«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رفضت شادية تمثيل سيناريو فيلم «الشريدة» الذي كتبه أحمد صالح
نشر في القاهرة يوم 24 - 05 - 2011

رفضت شادية تمثيل سيناريو فيلم «الشريدة» الذي كتبه أحمد صالح عن قصة نجيب محفوظ وعندما قرأته قلت للمخرج أشرف فهمي: رفضها لم يكن كافياً كان عليها أن تضربكما «بالصرمة القديمة» عدت إلي البيت لتخبرني زوجتي في هلع بأنهم قتلوا السادات. كان جهاز التليفزيون مفتوحا لكن لا أحد يتكلم، فقط بعض الأناشيد الوطنية. نزلت إلي الشارع وأخذت أتلمس من أحاديث الناس ما حدث فأدركت أن السادات قد أطلق عليه أحد ضباط الجيش الرصاص. نسيت كل شيء عن مهرجان كابري، أدركت أن البلد فقد قائدا عظيما، عبر ببلدنا من الهزيمة إلي النصر، قام عبدالناصر بإخراج الإنجليز من مصر ولكنه أدخل بدلا منهم الإسرائيليين، جاء السادات إلي الحكم وهناك توجس كبير وكراهية وغيرة وحسد من شلة عبدالناصر أطلقت عليهم بعد ذلك اسم «جمعية المنتفعين بذكري عبدالناصر» كان السادات يفوق هؤلاء ذكاء وخبرة، قصة حياته هي قصة زعيم قصة كفاح وسجن ومعاناة والتحام مع الشعب. قرأ كثيرا وتعلم الإنجليزية والألمانية في داخله صلابة الحسم ولين مع الحق إذا ما أخطأ لا يعرف العناد والاستبداد بالرأي وذلك لأنه سياسي من الدرجة الأولي، يصل إلي هدفه بشتي الطرق، السياسة في نظرة ليست الحصول علي كل شيء ولكن الحصول علي أقصي ما تستطيع، وضع مصر علي طريق الديمقراطية فأطاح بالاتحاد الاشتراكي وأقام المنابر ثم قام بتحويلها إلي أحزاب مستأنسة إلي حد ما ولكن هذه الأحزاب لم تحاول أن تنتزع ذاتيتها من فم الأسد. زعماء بحق كان الوقت في صالحها ولكنها ظلت كما هي ويفرح رؤساؤها بألقاب رؤساء الأحزاب أو بعضويه مجلسي الشعب والشوري. الأحزاب تحتاج إلي زعماء من طراز مصطفي كامل ومحمد فريد وسعد زغلول لا يخشون في الحق سطوة طاغية أو لومة لائم، مستعدون لبذل الغالي والرخيص، ينزلون إلي الشارع حتي لو كلفهم ذلك حياتهم فسوف يلتحم الشعب معهم. ولكنهم كانوا يبدون دائما كالجرذان المذعورة. أصلح السادات ما أفسده عبدالناصر، أزاح الكارثة الكبري التي ارتكبها عبدالناصر في يونية 1967. لم تفلح خطب عبدالناصر وسخريته من إسرائيل في أن تبث الخوف في قلوبهم، لم تستطع خطبه أن تؤثر في إسرائيل مثلما كانت تؤثر في شعب مصر فلم يبالوا بها وهزموه شر هزيمة في حرب ألحقت العار بمصر كلها وبالجيش المصري الذي كان ضحية هذا الطاغية. استطاع السادات أن ينتصر في حرب أشاد بها العدو قبل الصديق. أعاد لمصر كرامتها. الخطأ التراجيدي الذي ارتكبه السادات في حق مصر أنه اختار حسني مبارك نائبا له. نبؤة زوجتي أعلنت الدولة الحداد وأنهت الاشتراك في أي احتفال أو مهرجان في الخارج، أعدت تذكرة الطائرة إلي المركز القومي وأنا أذوب حسرة وتذكرت نبوءة زوجتي بأنني لن أذهب إلي هذا المهرجان. بعد فيلم «ولا يزال التحقيق مستمرا» والنجاح الكبير الذي حققه علي جميع المستويات انشغل أشرف فهمي بفيلم «الشريدة» عن قصة لنجيب محفوظ لا تتعدي الأربع صفحات ويقوم بإنتاج الفيلم صديقنا المنتج السينمائي عبدالعظيم الزغبي، كان أشرف قد عرض علي أن أقوم بكتابة السيناريو لهذه القصة وأيده في ذلك عبدالعظيم الزغبي ولكنني اعتذرت لانشغالي التام بكتابة فيلمين وخاصة أنني علمت أن أحمد صالح هو الذي رشح له هذه القصة علي أساس أن تقوم شادية ببطولة الفيلم. حالة سيئة في إحدي زياراتي لأشرف فهمي بعد أن انتهي هو وأحمد صالح من كتابة السيناريو وجدته في حالة نفسية سيئة. وعندما سألته عما به أخبرني بأن شادية قد رفضت السيناريو. أعطاني السيناريو لاقرأه رغم أني رفضت في البداية فليس عندي ثقة بما يكتبه أحمد صالح بعد قراءتي لما كتبه في سيناريو «رحلة النسيان» ولكن أشرف هاج وماج وصاح في وجهي: «هو انت مش عاوز تعمل أي حاجة.. أمال صاحبي إزاي يا أخي؟» فاضطرت لأخفف عنه أن أوافق. قمت بقراءة السيناريو وعدت إلي أشرف فسألني في لهفة عن رأيي فأخبرته في هدوء بأن رفض شادية للسيناريو ليس كافيا منها وإنما كان يجب عليها أيضا أن تضربهما بالصرمة القديمة، وبالطبع شرحت له مبرراتي، وعرض علي مرة أخري أن أقوم بإعادة كتابة السيناريو خاصة أن شادية تثق بكتابتي ولكني رفضت رفضا قاطعا. أخبرني أشرف فيما بعد أنه استعان بالناقد السينمائي فتحي فرج لإعادة كتابة السيناريو رغم أن فتحي لم يسبق له أن كتب سوي النقد السينمائي المتميز، وربما استعان أيضا بعد ذلك ببشير الديك وربما ببهجت قمر، وعندما كنت أزوره أثناء تصوير الفيلم كان يطلب مني أن أجلس وأعيد كتابة بعض المشاهد التي سيقوم بتصويرها، وقد رآني في إحدي المرات الصديق محمود ياسين فأبدي ارتياحه لذلك حيث كان هو بطل الفيلم، وبالمناسبة كان محمود ياسين هو النجم المفضل لي ولأشرف. في النهاية خرج فيلم «الشريدة» إلي النور وقد شارك في كتابته عدد من الكتاب لكن كل هذا الجهد الفني نسب إلي أحمد صالح، وفوجئت ودون أن أعلم السبب حتي الآن بأن بطلة الفيلم أصبحت نجلاء فتحي وليست شادية لفيلم «المرأة هي المرأة» حكاية. قامت الأخت المحبوبة الفنانة الرقيقة شادية بالاتصال بي في منزل عائلتي بالسيدة زينب فلم أكن حصلت علي خط تليفوني حتي الآن بعد زواجي وانتقالي لحي المهندسين، وعندما أوصت شادية بسرعة إبلاغي أرسلت أمي أحد إخوتي الذي أبلغني بضرورة اتصالي بشادية. ذهبت مع أخي إلي بيت العائلة في السيدة زينب وقمت هناك بالاتصال بشادية. كانت أمي فخورة أنني أعرف شادية وأحادثها في التليفون، أما أبي فقد علمت أن هذا كان موضوع حديثه مع أصدقائه، طلبت مني شادية أن أذهب إلي المخرج هنري بركات في مكتبه بعمارة الإيموبيليا لأتسلم منه سيناريو لأقرأه وأخبرها برأيي فيه. لم أكن قابلت المخرج هنري بركات من قبل بل ربما رأيته مرة أو مرتين من بعيد كانت تعجبني بعض أفلامه خاصة «في بيتنا رجل، والباب المفتوح، والخيط الرفيع» أما فيلمه الشهير «دعاء الكروان» رغم إتقانه الحرفي فلم أصدقه ربما لأن حواره كان أعلي بكثير من مستوي شخصية آمنة الفتاة الريفية الأمية والروح الفرنسية التي تغلب علي الرواية التي كتبها طه حسين. لقاء بركات ذهبت لمقابلة بركات في مكتبه الذي كان يتكون من حجرتين وصالة، عرفت أن هذا المكتب الصغير قام بإنتاج أفلام شارك في إنتاجها مع بركات الموسيقار محمد عبدالوهاب، استقبلني بركات بلا حفاوة وأدركت بعد ذلك من معاشرتي له أنه ليس من الكائنات الودودة التي تهتم حتي بغيرها، وهو لا يبدي أية عاطفة أو حماس لأي شخص ومن الصعب الحصول علي صداقته ويكره مصافحة الأيدي وإذا اضطر لذلك فهو يكتفي بأن يضرب بأطراف أصابعه علي اليد الممدودة إليه. وهو شخص لا ينفعل أبدا وصوته لا يعلو لأي سبب ولا يضحك إلا من أجل هدف أو غاية، يجيد التحدث بالإنجليزية والفرنسية ولا يتحمس لكل ما هو مصري رغم أنه من أفضل المخرجين الذين قدموا الريف المصري في بعض أفلامه. قدم لي بركات سيناريو بدون حوار كتبه المخرج حسن رمزي هو وشقيق زوجته ضابط البوليس الدكتور محمد العشري. حصل محمد العشري علي درجة الدكتوراه في اقتصاديات السينما وكان يعمل مساعدا للإنتاج مع مثله الأعلي حسن رمزي، وظل محمد العشري صديقا وفيا لحسن رمزي حتي بعد طلاقه من أخته برلنتي العشري، وأدركت بالطبع أن شادية هي المرشحة لبطولة هذا الفيلم وكان علي ما أذكر بعنوان «امرأتان». قرأت المعالجة أو السيناريو بدون حوار فاكتشفت أنه مأخوذ عن مسرحية أوسكار وايلد «مروحة الليدي وندرمير» لم أجد في المعالجة جهدا في الاقتباس ولم أستنشق الروح المصرية التي كنت أجدها فيما كان يكتبه نجيب الريحاني وبديع خيري أو في أفلام صلاح أبوسيف المأخوذة من الأدب الفرنسي مثل «لك يوم يا ظلم» المأخوذ عن رواية «تريزا راكان» لإميل زولا و«شباب امرأة» المأخوذ عن رواية «سافو» لألفونس دوديه. لاحظت شدة الالتزام بمسرحية أوسكار وايلد بحيث أصبحت مثل فلاح مصري يرتدي قبعة. اتصلت بشادية وأخبرتها برأيي فأيدتني علي الفور وأخبرتني بأنها لذلك لم تكن مستريحة لما قرأت وطلبت مني الذهاب إلي بركات والاتفاق علي موضوع آخر أقوم أنا بكتابته. مدام طماطم عندما ذهبت إلي بركات وأخبرته برأيي فيما قرأته فقام بالاتصال بها أمامي، لم تكن التليفونات في ذلك الوقت تفصح عن رقم الشخص الذي يطلب، ولذلك كان لابد من رفع السماعة ومعرفة الطالب، كانت شادية من النجوم الذين يفصحون عن شخصياتهم بسرعة في التليفون. كانت لابد من أن تتأكد أولا من الشخص الذي يتحدث إليها، ولذلك فكانت تغير من نبرة صوتها وتتظاهر بأنها الشغالة أو قريبة لها. كنت كلما تحدثت إليها في التليفون أعرف من أول وهلة أنها شادية، فقد كان صوتها هو تقليد لصوت نجمة إبراهيم في فيلم «ريا وسكينة» كما فعلت في فيلمها «عفريت مراتي» علي الفور أخبرها بركات بأنه يريد «مدام طماطم» فإذ بها علي الفور تكشف له عن شخصيتها ودار بينهما حديث عن عدم إعجابي بالموضوع وعدم حماسي لإعادة كتابته فسمعتها من خلال سماعة التليفون، حيث كان بركات قريبا مني وهو يحدثها وهي تقول له عني: «ده ولد كويس قوي يا هنري لازم تشتغل معاه». وبالطبع أثلجت صدري هذه الجملة، وشادية كما سبق وأن ذكرت مخلوقة رقيقة، شفافة، تحب من حولها وتحب أن تساعد من هم في أول الطريق ولم تذكر في مرة من المرات أمامي أحدا بسوء سواء من زميلاتها أو زملائها حتي ولو كانوا أساءوا إليها. الوحيدة التي رأيتها تتحلي بهذه الصفات في هذا الوسط الفني هي سعاد حسني. لم نعثر أنا وبركات علي موضوع بدلا من موضوع «مروحة الليدي وندرمير». وفي النهاية فتح بركات درج مكتبه وأخرج كتيبا صغيرا press book للدعاية لفيلم «المرأة ذات الوجهين» كانت البطلة هي النجمة الكبيرة جريتا جاربو وأمامها ملفين دوجلاس. كان ملخص الفيلم بالفرنسية وهي اللغة التي يحب بركات أن يتكلم بها ويقرأ بها ويكتب بها. طلب مني بركات أن أقرأ الملخص وأعطيه رأيي في الموضوع. زير نساء عدت إلي البيت وعلي الفور جلست وقرأت الملخص فوجدته عن امرأة متزوجة بزير نساء يبحث دائما عن التغيير ولذلك فإنها تنكرت في شخصية أخري أكثر تحررا وذكاء ومكرا فوقع في حبها وفي النهاية يكتشف أنه أحب زوجته. لم أكن متحمسا لهذا الموضوع خاصة أنه قد سبق معالجته في السينما المصرية في أفلام مثل «بنت العمدة» وفيلم «زوج في إجازة» هذا بالإضافة إلي أنني لا أميل كثيرا إلي اقتباس الأفلام الأجنبية التي كتبت قصصها خصيصا للسينما وليست مأخوذة عن أعمال أدبية، عندما أخبرت شادية بالموضوع تحمست له فلم تطاوعني نفسي علي أن أخذلها. وافقت علي اقتباس الموضوع لكن اشترطت علي بركات كتابة المصدر في العناوين فوعدني بذلك وأخبرني بأنه يتذوق الحوار الجميل، كان معذورا في قوله ذلك فقد عمل مع اثنين من خير من كتبوا الحوار وهما بديع خيري ويوسف جوهر. لقاءات متكررة قمت بكتابة معالجة أولية بعد أن أخبرني بركات بأنه سوف يقوم بالتصوير في لبنان، وبعد انتهائي من كتابة المعالجة ذهبت بها إليه. كان بركات من المخرجين الذين يستيقظون في السابعة صباحا مثل حسن الإمام وصلاح أبوسيف وكمال الشيخ وكان الموعد في المكتب في التاسعة صباحا، وعندما تكررت اللقاءات في هذا الموعد كنت أجده يتناول إفطاره المكون من كوب من الشاي باللبن ويغمس في الشاي رغيف فينو صغيرا ثم يتناوله فهذا هو كل الفطار. أما إذا اضطر لتناول الغداء في المكتب حيث أكون معه فإنه يترك لي خيار ما أتناوله من طعام أما هو فيطلب أربعة أصابع من الكفتة اللبناني. بعد أن قرأ بركات السيناريو والحوار أخبرني بأنه لم يضحك مع أن المفروض أن الفيلم كوميدي، أصابني رأيه هذا بالإحباط وأخبرته بأنني سوف أعيد النظر، وبالفعل قمت بعمل تغييرات كبيرة ليست في الحوار فقط لكن في مواقف السيناريو أسميت الفيلم «المرأة هي المرأة» وقد نال هذا العنوان إعجاب بركات ولكني اكتشفت بعد ذلك أن هناك فيلما فرنسيا من إخراج جان لوك جودار بهذا الاسم حاولت أن أغير الاسم ولكن بركات لم يوافق وأخبرني بأن تشابه أسماء الأفلام لا يهم خاصة أن الاسم منطبق تماما علي فيلمنا. أوامر الموزع كنت أظن أن شادية بطلة الفيلم ولكن فوجئت ببركات يرشح سهير رمزي وحسين فهمي، وعندما سألته عن السبب في هذا التغيير فقد كان الاتفاق أن تكون شادية هي البطلة ورشدي أباظة هو البطل - فأخبرني بأن هذا هو طلب الموزع اللبناني والذي كان يشاركه أيضا في الإنتاج. وكنا نرغب أن يكون
سمير غانم هو الذي يقوم بشخصية المنافس ولكن سمير كان مشغولا بالعمل في إحدي المسرحيات وفيلمين ولا يستطيع أن يسافر ومعظم أحداث الفيلم تقع في لبنان. عرض علي بركات بعض أسماء ممثلين كوميدين لم أتحمس لأحدهم، وفي النهاية أخبرني في حماس بأنه اختار محمد عوض وأن هذا سوف يعلي من قيمة الفيلم بالنسبة للتوزيع الداخلي والخارجي. أخذ محمد عوض يتردد علينا في مكتب بركات ويشارك بالاقتراحات والافيهات الكوميدية في حماس ورشح لنا شويكار لدور المرأة المنافسة أو التي كان يعشقها الزوج قبل أن يقابل زوجته في شخصيتها الجديدة، لم يكن الدور كبيرا بالنسبة لشويكار في تلك الفترة، فقد كانت تقوم ببطولة الأفلام السينمائية مع فؤاد المهندس علي وجه خاص ولكن محمد عوض أخبرنا بأنه كفيل بإقناعها. عندما شاهدت الفيلم بعد أن خرج إلي النور لم أجده عملا يستحق مثل الأفلام التي كتبتها قبله أن أزهو به فهو مجرد فيلم كوميدي عادي، وللأسف الشديد لم يذكر بركات في عناوين الفيلم أنه مأخوذ عن فيلم «ذات الوجهين» بل نسب القصة لي وله. بعد نجاح فيلم «الباطنية» بشكل طاغ لم يسبق له مثيل في تاريخ السينما العربية، أخذ منتجه محمد مختار يبحث عن موضوع آخر لفيلم جديد وتقوم ببطولته نادية الجندي، كان هدف محمد مختار هو الربح وفي سبيل ذلك فإنه علي استعداد أن يستعين بأقوي العناصر السينمائية من أجل تحقيق ذلك. كان آخر ما يفكر فيه هو أن يمتدحه أحد النقاد فلم يعنيه هذا تماما إلا إذا كان هذا المديح يحقق له مكسبا ماديا أكثر، ولكن للأسف لم يستطع أي ناقد في مصر أن يحقق ما يصبو إليه محمد مختار إلا الذين كانوا ينتقدون أفلامه ويسخفونها أو ينظرون إليها بأقلام الازدراء فإذا بالجماهير تقبل عليها فتصيب هؤلاء النقاد بالغيظ الشديد وارتفاع ضغط الدم. تغيير ضمائر ولذلك فإن بعض النقاد وجدوا أنهم هم الخاسرون في نظر الجماهير فقاموا بتحويل ذمة أقلامهم وأمطروا أفلامه بالثناء وبالطبع لم يؤثر ذلك في أي شيء وأخذت نادية الجندي تخطو من نجاح إلي آخر حتي استطاعت أن تسبق اسمها بلقب «نجمة الجماهير» وأصبحت المنافسة الحقيقية لنجم الشباك عادل إمام. لم تكن العلاقة بيني وبين المخرج حسام الدين مصطفي حتي ذلك الوقت علي ما يرام، عمل حسام الدين مصطفي مع كبار الكتاب فلم يتطاول عليه أي واحد منهم إذا ما قام بتغيير في الرواية، إذا كان الفيلم مأخوذا عن عمل أدبي لنجيب محفوظ أو إحسان عبدالقدوس أو في السيناريو بل إنه في كثير من الأحيان كان يجلس هو ومساعده طلعت علام ويعيدان كتابة السيناريو دون أن يجرؤ كاتب السيناريو الأصلي علي الشكوي أو التذمر، فوجئ حسام بكاتب سيناريو شاب يعترض علي العبث بالحوار ويحاول أن يحدد مكانه في حدود الإخراج فقط بل يصل الأمر إلي الصحف الكبري فقد تبني كمال الملاخ في صفحته الأخيرة في الأهرام هذه القضية وأخذ رأي الكثيرين من أصحاب الرأي وطلب مني التعقيب أكثر من مرة، حيث دافعت عن حق الكاتب وانحاز إلي جانبه الكثير من كبار الكتاب وكأنهم كانوا ينتظرون هذه الشرارة مني ليثوروا علي طغيان بعض المخرجين الذين أعطوا لأنفسهم كل الحقوق الأدبية في الحذف والإضافة بل وأحيانا في التغيير الكلي، ولم يستطع حسام الدين مصطفي أن يقف في وجه هذا التيار الجارف والذي أدان موقفه ولذلك كانت هناك عداوة خفية بيني وبينه. أهل الهوي كنت في هذه الفترة قد قرأت قصة قصيرة لنجيب محفوظ نشرها في جريدة «الأهرام» بعنوان «أهل الهوي» بالإضافة إلي أنها سحرتني وجدت أنها أيضا تصلح لأن تكون فيلما سينمائيا ناجحا، بالمناسبة أنا لا أقرأ أية قصة أو رواية مسلسلة في أي جريدة أو مجلة بل أحب قراءة القصص والروايات في كتب والاستثناء الوحيد لنجيب محفوظ والقصاص والروائي المبدع محمد البساطي، أخذ محمد مختار يحاول أن يتودد إلي ويقوم بزيارتي في مكتبي من حين لآخر، وأثناء انصرافه كان يطلب مني البحث عن موضوع جديد فكنت أكتفي بأن أعده دون أن أفي بوعدي، وفي إحدي المرات سألني هل مازلت غاضبا بسبب ما حدث في فيلم «الباطنية»، وأخذ يدافع عن نفسه بأنه ليس السبب وأنني رفضت كتابة ما أرادته نادية الجندي فأخبرته بأنه المنتج أي وكيل الفنانين الذين يعملون معه وعليه أن يحمي حقوقهم وأن المنتج في أمريكا هو أهم شخصية في الفيلم وهو الآمر الناهي فوعدني أن يكون ما أقوله، طلبت منه أيضا بألا يكون المخرج هو حسام الدين مصطفي فوافق علي ذلك. صدق فأوفي ويبدو أنه أخبر حسام بما دار بيني وبينه إذ علمت أن حسام صاح بغيظ يستهين بي وقام بترشيح بعض كتاب السيناريو بدلا مني ولكن للحق فإن محمد مختار قام بتنفيذ وعده لي وأطاح بحسام الدين مصطفي، فتحت درج مكتبي وأخرجت لمحمد مختار قصة «أهل الهوي» فسألني هل هي في مستوي الباطنية فأخبرته بأنها أفضل بكثير. مضي أسبوع دون أن أري محمد مختار حتي أنني ظننت أن القصة لم تعجبه أو لم تعجب نادية الجندي كانت القصة مكتوبة لامرأة وكأن نجيب محفوظ كتبها لتقوم ببطولتها نادية الجندي، لم تكن في رواية «الباطنية» شخصية امرأة فقمت بخلق شخصية وردة من العدم أما بالنسبة لقصة نجيب محفوظ فقد شملت كل العناصر. جاءني محمد مختار وأخبرني بأنه اشتري القصة من نجيب محفوظ، اقترح علي بدرخان ليقوم بالإخراج فوافقت بالطبع، قمت بعمل بعض الجلسات مع علي بدرخان تناقشنا فيما سيكون عليه السيناريو، كان في وادي وأنا في وادي آخر لا أذكر بالضبط الخلافات الفكرية بيني وبينه ولكني علي ما أذكر أنه كان يريد أن يقدم فيلما لا تصلح نادية الجندي لتمثيله، حاولت أن أجعله يدرك أن محمد مختار اشتري هذه القصة من أجل أن تقوم زوجته ببطولتها ولم يشترها من أجل ممثلة أخري وأن ما يقوله لن توافق عليه نادية الجندي ولذلك لابد من استخدام المهارة في الحرفة وتقديم فيلم يجمع بين الفن والمتعة وليس الفن فقط. ولم أبال بعد ذلك بما يقوله علي بدرخان وعرضت الأمر علي نجيب محفوظ فإذا به يعطيني نسخة خطية من رواية له، أخبرني بأنه بعد أن كتب هذه الرواية فإنها لم تعجبه وأعاد كتابتها في هذه القصة القصيرة ولذلك فإنه كتب علي الصفحة الأولي من الرواية كلمة «لاغي»، طلب مني أن أقرأها ربما أستطيع أن أستفيد منها شيئا، قرأت الرواية التي لم يرض عنها نجيب محفوظ فوجدتها لا تختلف كثيرا عن القصة سوي في أمر أساسي وهو أن البطل فقد الذاكرة أما من الناحية الفنية فالرواية تبدو مترهلة أو أن حدثها لا يستحق كل هذه الصفحات، هذا بالرغم من أن القصة القصيرة كانت تزدحم بالشخصيات والأحداث بشكل مكثف، أعطيت الرواية لعلي بدرخان وطلبت منه أن يعيدها حتي لا تقع في يد أحد آخر ويقوم بنشرها أو ينسبها إلي نفسه ولكن علي بدرخان لم يعيدها وعندما كنت أطلبها منه كان يخبرني بأنه أعادها وربما والله أعلم قد أعادها إلي نجيب محفوظ أو إلي محمد مختار أو أعادها لي وأعدتها أنا إلي الأستاذ نجيب محفوظ ونسيت بعد ذلك رغم أنني كنت في هذا الوقت ذاكرتي قوية وقلما تنسي شيئا حدث. خلاف مع بدرخان بعد أن انتهيت من كتابة المعالجة السينمائية لقصة «أهل الهوي» أعطيتها للمنتج ليعطيها للمخرج بدرخان، ومن المؤكد أن المنتج أعطاها لزوجته نادية الجندي فقرأتها، لم يوافق علي بدرخان علي المعالجة وعندما أخبرت نادية الجندي بما دار بيني وبين المخرج فإذا بها ترفض كل ما يقوله علي بدرخان وتمسكت بما كتبته. كنت قد انتهيت قبل ذلك من سيناريو فيلم «المجهول» إخراج أشرف فهمي وكان لابد وأن أسافر مع فريق العمل والممثلين إلي كندا، فأخذت معي معالجة فيلم «أهل الهوي» وقد يتساءل القارئ لماذا اتحدث عن فيلم «أهل الهوي» قبل أن اتحدث عن فيلم «المجهول» فأجيبه بأنني أقوم بذلك حسب تواريخ عرض الفيلم وليس حسب تواريخ إنتاجها، وفي الواقع فإنني قد نسيت كل هذه التواريخ وألجأ إلي قواميس الأفلام خاصة «دليل السينمائيين في مصر» الذي يقدم أعمال المخرجين وكتاب السيناريو ومديري التصوير والمونتيرين حسب تواريخ عرضها وهو في الواقع دليل دقيق قام بإعداده كل من مني البنداري ويعقوب وهبي وكذلك دليل الأفلام في القرن العشرين في مصر والعالم العربي، إعداد محمود قاسم وعلي قليل من الذاكرة إن استطعت ولذلك فإن تاريخ عرض فيلم «المجهول» أتي بعد عرض فيلم «أهل الهوي» ويعتبر هذا المنهج اشبه بمنهج إصدار الكتب، حيث إن تاريخ صدوره ونشره هو الأهم من تاريخ طباعة الكتاب أو الانتهاء من كتابته. قمت بكتابة سيناريو فيلم «وكالة البلح» المأخوذ عن قصة «أهل الهوي» لنجيب محفوظ في كندا في بلدة «نورث هاتلي» وهي بلدة جميلة تقع علي بحيرة كبيرة، كنت استيقظ في الصباح الباكر وأتناول إفطاري وأشرب قهوتي التي أعملها بنفسي علي أقراص فحم سريعة الاشتعال وكنكة صغيرة ثم أبدأ الكتابة لمدة ساعتين قبل أن يبدأوا التصوير، بعد حوالي عشرين يوما انتهيت من كتابة السيناريو دون حوار. عدت من كندا وسلمت السيناريو إلي محمد مختار، حيث قرأه هو ونادية الجندي التي كادت أن ترقص بعد انتهائها من قراءته، كان التعاقد بيني وبين محمد مختار علي كتابة السيناريو فقط تاركا مهمة كتابة الحوار لكاتب آخر حتي لا أتحمل مسئولية ما تريده نادية الجندي من نوعية معينة من الحوار خاصة أن الأحداث تدور في أحد الأحياء الشعبية أو بمعني أدق في وكالة البلح وتقوم هي بدور المعلمة نعمة الله مطمع كل المعلمين بوكالة البلح، ويشبه الجو العام في الفيلم نفس الجو الذي كان يسود أحداث فيلم «الباطنية»، واجتهدت أن يحتوي السيناريو علي كل معاني الحوار حتي يقوم الكاتب الذي سوف يتولي مهمة كتابة الحوار بترجمة معني وألفاظ الحوار المكتوب باللغة العربية وبصيغة «غير المباشر» أي علي سبيل المثال: «ويقول له عبدون بأنه مستعد أن يضحي بحياته في سبيل المعلمة نعمة الله». طلب مني محمد مختار الذهاب إلي منزله لعقد اجتماع بيني وبينه هو ونادية الجندي وذلك بشأن التشاور فيمن يقوم بكتابة الحوار، قمت بترشيح صديقي وأفضل من يكتب هذا النوع من الحوار الشعبي بهجت قمر فظهر التردد واضحا عليهما برهة وإذا بمحمد مختار يسألني عن رأيي في شريف المنباوي فاعترضت عليه، وجدت نادية الجندي تحاول اقناعي.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.