يوم الجمعة الموافق العاشر من فبراير الماضي في حوالي الساعة الواحدة ظهرا تعرض شارع المعز بمنطقة القاهرة الفاطمية للغرق في مياه الصرف الصحي بعد انسداد ماسورة الصرف الصحي الرئيسية بمنطقة الأزهر.. وبعد مناقشة عدد من مسئولي الآثار، وكذلك بعض الاهالي بدأ تناقض شديد ما بين ردود أفعال المسئولين الهادئة المطمئنة كالعادة وبين اهالي المنطقة والرأي العام الذي عبر عن غضبه الشديد تجاه ما حدث واتهام المسئولين بالإهمال والتخاذل في إتمام أدوارهم علي أكمل وجه لحماية الآثار. إجراءات الإنقاذ و منع التكرار في البداية يؤكد محسن سيد علي رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية أن سبب الأزمة كانت أن الماسورة الرئيسية في شارع الأزهر انسدت، وحيث إن مستوي الأرضية لشارع المعز اقل ارتفاعا من مستوي أرضية شارع الأزهر فتراكمت المياه به، وملأت ممر مجموعة السلطان قلاوون لأن أرضيته اقل ارتفاعا من شارع المعز، وأضاف انه قام علي الفور بالاتصال بهيئة الصرف الصحي ووصلوا وقاموا بتسليك الانسداد بالماسورة، واستغرق العمل حوالي 7 ساعات، وبعد أن انحسرت المياه تم إحضار عربات لشفط المياه، وبعد الانتهاء من هذه المرحلة تم غسل أرضية الممر بالماء والصابون لتنظيفه والتخلص من الرائحة الكريهة به بسبب مياه الصرف، وتم الانتهاء الساعة الثامنة صباحا يوم السبت، وتم افتتاحه للزيارة في الساعة التاسعة، وأضاف انه لا توجد اي مشاكل في مواسير الصرف الصحي بشارع المعز والتي تم تغييرها بالكامل في مشروع تطوير القاهرة التاريخية، وأكد علي انه لا يوجد اي ضرر بالآثار، حيث تم ترميم الآثار به وعزلها جيدا، فلم تتأثر بالمياه في تلك الفترة القصيرة والتي سرعان ما قاموا بإزالتها. وعن الإجراءات الاحتياطية التي اتخذت لعدم تكرار المأساة مرة أخري، ذكر انه قدم خطاباً موجهاً لمدير عام الصرف الصحي، يطالب فيه بضرورة تطهير بالوعات المجاري في شارع المعز والأزهر بشكل يومي بدلا من الاسبوعي، حتي لا تتكرر المأساة مرة أخري. تنديد الأهالي وفي تصريحات لعدد من الأثريين المسئولين بدءا من الدكتور محمد إبراهيم وزير الآثار، أكد علي سرعة الإجراءات التي اتخذتها الجهات المختصة من وزارة الآثار والحي وهيئة الصرف الصحي للتعامل السريع مع الأزمة والتغلب عليها وانتهائها في ساعات قليلة، واتفق معه في الرأي كل من الدكتور مصطفي أمين الأمين العام والاثري رجائي حسين مصطفي مدير عام مناطق آثار الجمالية، وجمال مصطفي رئيس مشروع تطوير القاهرة التاريخية، وصافي سلطان مفتش الآثار بمنطقة أمير الجيوش بالجمالية، وعبير عبده مفتشة آثار بمنطقة القاهرة القديمة. بينما عبر الاهالي عن استيائهم الشديد من تخاذل محافظ القاهرة ووزارة الآثار ورئيس الحي والمسئولين عن الشارع، وتركهم له دون أي تأمين لآثاره مما أدي لحدوث هذه الواقعة، والتي أدت إلي انغمار الشارع بالمياه مما تسبب في إعاقة حركة سير المارة في الشارع ودفع أصحاب البازارات السياحية إلي غلق المتاجر، ومنهم من أشار إلي استغلال سائقي سيارات النقل الانفلات الأمني واستخدامهم الشارع منذ فترة، وتساءل الاهالي إلي متي تتجاهل الجهات المختصة والمسئولة عن الصرف والطرق هذا الأمر؟، وتساءل البعض هل سننتظر حتي تتشرب الأرض المياه وتقع المباني وتهبط الأرض لتتكرر كارثة إمبابة وغيرها من الأماكن التي انهارت مبانيها لأسباب مشابهة؟. ومن جانبه ناشد وزير الآثار المواطنين أن يحافظوا علي هذه المنطقة التي تعتبر أكبر متحف مفتوح للآثار الإسلامية، وأن الدولة قامت بترميمات وإصلاحات لهذه المنطقة تكلفت 85 مليون جنيه فيجب المحافظة عليها. الأهمية التاريخية للشارع يعد شارع المعز لدين الله أكبر متحف مفتوح للآثار الإسلامية في العالم، ويضم عددا كبيراً من الآثار الإسلامية منها باب الفتوح - جامع الحاكم- مسجد وسبيل وكُتاب سليمان أغا السلحدار - جامع الأقمر - سبيل وكتاب عبد الرحمن كتخدا- قصر الأمير بشتاك - حمام إينال -المدرسة الكاملية - مسجد السلطان برقوق - سبيل محمد علي - مدرسة وبيمارستان وقبة السلطان قلاوون- مسجد الناصر محمد بن قلاوون - مدرسة الظاهر بيبرس البندقداري - سبيل وكتاب خسرو باشا- مدرسة وقبة نجم الدين أيوب؛ وغيرها من المنشآت والمباني الأثرية. ويربط شارع المعز لدين الله أو الشارع الأعظم بين القاهرة الفاطمية المعزية وبين مدينة العسكر والقطائع التي ترجع للعصر الطولوني قبل العصر الفاطمي للربط بين القصر السلطاني ومشاهد آل البيت في طريق مستقيم يبدأ من باب الفتوح الذي تخرج منه الجيوش للفتوحات الإسلامية وباب النصر الذي تدخل منه حين عودتها وهي منتصرة، وبالجهة الغربية من شارع المعز يقع القصر الفاطمي الغربي الكبير، ومكانه الآن مجموعة السلطان المنصور قلاوون والتي تضم بيمارستان أو مستشفي و مدرسة و قبة ضريحية. أما الجهة الشرقية فيقع القصر الفاطمي الشرقي الصغير ومكانه الآن المدرسة الظاهرية أو مدرسة الظاهر بيبرس الجاشنكير و له رنك أو رمز الأسد و قبة الصالح نجم الدين أيوب ويستمر الشارع بالآثار علي الجانبين حتي باب زويلة مرورا بشارع الغورية وتضم هذه المسافة أكثر من 33 أثراً علي مسافة أكثر من ألف متر أي كيلو متر وجميعها تم الانتهاء من ترميمها بمشروع تطوير القاهرة التاريخية. وكان الشارع قد تم افتتاحه في فبراير 2008 بعد أن تم ترميم منشآته ورصفه بالأحجار القديمة بتكلفة وصلت لملايين الجنيهات، ليصبح أول شارع مخصص للمشاة وحدهم، وبعد وقت من الحفاظ والصيانة تعرض هذا الشارع بعد ثورة 25 يناير مثل غيره من الآثار للتعديات، وجاء غرقه في مياه الصرف أزمة جديدة تعرض الآثار به إلي خطر اكبر.