زادت ميزانية الجيش الإسرائيلي 4 مرات خلال العام 2011، وبصورة سرية تماما، بسبب تداعيات الثورة المصرية، التي تركت، رغم ذلك، آثارا ايجابية علي الاقتصاد الإسرائيلي، سواء عبر الاستيلاء علي حصة مصر من السائحين لاجانب، أو عبر زيادة الصادرات الإسرائيلية إلي مصر بنسبة 40% خلال 2011، مقارنة بالعام 2010، فيما تراجعت صادرات مصر إلي إسرائيل بنسبة 50%. وذكرت بيانات شعبة التجارة الخارجية باتحاد الصناعات الإسرائيلية أن قيمة الصادرات الإسرائيلية إلي مصر بلغت 200 مليون دولار خلال العام 2011، بزيادة قدرها 40% عن قيمتها عام 2010، في حين زادت إجمالي الصادرات الإسرائيلية إلي الخارج بنسبة 11%. ووصفت صحيفة "يديعوت احرونوت" الإسرائيلية الزيادة بأنها كبيرة، "خاصة عندما نضع في الاعتبار أن مصر دولة فقيرة للغاية، وتعاني أزمة اقتصادية شديدة منذ اندلاع الثورة فيها"، بحسب الصحيفة. وحققت الصادرات الإسرائيلية الكيميائية إلي مصر قفزة كبيرة، بلغت 211%، بقيمة بلغت 118 مليون دولار، بينما زادت الصادرات البلاستيكية بنحو 20%، فيما تراجعت منتجات التعبئة والتغليف بنحو 40% وتراجعت صادرات الأقمشة والنسيج بنحو 3.6% وتراجعت صادرات الآلات والماكينات بنحو 64% وهو ما أرجعته الصحيفة إلي ضعف التنسيق الأمني بين الدولتين. وأوضح تقرير اتحاد الصناعات الإسرائيلية أن إجمالي التجارة بين مصر وإسرائيل تراجع بنسبة 23 خاصة عقب توقف ضخ الغاز من مصر إلي إسرائيل بسبب سلسلة من التفجيرات التي أصابت خط الأنابيب في سيناء خلال العام الماضي، مما أدي إلي تراجع الصادرات الكيميائية المصرية إلي إسرائيل بنحو 59% وتراجع الصادرات المصرية إلي إسرائيل عموما بنسبة 49% ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن مدير عام اتحاد الصناعات الإسرائيلية، امير حايك، قوله إن رجال الأعمال المصريين والإسرائيليين نجحوا في الفصل بين أنشطتها الاقتصادية والظروف السياسية رغم التغييرات السياسية التي تشهدها مصر، بما حافظ علي العلاقات الاستراتيجية بين البلدين. استعدادات إسرائيلية علي الصعيد العسكري، زادت ميزانية الجيش الإسرائيلي 4 مرات خلال العام 2011، بسبب تداعيات الثورة المصرية، وثورات الربيع العربي، وما صاحب ذلك من اضطرابات وتغيرات استراتيجية في منطقة الشرق الأوسط. وذكرت صحيفة "ذا ماركر" الاقتصادية الإسرائيلية أن ميزانية وزارة الدفاع الإسرائيلية، البالغة 14.5 مليار دولار، زادت خلال عام 2011 أربع مرات بأكثر من 880 مليون دولار، بناء علي طلبات قدمتها وزارة المالية و4 قرارات من لجنة المالية بالكنيست الإسرائيلي، بشكل سري دون إطلاع الجمهور والإعلام عليها. أوضحت الصحيفة أن ميزانية الجيش الإسرائيلي زادت في ذلك العام للمرة الأولي بنحو 182 مليون دولار في 8 فبراير 2011، استجاب لطلب من وزارة المالية وصدقت عليه لجنة المالية بالكنيست، وتم تحويل المبلغ من أموال لم يتم استغلالها من ميزانية 2010 بينما زادت ثلاث مرات خلال شهر ديسمبر الماضي فقط، فزادت في 10 ديسمبر 2011 بنحو 164 مليون دولار لتمويل بناء الجدار الأمني علي الحدود الإسرائيلية المصرية؛ وزادت في 20 ديسمبر بنحو 203 ملايين دولار من أموال لم يتم استغلالها من ميزانية عام 2011؛ وزادت للمرة الرابعة في 28 ديسمبر بنحو 430 مليون دولار بفضل جهود من وزير المالية الإسرائيلي، يوفال شتاينيتس، من فائض ميزانية الحكومة، وبموافقة مشتركة من لجنتي المالية والأمن والشؤون الخارجية بالكنيست. ولفتت الصحيفة إلي أن وزارة الدفاع الإسرائيلية هي الوزارة الوحيدة التي تمتعت بزيادة ميزانيتها بهذه المبالغ الكبيرة، بدعم من وزير المالية ومسؤولي وزارته، وأشارت إلي زيادة ميزانية وزارة الدفاع بنحو 860 مليون دولار عام 2010 . قالت إن وزارة الدفاع الإسرائيلية طلبت خلال عام 2011 زيادة ميزانيتها بنحو 5 مليارات شيكل (اي ما يعادل ملياراً و300 مليون دولار)، وفاء لوعد من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لوزير دفاعه ايهود باراك، في أغسطس 2010 . وسبق لباراك أن قال في تصريحات لصحيفة "وول ستريت جورنال"، في مارس 2011، إن إسرائيل ستطلب من الولاياتالمتحدة زيادة مساعداتها العسكرية لإسرائيل بمبلغ لا يقل عن عشرين مليار دولار، بسبب التغييرات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، بما تحمله من مخاطر متزايدة علي إسرائيل، في إشارة إلي ثورة 25 يناير التي أطاحت بالنظام السابق في مصر. استهداف النيل وقد يتساءل البعض عن أسباب زيادة الموازنة االعسكرية الإسرائيلية، أو بمعني أدق أوجه الانفاق الجديدة التي سيتم توجيه هذه المخصصات إليها، وهو سؤال يتجاوز فكرة زيادة التسليح أو حتي تطويره. وربما نجد بعض الاجابات في زيادة انتشار الجيش الإسرائيلي علي طول الحدود المصرية، بدعوي مواجهة المتسللين، سواء كانوا فلسطينيين أو افارقة، اضافة إلي ما يجري الحديث عنه بشأن تشكيل تحالف للتصدي لجماعة الإخوان المسلمين والإسلام السياسي، مع كل من جنوب السودان وأوغندا وكينيا وإثيوبيا. ومنذ أيام قليلة تم الكشف عن محور جديد تعمل عليه إسرائيل لتشكيل تحالف يضم جنوب السودان وقبرص والأكراد والبربر، والعمل علي ضم إيران أيضا بعد إسقاط نظام الحكم الحالي فيها! ويقول البروفيسور دانييل بايبس، رئيس منتدي الشرق الاوسط بالولاياتالمتحدةالامريكية، إن إسرائيل نفذت في جنوب السودان استثمارا طويل الاجل، لدمجها في استراتيجية إسرائيلية للتحالفات الواسعة تضم كما اسلفنا قبرص والاكراد والبربر، وايران مستقبلا، بعد اسقاط نظام الحكم فيها، لافتا إلي أن إسرائيل تعتزم استغلال الموارد الطبيعية المتوافرة لدي جنوب السودان، فضلا عن كونها تشكل وزنا ثقيلا في المفاوضات الخاصة بمياه النيل، للضغط علي مصر، بالاضافة إلي أن إسرائيل تروج لجنوب السودان باعتبارها دولة اقيمت لطائفة غير مسلمة، اعتراضا منها علي الحكم الاسلامي وحكم الاغلبية المسلمة، بما يعني الدعوة إلي تكرار هذا السيناريو في دول أخري. والقصد واضح هنا في سياق ما يتردد عن مخططات لتقسيم مصر، واقامة دولة للمسيحيين فيها، وكذلك الامر بالنسبة للعراق وليبيا، وكل الدول التي تضم اقليات دينية أو عرقية. من هنا لا نجد أي مشكلة في التعامل بجدية تامة مع الحديث القائل بان إسرائيل، والولاياتالمتحدة ايضا، تقف وراء اية نعرات طائفية، أو دعوات لتقسيم البلاد، تثار هنا أو هناك، بما لا يجعل الحديث في هذا الموضوع متكلفا أو مبالغة، كما اعتاد البعض أن يقولوا كذلك. وأكد بايبس انه ينبغي علي إسرائيل والغرب أن يدعما جنوب السودان بمنحها مساعدات في مجالات الصحة والزراعة والتعليم، بالاضافة إلي المساعدات العسكرية، حتي تتحول إلي قوة اقليمية كبري حليفة لإسرائيل والغرب. كانت إسرائيل قد أعلنت عن اتفاقيات لتسليح وتدريب جيش جنوب السودان، استعدادا لحرب قادمة مع السودان، أي علي ضفاف نهر النيل، بينما ننشغل نحن في مصر بمشاجرات علي مقعد هنا، ولقب هناك، وراء غوغائية لا تدرك حجم المخاطر التي تحيق بنا. هل علمتم الآن، أين ستذهب المخصصات الاضافية التي حصل عليها الجيش الإسرائيلي؟.. نسيت أن أشير أيضا إلي أن إسرائيل عرضت مساعدات امنية واستخباراتية علي نيجيريا لمواجهة جماعة "بوكو حرام" المتشددة في شمال نيجيريا، ورد النيجيريون في المقابل بتقديم تعهدات بزيادة إنتاجهم من النفط إلي مليون برميل يوميا لسد العجز المتوقع في سوق اللنفط العالمي، اذا ما اندلعت الحرب مع ايران، وقررت طهران إغلاق مضيق «هرمز» في الخليج العربي، أو إذا ما قرر الغرب تنفيذ حظر علي النفط الايراني، دون الحاق الضرر بالاقتصاد العالمي. إذا كانت هذه هي محاور التحركات الإسرائيلية وخريطتها، فهل لديكم ما تقولونه عن تحركات عربية مشابهة؟!