بدأت موهبة رشيد عساف الفنية منذ نعومة أظافره من خلال الفرق المدرسية والتي انتسب بعدها إلي نقابة الفنانين بصفة متمرّن. كانت بداياته في المسرح الجامعي أوائل السبعينيات وكان من أبرز نجومه، ثم انتقل للعمل في المسرح القومي وقدّم مجموعة من المسرحيات علي خشبته، كما شارك سينمائيا في بطولة فيلم "الحدود" إلي جانب الفنان دريد لحام. وفي التليفزيون كانت بدايات عساف مع المخرج والممثل المعروف سليم صبري الذي أسند له دور البطولة في مسلسله التلفزيوني «البسطاء» من تأليف خيري الذهبي بداية الثمانينيات.. ليقدم بعدها عددا كبيراً من الأعمال المتميزة ومنها: دائرة النار، الطبيبة، البركان، العبابيد وبرع في مسلسلات الفانتازيا مثل الفوارس، الكواسر، صراع الأشاوس، المسلوب، والأعمال التاريخية من أمثال البحث عن صلاح الدين، أبناء الرشيد، عمان في التاريخ، بيوت في مكة، قبائل الشر، معاوية والحسن والحسين وفي إطار الدراما البدوية قدم مسلسل رأس غليص بجزءيه الأول والثاني. تم ترشيحه مؤخرا لبطولة مسلسل وفيلم عن مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، الإمام حسن البنا، في حواره مع " القاهرة" تحدث عن أسباب ترشيحه للدور واستعداه لتجسيد الشخصية كما تحدث بصراحة عن الوضع في سوريا . كيف جاء ترشيحك لأداء شخصية الإمام حسن البنا في عملين معا أحدهما سينمائي والآخر تليفزيوني؟ أنا في الأساس من عشاق شخصية الإمام ولكني لم اتوقع أن أقدمها يوما ما، ولكن عندما عرض علي المنتج محمد العنزي المعالجة الأولي للشخصية, وافقت قبل مرور يومين علي قراءتي للورق، ولو لم يعجبني الدور ما وافقت ولكني أحببت العمل كثيرا واعتبرته تحديا كبيرا لأن الشخصية غير تقليدية وتتمتع بكاريزما خاصة، ولا يشغلني الآن عدم وجود السيناريو حتي هذه اللحظة فالتعامل مع شركة انتاج كبري ومسئولين يدركون حجم العمل يعد أمرا مطمئنا تشجع بداياته علي الاستمرار دون قلق. هل معني هذا أن المنتج محمد العنزي هو الذي اختارك لهذا الدور؟ العنزي أخبرني أن شركة المها، وهي شركة انتاج كويتية تخصصت في الأعمال التاريخية والدينية الكبري، تنوي انتاج مسلسل عن الإمام حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، وانهم هو الذين رشحوني لأداء الدور وقبل أن أرد بالموافقة أو الرفض، رجعت لعدد كبير من المراجع والكتب وشاهدت فيلما تسجيليا عن واقعة اغتيال الشهيد حسن البنا وبعدها قررت خوض التجربة وتجسيد الشخصية رغم صعوبتها وعندما أبلغتهم بموافقتي، أرسلوا لي دراسة عن البنا والخطوط العريضة المحتمل تقديمها في المسلسل فزاد اقتناعي بالعمل علي هذه الشخصية الثرية دراميا . هل تقصد بالثراء الدرامي في شخصية البنا أنه جمع بين الدين والسياسة؟ بالتأكيد، لكن ما يهمني أكثر في شخصية البنا هو الجانب الإنساني مع إبراز الجوانب النضالية في حياته دون التعامل المباشر مع أفكاره السياسية. فأنا في الأساس لا أنتمي لجماعة الاخوان المسلمين وقد تجدني بعد تقديم شخصية البنا، أقدم شخصية أحد خصومه وبنفس القدر من التعاطف مع الجوانب الإنسانية في الشخصية فالمعيار في النهاية هو نجاحك في القدرة علي التجسيد. شاركت من قبل في مسلسل " معاوية والحسن والحسين" ويبدو أنك اعتدت تقديم هذه الشخصيات الشائكة، كيف تستعد لتجسيد شخصية البنا خاصة أن إياد نصار قدمها في مسلسل " الجماعة " العام الماضي؟ هناك جلسات عمل دائمة تجمعني بأسرة الشهيد البنا وأسعي من خلالها للبحث عن طريقة المشي وأدق التفاصيل في طريقة حواره، لفتاته ونظراته وطريقة ملابسه، باختصار أسأل كل من عاصروه عن ذكرياتهم معه حتي أكتشف مفاتيح الشخصية والتقط طرف الخيط لأبدأ استعدادي لها وأعتقد أنني مع المكياج والملابس سأصل إلي مرحلة اتمني أن تكون جيدة. أما بخصوص تقديم إياد نصار لنفس الشخصية في مسلسل الجماعة فأنا للأسف لم أشاهده كاملا وأعترف لك ان إياد ممثل متميز وسبق أن جمعتنا أعمالا مشتركة حيث جسدت دور والده في مسلسل " الأمين والمأمون " ولكن في كل الأحوال لا تشغلني هذه المقارنات بقدر مايهمني التدقيق والبحث عن الأفضل دائما. إصرار الإخوان المسلمين علي تقديم عملين عن البنا اعتبره البعض نوعا من الدعاية السياسية للجماعة في ظل حرية التعبير والتعددية الحزبية التي شرعتها ثورة التحرير في مصر.. هل تتفق مع هذا الرأي؟ قد يكون شكل الحياة السياسية تغير في مصر بعد رحيل النظام السابق، لكن بالنسبة لي شخصيا، لم اوافق علي أداء شخصية الإمام حسن البنا من اجل الترويج لأفكار الجماعة السياسية، ولو كنت شعرت بشيء من التورط في ذلك لأعتذرت علي الفور عن تقديم المسلسل خاصة أن النص لم يصلني كاملا حتي الآن ولو لم أجده علي مستوي يليق ومكانة البنا سأعتذر عن العمل بلا ندم . وافقت علي تقديم عملين عن شخصية واحدة .. كيف ستتعامل مع الكاميرا في الحالتين؟ السينما بالتأكيد هي الأعظم والأهم لأنها تعتمد علي التكثيف والايجاز وهنا يكمن الابداع وعلي الممثل الواعي ان يدرك الفرق بين تكنيك التصوير للسينما والتصوير للتليفزيون وطبيعة الصورة التي يجب ان تتفق وطبيعة الشخصية في الحالتين وأتوقع أن نبدأ تصوير المسلسل أولا وبعده الفيلم وقد يري المخرج عبدالباري أبوالخير إمكانية تصوير العملين بالتوازي واعتقد أنه قادر علي وضع خطة مناسبة للعمل في المسلسل والفيلم. أثار تقديمك لشخصية معاوية في مسلسل "معاوية والحسن والحسين" جدلا كبيرا من الناحية الدينية، بسبب تجسيد الصحابة، والآن تدخل منطقة شائكة مع حسن البنا ..هل اعتدت علي هذه المجازفات؟ مسلسل "معاوية والحسن والحسين" من المسلسلات التي لن تتكرر كثيرا في حياة الفنان وللعلم فقط، كنت قد قبلت المسلسل ووقعت عقده ثم تراجعت عنه خوفا من المغامرة وتأثرا بما أثير من جدل حول حرمة تجسيد الصحابة وبالفعل أسند دور معاوية للفنان سلوم حداد وقام بتصوير بعض المشاهد ثم تراجع عن الدور لارتباطه بأعمال أخري فكأنه كان مقدرا لي العودة مرة ثانية للمسلسل بعد أن حصلت الشركة المنتجة علي أكثر من 30 موافقة من مرجعيات دينية شيعية وسنية منها الإمام القرضاوي والشيخ سليمان العودة والشيخ حسين فضل الله والخميني ومشايخ العراق، خاصة أن الهدف من هذا المسلسل كان الخوض في المناطق الشائكة والخلافية للوصول إلي نظرة وسطية لرأب الصدع وتضييق هوة الخلاف بين الشيعة والسنة. رفضت العمل في مصر أكثر من مرة فهل تغيرموقفك بسبب الانتاج أم بسبب الموضوع المطروح؟ - الموضوع بالطبع مختلف لأنني أقدم شخصية حسن البنا وهي شخصية لها ثقل كبير في الساحة العربية دينيا وسياسيا، أما العروض التي قدمت لي في مصر فكانت دراما عادية والساحة المصرية مليئة بفنانين أحق مني بالعمل في بلادهم، وليس الأمر كما ادعي البعض أن المنتجين يلجأون إلينا لأننا أقل سعرا فهذا أمر غير مقبول علي الإطلاق . هل معني ذلك أنك بالغت في أجرك عن العملين خاصة أنك تتعامل مع شركة إنتاج كبيرة ؟ - اطلاقا لم اطلب أكثر من اجري في حدود المتعارف عليه فالمستوي المهني والرغبة في تقديم نماذج لم يسبق لي أن قدمتها اهم بكثير من مسألة الاجر التي أري أن حساباتها معروفة ولاتحتمل وجود أي أزمات علي الاطلاق ولن أخسر علاقة الصداقة القوية التي تربطني بالمنتج محمد العنزي وأعلم أن شركة المها تقدرني بشكل متميز. لكنك علي الأقل ستضع في اعتبارك أجورالفنانين المصريين الباهظة والتي تستهلك معظم تكاليف العمل؟ - ليس لي شأن بأحد فالإنتاج يقوم علي المكسب والتجارة وكل الفنانين أجورهم معروفة ولا يشغلني الآن إلا خروج العمل الفني بشكل جيد . هل كانت هناك ملاحظات من أسرة الإمام حسن البنا قبل قيامك بتجسيد الشخصية؟ - كلهم اتفقوا علي الشبه الكبير بيننا خاصة في العيون وقالوا انه لا ينقصني سوي الذقن , وعندما قاموا بوضع ذقن الإمام علي صورتي خرجت طبق الأصل من البنا وهذا كان بالنسبة لي دفعة معنوية كبيرة . الفنان دائما مهموم بقضايا وطنه ولا يمكن أن يعيش بمعزل عن السياسة .. كيف تري ما يحدث في سوريا الآن؟ - أنا من دعاة التغيير وليس التدمير خاصة أن المنطقة بأكملها مطمع للغرب منذ الحروب الصليبية وهناك مندسون يحاولون الوقيعة بين الشعوب بهدف إشعال النيران وعدم حدوث نهضة في المنطقة العربية ,وأري أن الوضع في سوريا يأتي بالحوار للوصول إلي اصلاحات حقيقية تخطو بالأمة إلي مرحلة الهدوء، وأقول لك بصراحة إن السبب الأساسي للمندسين هو البترول ولو انتهي ونفد ستنتهي معه كل هذه الأزمات .