اعتدنا أن نطالع في الصحف المصرية المختلفة صفحات متخصصة في الشئون الاسلامية منها علي سبيل المثال صفحة «فكر ديني» في الأهرام، و"إقرأ" في جريدة الوفد وصفحات "نور العالمين" و"الدين يقول لك " في الجمهورية و" شيوخ وعلماء" في جريدة روز اليوسف وغيرها، ولم تكن الشئون القبطية تحظي باهتمام مماثل حتي ظهرت مؤخرا صفحات مستقلة متخصصة في الشئون القبطية، بدأت بصفحة "قساوسة ورهبان" في جريدة روزاليوسف وبعد ذلك جاءت صفحة "اجراس الاحد" في الجمهورية وصفحة " قداس الأحد" في جريدة الوفد والسؤال: لماذا تأخر هذا الاهتمام الصحفي بالنصف الآخر من الأمة؟ وما الخط الذي تنتهجه هذه الصفحات؟ في البداية يقول الصحفي روبير الفارس مشرف صفحة «قساوسة ورهبان» ان جريدة روزاليوسف هي صاحبة المبادرة الاولي لتظهر اول صفحة مخصصة للأقباط في 29 فبراير 2006 وصاحب الفكرة هو الصحفي المستنيرعبدالله كمال رئيس التحرير وكانت وجهة نظره هي عمل صفحة للأقباط علي غرار صفحة "شيوخ وعلماء" التي تصدر يوم الجمعة، ويضيف روبير: لدي كامل الحرية في اختيار الموضوعات مما جعل التجربة تلاقي النجاح وهو ما شجع الصحف الأخري لخوض نفس التجربة.. اهم ما يميز تجربتنا انها تهتم بشئون الأقباط من جميع الطوائف (ارثوذكس، بروتستانت، كاثوليك) وهذا ما تفتقر اليه الصحف الاخري حيث يقتصر تركيزها علي طائفة الارثوذكس دون الطوائف الاخري نظراً لأنها طائفة الاغلبية. عن طبيعة الصفحة يقول روبير: الصفحة لا تشرح عقيدة ولا تعرض لمعجزات او حتي حوادث طائفية فلا نستطيع ان نقول انها دينية وايضا لا نستطيع القول انها سياسية لكن التعبير الادق انها ثقافية تهتم بنشر الانشطة الثقافية للكنيسة ودور الكنيسة في الاصلاح وهو ما بدأه البابا شنودة حين تبني خط الاصلاح الكنسي وكان له سلسلة مقالات عن ذلك في مجلة «مدارس الاحد» فالصفحة مبنية علي التنوير والاصلاح، علي سبيل المثال قمنا بالتصدي لرواية شفرة دافنشي كما فضحنا ماكس ميشيل وافكاره المنشقة عن الكنيسة وسجلنا معظم ردود الافعال حول عزازيل ورصدنا ردود فعل الكهنة العقلانية بعيدا عن المقاطعات والمظاهرات واجرينا العديد من الحوارات مع الاساقفة حول المهرجانات والانشطة المختلفة. اما سامح محروس مشرف صفحة «أجراس الاحد» بجريدة الجمهورية فيقول «بدأت الصفحة في ابريل 2009 بتكليف من رئيس التحرير وتعتبراولي الصفحات المخصصة للأقباط في الصحف القومية الثلاث وهناك صفحتان مخصصتان للصحافة الدينية هما «نور العالمين» التي تصدر يوم الجمعة وصفحة «الدين يقول لك» التي تصدر يوم الخميس والطابع السياسي في الصفحة يغلب علي الطابع الديني فالصفحة ليست ديكورا انما جاءت لتعبر عن نبض الاقباط وذلك عكس ما اتهمت به في بداية ظهورها من انها موالية للحكومة مجدي سلامة مشرف صفحة «قداس الاحد» بجريدة الوفد وهي احدث التجارب يقول «بدأت الصفحة في يونيو 2009 عندما تولي رئاسة التحرير سعيد عبد الخالق في ابريل الماضي وبدأها زميلي صبري صقر وهي ليست صفحة دين مسيحي انما هي صفحة تهتم بالشئون الداخلية للأقباط يغلب عليها الطابع السياسي في تناول الموضوعات عن تأخر ظهور تلك الصفحات يعلل روبير الفارس قائلا «الأقباط جزء لا يتجزأ من المجتمع المصري والصحافة التي تخص الأقباط يعود تاريخها الي ما قبل عام 1952 ولظروف ما توقفت تقريباً عام 1959 لتعود الي الظهور مؤخرا ويضيف: تعتبر مؤسسة روز اليوسف من اكبر المؤسسات الصحفية التي تهتم بشئون الأقباط في جميع إصداراتها وذلك من بدايتها وقد تجسد ذلك أخيرا في تخصيص صفحة اسبوعية بالجريدة كما اعتقد ان بعد خطوة المواطنة وتعديلات الدستور اصبح هناك انفتاح كبير جداً علي الثقافة المسيحية ليس فقط في الصحف انما ايضاً في الدراما التليفزيونية والسينمائية وهو الذي لم يكن يظهر من قبل. أما سامي محروس فذكر أن الجمهورية بدأت هذا من سنوات طويلة بمقال اسبوعي للبابا شنودة يطرح فيه الرؤية المسيحية للقضايا القبطية، والجمهورية عموما اعتادت ان تحتفي بأخبار الاقباط والكنيسة وتضعها في مقدمة اخبارها وصفحاتها .وبعد اقرار التعديلات الدستورية وحقوق المواطنة رأينا وجوب تفعيل ذلك عملياً حتي يأخذ الاقباط حقهم في ان يكون هناك تعبير ثقافي عنهم علي غرار صفحات الثقافة الدينية الاسلامية فالثقافة القبطية احد الروافد المهمة التي تشكل ثقافة المجتمع. اما مجدي سلامة فأكد أن جريدة الوفد من أقدم الصحف المصرية والتي تتبني منذ بداياتها شعار "الدين لله والوطن للجميع" ورأينا ان تحقيقاً لمبدأ العدالة والمساواة ان تكون هناك صفحة للأقباط علي غرار صفحة اقرأ الإسلامية وبالفعل لاقت الصفحة نجاحا كبيرا جدا. عن مدي ضرورة إسناد الإشراف علي الصفحة للصحفيين الاقباط يقول سامح محروس: المعيار الحقيقي هو ثقافة الصحفي فعلي سبيل المثال الصحفي الذي يعمل في القسم الاقتصادي يجب ان يكون علي الاقل علي دراية بالفرق بين السند والسهم، فيجب ان يكون الصحفي علي درجة من الالمام والثقافة والوعي تمكنه من نقل الصورة بدقة ويضيف: معظم العاملين معي في الصفحة مسلمون وانا كصحفي قبطي كنت وما زالت اكتب مقالات في «عقيدتي» وهي جريدة اسلامية تصدر عن دار التحرير ويستطرد قائلاً: مشاكل الاقباط لا يمكن ان تظل داخل جدران الكنيسة فيجب ان تظهر علي السطح ويشارك فيها ويتفاعل معها المجتمع بأسره فكثير من القضايا القبطية مثل قضايا الاحوال الشخصية وبناء الكنائس لن تحل الا من خلال تفهم المجتمع كله لها وايمانه واعترافه بها وأن القبطي شريك اساسي في المجتمع ويوضح روبير الفارس قائلا: الاقباط عموماً في مصر تربوا علي الثقافة الدينية الاسلامية في المدارس فكانوا يدرسون نصوص قرآنية وموضوعات اسلامية في اللغة العربية لكن مع الاسف العكس ليس صحيحا فعديد من الصحفيين المسلمين لا يزالون يخلطوا بين القس والاسقف والقمص كما ان هناك خلطا كثيرا في الصحف بين الالقاب الكهنوتية المختلفة وعدم معرفة التدرج الكهنوتي او الدين المسيحي بشكل عام لذلك اري ان من الافضل ان يقوم بتحرير الصفحة خاصة اذا كانت مهتمة بشئون الكنيسة اكثر من الاهتمام بالعمل العام للأقباط، صحفي قبطي. يخالف روبير الرأي الصحفي مجدي سلامة مسئول صفحة «قداس الاحد» في جريدة الوفد فيقول: اري ان الصحفي الذي يخلط في الالقاب والصفات هو صحفي مبتدئ ولا يسري هذا علي جميع الصحفيين فأنا مسلم وأحرر الصفحة القبطية لكن اقتصار الصفحة علي المحررين الاقباط تمييز مرفوض ويضيف «صفحة الشئون الاسلامية بالجريدة ظلت لمدة 6 شهور في التسعينات يحررها صحفي قبطي وكان يتناول فيها القضايا الاسلامية وكانت من الصفحات الناجحة جدًا فالمقياس الحقيقي هو ثقافة الصحفي».