«سياحة النواب» تعلن أول تحرك بشأن وفيات الحجاج في موسم 2024    محافظ الغربية يتابع استمرار حملات التشجير والتجميل بمراكز ومدن المحافظة    مصر ترحب بإعلان جمهورية أرمينيا اعترافها بدولة فلسطين    الأهلي يقفز على وصافة الدوري بالفوز على الداخلية بهدفين    1981 لجنة.. وزير التعليم يكشف عدد طلاب امتحان اللغة العربية في الثانوية العامة غدًا    مهرجان موازين يكشف استعداداته لحفل افتتاح دورته ال 19 الليلة    بالأحمر.. هدى الإتربي تخطف الأنظار في أحدث ظهور لها من فرنسا | فيديو    «وصفات صيفية».. جيلي الفواكه بطبقة الحليب المكثف المحلي    يورو 2024.. مبابي على مقاعد بدلاء فرنسا فى مواجهة هولندا    موجة حر صيفية أولى تضرب إيطاليا    مركز البابا أثناسيوس الرسولي بالمنيا ينظم اللقاء السنوي الثالث    شباب كفر الشيخ: ممارسة المسنين والأطفال للرياضة بأحياء كفر الشيخ    خلال ساعات.. مصطفى بكري: تغييرات في تشكيل الهيئات الإعلامية (فيديو)    الرئيس التونسي يقيل وزير الشؤون الدينية إثر وفاة 49 حاجًا    الدولار يؤمن مكاسبه بارتفاع جديد مع تباين مواقف البنوك المركزية بشأن الفائدة    الكاتب الصحفي إسلام عفيفي يكتب : حكومة الجمهورية الجديدة    هيئة البث الإسرائيلية: تل أبيب تستعد للإعلان قريبا عن هزيمة الذراع العسكرية لحماس    إعلام عبري: جيش الاحتلال يستعد للإعلان عن هزيمة حماس    قطر: الفجوات قائمة بشأن وقف إطلاق النار في غزة رغم التقدم في المحادثات    من «الضفة الأخرى».. داليا عبدالرحيم تكشف مخاطر صعود اليمين المتطرف بأوروبا وعبدالمنعم سعيد يصفهم بالنازيين الجدد    حدث في 8 ساعات| وقف إصدار إحدى تأشيرات العمرة.. ومواصفات أسئلة اللغة العربية لطلاب الثانوية    القابضة للمياه: فتح باب القبول بمدارسها الثانوية الفنية للعام الدراسي الجديد    قانون لحل مشاكل الممولين    موهوب ريال مدريد على رادار ليفربول بفرمان سلوت    تامر حبيب يحيي ذكرى وفاة سعاد حسني: "أدعو لها على قد ما سحرتكم"    المفتى: تطور العلوم لا يمكن أن يكون إلا من خلال إعادة النظر    أفتتاح مسجد العتيق بالقرية الثانية بيوسف الصديق بالفيوم بعد الإحلال والتجديد    أزهري يوضح أضلاع السعادة في الإسلام -(فيديو)    الأولمبية تمهل مجلس النصر أسبوعاً للرد على الشكاوى    البنتاجون: يحق لأوكرانيا استخدام الصواريخ الأمريكية طويلة المدى لضرب أهداف داخل روسيا    البطريرك مار أغناطيوس في منزل القديس جان ماري فيانّي بفرنسا    المفتي يستعرض عددًا من أدلة عدم نجاسة الكلب.. شاهد التفاصيل    التصريح بدفن جثة شخص لقي مصرعه أسفل عجلات القطار بقليوب    الأرز الأبيض.. هل يرفع احتمالات الإصابة بداء السكر؟    مدير الحديقة الثقافية للأطفال بالسيدة زينب: لقاء الجمعة تربوي وتثقيفي    في حال التصالح، هل يعرض إمام عاشور على النيابة في واقعة المول بالشيخ زايد؟    مصدر ل"يلا كورة" يكشف الموعد المقترح من كاف لإقامة أمم أفريقيا    الاتحاد يحاول إقناع بيولي بخلافة جاياردو    محافظ الغربية يتابع الحملات المستمرة لإزالة التعديات على الأراضي الزراعية    مطاي تنفذ مبادرة خفض الأسعار للسلع الغذائية في منافذ متحركة وثابتة    مدرب وحارس الأرجنتين ينتقدان حالة ملعب مواجهة كندا في كوبا أمريكا 2024    الداخلية تحرر 169 مخالفة للمحلات غير الملتزمة بقرار الغلق خلال 24 ساعة    استشهاد فلسطينيين برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية    وزير الأوقاف: تعزيز قوة الأوطان من صميم مقاصد الأديان    «قوة الأوطان» موضوع خطبة الجمعة المقبلة    أول تعليق من الأب دوماديوس الراهب بعد قرار الكنيسة بإيقافه عن العمل    بعد إتهامه بالسرقة.. شقيق شيرين عبد الوهاب يقاضي حسام حبيب    وكيل صحة الشرقية يتفقد سير العمل بمستشفى الصدر بالزقازيق    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري خلال إجازة عيد الأضحى    بعد الإطاحة به من المنافسة.. خيبة أمل تصيب صناع الفن بعد تذيل أهل الكهف الإيرادات    أحمد مات دفاعا عن ماله.. لص يقتل شابا رميًا بالرصاص في قنا    مدير آثار الكرنك: عقيدة المصري القديم تشير إلى وجود 3 أشكال رئيسية للشمس    استشاري نفسي يقدم روشتة للتخلص من اكتئاب الإجازة    أمين الفتوى محذرا من ظلم المرأة في المواريث: إثم كبير    وزير الإسكان: جار إنشاء الطريق الإقليمى الشرقى حول مدينة أسوان وتوسعة وتطوير كورنيش النيل الجديد    الحرارة تصل ل47 درجة.. بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم الجمعة (تفاصيل)    نماذج استرشادية لامتحان اللغة العربية لطلاب الثانوية العامة 2024    حلمي طولان يناشد الخطيب بطلب شخصي بخصوص مصطفى يونس.. تعرف على السبب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمود قاسم يكتب عن.. أماكن ضيقة.. وأحاسيس ساخنة
نشر في القاهرة يوم 23 - 03 - 2010

الفيلم استغل التسامح الرقابي فأطلق المخرج العنان لكاتب السيناريو والحوار ليشنف آذاننا بحوارات جنسية حول العلاقات بين الرجل والمرأة
أغلب مشاهد الفيلم تم تصويرها في أماكن ضيقة للغاية صالحة لممارسة الجنس مثل فراش الزوجية، والكباريه بكل عوالمه والبانيو وحمام السباحة
إذا كانت هذه هي الأماكن الرئيسية التي دارت فيها أغلب أحداث الفيلم، فإن الحوار الذي تم تبادله فيها مصنوع من أجل الهدف الرئيسي لإخراج الفيلم. وهو إحداث أكبر قدر من الشحن الحسي عند المشاهد
تنحصر الأماكن التي تدور فيها أحداث فيلم .. أحاسيس.. في أفق ضيقة للغاية.. صالحة لمارسة الجنس أو كشف أكبر قدر من المباح به رقابياً، وهي: فراش الزوجية، وكباريه بكل عوالمه، وبانيو للاستحمام عقب الفعل الجنسي، وحمام سباحة، وأحياناً مائدة يجلس حولها شخصان يتكلمان في الغالب حول العلاقات الجنسية بين الرجل والمرأة.
وأري أن أبدأ الحديث بهذه النقطة الأخيرة، حيث امتلأ الفيلم بهذه الأحاديث الجريئة، حول الضعف الجنسي تارة، والبرود تارة أخري، وعدم ترك الشفاة للزوج كي يقبلها كما يحل له تارة ثالثة، والأكثر هو الحديث عن نساء قذرات يمكنهن أن يفعلن مع الرجال فوق الفراش، مالا تمارسه الزوجة، ابنة الناس.
هذا التناول هو الأكثر إثارة لدي البعض، ولعل ذلك يذكرنا بالجرأة التي اتسم بها فيلم «المغتصبون» لسعيد مرزوق 1989، حيث أن التعبيرات الجريئة التي جاءت في التحقيقات كانت أكثر إثارة للشهوة وللغريزة من مشاهد اغتصاب،كما أن الكثير من البشر يثارون للنصوص الجريئة المكتوبة أكثر من المشاهد المكشوفة، ولعل الدكتور أشرف حسن، يعرف ذلك جيداً، رغم أنني لا أعرف ماذا يرمز حرف الدال هنا، هل هو الطب، أم الدرجة العلمية، لذا فقد امتلأ الفيلم بمثل هذه الحوارات ولعل المتفرج يذكر قصة فيلم «النعامة والطاووس» لمحمد أبو سيف، الذي ظلت الرقابة تمنعه لسنوات طويلة، ثم اكتشفنا أن جرأته في الحوار الذي يدور بين امرأة متزوجة تعاني من البرود وطبيبة نفسية، وفي فيلم «أحاسيس» لهاني جرجس رأينا مثل هذه المشاهد حين تذهب الزوجة سلمي، التي ظلت تستمتع فوق الفراش لأنها تتخيل أن حبيبها الذي هجرها إيهاب هو بديل متخيل عن زوجها، وقد استمر هذا الأمر سبع سنوات علي الأقل. وفي مثل هذه الحوارات يمكن للكاتب أن يقول الكثير مما لديه، دون أن تعترضه الرقابة، ولا شك أن مثل هذه العبارات تشبع الكثير من مشاعر الحرمان، في الصالات السينمائية المليئة بالثنائيات من شباب في مراحل علاقات متباينة يستمتعون، وهم يتلامسون، حين يسمعون الطبيبة النفسية تردد، بين ما يدور من حديث بالغ الجرأة: «الست مهما كانت مديرة أو غفيرة لازم في السرير مع جوزها تكون ست بجد».. ولك أن تتخيل ماذا تعني «ست بجد» هذه.
إذن فالمكان الأول هنا، موظف جيداً في الفيلم، لكشف جميع الأحاسيس والشعائر الجنسية، مجرد دائرة، وحولها طرفان، يتحدثان عن الجنس، وقد تكرر مثل هذا المشهد كثيراً في الفيلم، أي أن المكان هنا فرض نوع الحوار فبدا أشبه بفراش ساخن، مثل أغلب الفراش في الفيلم.
هذا الفراش المتعدد جمع نماذج متباينة من الثنائيات التي لديها العديد من المشكلات، أو من التسهيلات المتعلقة بالممارسة بين رجل وامرأة، سواء بشكل شرعي أو غير ذلك، ونحن في الفيلم أمام ثلاثة رجال وأربع نساء والعلاقات بينهم، أشبه بسلاسل مربوطة معا فأحمد زوج سلمي يمارس الجنس مع امرأته، وهي تتخيله حبيبها إيهاب، والزوج بدوره علي علاقة مع امرأة أخري، سواء في فراشها، أو في حمامات السباحة، وفي أماكن أخري، وكذلك العلاقة بين مجدي وزوجته وبين زوجات يقمن بخيانة أزواجهن.. كل هذه العلاقات تنحصر في الفراش في المقام الأول.. وفي الفراش، فإن الفعل «بديل للكلام» وتبدو الأفعال مليئة بالبرود، وعدم التواصل أحياناً، وهي ساخنة في أحيان أخري، والبشر في هذا المكان- الفراش- متلاصقين في المقام الأول، حتي أن علت مشاعرهم السخونة أو البرودة، وهناك إيحاء بأن بعض النساء، خاصة غير المتزوجات يفعلن مع الرجال كل ما هو جريء ومقرف من الأوضاع.
المكان الثالث البارز في الفيلم، له ارتباط واضح بالفراش، وهو البانيو، وما يجري فيه ونحن لم نر المكان هنا كفعل للمارسة، ولكنه مغتسل من هذه الممارسة سواء الإحساس بالخطيئة أو التكفير عن ذنب ما، حتي وإن تمت الأمور بشكل شرعي.. وقد ذهبت سلمي كثيراً إلي هذا المكان، وبالغت الكاميرا في تصوير الجزء الأسفل منها، وهي تغتسل بعد الممارسة، كما أن عشيقة أحمد جسدت الدور إيناس النجار، كما ذهبت بدورها للاغتسال، ولا أعتقد أن الإحساس بالخطيئة قد اعتراها وهي تغتسل.
وقد اعتدنا أن نري الاغتسال في بعض السينما العالمية كنوع من التطهر وبدا ذلك ملحوظاً في الكثير من أفلام المخرجة الجريئة مارتا ميساروش، حيث أن الاغتسال غالباً مرتبط بأمرين إما التطهر، أو التخلي عن علاقة سابقة، وإعلانا عن الاستعداد لعلاقة إنسانية جديدة، لكن الاغتسال هنا، كان في أغلبه كشف عن مفاتن كل من علا غانم، وإيناس النجار.
الأماكن الأخري الرئيسية في الفيلم، هي أكثر اتساعاً، لكنها أيضاً مرتبطة بالمتعة الحسية، الملموسة، مثل الملهي الليلي الذي تكرر ظهوره أكثر من مرة وأيضاً حمام السباحة، الذي ترتدي النساء حوله أسخن البيكيني في السينما المصرية.
الملهي الليلي يذهب إليه أبطال الفيلم من الرجال لمشاهدة الراقصات العاريات الكاسيات والغريب أن الراقصات هنا يفتقدن موهبة راقصات السينما اللائي ألفناهن وتتحول أجسادهن إلي بث جنسي ملحوظ، وهو أمر لم تتعامل الكاميرا معه منذ فترة طويلة، وهذا الرقص ممزوج بتناول الكحوليات، ووجود رجال يبحثون عن المغامرة، أغلبهم من الأزواج، وهذا الرقص ممزوج أحياناً بأغنيات ثقيلة علي الأذن من أصوات غير مألوفة رغم أن الشاعر جمال بخيت هو الكاتب، وهؤلاء الراقصات تحولن في جزء من الفيلم إلي عشيقات لهؤلاء الرجال المتزوجين ، وقد مارسن الحب الساخن مع هؤلاء الرجال كنوع من التعويض عن البرود، أو عدم التآلف مع الزوجات.
أما حمامات السباحة، الموجودة في الفنادق الكبري، فقد كانت أماكن مناسبة لارتداء مايوهات بيكيني ساخنة، من أغلب بطلات الفيلم، ابتداء بالزوجة سلمي «علا غانم» الذي تعمد الفيلم أن يصورها مشهداً طويلاً غير مبرر، وهي بالبيكيني.
وإذا كانت هذه الأماكن الرئيسية التي دارت فيها أغلب أحداث الفيلم، فإن الحوار الذي تم تبادله فيها مصنوع من أجل الهدف الرئيسي لإخراج «أحاسيس» وهو أحداث أكبر قدر من الشحن الحسي لدي المتفرج، بمعني أن الأمر تم بتكثيف ملحوظ، فكأنما النص السينمائي هنا، بمثابة جرعات متلاحقة لإثارة الشهوة، وسواء بالصورة أو بالكلام، كأن تتحدث سلمي إلي صديقتها عن علاقتها بزوجها، قائلة: «ما حستش وهو في عز نشوته، قرب عشان يبوسني». وأيضاً كلام امرأة أنها قد غلبها النوم أثناء الممارسة لكن الزوج لم يحس بأن زوجته قد غابت في النوم وأكمل واجبه الشرعي.
وبالإضافة إلي الأماكن السابقة، فإن هناك أماكن أخري، لم تكن رئيسية، مثل السيارات التي جمعت بين امرأة ورجل ومارس الاثنان الحوارات إياها، أي أن الأحاسيس الجنسية كانت هي الأساس، ولم يسمح لنا الفيلم أن نري أي جانب إنساني آخر، رئيسي من أي من هؤلاء النساء خاصة الأمهات فقد غابت مشاعر الأمومة تماماً عند سلمي، التي صار لها ولد وبنت في بيت مستقر إلي حد ما.. ولم تحاول المرأة أن تمارس أمومتها علي الأقل أمامنا.
أما المكان الأخير في الفيلم، فهو المستشفي الذي مات فيه إيهاب، وذلك بعد العملية الجراحية التي أجراها في المخ، وقد تحول المكان هنا، إلي ما يسمي بصخب النحيب والبكاء، باعتبار أن الميت هو أعز صديق لمجدي، وهو حبيب القلب لأكثر من امرأة خاصة سلمي، ا لذي عاد الحب بينها وبينه بعد سبع سنوانت من فراق بإباء وشمم ثم بشكل بارد حين أخبرها أن ظروفه الاجتماعية لن تسمح له بالإقتران بها، فقالت بإباء وشمم وبشكل ساذج، «إذا كنت مش عايزني، أنا كمان مش عايزاك».
وتركت له المائدة وذهبت كي تتزوج من رجل آخر وكلما مارس معها حقه الشرعي، تصورته حبيبها الذي قالت له بإباء وشمم وكبرياء عبيط: وأنا كمان مش عايزاك.
المستشفي أوالمكان الأخير صورها الفيلم كمبكي لكل هؤلاء العشاق وكنوع من الاغتسال بالبكاء، والنواح علي الشاب الذي مات، ولم يشأ أن يتزوج من حبيبته إلاأنه كان مريضاً في المخ، واستمر معه الورم سبع سنوات ونيف.
قرأنا فيلم «أحاسيس» فقط من خلال أماكنه التي صور فيها، رغم أن موضوعه يفتح أبواباً عديدة للنقاش والتناول.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.