عادل إمام أو "الزعيم" كما يطلق عليه محبوه، كان ولايزال واحدا من أكثر الفنانين إثارة للجدل، فقد تناول في أفلامه أمورا سياسية كان من الصعب علي غيره تناولها: الفتنة الطائفية، الإسلام السياسي، فساد نواب البرلمان.. وعشرات الموضوعات الساخنة في المجتمع المصري، ففي فيلمه «المنسي» طرح فكرة فساد تزاوج رجال السلطة بالمال، وفي "طيور الظلام" طرح العلاقة السرية بين التيارات الدينية والحزب الوطني، ومع صعود التيارات الدينية ورواد الإسلام السياسي كان هناك نوع من تصفية الحسابات مع كل من تناولهم بالنقد وعلي رأسهم "عادل إمام".. حيث رفع محامي مغمور قضية علي الفنان يتهمه فيها بأنه أساء للدين الإسلامي في أعماله الفنية، وما يدعونا للضحك حزنا أن هذا المحامي رافع الدعوة قال ان أحد أصدقائه هو الذي لفت نظره إلي تجاوزات الفنان في حق الدين والاسلام ولذلك تابع هذه الاعمال الفنية، موضحا أنه لم يشاهد أية أفلام أخري لعادل إمام!! ولأن عادل إمام ليس فنانا عاديا فقد اهتمت كل الصحف الأجنبية الصادرة في اليومين الماضيين بالتعليق علي الحكم بحبس إمام 3 شهور وكفالة 100 جنيه، بعد أن أدانته المحكمة ب"الإساءة إلي الإسلام" في أكثر من عمل سينمائي ومسرحي، من بينها "حسن ومرقص، عمارة يعقوبيان، الواد محروس بتاع الوزير، مرجان أحمد مرجان، طيور الظلام، الإرهاب والكباب، الإرهابي، مسرحيتا الزعيم وشاهد ما شفش حاجة". فنجد مجلة«nydaily news» وقد رصدت كل تفاصيل مراحل القضية، مؤكدة أن مشوار عادل إمام حافل بالأعمال الفنية الناجحة علي مدار 50 سنة، لكن تفاجأ الكثيرون بعد ذلك بالحكم عليه بالحبس، وتحديداً بعد وجود الأحزاب الإسلامية في المجتمع، وفرض سيطرتها علي البرلمان بعد انتصارات انتخابية كاسحة، وأعلنت المجلة في النهاية أن من حق عادل إمام استئناف الحكم. كما خصصت صحيفة ال"جارديان" البريطانية مقالاً مطولاً عن عادل إمام والحكم ضده، أما صحيفة «heraldsun» فقد أعلنت أن مسيرة نجم مثل عادل إمام مملوءة بالأعمال المهمة، إضافة إلي أن "الزعيم" كان سفيرًا للنوايا الحسنة لشئون اللاجئين عام 2002 بجانب النجمة أنجلينا جولي. العودة إلي العصور الوسطي ونجد صحيفة ال"واشنطن بوست" كتبت موضوعا مطولا تحت عنوان: "قرار ادانة عادل امام يعيد مصر إلي ظلام العصور الوسطي"، حيث نشرت الصحيفة خبرا أوردت فيه ان المحكمة المصرية أيدت يوم الثلاثاء الإدانة ضد واحد من الممثلين الكوميديين في العالم العربي الأكثر شهرة - عادل امام -وحكمت عليه بالسجن لإهانة الإسلام في بعض أفلامه الأكثر شعبية. وتبعت الخبر بتحليل إخباري قالت فيه: ان "القضية ضد عادل إمام وغيره أثارت مخاوف بين بعض المصريين أن المسلمين المحافظين المتشددين الذين حققوا مكاسب في الانتخابات الاخيرة بعد طرد حسني مبارك في العام الماضي يحاولون فرض وجهات نظرهم الدينية علي الدولة كلها. ويقول منتقدون ان هذا الاتجاه يهدد بالحد من صناعة السينما في مصر النابضة بالحياة وحرية التعبير. وحكم علي إمام بالسجن لمدة ثلاثة أشهر وغرامة قدرها حوالي 170 دولار لإهانة الإسلام في الأدوار التي لعبها في أفلام مثل "الإرهابي"الذي جسد فيه دور إرهابي مطارد وجد ملجأ مع عائلة متوسطة، فئة معتدلة، و فيلم "الإرهاب والكباب". " وأضافت الصحيفة:"ووجدوه أيضا مذنبا لدوره في فيلم "مرجان أحمد مرجان" 2007 حيث لعب امام دور رجل أعمال فاسد يحاول شراء شهادة جامعية وتضمن الفيلم مشهدا سينمائيا لرجل ملتح يرتدي الملابس الإسلامية التقليدية. وقال المؤلف علاء الأسواني، صاحب قصة "عمارة يعقوبيان" التي تحولت إلي فيلم إن قرار المحكمة يعيد مصر مرة أخري إلي "ظلام العصور الوسطي». صديق المخلوع فيما علقت صحيفة ال"نيويورك تايمز" الأمريكية علي الخبر بأن هذا الحكم أثار مزيدا من قلق الفنانين الليبراليين والمفكرين الذين يشعرون بقلق بالفعل من تنامي قوة الإسلاميين في مصر بعد الإطاحة بحسني مبارك. وأوضحت الصحيفة أن إمام سيستأنف ضد الحكم كما هو متوقع، وقالت إنه علي الرغم من أن القوانين التي تجرم الإساءة للإسلام أو المسيحية موجودة في الكتب منذ سنوات، إلا أن الإدانات في تلك القضايا كانت نادرة خاصة في نصوص الأفلام التي تحظي بشعبية. ونقلت الصحيفة عن "هبة مورايف" الباحثة بمنظمة هيومان رايتس ووتش، قولها إن هذه القضية ما هي إلا واحدة من العديد من القضايا الكثيرة المشابهة لها، واعتبرت أن وجود الكثير من الإدانات أمر مفزع للغاية، لو نظر إليه علي أساس أنها أمر عادي. وأشارت الصحيفة إلي أن القضية الخاصة بعادل إمام حدثت علي خلفية حالة عدم اليقين المتزايدة داخل الحكومة المصرية، وتعهد حزب الحرية والعدالة، «الذراع السياسي للإخوان المسلمين» باحترام الحرية الفنية، إلا أن مجموعة من السلفيين فازوا بربع مقاعد البرلمان، وهم معروفون بتهجمهم علي الترفيه التجاري، وكان صاحب الدعوي علي عادل إمام محاميا سلفيا. واختمت الصحيفة تقريرها بالقول: إن ما زاد الأمر تعقيدا لإمام أنه يعتبر صديقا للرئيس المخلوع حسني مبارك. آل باتشينو مصر ومن جانبها وصفت صحيفة «إندبندنت» البريطانية الفنان عادل إمام بأنه «آل باتشينو مصر»، تعليقاً علي صدور الحكم ضده، وقالت إن القضية جددت المخاوف بشأن انتشار التطرف وتأثير السلفيين الذين يسيطرون علي ربع مقاعد البرلمان. ونقلت الصحيفة عن المنتج محمد العدل قوله إن الآلاف من العاملين في صناعة السينما يخططون للإضراب إذا لم يتم نقض الحكم، مضيفاً أنه يري هذا الأمر محاولة من الإسلاميين لطعن صناع السينما في الظهر. وأضاف: «أعتقد أنهم يستهدفون أهم فنان مصري حتي يخاف الآخرون».وتابعت الصحيفة، في تقرير نشرته الخميس، أن معظم وسائل الإعلام تركز علي قضية عادل إمام الذي تشبه شهرته في مصر شهرة الممثل العالمي «آل باتشينو» في الغرب، رغم تزامن محاكمته مع محاكمة 5 شخصيات أخري في صناعة السينما، مشيرة إلي أن المحاكمة تسلط الضوء علي ما يسمي قضايا الحسبة التي تتيح لأفراد إقامة دعاوي قضائية علي أسس دينية في كثير من الأحيان. وتري الصحيفة أنه رغم أن الكُتاب والفنانين كانوا هدفاً لقضايا أقامها ضدهم محامون محافظون قبل وقت طويل من الثورة، فإن قضية «إمام» كان لها طعم آخر، حيث كان «إمام» قد أعرب عن تأييد الرئيس السابق حسني مبارك، خلال الثورة، وكان من المعروف أن «مبارك» صديق له... علي حد قول الصحيفة. كما رصدت أعداد هائلة من الجرائد والمجلات العالمية أيضا تفاصيل قضية نجم أحب فنه وجمهوره، وكان صاحب مشوار فني حافل احترمه الجميع، وتعجبت من صدور حكم قضائي ضده، ومنها «abcnews» و«usatoday»، حيث تعرضتا لجميع تفاصيل القضية، فضلاً عن رد فعل الشارع المصري والفنانين. .. وأخيرا وقع "عادل إمام" بين سندان التيارات الدينية ومطرقة محامي مهووس بالشهرة، فهل سينجو؟ أم أن اللعبة بدأت وسيتم قتل كل شكل من أشكال الإبداع وعلي المتضرر اللجوء للميدان؟ هل نحن بحق قمنا بثورة من أجل الحرية؟ أم أن الأمر تحول من كبت النظام للشعب إلي قطع لسان الشعب؟