عقل الرئيس    وزير الأوقاف السابق يطالب بعقوبات استثنائية لحماية براءة الأطفال من أي اعتداء    جامعة كفر الشيخ تواصل صعودها العالمي في تصنيف شنغهاي    بدء فعاليات التدريب المشترك «ميدوزا- 14» بجمهورية مصر العربية    قوى عاملة الشيوخ تناقش اليوم تعديل قانون التأمينات والمعاشات    أنواع الطعون على انتخابات النواب.. أستاذ قانون يوضح    "عيد الميلاد النووي".. حين قدّم الرئيس هديته إلى الوطن    تعرف على أسعار الخضراوات والفاكهة بأسوان اليوم الأحد 23 نوفمبر 2025    وزيرة التنمية المحلية: «اليونيدو» تنفذ 21 مشروعا في مصر بقيمة 61 مليون دولار    4.3 مليار دولار حجم صادرات مصر من الذهب خلال 8 أشهر    قناة السويس..حلم المنطقة الاقتصادية يتحقق    وزير الرى: تنفيذ خطة تطهيرات للترع والمصارف خلال السدة الشتوية    سعر الدولار أمام الجنيه فى بداية تعاملات اليوم الأحد    الزراعة تنفي تصفية سلالات الجيرسي وتؤكد دعم الإنتاج الحيواني    اسرائيل تكثف قصفها على مناطق عدة بجنوب قطاع غزة    وزير الخارجية يؤكد لنظيره الهندى دعم مصر لرئاسة بلاده مجموعة بريكس 2026    تايلور جرين تترشح لرئاسة أمريكا 2028 بعد استقالتها من الكونجرس وترامب السبب    غزة فى حماية الأمم المتحدة    الوجه الخفى للملكية    «سيد قطب» يحظر الإخوان فى أمريكا    ترتيب الدوري المصري قبل مباريات الأحد    كاف : الأهلي يبدأ رحلة المجموعات برباعية قوية فى شباك شبيبة القبائل    بسبب حكيمي، بايرن ميونخ يطلب مبررات عقوبة دياز للاستئناف    محمد صبرى موحد القطبين    مواعيد مباريات اليوم الأحد 23 - 11- 2025 والقنوات الناقلة لها    «الأرصاد»: طقس اليوم خريفي مائل للبرودة.. والعظمى بالقاهرة تسجل 32 درجة    المعاينة تكشف سبب انهيار جزئي لعقار البساتين    "الداخلية المصرية" فى المركز الثانى عالميا على فيس بوك.. فيديو    أولياء أمور مصر: كثافة التقييمات ترفع معدلات القلق بين الطلاب خلال امتحانات الشهر وتؤثر على أدائهم    محاكمة 17 متهمًا في «خلية العجوزة الثانية» لانضمامهم لجماعة إرهابية.. بعد قليل    بعد قليل| أولى جلسات محاكمة قاتل صديقه المهندس بالإسكندرية    افتتاح معرض "ليماسول" الدولي للكتاب بقبرص    كمال أبو رية: شبعت من فكرة الزواج.. والمجاملة تفسد الفن    المخرجة المغربية مريم توزانى: «زنقة مالقا» تجربة شخصية بطلتها جدتى    «هنيدي والفخراني» الأبرز.. نجوم خارج منافسة رمضان 2026    بعد قليل.. احتفالية كبرى بمناسبة مرور 130 عامًا على تأسيس دار الإفتاء    البرلمان الذى نريد    الصحة ترد على شائعات السوشيال ميديا بشأن شائعات البرد    تمريض جامعة القاهرة الأهلية تنظم غدا ندوة توعوية بعنوان السكري والصحة    وزارة الصحة: معظم حالات البرد والأنفلونزا ناتجة عن عدوى فيروسية    وزير الري: أي سدود إثيوبية جديدة بحوض النيل ستقابل بتصرف مختلف    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الاحد 23112025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 23-11-2025 في محافظة قنا    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأحد 23 نوفمبر    استطلاع: تراجع رضا الألمان عن أداء حكومتهم إلى أدنى مستوى    استشهاد 24 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على غزة    طقس اليوم.. توقعات بسقوط أمطار فى هذه المناطق وتحذير عاجل للأرصاد    نقيب الموسيقيين يفوض «طارق مرتضى» متحدثاً إعلامياً نيابة ًعنه    وكيل صحة دمياط: إحالة مسئول غرف الملفات والمتغيبين للتحقيق    الصحة: علاج مريضة ب"15 مايو التخصصي" تعاني من متلازمة نادرة تصيب شخصًا واحدًا من بين كل 36 ألفًا    جولة نارية في الدوري الإيطالي.. عودة نابولي وتعثر يوفنتوس    حمزة عبد الكريم: سعيد بالمشاركة مع الأهلي في بطولة إفريقيا    د.حماد عبدالله يكتب: مشكلة "كتاب الرأى" !!    حبس 10 متهمين في أحداث مشاجرة بعد مقتل شاب وإصابة 4 آخرين بكفر الشيخ    مفتي الجمهورية: خدمة الحاج عبادة وتنافسا في الخير    شاهد الآن.. بث مباشر لمباراة الهلال والفتح في الدوري السعودي روشن 2025-2026    دولة التلاوة.. أصوات من الجنة    خلاف حاد على الهواء بين ضيوف "خط أحمر" بسبب مشاركة المرأة في مصروف البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الذين جاءوا بالمخرج الكبير مارتن سكورسيزي لزيارة القاهرة لم يعرفوا قدره!
نشر في القاهرة يوم 05 - 01 - 2010

عندما لقيته لأول مرة في النصف الأخير من الثمانينات في إحدي دورات مهرجان فينسيا السينمائي الدولي كان المخرج الأمريكي مارتن سكورسيزي يتعرض لهجمة شرسة بسبب آخر أفلامه «رغبات السيد المسيح» كان واحدا ممن حرصت علي تتبعه والبحث عن أفلامه منذ رأيت واحدا من أمتع وأعظم أفلامه «سائق التاكسي» الذي اختار لبطولته ممثلا كتب لنفسه تاريخا عريضا علي الشاشة بفيلم سكورسيزي هذا الذي كان يحكي ببساطة عن سائق تاكسي في شوارع نيويورك يجد نفسه في مغامرة إنسانية مثيرة عندما تلتقطه فتاة مراهقة تطاردها عصابة تتجر بالنساء وترغمهم علي ممارسة البغاء.
وقبل لقاء «فينسيا» بعام واحد كان بين قائمة دورة مهرجان «كان» الرسمية فيلم لمارتن سكورسيزي يمثل أمريكا في المسابقة.. كان يحمل اسم «فات الميعاد» وكان من أفلام الإثارة، إذ يحبس بطله في «مترو الأنفاق» بعد أن فاته القطار الأخير وكان عليه أن يظل حبيسا لا يعرف ماذا يفعل حتي يصل أول قطار مترو في الساعات الأولي من الصباح، كان فيلما جيدا يتعمق مشاعر إنسان وذكرياته وهو في هذا الموقف.
حرب علي «رغبات السيد المسيح»!
وكما قلت جاء مارتن سكورسيزي إلي «فينسيا» ليعرض فيلمه «رغبات السيد المسيح».. وكانت مشاركته بهذا الفيلم في المهرجان نوعا من التحدي.. فالفيلم منذ بدأ تصويره يثير ضجة هائلة.. وخلال فترة التصوير، وقد صورالفيلم في صحاري المغرب - بدأت الضجة التي تتركز في غضب أوساط دينية يمنية من أن سكورسيزي يقدم «السيد المسيح» الإنسان العادي.. البشر الذين يحق لهم أن يحبوا وأن تعرف نفوسهم الاشتهاء والرغبات الجنسية وقد حصر سكورسيزي هذه الرغبات حول «مريم المجدلية» وزادت طامة الغضب عندما اختار مارتن سكورسيزي ان يجيء بفيلمه للعرض في مهرجان فينسيا بالذات.. متحديا سلطات الفاتيكان التي أعلنت منذ بداية تصوير الفيلم أنها ضده وتحرم علي كل أبنائها وأتباعها رؤيته أو مناقشته.. وزادت الفاتيكان علي هذا التحريم عضبة تمثلت في بيان أكثر تشددا وأكثر غضبا علي الفيلم ومخرجه وطالبت بمنعه من العرض في أوروبا أو حتي في أمريكا عبر المحيط حيث كانت الضجة حول الفيلم قد قادتها بعض الجمعيات النسائية الدينية المتشددة وناصبته العداء.. كان موقف سكورسيزي مثيرا للشفقة فقد تعرض لهجوم كاسح في المؤتمر الصحفي الذي عقده بعد عرض الفيلم ولم يلتفت أحد من النقاد إلي أن من حقه أن يعرض وجهة نظره أو حريته في التعبير.. وجلدوه في قسوة بسبب موقف الفاتيكان من فيلمه.
اللعنة تطارد سكورسيزي
إذن وجد مارتن سكورسيزي نفسه بعد العرض الأول لفيلمه في فينسيا أنه ملعون هكذا وأن هذه اللعنة تجد صدي كبيرا في عاصمة السينما الأمريكية هوليوود واستبعد «رغبات السيد المسيح» تماما من كل ترشيحات الأوسكار علي الرغم من تميز الفيلم في تقنياته السينمائية من حيث الأداء التمثيلي والإخراج المبهر والموسيقي التصويرية التي تصاحب الأجواء التي تجري فيها أحداثه وتميزه حتي في مشاهده الخارجية التي صورت في صحراء المغرب كما قلت وفي ديكوراته وحوارات ممثليه التي كتبت بذكاء.. وكانت نتيجة طرح الفيلم خارج ممرات ودهاليز الأوسكار أن ألقيت ظلال كثيفة حول مارتن سكورسيزي وعمله كواحد من أكبر مخرجي السينما الأمريكية وأغزرهم ثقافة ومعرفة لتطور السينما العالمية لا في هوليوود فقط بل علي الساحة الأوروبية فقد ارتبط اسم مارتن سكورسيزي ببعض حوارات تسجيلية ومعرفية من مخرجي «الموجة الجديدة» في السينما الفرنسية مثل فرنسوا تريفو صاحب فرانهيت 401 بل وكان أفضل من قدم وفسر سينما الإثارة والتشويق عند مخرج كبير كألفريد هتشكوك عندما قدم عنه وعن عمله فيلما مدته ساعة ونصف الساعة بل إن مارتن سكورسيزي فيما توالي من سنوات كان فارس السينما الأمريكية وهو يقدم تاريخها وخروجها وسيطرتها علي مشاعر الملايين من عشاق السينما في أفلام تسجيلية احتفت بها كل مهرجانات السينما العالمية خاصة «كان» و«فينسيا».
لم تغفر هوليوود أبدا لمخرجها مارتن سكورسيزي ما وصمتها به الأوساط اليمينية المتشددة من تهم بسبب فيلمه «رغبات السيد المسيح» وإن لم تمنعه منعاً صريحا من العمل.. كانت هوليوود ترفع علي رأسه لعنة فيلمه واستمر هذا لسنوات عديدة متتابعة ورغم وصول أفلامه مثل «الرفاق الطيبون» و«عصابات نيويورك» إلي منصات التتويج في جوائز الأوسكار لكنه بقي ملعونا كمخرج يحوز ممثلوه ونجومه وفنيوه بجوائز الأوسكار بينما هو مستبعد وخارج الترشيحات وبدأت هذه اللعنة في الحقبتين الأخيرتين تتراجع شيئا فشيئا لكنها بقيت تطارده كلما لاح بريق من أمل لفوزه بجائزة أوسكار أحسن مخرج.. جائزة الأوسكار ست مرات كان فيها بين المرشحين الخمسة من كبار المخرجين.
روبرت هيوز كسب له الأوسكار
لم يتغير موقف هوليوود من مارتن سكورسيزي ولم تسقط من فوق منكبيه لعنة «رغبات السيد المسيح» إلا في العام الماضي عندما فاز بجائزة أوسكار أحسن مخرج عن فيلمه «الطيار» كان الفيلم يقدم قصة حياة روبرت هيوز الذي كان واحدا من الشخصيات الغامضة التي تكتب تاريخ السينما الأمريكية من وراء ستار.. كان مليارديرا يلقي ببعض الأحيان بضعة ملايين من ثروته لإنتاج فيلم من أجل عيون ممثلته المفضلة مثل جيد روس التي أحدثت ضجة في هوليوود عندما قدم لها فرصة البطولة في «الخارج علي القانون» وكاترين هيبورن في بداية ظهورها وعلي ما روي سكورسيزي في فيلمه عن حياته.. وقد مثلت دور كاترين هيبورن في شبابها الممثلة الاسترالية الأصل كيت بلاتشيت وفازت عنه بجائزة أوسكار أحسن ممثلة مساعدة كان معروفا عن روبرت هيوز أن واحد من الطيارين في أمريكا وقد انتهي نهاية غامضة مثيرة لم يكتشف أحد سر غموضها حتي الآن وكانت المحصلة الرئيسية للفيلم أن صعد بالمخرج مارتن سكورسيزي إلي منصة التتويج فائزاً بالأوسكار.
لقد جاء مارتن سكورسيزي في مرور عابر إلي القاهرة.. لم يشعر به أحد إلا من خلال صورة نشرت في «الأهرام» وهو يقف عند سفح الهرم مع د. زاهي حواس ثم أعقبها بعد يومين صورة أخري في استقبال أقامته لهم مكتبة الإسكندرية علي استحياء ومحاضرة قصيرة ألقاها وسط مجموعة من فناني مصر بينهم الفنانة يسرا.. كيف جاء ومن وجه إليه الدعوة وكيف مر وجوده هنا مرور الكرام دون أن يلقي حظه من التكريم والحفاوة.. إن مارتن سكورسيزي الآن ومن خلال منظمته التي يرأسها - منظمة السينما العالمية - يلعب دورا مهما في تاريخ السينما علي اتساع العالم.. كان هدفه الرئيسي هو إحياء التراث السينمائي العالمي عندما اختار مائة فيلم من كل الجنسيات لكي يعيد صياغتها وترميمها والحفاظ علي تقنياتها بحيث يمكن أن يعيش الفيلم ويستمر عرضه لمائة عام أخري قادمة.. وكان له اختيار وحيد من تراث السينما المصرية والعربية هو فيلم شادي عبدالسلام «المومياء» قام بتصحيح نسخته الأصلية ورد إليه رونقه وتعاون مع وزارة الثقافة المصرية لكي ينظم عرضه في مهرجان «كان» في مايو الماضي وفي مهرجان فينسيا في أغسطس من نفس العام.
وعلي استحياء أيضا علمت أن مارتن سكورسيزي جاء إلي القاهرة في زيارة سريعة عاجلة بدعوة من جمعية أصدقاء شادي عبدالسلام وعجزت إمكانياتها عن تنظيم إقامة حافلة مثمرة بيننا رداً لجميله لما فعل من أجل «المومياء» ومخرجه شادي عبدالسلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.