من أين أبدأ حكايتي مع عبد الحليم حافظ الذى رحل عن عالمنا فى شهر مارس عام 1977؟! من حيث لا أدرى بدأت من مشهد النهاية عندما استيقظت ذات صباح على خبر حزين ....توفى عبد الحليم حافظ فى لندن....مات من اضناه المرض والألم. ....جرت الدموع انهارا على من اوصانا والح: أى دمعة حزن لا.....يومها كنت شابا فى السنة النهائية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية. ...توجهت لميدان التحرير وجدت جموع المصريين تزحف للميدان لتوديع العندليب والصلاة عليه فى جامع عمر مكرم....أتذكر أن فضيلة الشيخ محمد متولى الشعراوى رحمة الله عليه أشرف متطوعا على كل إجراءات الجنازة....مات عبد الحليم قبل أن يكمل 48 عاما من عمره واليوم أصبحت انا أكبر من العندليب....ورغم السنين والعقود التى مرت مازال العندليب الغائب الحاضر في آذاننا وقلوبنا وضمائرنا. ...وما زال النبع الصافى الذى نغترف منه إذا ما أردنا أن نعبر بصدق. ولاننى من مواليد يوليو 1955 أى بعد ثورة يوليو بثلاث سنوات فقد استقبلت طفلا صوت العندليب وهو يغنى فى حب مصر وحب عبدالناصر الزعيم....يا جمال يا حبيب الملايين....ريسنا ملاح ومعدينا. ...أبو خالد نوارة بلدى. ...قلنا هنبنى وادحنا بنينا السد العالى. ....على رأس بستان الاشتراكية. ....تفوت على الصحرا تخضر.....صورة صورة صورة...وطنى حبيبى الوطن الاكبر....بالاحضان يا حبيبتى يا امى....بصدقه واحساسه نجح عبد الحليم حافظ فى أن يصبح أحد المتحدثين الرسميين باسم ثورة يوليو ....عبر عن أحلامها وطموحاتها وانجازاتها وانكساراتها...... وأنا أقر واعترف اننى تعلمت الحب بالدرجة الأولى من عبدالحليم (وام كلثوم ومحمد عبد الوهاب ومحمد فوزى وليلى مراد وفايزة أحمد وشادية ونجاة وفريد الأطرش ووردة الجزائرية) تعلمت الحب من عبدالحليم المطرب وعبد الحليم الممثل الصادق....تأثرت وخفق قلبى وهو يغنى لشادية وفاتن حمامة وصباح وماجدة ومريم فخر الدين وزبيدة ثروت ولبنى عبد العزيز وإيمان وآمال فريد وميرفت امين ونادية لطفى....تألمت كثيرا واعترف اننى بكيت وعماد حمدى يصفعه فى فيلم الخطايا.... واعترف بأن عبد الحليم حافظ انقذنى من الوقوع فى براثن اليأس وانا اتاهب لخوض امتحانات الثانوية العامة....كنت أشعر بضيق ورغبة فى ترك الكتب حتى جاء صوت عبدالحليم يشدنى ويهزنى من اعماقى وهو يشدو: ليه نسلم نفسنا لليأس ونقول اتظلمنا....وقتها قلت لن أسلم نفسى لليأس والتهمت الكتب وتفوقت وشعرت بالفرحة وانا ارى سعادة الاهل والاحبة بأغنية عبد الحليم حافظ الناجح يرفع ايده( الأغنية المعتمدة حتى اليوم للتعبير عن فرحة النجاح) وفى حرب أكتوبر أعظم الأحداث التى عشتها فى رحلة الحياة حتى الان. ...غنى العندليب خلى السلاح صاحى وعاش اللى قال ولفى البلاد يا صبية وصباح الخير يا سينا ثم غنى المركبة عدت....وفى 25 يناير كان العندليب حاضرا بكلماته واغنياته فى ميدان التحرير مع الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم وصلاح جاهين وفؤاد حداد فى الجزائر الحبيبة التى تشرفت بالعمل كمستشار إعلامى لسفارتنا هناك قال لى عز الدين بوكردوس شيخ الصحفيين الجزائريين افتخر باننى أجريت يوما مقابلة مع عبد الحليم حافظ....حكت لى سيدة جزائرية تعمل فى السنترال- وكانت حلقة وصل بين مكالمات عبدالحليم وهو فى أوروبا ومن يتصل بهم فى مصر- كيف كان إنسانا عطوفا وكيف كان يسأل عنها وعن أولادها. ....عبدالحليم أهواك وابدا لن أنساك. .. المشهد ..لاسقف للحرية المشهد ..لاسقف للحرية