جامعة الأزهر: أوقفنا راتب معيدة كلية البنات بأسيوط للغياب لا لآرائها (صور)    محمد عبدالجليل يكتب: رئيس الوزراء يشجع الأطباء على الهجرة فى بلد تعانى مستشفياته من نقص حاد    بالصور.. الشفافية ومكافحة الفساد في ندوة للرقابة الإدارية بالبحيرة    أول رد من "عمال مصر" بعد مقترح برلمانية ببدء مواعيد العمل من الفجر -(تفاصيل)    450 جنيه سعر عادل.. أول رد من شعبة القصابين على نقيب الفلاحين بشأن أسعار اللحوم    بالصور.. محطة مياه سرياقوس بالقليوبية تحصل على شهادة الجودة TSM    مصر تتصدر نمو السياحة الإقليمية في الربع الأول من 2025    هل يقتصر دعم الهلال الأحمر المصري على فلسطين فقط؟.. المديرة التنفيذية توضح- (فيديو)    بينهم نتنياهو.. تفاصيل استدعاء مراقب إسرائيل العام مسئولين لبحث إخفاقات 7 أكتوبر    "بحضور محمد معروف وأمين عمر".. أوسكار رويز يجتمع بحكام الجولة الثانية من الدوري    مدرب مصطفى محمد في نانت يشيد به.. هل تكون بداية جديدة للاعب؟    بدوي علام : البكالوريا المصرية تصنع الحافز وتغذي الحلم لدى الطلاب    "التعليم" تحدد مواعيد المقابلات الشخصية للمعلمين المقبولين بالدفعة الرابعة -(مستند)    جريمة تهز سوهاج.. العثور على جثة ستيني مذبوحًا بالزراعات    السكة الحديد تكشف تفاصيل واقعة ادعاء راكب منعه استقلال قطار مرتديا شورت    نجل العالم الراحل أحمد زويل أول ضيوف برنامج "هذا الرجل أبي"    مراسلة القاهرة الإخبارية: تصريحات نتنياهو تستهدف استعادة الرضا الداخلي    «بحر الهوى مشواره طويل» فرقة الطور تتألق على مسرح الشيخ زايد على أنغام السمسمية    بالصور | أحدث جلسة تصوير ل ياسمين صبري.. والجمهور: "يخربيت الضحكة"    أمين الفتوى: تركة المتوفاة تُوزع شرعًا حتى لو رفضت ذلك في حياتها    هل يجوز للمرأة المستحاضة أداء الصلاة؟.. عضو بمركز الأزهر العالمي تُجيب    نائب وزير الصحة يترأس اجتماعًا لتفعيل آليات معايير السلامة والصحة المهنية    ماذا يحدث لطفلك عند تناول الخبز مع الشاي؟    وزير الخارجية يرافق رئيس الوزراء الفلسطيني لزيارة الجرحى الفلسطينيين بمستشفى العريش العام    قبل لقاء زيلينسكي وقادة أوروبيين.. ترامب: حرب روسيا وأوكرانيا هي حرب بايدن «النعسان»    تقصير أم نفاق؟ أمين الفتوى يجيب على سؤال حول الفتور فى العبادة    فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يكشف تعاطي سائق نقل ذكي المخدرات وضبطه بالقاهرة    أثناء السباحة هربا من الحر.. مصرع طفل غرقًا في مياه النيل بأسوان    يتضمن 20 أغنية.. التفاصيل الكاملة لألبوم هيفاء وهبي الجديد    «قد تصل لسنة».. رئيس تحرير الأهلي يكشف مستجدات شكوى بيراميدز لسحب الدوري    نابولي يكشف تفاصيل إصابة لوكاكو    محافظ الوادي الجديد يعتمد النزول بسن القبول بالصف الأول الابتدائي بالمدرسة الرسمية الدولية    الخارجية الفلسطينية تدين قرار الاحتلال الإسرائيلي التعسفي بحق الدبلوماسيين الأستراليين    المسلماني ونجل أحمد زويل يزيحان الستار عن استديو زويل بماسبيرو    تووليت وكايروكي يحيون ختام مهرجان العلمين الجديدة (أسعار التذاكر والشروط)    هل المولد النبوي الشريف عطلة رسمية في السعودية؟    البحوث الفلكية : غرة شهر ربيع الأول 1447ه فلكياً الأحد 24 أغسطس    الرقابة المالية: 3.5 مليون مستفيد من تمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر حتى يونيو 2025    سبورت: بافار معروض على برشلونة.. وسقف الرواتب عائقا    هل يتم تعديل مواعيد العمل الرسمية من 5 فجرًا إلى 12 ظهرًا ؟.. اقتراح جديد في البرلمان    نسف للمنازل وقصف إسرائيلي لا يتوقف لليوم الثامن على حي الزيتون    آدم وارتون خارج حسابات ريال مدريد بسبب مطالب كريستال بالاس ودخول مانشستر يونايتد على الخط    وزير الأوقاف ناعيا الدكتور صابر عبدالدايم: مسيرة علمية حافلة بالعطاء في خدمة اللغة العربية    شئون الدراسات العليا بجامعة الفيوم توافق على تسجيل 71 رسالة ماجستير ودكتوراه    مصرع عامل وطفل فى انهيار منزل بدار السلام بسوهاج    الصحة العالمية تقدم أهم النصائح لحمايتك والاحتفاظ ببرودة جسمك في الحر    "بعد أزمته الأخيرة مع الأهلي".. 10 معلومات عن الحكم محمد معروف (صور)    القوات الإسرائيلية تعتقل 33 عاملاً فلسطينيا جنوب القدس    الديهي يكشف تفاصيل اختراقه ل"جروب الإخوان السري" فيديو    في يومها الثالث.. انتظام امتحانات الدور الثانى للثانوية العامة بالغربية    أسعار البيض اليوم الإثنين 18 أغسطس في عدد من المزارع المحلية    «غضب ولوم».. تقرير يكشف تفاصيل حديث جون إدوارد داخل أوضة لبس الزمالك    «متحدث الصحة» ينفي سرقة الأعضاء: «مجرد أساطير بلا أساس علمي»    كلية أصول الدين بالتعاون مع جمعية سفراء الهداية ينظمون المجلس الحديثى الرابع    انطلاق امتحانات الدور الثاني للشهادة الثانوية الأزهرية بشمال سيناء (صور)    استقرار أسعار النفط مع انحسار المخاوف بشأن الإمدادات الروسية    نشرة أخبار ال«توك شو» من «المصري اليوم».. متحدث الصحة يفجر مفاجأة بشأن سرقة الأعضاء البشرية.. أحمد موسى يكشف سبب إدراج القرضاوي بقوائم الإرهاب    حدث بالفن | عزاء تيمور تيمور وفنان ينجو من الغرق وتطورات خطيرة في حالة أنغام الصحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غزوة «السيدة نفيسة».. هجمة جديدة علي الإبداع
نشر في القاهرة يوم 13 - 03 - 2012


ما زالت غزوات تيار التأسلم السياسي مستمرة، ويبدو أنها لن تتوقف حتي تحقيق أهداف تغيير طبيعة مصر الليبرالية المتنوعة، وإقامة دولة ملالي متأسلمة علي غرار إيران وأفغانستان، وفرض ثقافة الخوف والجهل والغيبيات علي المصريين.. ومن المفهوم تماما أن تتركز هذه الغزوات علي الفن والإبداع، وحرية الرأي والتعبير بشكل عام، فهي الوحيدة القادرة علي تنوير الناس، وتبصيرهم بالحقائق، وإفاقتهم من غيبوبة الدجل والشعوذة والدروشة. هكذا شهدنا في الفترة الأخيرة العديد من العلامات والبوادر التي تنذر بإقامة محاكم تفتيش في مصر لكل من يخرج عن خط التأسلم المرسوم سلفا بعناية من قبل تنظيمات داخلية تدعمها قوي خارجية، مثل "غزوة القضية" التي أسفرت عن الحكم الذي قضت به إحدي محاكم القاهرة في الثاني من فبراير الماضي بحبس الفنان عادل إمام ثلاثة أشهر وتغريمه ألف جنيه بعد أن أدانته ب "الإساءة إلي الإسلام" في أكثر من عمل سينمائي ومسرحي، ومثل "غزوة المسلسل" التي شنها المتأسلمون بعد هذا التاريخ بستة أيام فقط، حين أقدمت إدارة كلية الهندسة بجامعة عين شمس علي طرد فريق عمل مسلسل "ذات" من الجامعة بسبب اعتراض طلاب متشددين علي "الملابس القصيرة" للممثلات! أما أحدث الغزوات، فيمكن تسميتها "غزوة السيدة نفيسة"، حيث منعت وزارة الأوقاف تصوير بعض مشاهد فيلم "فرش وغطا" بجامع السيدة نفيسة، بل أعلن أحد موظفيها منع التصوير في المساجد بشكل عام، رغم أن صناع الفيلم استخرجوا كل التصاريح اللازمة، كما يوضح مخرجه أحمد عبد الله - في شهادة نشرها علي موقعه الإلكتروني - قائلا: "كعادة أي فيلم سينمائي، توجب علينا الحصول علي موافقة الرقابة علي المصنفات الفنية وإجازتها لنص السيناريو المزمع تصويره تحت عنوان مؤقت (فرش وغطا)، وبناء عليه توجهنا بالسيناريو النهائي للهيئة العامة للرقابة علي المصنفات الفنية وتمت إجازة النص من قبلهم بتاريخ 23 يناير 2012، ومن ثم فقد تم الحصول علي موافقة وزارة الداخلية - التي اطلعت علي النص أيضا - ليتسني لنا التصوير في شوارع القاهرة.. وهكذا فقد استوفي السيناريو كل ما يلزم من تصريحات من كل الجهات المعنية التي وافقت علي تصوير الفيلم ومحتواه بما فيها نقابتا المهن السينمائية والتمثيلية". تحفظ كامل واتفق مع عبد الله تماما في تحفظه الكامل علي سلطة الرقابة بشكلها الحالي، وعلي لزوم موافقة الداخلية علي تصوير كل فيلم، ومطالبته بأن ينتهي دور الرقابة المسبقة علي النصوص والأفكار، وأن يصبح دور الرقابة محصورا في الموافقة علي العروض العامة.. ورغم ذلك التحفظ، فقد آثر المخرج وباقي صناع الفيلم اتخاذ المسلك التقليدي المعتاد حتي يأتي وقت اتخاذ موقف جماعي في اتجاه تغيير شكل منظومة الرقابة وسلطة الداخلية، وحصلوا علي التصاريح كاملة بلا نقصان للشروع في التصوير. الفيلم يؤرخ لثلاثة أيام من حياة سجين يهرب من محبسه، ويتحرك البطل (الذي يؤدي دوره الممثل آسر ياسين) خلال هذه الفترة بين عدد من المواقع في القاهرة، ويحدث في القصة أن يبيت ليلته الأولي في أحد المساجد ذات الأضرحة، وبالتالي كان من اللازم أخذ موافقة وزارة الأوقاف، وهي موافقة روتينية اعتادت الوزارة منحها للأفلام التي يتم تصوير أجزاء منها بداخل مساجد، ويتم ذلك بتقديم سيناريو الفيلم المجاز من الرقابة وموافقة الداخلية ويتم دفع رسم معين وفقا لكل مسجد. لكن صناع الفيلم فوجئوا بأن مدير مكتب وزير الأوقاف يرفض إنهاء الأوراق، ويؤكد أن التصوير في المساجد "مخالف للشريعة الإسلامية"، وحين سألوه إن كان هناك ما يراه مخالفا للشرع في السيناريو عامة أو المشاهد المصورة في المسجد تحديدا، أجاب بأنه قرار نهائي يسري علي أي فيلم سينمائي، وأن المساجد ليست مكانا للتصوير في العموم.. وحاولوا مناقشته بأن المساجد هي بيوت الله، وأنهم لا ينوون ولا يوجد في النص ما يخالف الشريعة أو يسيء لقدسية مكان العبادة، وأن التصوير سيتم أثناء الليل بين صلاتي العشاء والفجر، وبالتالي فلن يكون هناك أي تعطيل للشعائر، كما أن المساجد ذات الأضرحة هي جزء من تراث شعبي يكاد يتجاوز الدين، ولا يحق لأحد منع الفنون من صياغة أعمال تتعرض لذلك. لكن الموظف أصر علي الرفض بشكل قاطع، وعندها قرر أصحاب الفيلم الرحيل مطالبين بإعطائهم رفضا رسميا من قبل الوزارة يوضح كل الأسباب التي قالها الموظف، فطلب منهم العودة في اليوم التالي لاستلام الرفض. شاهد علي الواقعة سمع صناع الفيلم الكلام وعادوا في اليوم التالي، ليفاجأوا بوجود نائب برلماني تم تعريفه لهم علي أنه من نواب حزب "الحرية والعدالة".. وأفاد مدير مكتب الوزير في حضور مدير أمن الوزارة بأن الوزير أكد رفضه مبدأ التصوير بشكل عام، وكان نائب الإخوان حاضرا وكأنه موجود ليتم إشهاده علي الواقعة وموقف الوزارة، أو كأن له صفة رسمية مجهولة.. وأكد "قادة الغزوة" أن التصوير في دور العبادة مرفوض أيا كان محتواه، وقالوا إن الأفلام ليس مكانها المساجد. وحين أشار المبدعون إلي أن كثيرا من الأفلام عبر تاريخ السينما صورت في المساجد منذ "قنديل أم هاشم" مرورا ب "أرض الخوف" وحتي "واحد من الناس"، كان الرد حاضرا: "ده كان قبل الثورة.. دلوقتي خلاص".. وقالوا إن الوزير رفض إعطاء أي رفض رسمي ولن يوقع أي ورقة في هذا الشأن. وأصدرت جبهة الإبداع المصري بيانا قالت فيه إنها تلقت بانزعاج بالغ ودهشة قرار منع التصوير، وإن هذا الموقف يثير أسئلة عديدة حول موقف وزارة الأوقاف من فن السينما ومن الفنون عامة.. ولفت البيان إلي أن الفن كان دائماً حليفاً للأديان علي مر التاريخ وشاهداً علي عظمتها، واستشهد بمعالم الحضارة الإسلامية في الأندلس التي ذهبت بعد انهيار دولة الخلافة هناك، في حين بقيت النقوش والكتابات الإسلامية علي جدران الحمرا وغرناطة شاهدة علي ذلك العصر.. وأضاف أنه علي مر التاريخ الحديث، تهافت العديد من المخرجين التسجيليين والروائيين علي التصوير في مساجدنا الأثرية مؤرخين قيمتها الدينية والتاريخية في أعمال أدخلت تلك المساجد بيوت المصريين والعالم أجمع من خلال الوسيط البصري، مشيرا إلي أن الأزهر أصدر - منذ شهور قليلة - وثيقة تاريخية في دفاعها عن حرية الفنون وحرية الإبداع، وأن أحدا لا يمكن أن يزايد علي الأزهر في تشريعه. كما أصدر أعضاء لجنة السينما بالمجلس الأعلي للثقافة بيانا أعربوا فيه عن استنكارهم وقلقهم الشديد تجاه الإجراءات التعسفية ضد التصوير السينمائي في مصر، وقالوا إن المساجد الشامخة التي تعد من عيون الفن الإسلامي، ستُمنع من التصوير علي أيدي كهنة جدد متطوعين وخارج نطاق مؤسسة الأزهر التي تعد المرجعية الدينية الوحيدة في هذا الشأن، في نوع من المزايدة الرخيصة المتملقة في غير موضعها لتيار التأسلم السياسي في مصر. موقف مشرف للأزهر والدليل علي صحة موقف المبدعين في هذه القضية، حتي من الناحية الدينية، أن بعض علماء الأزهر الأجلاء انتصروا لحرية التعبير، وخالفوا "قادة الغزوة" من مسئولي وزارة الأوقاف في الرأي، حيث قال الدكتور محمد رأفت عثمان، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن تصوير المسلسلات والأفلام داخل المساجد حلال شرعا وجائز طالما أنها ليست مخلة أو مخالفة لتعاليم الإسلام والآداب العامة.. وأكد - في مداخلة تليفزيونية هاتفية - أن وزارة الأوقاف ارتكبت خطأ برفضها تصوير فيلم "فرش وغطا" داخل مسجد السيدة نفيسة انطلاقا من أن حرية الإبداع مكفولة وحث عليها الإسلام. ومن ناحيته، قال الدكتور محمد مهنا، مستشار شيخ الأزهر - في مداخلة أخري - إن حرية الإبداع حث عليها الإسلام ولا يجوز الاعتداء عليها، وإن منع تصوير الفيلم يعد اعتداء علي حرية الإبداع، مشيرا إلي ان الإبداع ليس حراما وبالتالي فالتصوير داخل المساجد جائز شرعا طالما أن العمل متفق مع تعاليم الإسلام وآدابه العامة. هناك ضوء إذن في نهاية النفق المظلم، لكن الأجواء العامة ضبابية وكئيبة ومحبطة، ومن السهل أن يلعب في ظلها المتأسلمون علي وتر الدين لاستقطاب الناس وتحقيق أغراضهم السياسية والاقتصادية الضيقة تحت شعارات مرسلة ودعاوي مضللة، ولابد من تكاتف جميع القوي المدنية والوطنية الحرة للوقوف في وجه هذه الهجمة الرجعية الشرسة، لأن وطنا بلا حرية تعبير هو أمة بلا ضمير، وقوما بلا إبداع هم شعب بلا ذاكرة ولا وجدان.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.