التنسيقية تعقد صالونًا نقاشيًا حول أغلبية التأثير بالفصل التشريعي الأول بالشيوخ    الإسماعيلية: إغلاق مزرعة سمكية مخالفة بمركز القصاصين (صور)    نشرة التوك شو| انخفاض سعر الصرف.. والغرف التجارية تكشف موعد مبادرة خفض الأسعار..    الغرف التجارية: مبادرة خفض الأسعار تشمل كل القطاعات.. وهدفها إحداث تأثير سريع على حياة المواطن    رئيس وزراء كندا: نعتزم الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر ويجب نزع سلاح حماس    الوضع في الأراضي الفلسطينية وسوريا ولبنان محور مباحثات مسؤول روسي وأمين الأمم المتحدة    طبيب الزمالك السابق: إدارة النادي طالبتني بإقناع زيزو بتجديد عقده    التوأم يشترط وديات من العيار الثقيل لمنتخب مصر قبل مواجهتي إثيوبيا وبوركينا فاسو    ختام منافسات اليوم الأول بالبطولة الأفريقية للبوتشيا المؤهلة لكأس العالم 2026    المصري يواجه هلال مساكن فى ختام مبارياته الودية بمعسكر تونس    الأهلي يرفض عرضين من فرنسا والسعودية لبيع محمد عبد الله    مدير أمن قنا الجديد: ملاحقة العناصر الإجرامية وضبط أوكار المخدرات والأسلحة أهم أولوياتي    في حفل زفاف بقنا.. طلق ناري يصيب طالبة    مصرع شاب وإصابة 4 في تصادم سيارة وتروسيكل بالمنيا    3 مصابين فى تصادم «توكتوك» بطريق السادات في أسوان    بعد 20 سنة غيبوبة.. والد الأمير النائم يكشف تفاصيل لأول مرة (فيديو)    روسيا: تسجيل 6 هزات أرضية جديدة في شبه جزيرة كامتشاتكا    أخبار × 24 ساعة.. رئيس الوزراء: عملية التجويع لأهالينا فى فلسطين جريمة حرب    أهم الأخبار العربية والعالمية حتى منتصف الليل.. الاتحاد الأوروبى وإيطاليا يدعمان السلطة الفلسطينية ب23 مليون يورو.. وفلسطين تدعو استونيا وليتوانيا وكرواتيا للاعتراف بها.. ومباحثات روسية سورية غدا بموسكو    مدير تعليم القاهرة تتفقد أعمال الإنشاء والصيانة بمدارس المقطم وتؤكد الالتزام بالجدول الزمني    عيار 21 يعود لسابق عهده.. أسعار الذهب تنخفض 720 للجنيه اليوم الخميس بالصاغة    سعر البطاطس والطماطم والخضار بالأسواق اليوم الخميس 31 يوليو 2025    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الخميس 31 يوليو 2025    حدث ليلًا| مصر تسقط أطنانا من المساعدات على غزة وتوضيح حكومي بشأن الآثار المنهوبة    وزير الرياضة يتفقد نادي السيارات والرحلات المصري بالعلمين    لاعب أتلتيكو مدريد ينتقل إلى جيرونا    مصر ترفع رصيدها إلى 57 ميدالية متنوعة في دورة الألعاب الأفريقية للمدارس بالجزائر    تنسيق المرحلة الأولى 2025.. لماذا يجب على الطلاب تسجيل 75 رغبة؟    25 صورة من تكريم "الجبهة الوطنية" أوائل الثانوية العامة    الخزانة الأمريكية: شبكة شحن خاضعة للعقوبات تدر مليارات الدولارات لصالح الحكومة الإيرانية    ترامب: وزارة الخزانة ستُضيف 200 مليار دولار الشهر المقبل من عائدات الرسوم الجمركية    القبض على 3 شباب بتهمة الاعتداء على آخر وهتك عرضه بالفيوم    «أمطار في عز الحر» : بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: «توخوا الحذر»    ب 3 أغنيات.. حمزة نمرة يطلق الدفعة الثانية من أغنيات ألبومه الجديد «قرار شخصي» (فيديو)    الوجه الآخر للراحل لطفى لبيب.. تزوج «صعيدية» ورفض عمل بناته بالتمثيل    مونيكا حنا: علم المصريات نشأ فى سياق استعمارى    فوضى في العرض الخاص لفيلم "روكي الغلابة".. والمنظم يتجاهل الصحفيين ويختار المواقع حسب أهوائه    هدى الإتربي بفستان قصير ومي عمر بملابس البحر.. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    حدث بالفن| وفاة نجم وعزاء شقيق مخرج شهير والعرض الخاص ل"روكي الغلابة"    شادى سرور ل"ستوديو إكسترا": بدأت الإخراج بالصدفة فى "حقوق عين شمس"    يحييه إيهاب توفيق ومحمد فؤاد.. تفاصيل حفل «كاسيت 90» ب موسم جدة 2025    هل تتأثر مصر بزلزال روسيا العنيف، البحوث الفلكية تحسمها وتوجه رسالة إلى المواطنين    حياة كريمة.. الكشف على 817 مواطنا بقافلة طبية بالتل الكبير بالإسماعيلية    أسباب عين السمكة وأعراضها وطرق التخلص منها    ننشر أسماء المصابين ال4 في «تصادم ملاكي بتوك توك» على طريق المطرية بورسعيد    طريقة عمل المهلبية بالشيكولاتة، حلوى باردة تسعد صغارك فى الصيف    أمين الفتوى يوضح آيات التحصين من السحر: المهم التحصن لا معرفة من قام به    الشيخ خالد الجندي: الرسول الكريم ضرب أعظم الأمثلة في تبسيط الدين على الناس    وزارة العمل تبدأ اختبارات المرشحين للعمل في الأردن.. بالصور    ما المقصود ببيع المال بالمال؟.. أمين الفتوى يُجيب    ما حكم الخمر إذا تحولت إلى خل؟.. أمين الفتوى يوضح    الورداني: الشائعة اختراع شيطاني وتعد من أمهات الكبائر التي تهدد استقرار الأوطان    أهمية دور الشباب بالعمل التطوعي في ندوة بالعريش    هبوط أرضي مفاجئ في المنوفية يكشف كسرًا بخط الصرف الصحي -صور    جامعة بنها الأهلية تختتم المدرسة الصيفية لجامعة نانجينج للطب الصيني    محافظ أسوان يوجه بالانتهاء من تجهيز مبني الغسيل الكلوي الجديد بمستشفى كوم أمبو    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 30 يوليو 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإصدار المعاصر للخطاب السلفي
نشر في القاهرة يوم 01 - 11 - 2011


مازلت أحسد المنتمين للخطاب السلفي علي هذا الحضور الشرعي وغير الشرعي أيضاً داخل إحداثيات السياق المجتمعي والمشاركة بصورة علنية معظم الوقت وسرية بعض الأحايين في فعالياته بل وتأسيسها أيضاً. وهذا لا يشير إلي قوة الخطاب السلفي فحسب، بل وإلي قدرته علي النفاذ والتوغل بشراسة بين ثنايا طوائف وفئات المجتمع التي أصبحت مؤهلة تماماً إلي دغدغة مشاعرها بنصوص تراثية غير محققة أو لم تخضع إلي آليات التحليل والتأويل. وهذا الحضور الذي لا يقبل الشك في رصده محكه الرئيسي هو جوهر هذا الخطاب، فجوهره لا يقبل مجرد فكرة الاستماع إلي إمكانية الجمع بين الماضي المرجعي والواقع الفعلي المعاش الذي يتسم بالمعرفة والمتغيرات الوافدة الثقافية رغم أنه شديد المعاصرة لما يتعرض له يومياً من فتاوي يجدها بعض المستنيرين عجيبة وغريبة عن النسق الفقهي المعروف، وهو في ذلك خطاب أحادي . وعجيب ما رصدته بحضور كثيف وطاغٍ في الخطاب الديني المعاصر، فهناك نبرة استعلائية غريبة، رغم أن الخطاب الديني في كنهه رسالة وقيمة إنسانية في الأساس، ولكن ما سمعته وقرأته من كتابات أكد لدي حقيقة هي أن الخطاب الديني السلفي الذي بات تائهاً بين التجديد والتطوير والتعديل يسعي إلي تأسيس درجات متعددة من القمعية والسلطوية، فصاحب الخطاب والنص لايزال يضفي علي نفسه صفة القاضي والمشرع والمفتي وصاحب الأمر والنهي والقمع علي المتلقي البسيط حتي يحول خطابه الديني إلي سلطة قمعية. فعجباً ونحن في مصر ندعي أن الإسلام هو دين الأغلبية (وهو في الحق ليس ادعاء بحكم البيانات والإحصائيات) ومع ذلك يصر الخطاب السلفي في نصوصه المعاصرة وبرامجه الفضائية الفراغية أنه يتحدث لقلة فقط وهم المتفقون معهم في أيديولوجياتهم الدينية والمتوائمين معهم علي المستوي التنظيري وأحيانا الذين يجدون هوي في فقه الحالة المشهورين به، وأنا لا أزعم بل أكاد أجزم بأن جميع البرامج الفضائية الدينية لا تحاول الاقتراب من فكرة الحوار مع الآخر. هذا الآخر ليس المختلف عقدياً مع هوية الخطاب السلفي، بل المختلف عنه من ناحية مصادر التكوين وإشارات السلوك الاجتماعي. ولقد نجح الخطاب السلفي المعاصر في ضمان بقاء انتشاره مستخدماً في ذلك أساليب الدعاية الخومينية عن طريق التسجيلات الصوتية التي سرعان ما تحولت إلي وجود مرئي طاغٍ، والناظر بروية للخطاب السلفي المعاصر (الذي يري الإصلاح هو مسألة الرجوع إلي الأصل أي ما كان سبباً في الصعود) يستطيع بسهولة أن يحدد عناصره وملامحه، فهو لا يخرج عن قضايا محددة، فهو تارة ينتظر جديد المؤسسة الدينية الرسمية من أخبار وفتاوي ومحاضر اجتماعات وتصريحات وربما زلات عابرة، حتي ينصب نفسه مدافعا عن الإسلام الذي هو في الأساس في حماية مطلقة من الله. فما انطلقت بيانات تتعلق بالنقاب وجواز التبرع للكنائس وأحكام التعامل مع البنوك الأجنبية وشركات التأمين، وأخيراً انتشار الزوجة الصينية بالأسواق وعدم إجازة زواج ممن ينتمون إلي الحزب الوطني المنحل بإحدي فتيات المسلمين، حتي نجد أقطاب الخطاب السلفي يفتشون في أوراقهم ودفاترهم القديمة والمستوردة أيضاً فيستندون إلي فكر رجال نحسبهم علي خير أولاً، لكنهم ليسوا بمحمد (عليه الصلاة والسلام) ولا هم بخلافة الراشدين بمقربة. ووسط عشرات القنوات الفضائية الفراغية وعشرات الكتب التي من المفترض أنها دينية تجد معظمها تحمل عقاباً أكثر مما تحمل حلولاً وعلاجات لمشكلات عصرنا المضطرب، ومن المدهش أن سمة العقاب هذه لها كيمياء وحالة من الرضا بنفس وقلب وعقل المستمع والقارئ، فهو لايريد أن يرهق نفسه بالتفكير والتأويل والتحليل لما يطالعه أو يسمعه من معلومات دينية، لذا فالمستمع ذو الآذان الكبيرة ليس بحاجة ماسة إلي بدائل يختار من بينها أكثر مما هو بحاجة إلي وجود قوة بشرية رادعة له . ونجدهم تارة أخري يدغدغون مشاعرنا بنصوص الرقائق التي ربما تنتهي بسامعيها إلي التسليم بقيم التواكل والصبر واللامبالاة، في الوقت الذي نحتاج إلي تدعيم ونشر قيم العمل والإنتاج، وقبول الآخر طوعاً أو قسراً أو محبة أو كراهية، المهم أن نقبله. وفي الوقت الذي يصر أنصار هذا الخطاب أنهم يكسبون أرض جديدة في ميدان الفكر والحوار، أؤكد أنهم يخسرون أراضي أخري كثيرة. فهل بالجانب الشكلي الخارجي سنستعيد الحضارة والهوية، ولماذا يصر الخطاب السلفي أننا فقدنا حضارتنا وهويتنا، وإذا كان أنصار هذا الخطاب يؤكدون في كل لحظة أن الماضي هو المرجعية التي ينبغي أن تحكم سياسات البشر، وفي هذا تعصب ديني قد يفسد الدين الحقيقي. وتبقي نقطة مثيرة جداً في الخطاب الديني المعاصر الذي يجد كيمياء خاصة لدي مريديه، ألا وهي الحضور الأنثوي في هذا الخطاب . وهو غياب أكثر من الحضور، فلايزال الخطاب الديني المعاصر يري في المرأة مصدراً للغواية والفتنة، بل يذهب بعيداً بنصوصه إلي اعتبارها ظناً سيئاً علي طول الطريق، ودعاة وأئمة الخطاب الديني الذي بحاجة ضرورية للتطوير يمارسون هيمنتهم الذكورية وتحجيم دور المرأة في إثارة الغرائز والشهوات والشرور جميعها. إن الخطاب السلفي بحاجة إلي عملية تثوير جذرية، وكلما قرأت الآية القرآنية التي تقول (وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) أدركت علي الفور أننا أمامنا طريق طويل جداً لتغيير النبرة الاستعلائية للخطاب الديني، وأن قبول المناقشة وتقدير التنوع الثقافي دون استعلاء أو استكبار لهو أمر جلل بلا ريب . وأن خطاباً مثل هذا لا يحمل سمة التسامح وتقدير التنوع الثقافي والفكري دون قمع أو قهر لا يؤدي يوماً ما إلي بناء أو نهضة، بل سيسفر عن أجساد تمشي علي الأرض لا هدف لها في الحياة أو منها. فكيف تنهض هذه الأمة ولايزال بعض الدعاة والأئمة يدغدغون مشاعرنا وأعصابنا بقصص تاريخية عن الصراع الإسلامي ضد قوي غيبية، وأنه لا فائدة ترتجي من الحوار مع الآخر المختلف فكرياً وثقافياً.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.