* الفيلم ينتمي الي سينما الوعظ الاخلاقي.. والتي عادت للظهور مع فيلم كباريه وتلاه تاكيدا عليها في الفرح واستمرت مع منتجها السبكي ثم بدأ المقلدون لنجاحات تلك الأفلام التجارية فأصبحنا نمتلك تيارا جديدا لسينما الوعظ * الفيلم ما هو الا مجرد صدي من بعيد لنغمة قسوة المجتمع والفقر علي الأنثي مما يدفعها إلي احتراف العمل المدر للمال بدءاً من اظهار الجسد انتهاء ببيعه معذرة لأستاذنا الروائي الراحل فتحي غانم ولاستاذ السينما اطال الله عمره رأفت الميهي لاستعارتي لاسم رواية وفيلم «قليل من الحب كثير من العنف» ولكن لو قدر لاحدهم وابتلي بمشاهدة ما يدعي ركلام لاقتنع باننا امام ادق كلام يمكن ان يقال عنه . وعظ أخلاقي الفيلم من المفترض انه ينتمي الي سينما الوعظ الاخلاقي التي عادت للظهور مع فيلم «كباريه» وتلاه تأكيدا عليها في «الفرح» واستمرت مع منتجها السبكي ثم بدأ المقلدون لنجاحات تلك الافلام التجارية فاصبحنا نمتلك تيارا جديدا لسينما الوعظ يمكن اعتباره تيار الوعظ الحديث.. وهنا تعود بنا الذاكرة الي تيار الوعظ الكلاسيكي وامبراطور سينما الوعظ مخرج الروائع الفنان حسن الإمام صاحب التوليفات النموذجية التي كانت تبكي وتبهج وتنصح مع دراسة نفسية واجتماعية كاملة امتدت من عام 1947 الي 1986 عبر تاريخه السينمائي ويمكن مراجعتها وفيها ما لا يقل عن (50) فيلماً تعرضت في اطار احداثها لما يسمي بالركلام وقد يعترض احدهم علي كلامي علي اعتبار ان الركلام كلمة مستحدثة ظهرت مع انتشار البارات الدرجه التالته في السبعينات ولكن قبل ان ندخل في موضوع الفيلم فيجب ان ندرك ان الركلام في افلام حسن الامام هي تلك الفتاة التي تنحصر مهمتها في الفتح للزبائن في الكباريه او البار او الخمارة حسب الاحداث و قد تكون فتاحة بس زي فاتن حمامة او فتاحة ومطربة مثل شادية او راقصة سامية جمال ونادية لطفي او صاحبه المكان زوزو ماضي او القوادة زوزو شكيب او المرغمة زهره العلا وميرفت امين وغيرهن الكثيرات من هنا تبدأ الصورة في الاتضاح ف (الركلام) هي الفتاحة بتاعة أفلام الابيض واسود . اما فيلم اليوم ( ركلام ) فما هو الا مجرد صدي من لنغمة قسوه المجتمع والفقر علي الأنثي مما يدفعها الي احتراف العمل المدر للمال بدءا من اظهار الجسد انتهاء ببيعه وهنا نستخدم كلمه صدي لان الفيلم لا يعبر فعليا لا عن واقع ولا عن قسوه مجتمع بل هو صدي بعيد وتقليد ساذج لافلام اكل عليها الدهر وشرب فكل من (شادية) و (دولت) و(سوزان) و (شكرية) ما هم الا مجرد اشباح لشخصيات دراميه ولا يمكن اعتبارهم شخصيات درامية فعليا و هو ما يدفع بالفيلم الي الهاوية والفيلم كما اكد صناعة مستوحي من قصص حقيقية ولكنه لا يحتوي علي شخصيات حقيقيه انهم مجموعة من المدعين وقفوا امام الشاشه وخلفها واوهموا انفسهم واوهموا من حولهم بان ما يصنعونه ينتمي الي عالم السينما الا انه والله اعلم لا يربطهم بالسينما سوي كونهم علي شريط سيليلوزي وبعض المناظر الطبيعية التي يضمها الشريط. تتعرض احداث الفيلم لرحله سقوط اربع فتيات الاولي فقيرة تصرف علي نفسها وتهرب من قسوة زوج امها وتحرشه بها و تطاردها عيون الرجال حتي تسقط والثانية مندوبة مبيعات تمل من الرزق القليل وتغريها صديقتها بالمال فتسقط والثالثة راقصة ومن مستلزمات مهنتها السقوط والرابعة بنت ناس افلس ابوها المليونير فسقطت سقوط ساذج ان السقوط الساذج وغير المبرر الذي تتعرض له البطلات الاربع فكلهن يظهرن في بداية حكيهن كفتيات قويات متمسكات بالشرف ومن المؤكد ان سقوطهن لا يجب ان يأتي بالسذاجة التي طرحها لفيلم إن السيناريست مصطفي السبكي الذي ظهر عام 2000 بفيلم «شجيع السيما» وكان اول افلام المخرج علي رجب ايضا يعود ليجتمع معه مرة اخري في عام 2012 و لكن هنا بعد مجموعة خبرات انتهت العام الماضي بفيلم ( فكك مني ) - ويالها من خبرات وتطور - و هو هنا يلجأ الي شكل سينمائي صعب و يحتاج الي حرفية كبيرة لا يبدو انه قادر عليها فيتم عرض الأحداث باسلوب الفلاش باك من وجهة نظر الشخصيات وناهيك عن دور الفلاش في ايقاف الحدث الدرامي وفشله في الحفاظ علي وجهة النظر الاحادية التي فرضها علي نفسه ككاتب وهنا تاتي محاولات السيناريست لملاء تلك الفلاشات بالايحاءت الجنسية لكسر الملل وايجاد مبرر لملء لدي المشاهد للمتابعة الا انه في النهاية يمكن اعتبار الفيلم به كثير من الإطالة والملل علي مستوي البناء الدرامي .... ناهيك عما سبق واشرنا اليه من الفشل في بناء الشخصيات حتي باتت كل شخصيات الفيلم كما لو كانت تحاول تقليد افلام عربي قديمة حتي شخصية خال شادية الذي يعتدي عليها لا يظهر لنا هل هو انفصام في الشخصيه ام انفلات اخلاقي ام مجرد غلطة ام انه نتيجة للكبت الديني وتأتي الطامة الكبري في الحوار المبتذل علي لسان جميع الشخصيات برغم ما اشارت اليه الرقابه من حذف لالفاظ واشارات بالسيناريو والفيلم وتكتمل الكارثة بالنهاية التراجيدية التي يعاقب فيها كل الاشرار الوحشين بالكوارث والمصائب ليتم تطهيرهم متناسيا المؤلف ان الاساس في تلك الموضوعات ان ابطاله ما هم الا ضحايا لكن يبدو انه بعد ان شاهد الفيلم اقتنع بانهم مذنبون وولاد ( ... ) ويستاهلوا كل خير . شجيع السيما المخرج علي رجب 12 سنة سيما و ثمانية افلام بدات مع شجيع السيما مرورا بالأجندة الحمرا وصايع بحر وخالتي فرنسا وسيد العاطفي وكركر وبلطية العايمة وأخيرا ركلام وهنا نلحظ ان علي قد تطور فادرك ان الحدث الدرامي والممثلين ليسوا باهمية اللقطات التسجيلية فنري القطار والبحر والسماء في لقطات كثيرة... مكررة مما يؤدي الي بطئ الايقاع اكثر فيتحول الايقاع البطيء بالسيناريو الي ابطاء في التنفيذ عدا ذلك لا يمكنك الامساك بجملة سينمائية واحدة تحسب لمخرج الفيلم الي جانب الفشل في ادارة مجموعة الممثلين الجدد بينما اعتمد السابقون علي تراثهم في الاداء من قبل . ولكننا نجد مشاهد توحي باننا امام فن ولكنها بلا اي معني مثل مشاهد انتظار القطار وانتظار المترو وهي بلا اي قيمه درامية تذكرنا بمشهد الغرق في البحر الذي كرره علي رجب 6 مرات في فيلم بلطية العايمة. التمثيل كان في المطلق تقليدي .... فشل الصغار وكرر الكبار انفسهم ... ولكن وجب التنويه والتوقف عند اداء واحد مميز و هو للفنانة ( علا رامي ) في دور القوادة ( ليالي ). الاغاني الشعبية المستخدمة كانت من العوامل المساعدة علي اظهار الجو العام للاماكن التي تدور بها الاحداث كما ساهمت في المط والتطويل علي حساب البناء الدرامي واهمها بعنوان "الدنيا تلاهي" من غناء المطرب الشعبي أسامة الأمير، ويقول مطلع الأغنية "الدنيا تلاهي ..والكل ماشي ..وقلت إنسي وشوف الناس جرالها ايه ..والدنيا تبقي ايه"و الثانية بعنوان "في الضياع" من غناء المطرب الشعبي هوبا أما الأغنية الثالثة بعنوان "ابو الليل" من غناء أسامة الحسيني وهذا يضعنا امام محاوله صناع الفيلم لمحاكاة الجو العام فقط ولا يدركون ان مسئوليتهم تتخطي ذلك وهو ما نراه في افلام السابقين فمن المؤكد ان الغناء والرقص في الصالات في الخمسينات لم يكن مشابها لغناء هدي سلطان او شاديه ولكن صناع السينما مهمتهم الارتقاء بالمشاهد وليس ان ينقلوا اليه السفيه من الكلمات والغناء والذي لا يسمعه لانه لا يذهب الي تلك الاماكن الرخيصة فيحضرونه اليه في السينما كما جاءت الموسيقي التصويرية غير مناسبة علي الاطلاق وساذجة جدا في تعبيرها عن الحدث. في النهاية نحن امام عمل من بطولة غادة عبد الرازق ورانيا يوسف والوجهان الصاعدان ريهام نبيل ودعاء سيف النصر ومن تأليف مصطفي السبكي وموسيقي تامر كروان ومونتاج دعاء فاضل ومدير التصوير نانسي عبد الفتاح ومكساج محمد فوزي ويشارك في تمثيله مادلين طبر وعلا رامي وإيناس مكي وضياء الميرغني و إنجي خطاب ولي لي قاسم و محمد درويش وماهر ماهر، ومن إخراج علي رجب كل هؤلاء اجتمعوا معا ليفشلوا في تقديم فيلم رديء.. فما صنعوه اقل من ذلك بكثير .