سفير إسرائيلي: الحكم علي «مبارك» سياسي لمنع اشتعال مصر «بن إليعازر»: كنت أتوقع أن يرحموا «مبارك».. وأشعر بحزن عميق «يديعوت إحرونوت»: مصر مازالت تبحث عن الانتقام.. والأجيال الجديدة لا تعرف شيئا عن الخدمات الجليلة التي قدمها مبارك لمصر صحيفة إسرائيلية: المجتمع المصري ممزق.. ومظاهرات "التحرير" جزء من المعركة الانتخابية بالأساس جاء الحكم بالسجن المؤبد علي الرئيس السابق حسني مبارك في قضية قتل المتظاهرين صادما للكثيرين، سواء انصاره الذين كانوا ينتظرون حصوله علي البراءة الكاملة بموجب المستندات ووقائع القضية، أو معارضيه الذين كانوا ينتظرون الحكم بإعدامه، كحكم اجمالي عن حصيلة حكمه الذي استمر 30 عاما. وأبرزت وسائل الاعلام الإسرائيلية خبر الحكم علي مبارك، متفقة علي شيء واحد، وهو أن الشرق الاوسط قد تغير تماما، لدرجة أن احد المحللين الإسرائيليين قال إن الشرق الاوسط القديم "مات". واختارت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية عنوانا معبرا، وهو "الحكم علي مبارك بالموت في السجن"، معتبرة الحكم بمثابة حكم بالاعدام ايضا علي الرئيس السابق، وإن كان منطوقه "السجن المؤبد. قالت صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية إن الحكم الصادر علي الرئيس السابق حسني مبارك يصب في صالح جماعة الاخوان المسلمين ومرشحها، الدكتور محمد مرسي، في جولة الاعادة بانتخابات الرئاسة، لانه يتيح لهم الادعاء بأن اعداء الثورة مازالوا يحكمون البلاد، حتي في مؤسسة القضاء، وان الثورة لم تكتمل. وتوقعت الصحيفة أن تدعي الجماعة في الأيام القريبة أن خصمهم، الفريق احمد شفيق، اذا فاز بانتخابات الرئاسة سوف يصدر عفوا عن مبارك. وقالت انه كما كان متوقعا اخرجت الجماعة اعضائها الي الشوارع، بما في ذلك محمد مرسي نفسه، الذي زار ميدان التحرير، السبت، لتصوير نفسه كمرشح للثورة في انتخابات الرئاسة، وانه في حال فوزه سيعيد محاكمة مبارك ومن قتلوا الثوار وافسدوا الحياة السياسية في مصر. أشارت الصحيفة الي تصريحات الفريق احمد شفيق التي قال فيها إن محاكمة مبارك اثبتت انه لا احد فوق القانون. وقالت الصحيفة الإسرائيلية إن صدور حكم باعدام مبارك كان سيعزز موقف شفيق السياسي، ويزيد من فرصه في الفوز بجولة الاعادة في انتخابات الرئاسة. أضافت أن الحكم الصادر ضد مبارك يعني انه سيقضي بقية حياته في السجن حتي يموت، لكنها قالت إن صدور حكم بالاعدام كان سيزيد تمزق وانقسام المجتمع المصري الذي قالت انه متمزق بالفعل. أكدت الصحيفة أن المظاهرات التي شهدها ميدان التحرير عقب صدور الحكم علي مبارك، لم تكن بسبب الحكم نفسه، وانما بسبب ما يحدث في معركة انتخابات الرئاسة التي يتنافس فيها مرسي وشفيق، واعتبار المعركة بين "ورثة مبارك" وجماعة الاخوان المسلمين التي تتهمها كثير من الحركات الثورية بسرقة الثورة من الميدان. وذكرت الصحيفة أن من الصعب تحديد تداعيات "محاكمة القرن" علي معركة انتخابات الرئاسة، وما اذا كان محمد مرسي سينجح في اقتناص ارباح من المظاهرات الحالية، او أن يسارع شفيق الي استخدام الحكم للتأكيد علي أن مصر القديمة ذهبت ولن تعود ثانية، وأن مصر علي مشارف عهد جديد. أكدت الصحيف الإسرائيلية انه في كل الاحوال يؤكد الحكم الصادر علي مبارك أن الشرق الاوسط القديم مات بالفعل، مشيرة إلي هروب زين العابدين بن علي من تونس، ومقتل معمر القذافي في ليبيا، وتنازل علي عبدالله صالح عن الحكم في اليمن، وصدور حكم بالسجن المؤبد علي مبارك. وقالت في ختام تقريرها: "يمكننا فقط أن نتخيل الافكار التي خطرت برأس الرئيس السوري بشار الاسد وهو يشاهد الحكم علي مبارك، الذي بات اشهر سجين في مصر". لم يرحموه وصف عضو الكنيست الإسرائيلي بنيامين بن اليعازر، الرئيس السابق حسني مبارك بأنه «وطني مصري قاد شعبه علي مدار 30 عاما وحرص علي مصلحة الامة المصرية». قال في مقابلة مع القناة العاشرة بالتليفزيون الإسرائيلي، السبت إنه كانت يتوقع أن تنظر المحكمة بعين الرحمة والشفقة الي مبارك باعتباره رجلا كرس كل حياته لأمن الأمة المصرية واقتصادها وتنميتها. واضاف: «اشعر بحزن شخصي عميق علي حكم المحكمة المصرية لان مبارك رجل وطني مصري». قال الوزير الإسرائيلي الاسبق إن «جهود مبارك من اجل استقرار منطقة الشرق الاوسط علي مدي 30 عاما كانت مساهمة مهمة، لم تنبع فقط من قوة منصبه كرئيس لمصر، وانما بالاساس بفضل حكمة مبارك وشخصيته وفهمه العميق للشرق الاوسط». واضاف: «كل من يعرف مبارك عن قرب يعلم أن الشرق الاوسط بعده لن يكون نفس الشرق الاوسط، ويحزنني انه ليس تغييرا للاحسن». من جانبه، أعرب السفير الإسرائيلي الاسبق لدي القاهرة تسفاي مازال عن اعتقاده بان الحكم الصادر ضد مبارك "حكم سياسي" بكل مكوناته. قال في مقابلة مع القناة العاشرة بالتليفزيون الإسرائيلي، الأحد إن القاضي بحث عن حل وسط حتي لا يتفاقم انقسام المصريين، "واعتقد انه نجح في ذلك، لان الاغلبية رضيت بالحكم". واضاف: "حقا أن هناك مظاهرات لان البعض كان يريد براءة كاملة لمبارك، ومظاهرات اخري لمن كانوا يريدون اعدامه، ولكن في الاجمال الكم جاء في الوسط، وجاء الحكم منعا لاشتعال مصر، وهذا ما تحقق علي ما يبدو". وتساءلت القناة عن الاتجاه الذي تسير إليه مصر بعد صدور الحكم بالسجن المؤبد علي الرئيس السابق حسني مبارك، وقالت إن الحكم ارضي الكثيرين. وارجعت القناة استمرار التوتر في مصر بشكل اساسي الي جولة الاعادة في انتخابات الرئاسة المصرية، والمقرر اجراؤها بعد أسبوعين تقريبا، مشيرة الي أن عشرات من الشباب اقتحموا مقر الفريق أحمد شفيق، في جنوبالقاهرة، وخربوه وسرقوا منه اجهزة كمبيوتر ومعدات. يطلبون الانتقام قالت صحيفة «يديعوت إحرونوت» الإسرائيلية إن شباب الثورة وجماعة الاخوان المسلمين لا يعلمون حجم المساهمات العظيمة التي قدمها الرئيس السابق حسني مبارك لبلاده، ولم يغفروا له علاقته مع إسرائيل، ومازالوا يطالبون بالانتقام. وتحت عنوان "مصر مازالت تبحث عن الانتقام"، كتب الدكتور يارون فريدمان الاستاذ الإسرائيلي المتخصص في شؤون الجماعات الاسلامية، مقالا بالصحيفة قال فيه إن كراهية مبارك ليست ظاهرة جديدة في مصر، ولا حتي اتهامه بالفساد والتعاون مع إسرائيل والولايات المتحدةالامريكية، مؤكدا أن التصفية الجسدية والمطالبة بالاعدام عنصر مميز ودائم للتيار الاسلامي. أشار الي أن منظمة الجهاد حاولت اغتيال مبارك عام 1995، فيما نجحت في اغتيال الرئيس الراحل محمد انور السادات عام 1981. وقال إن الربيع العربي اتاح لجماعة الاخوان المسلمين المطالبة بتصفية مبارك "وفقا للقانون"، الامر الذي يزيد شعبيتهم وشعبية مرشحهم للرئاسة الدكتور محمد مرسي. وقال فريدمان إن شباب الثورة وجماعة الاخوان المسلمين لا يعلمون شيئا عن الخدمات الجليلة والمساهمات التاريخية التي قدمها مبارك لمصر، لانهم لم يكونوا قد ولدوا بعد. واشار الي أن مبارك اعاد بناء القوات الجوية المصرية عقب نكسة يونيو 1967، وكان قائد القوات الجوية في حرب اكتوبر 1973 المجيدة، ولا يعلمون كيف كان الاقتصاد المصري وقت صعود مبارك للحكم. ولفت الي أن الذاكرة الجمعية في مصر تحتفظ بالامور السلبية فقط عن مبارك، فيذكرون له مساندته لاتفاقية السلام مع إسرائيل، وتمسكه بهذه الاتفاقية رغم ضغوط العالم العربي، ورغم حرب لبنان والانتفاضتين الفلسطينيتين الاولي والثاني، ولن يسامحوه علي الفقر المدقع الذي أصاب أغلب المصريين. أخيرا.. ينبغي القبول بحكم القضاء مهما كان، وعلي المصريين أن يسارعوا بطي صفحة الماضي والنظر الي المستقبل، واكمال الطريق نحو الديمقراطية عبر اتمام الانتخابات الرئاسية، وأن يعلم أن لن يكون هناك ما يحظي باجماع تام في مصر، لان ذلك من اسس الديمقراطية، التي تعتمد علي تبني ما تراه الاغلبية طريقا صحيحا، حتي وإن بدا في نظر البعض امرا خاطئا. وحقيقة الامر تفرض علي الرافضين لنتائج الانتخابات أن يعملوا في القواعد الشعبية لزيادة الوعي وتوصيل منطقهم الي الغالبية، بدلا من الاكتفاء بالنضال امام شاشات التليفزيون، مستخدمين السباب الممزوج بالجهل والغل. وإذا كان البعض يري أن مبارك قد اضاع البلاد في الماضي، فمن المنطقي الا يتم استخدامه لاضاعة المستقبل أيضا.