ولد في الأول من مايو 1895 شيخ مصري جليل من أبناء ثورة 1919 «كان جبار العقل، عميق الفكر حلو المنطق، قوي الحجة، رصين الكلام غزير العلم في أدب عظيم» كما قال عنه صديقه أبوالفرج السنهوري، إنه الشيخ أمين الخولي، كان يفترض ان تحتفل الأمة المصرية - بمسلميها ومسيحييها- والأمة العربية والإسلامية بيوم مولده لولا أن آفة حارتنا النسيان، كان يهتف بروح الأقباط في أيام ثورة 1919 وحين توعد الإنجليز من يتقدم من المتظاهرين بالقتل لم يهب أمين الخولي الرصاص حاملاً علم مدرسة القضاء الشرعي قائلا «ها أنا ذا» وهو القائل «أن الشخصية المصرية عقيدة يخفق بها قلب المصري وأنا مابين مسلمي مصر وأقباطها أقرب مما بينهم وبين المسلمين الأتراك»، كان «كل من جلس بين يديه يتلقي العلم علي يديه ارتبط به ارتباط المسحور بالسحر.. من عرفه لا يمكن ان ينساه» لويس عوض ويصفه تلميذه صلاح عبدالصبور «بأن أكثر ماكان يؤلمه أن يجد طلابه يسلمون برأيه لا يجادله أحد فيهم عندئذ تنفرج وجهه وتلمع عيناه وتفيض الفتوة العقلية والذهنية من مكانها وتتألق الحكمة» وكان «الطلبة يتحلقون حوله يصغون في انفعال ظاهر لصوته العميق» زوجته بنت الشاطئ. ميلاده ونشأته اسمه بالكامل: أمين إبراهيم عبدالباقي عامر إسماعيل يوسف الخولي. مكان الميلاد: قرية شوشاي - مركز أشمون محافظة المنوفية تاريخ الميلاد: 1 مايو 1895 الدراسة: مدرسة القضاء الشرعي العمل: مدرسا بمدرسة القضاء الشرعي في 10 مايو 1920 إمام السفارة المصرية بروما ومفوضية مصر ببرلين 1926 عاد للقضاء الشرعي 1927 ثم التدريس بسم اللغة العربية كلية الآداب بالجامعة المصرية نقل وعمل مستشاراً لدار الكتب - لا يستشار - ثم مديرا للثقافة التابعة لوزارة التربية والتعليم وإحالته للتقاعد 1955 بسبب انحيازه الصريح للديمقراطية بعد ثورة 52 . من الكتب التي تناولت سيرته فصل في موسوعة رجال ونساء من مصر للكاتب لمعي المطيعي والذي اعتمد علي مصادر تعذر إيجادها وكتاب «علي الجسر» لبنت الشاطئ ويتناول مشاهد جمعتهما معاً وهناك عدة كتب تتناول مشروعه في التجديد الإسلامي مثل «أمين الخولي والأبعاد الفلسفية للتجديد» ليمني طريف الخولي و«الإسلام العقلاني.. تجديد الفكر الديني عند أمين الخولي» لأحمد محمد سالم وبعض القصاصات الصحفية. ومشروع أمين الخولي في الإصلاح الديني متعدد الأبعاد والمستويات بدءاً من إقرار ضرورة ذلك الإصلاح شرعياً وحتي التنظير لمدرسة أبدعت في فهم النص القرآني. المعادلة المستحيلة مزج شيخنا الجليل بين الإسلام والداروينية وقد مزج مواد تلك المعادلة المستحيلة 1- بالتأكيد ان الإسلام لا يعادي التطور. 2- بالدفاع عن نظرية التطور لداروين. فداروين كما يقول أمين الخولي يؤثر عنه قوله استحالة صدور الكون عن صدفه عمياء والقرآن يختلف عن الكتب المقدسة السابقة كالعهد القديم فهو لا يحتوي تفاصيل دقيقة عن نشأة الكون كما أن الحديث النبوي الشريف «ان الله يبعث لهذه الأمة علي رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها» دليل علي إيمان الرسول «صلي الله عليه وسلم» بالتطور والتحديث والفلاسفة المسلمون لهم السبق في تناول فكرة التطور كابن سينا وابن مسكويه وابن طفيل، لم يكتف شيخنا الجليل بالإيمان بتطور الخطاب الديني فقط بل آمن أيضا بتطور اللغة كحتمية لا مهرب منها فالأمة تحيا صراعا بين الفصحي والعامية والحل في إصلاح وتصحيح اعوجاج العامية دون تعال عليها ونقد أسلوب استخلاص قواعد اللغة العربية. ينكر أمين الخولي تطليق القديم دون فهم «أول التجديد قتل القديم بحثا وفهما ودراسة يعامل التراث بندية دون خضوع او استعلاء هم رجال ونحن رجال لهم عصرهم ولنا عصرنا نتعلم منهم ولا نحذو حذوهم النعل بالنعل. سار أمين الخولي علي نفس مسار رفاعة الطهطاوي ومحمد عبده بالسفر لأوروبا فقد عمل إماما بالبعثة المصرية في روما وبرلين وعكف علي دراسة الفكر الديني الأوروبي وأثري المكتبة العربية بكتاب «صلة الإسلام بإصلاح المسيحية» خلاصة بحث قدمه في مؤتمر تاريخ الأديان الدولي السادس في بروكسل 1935. التفسير البياني أسس أمين الخولي مدرسة «التفسير البياني للقرآن الكريم» والتي تقوم علي: 1 وحدة موضوعية: بجمع الآيات ذات الموضوع الواحد ودراسة معاني مفردات وتطور معناها. 2 معرفة العلوم المحيطة بالنص المسماة علوم القرآن مثل أسباب النزول وتاريخ الأسباب وترتيب الوحي بترتيب النزول ومعرفة الناسخ والمنسوخ. 3 دراسة بيئة نزول القرآن اجتماعيا وجغرافيا وتاريخيا وثقافيا. 4 الإفادة من علم النفس والاجتماع للاقتراب من النص وفهمه بشكل أعمق تبعته زوجته بنت الشاطئ وتلميذه د. محمد أحمد خلف الله وهو نفس الطالب الذي أثارت رسالته «الفن القصصي في القرآن» أزمة في الوسط الأكاديمي والتي كان شيخنا أمين الخولي مشرفا عليها واستبعد علي اثرها شيخنا الجليل من الإشراف علي الرسائل الجامعية بعد أن خاض معارك حامية دفاعا عن الرسالة وحرية التفكير. رفض أن يكون للإسلام هوية اقتصادية رأسمالية أو اشتراكية ثابتة لا تتتغير فالإسلام يؤمن بأن الثروة ملك لله وبأنها أيضا ملك البشر والله يسن التشريعات التي تهذب من غلواء جشع الإنسان المادي. لم يركن الشيخ أمين إلي التنظير دون الواقع في بداية الثلاثينات أعلن سلامة موسي عن تأسيس «جمعية المصري للمصري» تدعو إلي تشجيع البضائع المصرية ومقاطعة البضائع الأجنبية وانضم إليها أمين الخولي وفي الأدب تأسست «جماعة الأمناء» عام 1944 والتي دعمها التلاميذ الذين تخرجوا من قسم اللغة العربية في الخمسينات وكان فاروق خورشيد وصلاح عبدالصبور وعزالدين إسماعيل من أعضائها، وأسس مجلة الأدب 1956 والتي نشرت العديد من الإبداعات الأدبية والنقدية لسهير القلماوي وصلاح عبدالصبور وعبدالقادر القط وفاروق خورشيد وغيرهم الكثير. كما اهتم بالقرية المصرية فأسس عام 1945 جماعة «حياة القرية» في قريته شوشاي. وبعد أن قضي أمين الخولي حياته يفكر وينظر ويحاضر وافته المنية في الساعة الثالثة بعد ظهر الأربعاء 9 مارس 1966 ليرحل الشيخ الجليل عن عالمنا عن عمر يناهز الحادية والسبعين.