عضو اتحاد الصناعات يطالب بخفض أسعار السيارات بعد تراجع الدولار    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير.. أسعار الذهب اليوم الأحد 28 إبريل 2024 بالصاغة    بعد التراجع الأخير.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 28 أبريل 2024 بالأسواق    فكري صالح: الزمالك قادر على تخطي دريمز والتأهل لنهائي الكونفدرالية    حسام البدري: وصفي ب "الهارب" صدمني ولم أظلم عماد متعب    أمطار رعدية على هذه المناطق.. بيان عاجل من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم (لا تنخدعوا)    بالأسماء.. مصرع 5 أشخاص وإصابة 8 في حادث تصادم بالدقهلية    هيئة كبار العلماء السعودية تحذر الحجاج من ارتكاب هذا الفعل: فاعله مذنب (تفاصيل)    اضطراب الكبد المرتبط بنمط الحياة.. ونصائحسريعة لتحسين صحة الكبد    موعد مباراة ليفربول المقبلة بعد التعادل مع وست هام في الدوري الإنجليزي    لأول مرة بالمهرجانات المصرية.. "الإسكندرية للفيلم القصير" يعرض أفلام سينما المكفوفين    أهالي الأسرى يُطالبون "نتنياهو" بوقف الحرب على غزة    مصدر أمني إسرائيلي: تأجيل عملية رفح حال إبرام صفقة تبادل    قصف كثيف على منطقة ميرون شمال إسرائيل وعشرات الانفجارات في المنطقة (فيديو)    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم عدة قرى غرب جنين    المجموعة العربية: نعارض اجتياح رفح الفلسطينية ونطالب بوقف فوري لإطلاق النار    بشرى للموظفين.. 4 أيام إجازة مدفوعة الأجر    متحدث الكنيسة: الصلاة في أسبوع الآلام لها خصوصية شديدة ونتخلى عن أمور دنيوية    الأردن تصدر طوابعًا عن أحداث محاكمة وصلب السيد المسيح    تشيلسي يفرض التعادل على أستون فيلا في البريميرليج    حسام غالي: كوبر كان يقول لنا "الأهلي يفوز بالحكام ولو دربت ضدكم (هقطعكم)"    نصف تتويج.. عودة باريس بالتعادل لا تكفي لحسم اللقب ولكن    اجتماع مع تذكرتي والسعة الكاملة.. الأهلي يكشف استعدادات مواجهة الترجي بنهائي أفريقيا    وزير الرياضة يهنئ الخماسي الحديث بالنتائج المتميزة بكأس العالم    اليوم، أولى جلسات دعوى إلغاء ترخيص مدرسة ران الألمانية بسبب تدريس المثلية الجنسية    «مينفعش نكون بنستورد لحوم ونصدر!».. شعبة القصابين تطالب بوقف التصدير للدول العربية    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا    أول تعليق من الأزهر على جريمة طفل شبرا    مصدر أمني يكشف تفاصيل مداخلة هاتفية لأحد الأشخاص ادعى العثور على آثار بأحد المنازل    ضبط 7 متهمين بالاتجار فى المخدرات    قطار يدهس شاب أثناء عبوره مزلقان قليوب    الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري للبيع والشراء اليوم الأحد 28 إبريل 2024 (آخر تحديث)    وفاة الفنان العراقي عامر جهاد    عمرو أديب: مصر تستفيد من وجود اللاجئين الأجانب على أرضها    غادة إبراهيم بعد توقفها 7 سنوات عن العمل: «عايشة من خير والدي» (خاص)    نيكول سابا تحيي حفلا غنائيا بنادي وادي دجلة بهذا الموعد    تحولات الطاقة: نحو مستقبل أكثر استدامة وفاعلية    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    العالم الهولندي يحذر من زلزال قوي خلال 48 ساعة ويكشف عن مكانه    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    أناقة وجمال.. إيمان عز الدين تخطف قلوب متابعيها    23 أكتوبر.. انطلاق مهرجان مالمو الدولي للعود والأغنية العربية    دهاء أنور السادات واستراتيجية التعالي.. ماذا قال عنه كيسنجر؟    السفير الروسي بالقاهرة يشيد بمستوى العلاقة بين مصر وروسيا في عهد الرئيس السيسي    «الأزهر للفتاوى الإلكترونية»: دخول المواقع المعنية بصناعة الجريمة حرام    ضبط وتحرير 10 محاضر تموينية خلال حملات مكبرة بالعريش    السيسي لا يرحم الموتى ولا الأحياء..مشروع قانون الجبانات الجديد استنزاف ونهب للمصريين    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من الإصابة بهذا المرض    رئيس جامعة أسيوط يشارك اجتماع المجلس الأعلى للجامعات بالجامعة المصرية اليابانية للعلوم    " يكلموني" لرامي جمال تتخطى النصف مليون مشاهدة    "مدبولي" يصل الرياض للمشاركة في المنتدى الاقتصادي العالمي    شرايين الحياة إلى سيناء    جامعة كفر الشيخ تنظم احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة    أمين صندوق «الأطباء» يعلن تفاصيل جهود تطوير أندية النقابة (تفاصيل)    سمير فرج: طالب الأكاديمية العسكرية يدرس محاكاة كاملة للحرب    رمضان عبد المعز: على المسلم الانشغال بأمر الآخرة وليس بالدنيا فقط    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رفضت شادية تمثيل سيناريو فيلم «الشريدة» الذي كتبه أحمد صالح
نشر في القاهرة يوم 24 - 05 - 2011

رفضت شادية تمثيل سيناريو فيلم «الشريدة» الذي كتبه أحمد صالح عن قصة نجيب محفوظ وعندما قرأته قلت للمخرج أشرف فهمي: رفضها لم يكن كافياً كان عليها أن تضربكما «بالصرمة القديمة» عدت إلي البيت لتخبرني زوجتي في هلع بأنهم قتلوا السادات. كان جهاز التليفزيون مفتوحا لكن لا أحد يتكلم، فقط بعض الأناشيد الوطنية. نزلت إلي الشارع وأخذت أتلمس من أحاديث الناس ما حدث فأدركت أن السادات قد أطلق عليه أحد ضباط الجيش الرصاص. نسيت كل شيء عن مهرجان كابري، أدركت أن البلد فقد قائدا عظيما، عبر ببلدنا من الهزيمة إلي النصر، قام عبدالناصر بإخراج الإنجليز من مصر ولكنه أدخل بدلا منهم الإسرائيليين، جاء السادات إلي الحكم وهناك توجس كبير وكراهية وغيرة وحسد من شلة عبدالناصر أطلقت عليهم بعد ذلك اسم «جمعية المنتفعين بذكري عبدالناصر» كان السادات يفوق هؤلاء ذكاء وخبرة، قصة حياته هي قصة زعيم قصة كفاح وسجن ومعاناة والتحام مع الشعب. قرأ كثيرا وتعلم الإنجليزية والألمانية في داخله صلابة الحسم ولين مع الحق إذا ما أخطأ لا يعرف العناد والاستبداد بالرأي وذلك لأنه سياسي من الدرجة الأولي، يصل إلي هدفه بشتي الطرق، السياسة في نظرة ليست الحصول علي كل شيء ولكن الحصول علي أقصي ما تستطيع، وضع مصر علي طريق الديمقراطية فأطاح بالاتحاد الاشتراكي وأقام المنابر ثم قام بتحويلها إلي أحزاب مستأنسة إلي حد ما ولكن هذه الأحزاب لم تحاول أن تنتزع ذاتيتها من فم الأسد. زعماء بحق كان الوقت في صالحها ولكنها ظلت كما هي ويفرح رؤساؤها بألقاب رؤساء الأحزاب أو بعضويه مجلسي الشعب والشوري. الأحزاب تحتاج إلي زعماء من طراز مصطفي كامل ومحمد فريد وسعد زغلول لا يخشون في الحق سطوة طاغية أو لومة لائم، مستعدون لبذل الغالي والرخيص، ينزلون إلي الشارع حتي لو كلفهم ذلك حياتهم فسوف يلتحم الشعب معهم. ولكنهم كانوا يبدون دائما كالجرذان المذعورة. أصلح السادات ما أفسده عبدالناصر، أزاح الكارثة الكبري التي ارتكبها عبدالناصر في يونية 1967. لم تفلح خطب عبدالناصر وسخريته من إسرائيل في أن تبث الخوف في قلوبهم، لم تستطع خطبه أن تؤثر في إسرائيل مثلما كانت تؤثر في شعب مصر فلم يبالوا بها وهزموه شر هزيمة في حرب ألحقت العار بمصر كلها وبالجيش المصري الذي كان ضحية هذا الطاغية. استطاع السادات أن ينتصر في حرب أشاد بها العدو قبل الصديق. أعاد لمصر كرامتها. الخطأ التراجيدي الذي ارتكبه السادات في حق مصر أنه اختار حسني مبارك نائبا له. نبؤة زوجتي أعلنت الدولة الحداد وأنهت الاشتراك في أي احتفال أو مهرجان في الخارج، أعدت تذكرة الطائرة إلي المركز القومي وأنا أذوب حسرة وتذكرت نبوءة زوجتي بأنني لن أذهب إلي هذا المهرجان. بعد فيلم «ولا يزال التحقيق مستمرا» والنجاح الكبير الذي حققه علي جميع المستويات انشغل أشرف فهمي بفيلم «الشريدة» عن قصة لنجيب محفوظ لا تتعدي الأربع صفحات ويقوم بإنتاج الفيلم صديقنا المنتج السينمائي عبدالعظيم الزغبي، كان أشرف قد عرض علي أن أقوم بكتابة السيناريو لهذه القصة وأيده في ذلك عبدالعظيم الزغبي ولكنني اعتذرت لانشغالي التام بكتابة فيلمين وخاصة أنني علمت أن أحمد صالح هو الذي رشح له هذه القصة علي أساس أن تقوم شادية ببطولة الفيلم. حالة سيئة في إحدي زياراتي لأشرف فهمي بعد أن انتهي هو وأحمد صالح من كتابة السيناريو وجدته في حالة نفسية سيئة. وعندما سألته عما به أخبرني بأن شادية قد رفضت السيناريو. أعطاني السيناريو لاقرأه رغم أني رفضت في البداية فليس عندي ثقة بما يكتبه أحمد صالح بعد قراءتي لما كتبه في سيناريو «رحلة النسيان» ولكن أشرف هاج وماج وصاح في وجهي: «هو انت مش عاوز تعمل أي حاجة.. أمال صاحبي إزاي يا أخي؟» فاضطرت لأخفف عنه أن أوافق. قمت بقراءة السيناريو وعدت إلي أشرف فسألني في لهفة عن رأيي فأخبرته في هدوء بأن رفض شادية للسيناريو ليس كافيا منها وإنما كان يجب عليها أيضا أن تضربهما بالصرمة القديمة، وبالطبع شرحت له مبرراتي، وعرض علي مرة أخري أن أقوم بإعادة كتابة السيناريو خاصة أن شادية تثق بكتابتي ولكني رفضت رفضا قاطعا. أخبرني أشرف فيما بعد أنه استعان بالناقد السينمائي فتحي فرج لإعادة كتابة السيناريو رغم أن فتحي لم يسبق له أن كتب سوي النقد السينمائي المتميز، وربما استعان أيضا بعد ذلك ببشير الديك وربما ببهجت قمر، وعندما كنت أزوره أثناء تصوير الفيلم كان يطلب مني أن أجلس وأعيد كتابة بعض المشاهد التي سيقوم بتصويرها، وقد رآني في إحدي المرات الصديق محمود ياسين فأبدي ارتياحه لذلك حيث كان هو بطل الفيلم، وبالمناسبة كان محمود ياسين هو النجم المفضل لي ولأشرف. في النهاية خرج فيلم «الشريدة» إلي النور وقد شارك في كتابته عدد من الكتاب لكن كل هذا الجهد الفني نسب إلي أحمد صالح، وفوجئت ودون أن أعلم السبب حتي الآن بأن بطلة الفيلم أصبحت نجلاء فتحي وليست شادية لفيلم «المرأة هي المرأة» حكاية. قامت الأخت المحبوبة الفنانة الرقيقة شادية بالاتصال بي في منزل عائلتي بالسيدة زينب فلم أكن حصلت علي خط تليفوني حتي الآن بعد زواجي وانتقالي لحي المهندسين، وعندما أوصت شادية بسرعة إبلاغي أرسلت أمي أحد إخوتي الذي أبلغني بضرورة اتصالي بشادية. ذهبت مع أخي إلي بيت العائلة في السيدة زينب وقمت هناك بالاتصال بشادية. كانت أمي فخورة أنني أعرف شادية وأحادثها في التليفون، أما أبي فقد علمت أن هذا كان موضوع حديثه مع أصدقائه، طلبت مني شادية أن أذهب إلي المخرج هنري بركات في مكتبه بعمارة الإيموبيليا لأتسلم منه سيناريو لأقرأه وأخبرها برأيي فيه. لم أكن قابلت المخرج هنري بركات من قبل بل ربما رأيته مرة أو مرتين من بعيد كانت تعجبني بعض أفلامه خاصة «في بيتنا رجل، والباب المفتوح، والخيط الرفيع» أما فيلمه الشهير «دعاء الكروان» رغم إتقانه الحرفي فلم أصدقه ربما لأن حواره كان أعلي بكثير من مستوي شخصية آمنة الفتاة الريفية الأمية والروح الفرنسية التي تغلب علي الرواية التي كتبها طه حسين. لقاء بركات ذهبت لمقابلة بركات في مكتبه الذي كان يتكون من حجرتين وصالة، عرفت أن هذا المكتب الصغير قام بإنتاج أفلام شارك في إنتاجها مع بركات الموسيقار محمد عبدالوهاب، استقبلني بركات بلا حفاوة وأدركت بعد ذلك من معاشرتي له أنه ليس من الكائنات الودودة التي تهتم حتي بغيرها، وهو لا يبدي أية عاطفة أو حماس لأي شخص ومن الصعب الحصول علي صداقته ويكره مصافحة الأيدي وإذا اضطر لذلك فهو يكتفي بأن يضرب بأطراف أصابعه علي اليد الممدودة إليه. وهو شخص لا ينفعل أبدا وصوته لا يعلو لأي سبب ولا يضحك إلا من أجل هدف أو غاية، يجيد التحدث بالإنجليزية والفرنسية ولا يتحمس لكل ما هو مصري رغم أنه من أفضل المخرجين الذين قدموا الريف المصري في بعض أفلامه. قدم لي بركات سيناريو بدون حوار كتبه المخرج حسن رمزي هو وشقيق زوجته ضابط البوليس الدكتور محمد العشري. حصل محمد العشري علي درجة الدكتوراه في اقتصاديات السينما وكان يعمل مساعدا للإنتاج مع مثله الأعلي حسن رمزي، وظل محمد العشري صديقا وفيا لحسن رمزي حتي بعد طلاقه من أخته برلنتي العشري، وأدركت بالطبع أن شادية هي المرشحة لبطولة هذا الفيلم وكان علي ما أذكر بعنوان «امرأتان». قرأت المعالجة أو السيناريو بدون حوار فاكتشفت أنه مأخوذ عن مسرحية أوسكار وايلد «مروحة الليدي وندرمير» لم أجد في المعالجة جهدا في الاقتباس ولم أستنشق الروح المصرية التي كنت أجدها فيما كان يكتبه نجيب الريحاني وبديع خيري أو في أفلام صلاح أبوسيف المأخوذة من الأدب الفرنسي مثل «لك يوم يا ظلم» المأخوذ عن رواية «تريزا راكان» لإميل زولا و«شباب امرأة» المأخوذ عن رواية «سافو» لألفونس دوديه. لاحظت شدة الالتزام بمسرحية أوسكار وايلد بحيث أصبحت مثل فلاح مصري يرتدي قبعة. اتصلت بشادية وأخبرتها برأيي فأيدتني علي الفور وأخبرتني بأنها لذلك لم تكن مستريحة لما قرأت وطلبت مني الذهاب إلي بركات والاتفاق علي موضوع آخر أقوم أنا بكتابته. مدام طماطم عندما ذهبت إلي بركات وأخبرته برأيي فيما قرأته فقام بالاتصال بها أمامي، لم تكن التليفونات في ذلك الوقت تفصح عن رقم الشخص الذي يطلب، ولذلك كان لابد من رفع السماعة ومعرفة الطالب، كانت شادية من النجوم الذين يفصحون عن شخصياتهم بسرعة في التليفون. كانت لابد من أن تتأكد أولا من الشخص الذي يتحدث إليها، ولذلك فكانت تغير من نبرة صوتها وتتظاهر بأنها الشغالة أو قريبة لها. كنت كلما تحدثت إليها في التليفون أعرف من أول وهلة أنها شادية، فقد كان صوتها هو تقليد لصوت نجمة إبراهيم في فيلم «ريا وسكينة» كما فعلت في فيلمها «عفريت مراتي» علي الفور أخبرها بركات بأنه يريد «مدام طماطم» فإذ بها علي الفور تكشف له عن شخصيتها ودار بينهما حديث عن عدم إعجابي بالموضوع وعدم حماسي لإعادة كتابته فسمعتها من خلال سماعة التليفون، حيث كان بركات قريبا مني وهو يحدثها وهي تقول له عني: «ده ولد كويس قوي يا هنري لازم تشتغل معاه». وبالطبع أثلجت صدري هذه الجملة، وشادية كما سبق وأن ذكرت مخلوقة رقيقة، شفافة، تحب من حولها وتحب أن تساعد من هم في أول الطريق ولم تذكر في مرة من المرات أمامي أحدا بسوء سواء من زميلاتها أو زملائها حتي ولو كانوا أساءوا إليها. الوحيدة التي رأيتها تتحلي بهذه الصفات في هذا الوسط الفني هي سعاد حسني. لم نعثر أنا وبركات علي موضوع بدلا من موضوع «مروحة الليدي وندرمير». وفي النهاية فتح بركات درج مكتبه وأخرج كتيبا صغيرا press book للدعاية لفيلم «المرأة ذات الوجهين» كانت البطلة هي النجمة الكبيرة جريتا جاربو وأمامها ملفين دوجلاس. كان ملخص الفيلم بالفرنسية وهي اللغة التي يحب بركات أن يتكلم بها ويقرأ بها ويكتب بها. طلب مني بركات أن أقرأ الملخص وأعطيه رأيي في الموضوع. زير نساء عدت إلي البيت وعلي الفور جلست وقرأت الملخص فوجدته عن امرأة متزوجة بزير نساء يبحث دائما عن التغيير ولذلك فإنها تنكرت في شخصية أخري أكثر تحررا وذكاء ومكرا فوقع في حبها وفي النهاية يكتشف أنه أحب زوجته. لم أكن متحمسا لهذا الموضوع خاصة أنه قد سبق معالجته في السينما المصرية في أفلام مثل «بنت العمدة» وفيلم «زوج في إجازة» هذا بالإضافة إلي أنني لا أميل كثيرا إلي اقتباس الأفلام الأجنبية التي كتبت قصصها خصيصا للسينما وليست مأخوذة عن أعمال أدبية، عندما أخبرت شادية بالموضوع تحمست له فلم تطاوعني نفسي علي أن أخذلها. وافقت علي اقتباس الموضوع لكن اشترطت علي بركات كتابة المصدر في العناوين فوعدني بذلك وأخبرني بأنه يتذوق الحوار الجميل، كان معذورا في قوله ذلك فقد عمل مع اثنين من خير من كتبوا الحوار وهما بديع خيري ويوسف جوهر. لقاءات متكررة قمت بكتابة معالجة أولية بعد أن أخبرني بركات بأنه سوف يقوم بالتصوير في لبنان، وبعد انتهائي من كتابة المعالجة ذهبت بها إليه. كان بركات من المخرجين الذين يستيقظون في السابعة صباحا مثل حسن الإمام وصلاح أبوسيف وكمال الشيخ وكان الموعد في المكتب في التاسعة صباحا، وعندما تكررت اللقاءات في هذا الموعد كنت أجده يتناول إفطاره المكون من كوب من الشاي باللبن ويغمس في الشاي رغيف فينو صغيرا ثم يتناوله فهذا هو كل الفطار. أما إذا اضطر لتناول الغداء في المكتب حيث أكون معه فإنه يترك لي خيار ما أتناوله من طعام أما هو فيطلب أربعة أصابع من الكفتة اللبناني. بعد أن قرأ بركات السيناريو والحوار أخبرني بأنه لم يضحك مع أن المفروض أن الفيلم كوميدي، أصابني رأيه هذا بالإحباط وأخبرته بأنني سوف أعيد النظر، وبالفعل قمت بعمل تغييرات كبيرة ليست في الحوار فقط لكن في مواقف السيناريو أسميت الفيلم «المرأة هي المرأة» وقد نال هذا العنوان إعجاب بركات ولكني اكتشفت بعد ذلك أن هناك فيلما فرنسيا من إخراج جان لوك جودار بهذا الاسم حاولت أن أغير الاسم ولكن بركات لم يوافق وأخبرني بأن تشابه أسماء الأفلام لا يهم خاصة أن الاسم منطبق تماما علي فيلمنا. أوامر الموزع كنت أظن أن شادية بطلة الفيلم ولكن فوجئت ببركات يرشح سهير رمزي وحسين فهمي، وعندما سألته عن السبب في هذا التغيير فقد كان الاتفاق أن تكون شادية هي البطلة ورشدي أباظة هو البطل - فأخبرني بأن هذا هو طلب الموزع اللبناني والذي كان يشاركه أيضا في الإنتاج. وكنا نرغب أن يكون
سمير غانم هو الذي يقوم بشخصية المنافس ولكن سمير كان مشغولا بالعمل في إحدي المسرحيات وفيلمين ولا يستطيع أن يسافر ومعظم أحداث الفيلم تقع في لبنان. عرض علي بركات بعض أسماء ممثلين كوميدين لم أتحمس لأحدهم، وفي النهاية أخبرني في حماس بأنه اختار محمد عوض وأن هذا سوف يعلي من قيمة الفيلم بالنسبة للتوزيع الداخلي والخارجي. أخذ محمد عوض يتردد علينا في مكتب بركات ويشارك بالاقتراحات والافيهات الكوميدية في حماس ورشح لنا شويكار لدور المرأة المنافسة أو التي كان يعشقها الزوج قبل أن يقابل زوجته في شخصيتها الجديدة، لم يكن الدور كبيرا بالنسبة لشويكار في تلك الفترة، فقد كانت تقوم ببطولة الأفلام السينمائية مع فؤاد المهندس علي وجه خاص ولكن محمد عوض أخبرنا بأنه كفيل بإقناعها. عندما شاهدت الفيلم بعد أن خرج إلي النور لم أجده عملا يستحق مثل الأفلام التي كتبتها قبله أن أزهو به فهو مجرد فيلم كوميدي عادي، وللأسف الشديد لم يذكر بركات في عناوين الفيلم أنه مأخوذ عن فيلم «ذات الوجهين» بل نسب القصة لي وله. بعد نجاح فيلم «الباطنية» بشكل طاغ لم يسبق له مثيل في تاريخ السينما العربية، أخذ منتجه محمد مختار يبحث عن موضوع آخر لفيلم جديد وتقوم ببطولته نادية الجندي، كان هدف محمد مختار هو الربح وفي سبيل ذلك فإنه علي استعداد أن يستعين بأقوي العناصر السينمائية من أجل تحقيق ذلك. كان آخر ما يفكر فيه هو أن يمتدحه أحد النقاد فلم يعنيه هذا تماما إلا إذا كان هذا المديح يحقق له مكسبا ماديا أكثر، ولكن للأسف لم يستطع أي ناقد في مصر أن يحقق ما يصبو إليه محمد مختار إلا الذين كانوا ينتقدون أفلامه ويسخفونها أو ينظرون إليها بأقلام الازدراء فإذا بالجماهير تقبل عليها فتصيب هؤلاء النقاد بالغيظ الشديد وارتفاع ضغط الدم. تغيير ضمائر ولذلك فإن بعض النقاد وجدوا أنهم هم الخاسرون في نظر الجماهير فقاموا بتحويل ذمة أقلامهم وأمطروا أفلامه بالثناء وبالطبع لم يؤثر ذلك في أي شيء وأخذت نادية الجندي تخطو من نجاح إلي آخر حتي استطاعت أن تسبق اسمها بلقب «نجمة الجماهير» وأصبحت المنافسة الحقيقية لنجم الشباك عادل إمام. لم تكن العلاقة بيني وبين المخرج حسام الدين مصطفي حتي ذلك الوقت علي ما يرام، عمل حسام الدين مصطفي مع كبار الكتاب فلم يتطاول عليه أي واحد منهم إذا ما قام بتغيير في الرواية، إذا كان الفيلم مأخوذا عن عمل أدبي لنجيب محفوظ أو إحسان عبدالقدوس أو في السيناريو بل إنه في كثير من الأحيان كان يجلس هو ومساعده طلعت علام ويعيدان كتابة السيناريو دون أن يجرؤ كاتب السيناريو الأصلي علي الشكوي أو التذمر، فوجئ حسام بكاتب سيناريو شاب يعترض علي العبث بالحوار ويحاول أن يحدد مكانه في حدود الإخراج فقط بل يصل الأمر إلي الصحف الكبري فقد تبني كمال الملاخ في صفحته الأخيرة في الأهرام هذه القضية وأخذ رأي الكثيرين من أصحاب الرأي وطلب مني التعقيب أكثر من مرة، حيث دافعت عن حق الكاتب وانحاز إلي جانبه الكثير من كبار الكتاب وكأنهم كانوا ينتظرون هذه الشرارة مني ليثوروا علي طغيان بعض المخرجين الذين أعطوا لأنفسهم كل الحقوق الأدبية في الحذف والإضافة بل وأحيانا في التغيير الكلي، ولم يستطع حسام الدين مصطفي أن يقف في وجه هذا التيار الجارف والذي أدان موقفه ولذلك كانت هناك عداوة خفية بيني وبينه. أهل الهوي كنت في هذه الفترة قد قرأت قصة قصيرة لنجيب محفوظ نشرها في جريدة «الأهرام» بعنوان «أهل الهوي» بالإضافة إلي أنها سحرتني وجدت أنها أيضا تصلح لأن تكون فيلما سينمائيا ناجحا، بالمناسبة أنا لا أقرأ أية قصة أو رواية مسلسلة في أي جريدة أو مجلة بل أحب قراءة القصص والروايات في كتب والاستثناء الوحيد لنجيب محفوظ والقصاص والروائي المبدع محمد البساطي، أخذ محمد مختار يحاول أن يتودد إلي ويقوم بزيارتي في مكتبي من حين لآخر، وأثناء انصرافه كان يطلب مني البحث عن موضوع جديد فكنت أكتفي بأن أعده دون أن أفي بوعدي، وفي إحدي المرات سألني هل مازلت غاضبا بسبب ما حدث في فيلم «الباطنية»، وأخذ يدافع عن نفسه بأنه ليس السبب وأنني رفضت كتابة ما أرادته نادية الجندي فأخبرته بأنه المنتج أي وكيل الفنانين الذين يعملون معه وعليه أن يحمي حقوقهم وأن المنتج في أمريكا هو أهم شخصية في الفيلم وهو الآمر الناهي فوعدني أن يكون ما أقوله، طلبت منه أيضا بألا يكون المخرج هو حسام الدين مصطفي فوافق علي ذلك. صدق فأوفي ويبدو أنه أخبر حسام بما دار بيني وبينه إذ علمت أن حسام صاح بغيظ يستهين بي وقام بترشيح بعض كتاب السيناريو بدلا مني ولكن للحق فإن محمد مختار قام بتنفيذ وعده لي وأطاح بحسام الدين مصطفي، فتحت درج مكتبي وأخرجت لمحمد مختار قصة «أهل الهوي» فسألني هل هي في مستوي الباطنية فأخبرته بأنها أفضل بكثير. مضي أسبوع دون أن أري محمد مختار حتي أنني ظننت أن القصة لم تعجبه أو لم تعجب نادية الجندي كانت القصة مكتوبة لامرأة وكأن نجيب محفوظ كتبها لتقوم ببطولتها نادية الجندي، لم تكن في رواية «الباطنية» شخصية امرأة فقمت بخلق شخصية وردة من العدم أما بالنسبة لقصة نجيب محفوظ فقد شملت كل العناصر. جاءني محمد مختار وأخبرني بأنه اشتري القصة من نجيب محفوظ، اقترح علي بدرخان ليقوم بالإخراج فوافقت بالطبع، قمت بعمل بعض الجلسات مع علي بدرخان تناقشنا فيما سيكون عليه السيناريو، كان في وادي وأنا في وادي آخر لا أذكر بالضبط الخلافات الفكرية بيني وبينه ولكني علي ما أذكر أنه كان يريد أن يقدم فيلما لا تصلح نادية الجندي لتمثيله، حاولت أن أجعله يدرك أن محمد مختار اشتري هذه القصة من أجل أن تقوم زوجته ببطولتها ولم يشترها من أجل ممثلة أخري وأن ما يقوله لن توافق عليه نادية الجندي ولذلك لابد من استخدام المهارة في الحرفة وتقديم فيلم يجمع بين الفن والمتعة وليس الفن فقط. ولم أبال بعد ذلك بما يقوله علي بدرخان وعرضت الأمر علي نجيب محفوظ فإذا به يعطيني نسخة خطية من رواية له، أخبرني بأنه بعد أن كتب هذه الرواية فإنها لم تعجبه وأعاد كتابتها في هذه القصة القصيرة ولذلك فإنه كتب علي الصفحة الأولي من الرواية كلمة «لاغي»، طلب مني أن أقرأها ربما أستطيع أن أستفيد منها شيئا، قرأت الرواية التي لم يرض عنها نجيب محفوظ فوجدتها لا تختلف كثيرا عن القصة سوي في أمر أساسي وهو أن البطل فقد الذاكرة أما من الناحية الفنية فالرواية تبدو مترهلة أو أن حدثها لا يستحق كل هذه الصفحات، هذا بالرغم من أن القصة القصيرة كانت تزدحم بالشخصيات والأحداث بشكل مكثف، أعطيت الرواية لعلي بدرخان وطلبت منه أن يعيدها حتي لا تقع في يد أحد آخر ويقوم بنشرها أو ينسبها إلي نفسه ولكن علي بدرخان لم يعيدها وعندما كنت أطلبها منه كان يخبرني بأنه أعادها وربما والله أعلم قد أعادها إلي نجيب محفوظ أو إلي محمد مختار أو أعادها لي وأعدتها أنا إلي الأستاذ نجيب محفوظ ونسيت بعد ذلك رغم أنني كنت في هذا الوقت ذاكرتي قوية وقلما تنسي شيئا حدث. خلاف مع بدرخان بعد أن انتهيت من كتابة المعالجة السينمائية لقصة «أهل الهوي» أعطيتها للمنتج ليعطيها للمخرج بدرخان، ومن المؤكد أن المنتج أعطاها لزوجته نادية الجندي فقرأتها، لم يوافق علي بدرخان علي المعالجة وعندما أخبرت نادية الجندي بما دار بيني وبين المخرج فإذا بها ترفض كل ما يقوله علي بدرخان وتمسكت بما كتبته. كنت قد انتهيت قبل ذلك من سيناريو فيلم «المجهول» إخراج أشرف فهمي وكان لابد وأن أسافر مع فريق العمل والممثلين إلي كندا، فأخذت معي معالجة فيلم «أهل الهوي» وقد يتساءل القارئ لماذا اتحدث عن فيلم «أهل الهوي» قبل أن اتحدث عن فيلم «المجهول» فأجيبه بأنني أقوم بذلك حسب تواريخ عرض الفيلم وليس حسب تواريخ إنتاجها، وفي الواقع فإنني قد نسيت كل هذه التواريخ وألجأ إلي قواميس الأفلام خاصة «دليل السينمائيين في مصر» الذي يقدم أعمال المخرجين وكتاب السيناريو ومديري التصوير والمونتيرين حسب تواريخ عرضها وهو في الواقع دليل دقيق قام بإعداده كل من مني البنداري ويعقوب وهبي وكذلك دليل الأفلام في القرن العشرين في مصر والعالم العربي، إعداد محمود قاسم وعلي قليل من الذاكرة إن استطعت ولذلك فإن تاريخ عرض فيلم «المجهول» أتي بعد عرض فيلم «أهل الهوي» ويعتبر هذا المنهج اشبه بمنهج إصدار الكتب، حيث إن تاريخ صدوره ونشره هو الأهم من تاريخ طباعة الكتاب أو الانتهاء من كتابته. قمت بكتابة سيناريو فيلم «وكالة البلح» المأخوذ عن قصة «أهل الهوي» لنجيب محفوظ في كندا في بلدة «نورث هاتلي» وهي بلدة جميلة تقع علي بحيرة كبيرة، كنت استيقظ في الصباح الباكر وأتناول إفطاري وأشرب قهوتي التي أعملها بنفسي علي أقراص فحم سريعة الاشتعال وكنكة صغيرة ثم أبدأ الكتابة لمدة ساعتين قبل أن يبدأوا التصوير، بعد حوالي عشرين يوما انتهيت من كتابة السيناريو دون حوار. عدت من كندا وسلمت السيناريو إلي محمد مختار، حيث قرأه هو ونادية الجندي التي كادت أن ترقص بعد انتهائها من قراءته، كان التعاقد بيني وبين محمد مختار علي كتابة السيناريو فقط تاركا مهمة كتابة الحوار لكاتب آخر حتي لا أتحمل مسئولية ما تريده نادية الجندي من نوعية معينة من الحوار خاصة أن الأحداث تدور في أحد الأحياء الشعبية أو بمعني أدق في وكالة البلح وتقوم هي بدور المعلمة نعمة الله مطمع كل المعلمين بوكالة البلح، ويشبه الجو العام في الفيلم نفس الجو الذي كان يسود أحداث فيلم «الباطنية»، واجتهدت أن يحتوي السيناريو علي كل معاني الحوار حتي يقوم الكاتب الذي سوف يتولي مهمة كتابة الحوار بترجمة معني وألفاظ الحوار المكتوب باللغة العربية وبصيغة «غير المباشر» أي علي سبيل المثال: «ويقول له عبدون بأنه مستعد أن يضحي بحياته في سبيل المعلمة نعمة الله». طلب مني محمد مختار الذهاب إلي منزله لعقد اجتماع بيني وبينه هو ونادية الجندي وذلك بشأن التشاور فيمن يقوم بكتابة الحوار، قمت بترشيح صديقي وأفضل من يكتب هذا النوع من الحوار الشعبي بهجت قمر فظهر التردد واضحا عليهما برهة وإذا بمحمد مختار يسألني عن رأيي في شريف المنباوي فاعترضت عليه، وجدت نادية الجندي تحاول اقناعي.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.