تستقبل العاصمة البريطانية لندن المشاركين في دورة الألعاب الأولمبية لعام 2012 ابتداء من 27 يوليو الجاري، وبهذه المناسبة فبجانب التنافس الرياضي فقد أعدت الهيئات البريطانية الحكومية منها والخاصة مجموعة من المظاهر الاحتفالية الثقافية والاجتماعية والفنية، من بينها إقامة بعض الأعمال الفنية الصرحية، إلي جانب أعمال فنية متنوعة أخري يزيد عددها علي العشرين عملا، تركزت غالبيتها في الحديقة الاولمبية، وقد استعانت الهيئة المنظمة ببعض الفنانين المحليين والعالميين لإضفاء مسحة جمالية علي المنشئات المعمارية التي أقيمت للدورة، وتنوعت مساهماتهم فطالت الواجهات والجسور والممرات والمداخل والأسوار، وحتي المقاعد المتناثرة في أنحاء الحديقة الاولمبية. ومن بين ابرز تلك الأعمال، البرج اللولبي الشكل الذي صممه الفنان الانجليزي من أصل هندي آنيش كابور( 1954) Anish Kapoor ، والبرج ارتفاعه 120 مترا ( يقارب ارتفاع مبني مكون من 40 طابق)، شيد باستخدام 1400 طن من الصلب، بلغت تكلفته حوالي 19 مليون جك تكفل بتمويله أحد أقطاب صناعة الحديد والصلب في بريطانيا، وسيصبح هذا البرج أضخم الأعمال الفنية العامة في بريطانيا، وقد وصفه كثير من النقاد بالعمل القبيح مشبهين إياه بلعبة ميكانو الأطفال التي يشيدون من قطعها هياكل حسبما اتفق دون مراعاة لأية نسب أو قواعد جمالية، وعلي أية حال ورغم وصفهم البرج بالقبيح فسيظل معلما لا تخطئه عين، يجذب الزائرين السياح من شتي بلدان العالم ليطلوا منه علي العاصمة البريطانية لندن، علي غرار برج ايفل في باريس.. ومن الأعمال الأخري التي تزهو بها الحديقة الأولمبية، التجهيز في الفراغ الذي أقامته الفنانة الايطالية مونيكا بونفتشيني Monica Bonvicini (1965)، والعمل عبارة عن ثلاثة حروف عملاقة للكلمة الانجليزيةRUN التي تشير لمعان كثيرة (إجري، سر، اتجه، انجز، تحرك) ارتفاع كل حرف منها تسعة أمتار شيدت من الصلب المصقول والزجاج، وفي ضوء النهار تري سطح الحروف بمثابة مرآة عاكسة، أما في المساء فقد صممت ليشع الضوء منبعثا من داخلها في منظر جاذب أخاذ.هذا بالطبع بالإضافة إلي العمل الذي سيقام خارج لندن وعلي وجه التحديد في مدينة ليفربول وقوامه عمود من بخار الماء سيكوّنه الفنان من الماء والضغط والهواء والإضاءة و يدفعه إلي اعلي عمود حلزوني من بخار الماء قطره 20 مترا يرتفع لعدة كيلومترات بفعل ضغط اصطناعي، مع مراعاة وضع تجهيزات علمية عند قاعدة العمود وظيفتها وضع ضوابط تتحكم في الظروف المناخية المتغيرة المحيطة بالعمل سواء من ناحية نسبة الرطوبة بالجو، أو سرعة الريح، أو تغير الضغط الجوي، ومن المنتظر أن يري هذا العمل من بعد يربو علي المائة كيلومتر في الأيام الصافية، ويختلف عمود ماكول عن برج الفنان كابور، من حيث كونه عملا فنيا يفني ويتلاشي بعد انتهاء المناسبة التي أقيم من أجلها علي عكس برج كابور الذي سيظل ثابتا وقائما ربما لقرون عدة. كتبت مقالي هذا لأسوق للقارئ المصري جانبا من الدور الذي يلعبه الفن خلال اولمبياد لندن، والحلم والأمل يراوداني بأن يأتي اليوم الذي يصبح فيه للفنانين المصريين دور مشابه يسهم في الارتقاء بالذوق العام ويساعد في الترويج الثقافي والسياحي، ويجعل مصر قادرة علي استغلال قدرتها الناعمة (الثقافية والفنية) بمثل ما تفعله بريطانيا في أولمبياد لندن، وما تفعله الدول المتقدمة الأخري.......أحلامنا ليس لها حدود، ولكن العبرة ستكون بإزكاء الرغبة الحقيقية للعمل و مقدار الجهد المبذول للوصول لأهدافنا، ويقيني أنه من الممكن تحقيق ذلك.