين الأوروبيين "باري وايت" أنه من "القواعد الأساسية للديمقراطية أن يكون للجميع الحق في الوصول إلى المعلومات والأفكار ووجهات النظر بحرية وإذا كانت التعليمات المسربة الصادرة عن وزير النقل والمواصلات التركي صحيحة فإن هذه الخطوة تعتبر انقلابا حقيقيا على الديمقراطية".