يوم بعد يوم تتزايد أهمية التغطية الإعلامية للانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة نظرا للدور الرئيسي الذي ستلعبه بشكل أو بآخر في تحديد هوية رئيس مصر القادم، وخاصة بعد أحداث 25 يناير التي خلقت حراكا سياسيا غير عادي ورفعت سقف الحرية للأعالي، كما أظهرت تأثير وسائل الإعلام خاصة الإعلام الجديد، الإنترنت ومواقع التفاعل الاجتماعي كالفيس بوك واليوتيوب والتويتر في الرأي العام، بل إن دورها لم يعد قاصرا علي تغطية الأحداث السياسية فحسب بل وكان هو المحرك الأساسي والمروج لها ولعل ما يميز هذا الإعلام الجديد هو عزوفه عن القوالب النمطية التي يقدمها الإعلام التقليدي سواء كان في الصحف والبرامج التليفزيونية ومساهمته في خلق حالة من العصيان والتمرد الاجتماعي علي ما هو قائم وخروج العديد من شرائح المجتمع من حالة العزلة السياسية التي فرضها عليه النظام السابق الذي تنبه متأخرا للدور المحوري الذي يلعبه الإعلام الجديد وعلي رأسه الإنترنت لكن ذلك بعد أن فات الأوان وانطلقت الشرارة الأولي لثورة 25 يناير. وبنظرة سريعة إلي منظومة الإعلام المصري نجد أن كلا من الإعلام التقليدي والإعلام الجديد قد اتسع حجمه بشكل قياسي إذ بلغت عدد الصحف المطبوعة في مصر نحو 528 صحيفة منها 55 صحيفة قومية أي مملوكة للدولة و62 صحيفة حزبية و43 صحيفة خاصة و157 صحيفة مملوكة لجهات حكومية و223 صحيفة تصدر عن جمعيات، اتحادات، غرف، كنائس و15 صحيفة تملكها هيئات أجنبية، بالإضافة إلي حوالي 100 صحيفة تطبع في مصر بصفة مؤقتة بترخيص أجنبي، أما علي صعيد الإذاعة والتليفزيون فهناك نحو 54 قناة تليفزيونية مصرية تبث عبر القمر الصناعي نايل سات 57% منها ملكية خاصة، أما الإعلام الجديد أو الإلكتروني نجد أن عدد مستخدمي الإنترنت في مصر بلغ حوالي 20 مليون متصفح. بالإضافة إلي أكثر من 63 صحيفة مطبوعة لها نسخ إلكترونية وأكثر من 23 موقعا لإذاعات مصرية تبث علي نايل سات، أما عدد المدونات فهو أكثر من 170 ألف مدونة. والسؤال هنا هل ستساعد التغيرات التي طرأت علي المشهد السياسي والقت بظلالها علي الإعلام المصري في توجيه الجمهور المصري إلي الإعلام الرسمي من أجل التزود بالأخبار والتقارير ومتابعة الأحداث السياسية المتلاحقة أم يظل الإعلام الجديد هو النافذة التي يطل منها الشباب لرؤية الأحداث دون قيود أو تعتيم؟ وفي ظل الدور الذي قامت به التكنولوجيا والإنترنت والفيس بوك في عملية الحراك السياسي سواء في تأجيج الثورة أو الأحداث السياسية التي أعقبتها من تغيير الحكومة والاطاحة بنظام الحكم السابق، والتصويت إلي التعديلات الدستورية وبات السؤال هل الإعلام التقليدي الذي تعودنا عليه من صحف وبرامج تليفزيونية أكثر تأثيرا لنيل ثقة الجمهور وكسب الرأي العام من الإعلام الالكتروني قيام الحديث خاصة في ظل وجود ظاهرة جديدة هي المرشحون علي منصب رئيس الجمهورية بالترويج لبرامجهم الانتخابية علي صفحات مواقع الاتصال الاجتماعي «الفيس بوك»، والتويتر واليوتيوب»، وهل ستلقي هذه الظاهرة قبولا يحقق المصداقية في انتخابات الرئاسة المقبلة. ويقول د. هشام عطية أستاذ الصحافة بكلية الإعلام إن الخطوة الأولي التي يجب أن يبدأ بها مرشح الرئاسة هي دراسة خريطة المنافسين له وانماط تواجدهم الإعلامي نظرا لأنه في بعض الأحيان قد تنحاز بعض الوسائل لمرشحين بعينهم دون الآخرين، بالإضافة إلي دراسة الناخبين وأي الشرائح الأكثر تواجدا علي الساحة السياسية والاستفتاء الأخير أوضح من هي الشريحة التي أدلت بصوتها دون الأخري، وبسؤاله عن فعالية دور الإعلام الجديد المتمثل في مواقع التواصل الاجتماعية أنه أكثر جدوي مع قطاع الشباب لتميزه بسهولة التواصل معهم وكذلك يستطيع المرشح أن يبني جسرا من الثقة بينه وبين الشباب عن طريقه مع مراعاة أن تأثير الإعلام الجديد لن يقتصر علي الشباب بل سيمتد إلي الفئة الأكبر سنا نظرا لأن الشباب يستطيعون بشكل أو بأخر التأثير في ذويهم. وأوضح أن هناك فئة أخري وهي المتواجدة في قري الوجه البحري والقبلي والذي كان الحزب الوطني يستقطبها عن طريق المنح والعطايا، بل وكان الأمر يصل أحيانا إلي استخدامه التعصب القبلي للتأثير عليهم وهذه الفئة لن يجدي معها الإعلام بشقيه وإنما يتطلب الأمر الاتصال المباشر معهم وحينما تطرق الحديث للإعلام التقليدي أوضح أن الشريحة المتابعة له ليست بالقليلة ولكن أغلب المرشحين سيتواجدون عليه وبالتأكيد ستتساوي فرصهم ومن ثم فمن يظهر بقوة في الإعلام الجديد والاتصال المباشر سيقطع شوطا كبيرا في السباق. أمابخصوص المرشحين وعرضهم لبرامجهم الانتخابية علي الفيس بوك وهل يعد هذا مؤشرا لمن سيفوز، قال علي سبيل المثال صفحة عمرو موسي اكسبته ثقة قاعدة عريضة من المجتمع المصري بغض النظر عن بعض مواقفه السياسية وانتسابه من قبل للحزب الوطني رغم أن برنامج البرادعي علي الفيس بوك وآراءه هي الأكثر قدرة علي تحقيق نقله في الوضع السياسي. أما الدكتور صفوت العالم رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام أكد علي ضرورة المزج بين الإعلام التقليدي والإعلام الجديد فتوعية الجمهور المستهدف تعد مؤشرا مهما لتحديد أي من الوسيلتين ستستخدم بمعني أن الفلاح في القرية لا يستطيع أن يستخدم الإنترنت، وبالتالي فإن الإعلام التقليدي سواء صحف أو برامج بالتليفزيون يعد أكثر جدوي، بل إن الاتصال المباشر وعقد لقاءات جماهيرية هو المحك الرئيسي لمعرفة اتجاهات الرأي العام وتعد هي أكثر الوسائل تأثيرا في تلك الفئة. وأشار الدكتور صفوت إلي أن وعي المرشح نفسه بوسائل الإعلام الجديد ومدي إلمامه بها يعد عاملا مهما في الخطة الانتخابية التي سيسير عليها، بالإضافة إلي أنه يجب أن يضع في الاعتبار عند مخاطبة الجمهور في أي وسيلة إعلامية لابد من مراعاة الدعاية والدعاية المضادة بمعني أن المرشح يجب ألا يفرط في الانحياز أو الحديث كذلك لفئة معينة دون الأخري. أما الدكتور عبدالله زلطة رئيس قسم الإعلام بكلية آداب بنها جامعة بنها يري أن الإعلام بمفرده ليس كافيا سواء في الصحف أو التليفزيون أو الإنترنت وإنما يجب إعداد خطة شاملة لجميع عناصر الاتصال بجمهور الناخبين أهمها الاتصال الشخصي أي أن المرشح يعمل علي وضع برنامج للقاءات المختلفة في جميع أنحاء المحافظات لسماع جميع وجهات النظر سواء كان متعلقة بالشأن المحلي أو السياسات الخارجية. وأضاف أن الإعلام الإلكتروني لابد أن يأخذ حيزا كبيرا من اهتمام المرشحين خاصة وأنه أثبت دورا فعالا في أحداث 25 يناير إلا أن نتيجة الاستفتاء أوضحت أن عامة الشعب وليس المثقفون أو حتي شباب 25 يناير هي التي حسمت نتيجة الاستفتاء وسيكون لها دور كبير في حسم انتخابات الرئاسة، وعن رأيه في بدء الحملة الانتخابية لبعض مرشحي الرئاسة علي الإنترنت وصفحات الفيس بوك؟ أجاب أن الدعاية المبكرة ليست في صالح المرشحين لأن البيان الذي أصدره المجلس الأعلي للقوات المسلحة بشأن التعديلات الدستورية يوضح أن انتخابات مجلسي الشعب والشوري هي التي ستجري أولا، وسيتم تأجيل انتخابات الرئاسة إلي العام المقبل علي الرغم من التأكيدات المسبقة بإجراء انتخابات الرئاسة في موعدها ومن ثم فإن بدء الحملة الانتخابية الآن يعد تشتيتا للرأي العام المقبل أولا علي انتخابات مجلس الشعب بالإضافة إلي أن مردودها سيكون ضعيفا بدون جدوي. أما الدكتور عدلي رضا رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة أكد أن المزج بين الإعلام التقليدي والجديد هو الحل الأمثل لنيل ثقة جميع طوائف الشعب وشرائحه نظرا لأن هناك شريحة كبيرة جدا من المجتمع لا تتعامل مع الإنترنت، بل توجهها يكون للصحف والبرامج التليفزيونية والملصقات الدعائية في حين أن الشباب هم الأكثر ارتباطا بعالم الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي والتي كان لها عظيم الأثر في أحداث 25 يناير، وبسؤاله عن صفحات المرشحين علي الفيس بوك وهل هي انعكاس للرأي العام؟ أجاب بأنها تعطي مؤشرات أولية وليست مطلقة، فالمرشح يستطيع من خلالها معرفة مدي تواجده بين شريحة مهمة كالشباب وفي ذات الوقت هناك شريحة أكبر عليه أن يكتسب ثقتها قبل انطلاق سباق الرئاسة وهي عامة الشعب التي لا تستخدم الإنترنت وعن التواجد المكثف للمرشحين من الآن، وهل تعد تلك الدعائية المبكرة في صالحهم أم لا؟ أجاب أن المجلس العسكري عليه أن يحدد بشكل قاطع موعد انتخابات الرئاسة حتي يستطيع كل مرشح أن يعد حملته الانتخابية وبرنامجه الذي سيعرضه علي الشعب، فحتي الآن ملامح المرشحين وبرامجهم لم تتضح.