"سنة أولي ثورة" هذا لسان حال الشعب المصري بحلول 25 يناير 2012 ليحتفلوا جميعا بالعيد الأول للثورة، ولكن الاحتفال كان كل علي طريقته، فهناك من نزل إلي الميدان ليحيي ذكري الشهداء ومنهم من نزل الميدان ليعلنها "الثورة مستمرة"، ومنهم من اكتفي بالصمت، وفي كل الأحوال اهتمت الصحف الغربية بكل أشكال الاحتفال خاصة أن الاحتفال جاء متزامنا مع انعقاد أولي جلسات مجلس الشعب وهو حدث سياسي كبير بالنسبة لكل الدول التي لها علاقة استراتيجية بمصر سواء علي المستوي السياسي أو الاقتصادي أو حتي الثقافي... وهنا نرصد ما ورد بالصحف الغربية عن احتفالات مصر بالعيد الأول للثورة ونبدأ بالصحف الأمريكية.. وأولها وأكثرها اهتماماً بالشأن الشرق أوسطي ال"نيويورك تايمز".. حيث وصفت الصحيفة الأمريكية فوز الدكتور محمد سعد الكتاتني، أمين عام حزب الحرية والعدالة برئاسة أول مجلس شعب مصري بعد ثورة 25 من يناير بأنه علامة فارقة في مسيرة التحول التي تشهدها الإخوان من جماعة محظورة إلي هيكل سياسي معترف به من الجميع. وأوضحت الصحيفة أنه بعد أكثر من 80 عاما من الصراعات التي خاضتها الجماعة تحت حكم الاستبداد والسلطوية، تمكنت من أن تحصد ما يقرب من نصف مقاعد البرلمان خلال أول انتخابات تشريعية "نزيهة" تشهدها البلاد منذ سقوط الرئيس السابق حسني مبارك ، لتكتسب بذلك قوة سياسية وآمالا بشأن نيل شرعية أتت بها عملية الديمقراطية من خلال الاقتراع علي منصب رئيس البرلمان. ومن جهة أخري واصلت الصحيفة تسليط الضوء علي المشاكل الاقتصادية في مصر، حيث أشارت إلي أن تلك المشكلات تضيف مخاطر إلي الطريق السياسي الجديد الذي تسلكه البلاد. وتقول الصحيفة إنه بعد عام من الاضطرابات غير المنتهية والحكم العسكري، تواجه مصر أزمة مالية حادة يمكن أن تقوض التحول السياسي وتفرض تحدياً كبيراً علي الإسلاميين الذين وصلوا إلي الحكم. تراجع العسكري وأكدت الصحيفة في تقرير لها أنه ربما تضطر الحكومة قريبا إلي إصلاح نظام دعم الطاقة الذي يخصص له حوالي خمس الإنفاق الحكومي، وكانت الزيادة في أسعار السلع الغذائية وتخفيض الدعم قد أثار أعمال شغب في مصر في الماضي. وبررت ذلك بأن فيه دلالة علي مدي خطورة الوضع، راجع المجلس العسكري نفسه واستأنف التفاوض مع صندوق النقد الدولي من أجل قرض قيمته 3.2 مليار دولار، بعد أن تم رفض اتفاق مماثل باعتباره يمثل إهانة للسيادة الوطنية، إلا أن مسئولي الحكومة الآن يقولون إنهم ربما يسعون إلي قرض أكبر. كما اهتمت الصحيفة بمرور الذكري الأولي لثورة 25 يناير، وقالت إن المظاهرة الضخمة التي شهدها ميدان التحرير الأربعاء والجمعة الماضيين، تحولت إلي تنافس بين الإسلاميين والنشطاء الآخرين حول ما إذا كان هذا احتفالا بالإطاحة بمبارك أم مسيرة ضد الحكم المستمر للمجلس العسكري. وأضافت الصحيفة، أن الحشود التي تجمعت كانت مثل تلك الحشود التي تظاهرت في وقت الثورة، إلا أن روح الوحدة تراجعت أمام انقسامات جديدة: الإسلاميون ضد الليبراليين، والفائزون سياسياً ضد الخاسرين، ومبرمو الصفقات الراغبين في التسوية مع المجلس العسكري ضد النشطاء المطالبين بخروجه فوراً من السلطة. اليمين واليسار أما ال" واشنطن بوست" فقد ركزت أكثر علي "الإسلام السياسي" وظهور الإخوان المسلمين بقوة علي الساحة السياسية، حيث نقلت الصحيفة تقريرا عن وكالة " الأسوشيتدبرس" قالت فيه ان الإخوان بعد النجاح الانتخابي الذي حققوه انقلبوا علي الليبراليين بميدان التحرير. وأشارت الوكالة إلي أن كلا الطرفين عازم علي إبراز قدرته علي حشد أكبر عدد ممكن من المؤيدين لإظهار ثقله في بلد مازال يعاني الهزات الارتدادية بعد الإطاحة بمبارك، ووصفت المشهد في الميدان حيث راح الإسلاميون يؤكدون تواجدهم بالميدان من خلال اللجان الشعبية والمنصة إلا أن صيحات الأغاني الدينية تشير إلي لهجة الاحتفال بما وصفوه بنجاح الثورة، ولاسيما البرلمان الجديد. وعلي النقيض احتشدت الجماعات الليبرالية هاتفة يسقط يسقط حكم العسكر، ليفوق عدد مؤيديهم نظرائهم الإسلاميين كثيرا، وتشير الوكالة إلي أن التنافس علي النفوذ بين الإخوان المسلمين والقوي الليبرالية يتمركز في المجلس العسكري الحاكم، ففيما يطالب النشطاء بتسليم السلطة فورا لحكومة مدنية أبدي الإخوان استعدادهم لقبول وعد جنرالات المجلس بترك حكم البلاد لسلطة مدنية مع نهاية يونية. ومن ناحيتها كتبت الصحيفة في تقرير آخر خاص بها قائلة إنه بعد عام من رحيل الرئيس السابق حسني مبارك، بات واضحا أن الإخوان المسلمين لديهم تفويض لقيادة مصر، التي تواجه أخطر تهديد لها يتمثل في التراجع الإقتصادي الغير مسبوق. وأشادت الصحيفة الأمريكية بالإخوان مشيرة إلي أنهم راغبين في احترام الوضع العلماني الراهن وتسوية الصراعات، متجهين نحو العمل مع المصرفيين الدوليين لاستعادة النمو الاقتصادي كما أنهم يحاولون التقليل من الدعوات المتشددة إزاء حظر المشروبات الكحولية وارتداء البيكيني في مصر. ولفتت الصحيفة إلي المواقف التي تعبر عن اعتدال الإخوان واتجاهم نحو الحفاظ علي الوضع العلماني حيث كان حزب الحرية والعدالة قد أعلن قبل أسبوع أنه لن يتدخل في المناطق الصناعية المشتركة التي تديرها مصر وإسرائيل لتعزيز التجارة بين شريكي السلام. كما أجري الحزب لقاءات مع وفد من صندوق النقد الدولي لمناقشة قرض ال 3 مليارات دولار الذي كان المجلس العسكري قد رفضه قبل عدة أشهر. كما سعي الحزب لطمأنة شركات السياحة بأنه لن يدعم أي تشريع نحو منع النساء من ارتداء ملابس كاشفة علي شواطئ المنتجعات السياحية، ونشر الحزب علي صفحته في موقع "فيس بوك" صورا للمرشد العام لجماعة الإخوان وهو يصافح السائحين في محافظة الأقصر، وصورا أخري لبعض أعضاء الحزب في منطقة الأهرامات السياحية يتجولون وسط السائحين. قلق أمريكي ومن ناحيتها أبرزت صحيفة " لوس أنجلوس تايمز" تصريحات السيناتور الأمريكي جون ماكين تعليقاً علي قرار منع نشطاء أمريكيين من مغادرة مصر، وقالت، إن ماكين قال إن هذا الأمر قد أثار قلقه بشكل شخصي. ودعا ماكين السلطات المصرية إلي وقف مضايقات منظمات المجتمع المدني، وحذر من أن التحقيقات "العنيفة"، علي حد وصفه، والتي تُجري معهم قد تؤدي إلي انتكاسة في الشراكة المستمرة منذ أمد طويل بين مصر والولايات المتحدة. وقال ماكين: "لقد شاهدت بقلق متزايد وغضب كيف تعامل الحكومة المصرية المنظمات الأمريكية غير الحكومية التي تعمل بشكل سلمي وشفاف من أجل دعم المجتمع المدني في مصر". وأضاف ماكين، عضو لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، ورئيس المعهد الجمهوري الدولي الذي كان من بين المنظمات المستهدفة في مصر إنه يشعر بما يكفي من القلق لاستهداف سام لحود، مدير المعهد في مصر، ورفاقه من العاملين بالمنظمات الأمريكية غير الحكومية في الإعلام الرسمي المصري. ومن المثير للغضب أن يتم احتجاز هؤلاء النشطاء ضد رغبتهم من جانب السلطات المصرية، ويتم منعهم من مغادرة البلاد. ثورة لم تكتمل أما صحف بلاد الضباب "بريطانيا" فقد رأت أن الثورة المصرية تفقد جاذبيتها وهي ثورة غير مكتملة حيث قالت صحيفة ال"فايننشيال تايمز" أنه بعد مرور عام علي الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس مبارك، عاد شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" يتردد بقوة في ميدان التحرير مع دعوة الشباب الذي أطاح بالرئيس السابق إلي ثورة ثانية. وأشارت الصحيفة إلي أن النشطاء الشباب محبطون جراء ما يعد "ثورة غير مكتملة"، لذا يطالبون برحيل المجلس العسكري تاركا السلطة للبرلمان الآن وليس بعد انتخاب رئيس الجمهورية في يوليو المقبل. وفيما جاء تمثيل شباب الثورة في البرلمان ضعيف في مقابل هيمنة الإسلاميين لكن ما هو أكثر ضررا لهؤلاء الناشطين تلك الإتهامات والتلميحات من قبل بعض القوي السياسية وكذلك وسائل الإعلام الرسمية التي تزعم أن منتقدي العسكر مأجورين من قبل بلدان أجنبية تريد الوقيعة بمصر. وتلفت الصحيفة انه فيما تصرح القوي الإسلامية بالتزامها بمطالب الثورة، إلا أن هذه القوي أبقت علي مسافة من الشباب خشية من إستعداء الجيش والمخاطرة بإلغاء الانتخابات التي حققوا فيها فوزا كبيرا. أما الصحيفة البريطانية الأكثر جدلا ال"جارديان" فقد تابعت المظاهرات الحاشدة التي شهدتها مصر في الذكرة الأولي لثورة 25 يناير، وقالت إنه بعد عام من الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك، عاد المحتجون إلي ميدان التحرير لمحاسبة المجلس العسكري. وأضاف مراسل الصحيفة في القاهرة "جاك شينكر"، أنه خلال 365 يوما من اندلاع الثورة التي هزت الساحة العالمية، اتسعت الفجوة بين آمالها وإنجازاتها أمام النشطاء الذين شاهدوا أقرانهم يموتون أولا في نضالهم ضد حسني مبارك، ثم في الانتفاضات التي قامت بعد ذلك تستهدف المجلس العسكري الذي حل محله. وأشارت الصحيفة إلي أن أغلب الهتافات في ميدان التحرير كانت تستهدف المشير طنطاوي، رئيس المجلس العسكري، مع المطالب بتسليم السلطة فورا للمدنيين. وقالت الجارديان إن البعض توقع مشكلات في ميدان التحرير نفسه، ليس بالضرورة بين المتظاهرين وقوات الأمن، ولكن بين المعارضين للمجلس العسكري والمؤيدين له مثل الصفوف الرسمية للإخوان المسلمين، لكن التواجد السلمي المشترك ساد إلي حد كبير في الميدان. دولة القانون وفي الناحية الأخري من البحر المتوسط نجد الصحف الفرنسية وقد اهتمت ب"سنة أولي ثورة" ففي مجلة "لوبوان" نشرت وزارة الخارجية الفرنسية بمناسبة الاحتفال بالذكري السنوية الأولي لثورة 25 يناير التي احتفل بها المصريون بياناً رحبت فيه بمطالب الثوار المطالبة بتخفيف حالة الطواريء وإطلاق سراح بعض السجناء ونقل السلطة التشريعية إلي السلطات المدنية. ونقلت المجلة الفرنسية تفاصيل البيان الذي تضمن أن فرنسا تشيد بالقرارات التي اتخذتها السلطات الانتقالية في مصر لرفع حالة الطوارئ والإفراج عن 1959 سجينا تمت إدانتهم من قبل محاكم عسكرية. واستهلت الخارجية بيانها قائلة: "في الوقت الذي تحتفل فيه مصر بالذكري السنوية الأولي لثورة 25 يناير فإن هذه التدابير تسير في الاتجاه الصحيح لأنها تؤيد إقامة دولة القانون".