الرئيس اللبناني: واشنطن طرحت تعاونًا اقتصاديًا بين لبنان وسوريا    ستارمر يخطط للتشاور مع حلفاء أوكرانيا بعد تقارير عن سعي ترامب لاتفاق حول الأراضي    أمير هشام: غضب في الزمالك بعد التعادل أمام المقاولون    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 18 أغسطس 2025 في القاهرة والمحافظات    بحضور وزير قطاع الأعمال.. تخرج دفعة جديدة ب «الدراسات العليا في الإدارة»    البنك المصري الخليجي يتصدر المتعاملين الرئيسيين بالبورصة خلال جلسة بداية الأسبوع    السكك الحديدية تعلن تشغيل 49 رحلة يوميا على هذا الخط    إضافة المواليد على بطاقة التموين 2025.. الخطوات والشروط والأوراق المطلوبة (تفاصيل)    انطلاق المؤتمر الدولي السادس ل«تكنولوجيا الأغشية وتطبيقاتها» بالغردقة    رئيس "حماية المستهلك": وفرة السلع في الأسواق الضامن لتنظيم الأسعار تلقائيًا    أوسيم تضيء بذكراه، الكنيسة تحيي ذكرى نياحة القديس مويسيس الأسقف الزاهد    موعد فتح باب التقديم لوظائف وزارة الإسكان 2025    بين السَّماء والأرض.. زائر ليلي يُروّع أهل تبسة الجزائرية على التوالي بين 2024 و2025    الأمم المتحدة: نصف مليون فلسطيني في غزة مهددون بالمجاعة    أبرز تصريحات رئيس الوزراء خلال لقائه نظيره الفلسطيني الدكتور محمد مصطفى    احتجاجات غاضبة أمام مقر نتنياهو تتحول إلى مواجهات عنيفة    ماكرون: بوتين يريد استسلام أوكرانيا لا السلام    بدء اختبارات كشف الهيئة لطلاب مدارس التمريض بالإسكندرية    أمير هشام: الأهلي سيقوم بتحويل قيمة جلب حكام اجانب إلى الجبلاية    "لا يصلح"... رضا عبدالعال يوجه انتقادات قوية ليانيك فيريرا    أتلتيكو مدريد يسقط أمام إسبانيول بثنائية في الدوري الإسباني    وزارة التربية والتعليم تصدر 24 توجيهًا قبل بدء العام الدراسي الجديد.. تشديدات بشأن الحضور والضرب في المدراس    مصرع طفل أسفل عجلات القطار في أسيوط    مصرع سيدة في حادث سير على الطريق الدولي بالشيخ زويد    التحقيق في مقتل لاعبة جودو برصاص زوجها داخل شقتهما بالإسكندرية    سامح حسين يعلن وفاة الطفل حمزة ابن شقيقه عن عمر يناهز ال 4 سنوات    هاجر الشرنوبي تدعو ل أنغام: «ربنا يعفي عنها»    حدث بالفن | عزاء تيمور تيمور وفنان ينجو من الغرق وتطورات خطيرة في حالة أنغام الصحية    "بفستان جريء".. نادين الراسي تخطف الأنظار من أحدث جلسة تصوير    سامح حسين يعلن وفاة نجل شقيقه عن عمر 4 سنوات    حضريها في المنزل بمكونات اقتصادية، الوافل حلوى لذيذة تباع بأسعار عالية    متحدث الصحة يفجر مفاجأة بشأن خطف الأطفال وسرقة الأعضاء البشرية (فيديو)    متحدث الصحة يكشف حقيقة الادعاءات بخطف الأطفال لسرقة أعضائهم    أمسية دينية بلمسة ياسين التهامى فى حفل مهرجان القلعة    طارق مجدي حكما للإسماعيلي والاتحاد وبسيوني للمصري وبيراميدز    الخارجية الأمريكية: لن نتعاون مع أى جماعات لها صلات أو تعاطف مع حماس    أشرف صبحي يجتمع باللجنة الأولمبية لبحث الاستعدادات لأولمبياد لوس أنجلوس    وزير الثقافة ومحافظ الإسماعيلية يفتتحان الملتقى القومي الثالث للسمسمية    «الصيف يُلملم أوراقه».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: منخفض جوى قادم    ننشر أقوال السائق في واقعة مطاردة فتيات طريق الواحات    4 أبراج «مرهقون في التعامل»: صارمون ينتظرون من الآخرين مقابل ويبحثون عن الكمال    رضا عبد العال: فيريرا لا يصلح للزمالك.. وعلامة استفهام حول استبعاد شيكو بانزا    بداية متواضعة.. ماذا قدم مصطفى محمد في مباراة نانت ضد باريس سان جيرمان؟    انطلاق دورة تدريبية لمديري المدارس بالإسماعيلية    اليوم.. أولى جلسات محاكمة المتهمين في واقعة مطاردة طريق الواحات    وائل القباني عن انتقاده ل الزمالك: «ماليش أغراض شخصية»    رغم وفاته منذ 3 سنوات.. أحمد موسى يكشف سبب إدراج القرضاوي بقوائم الإرهاب    حماية المستهلك: نلمس استجابة سريعة من معظم التجار تجاه مبادرة خفض الأسعار    تنسيق الثانوية العامة 2025 المرحلة الثالثة.. كليات التربية ب أنواعها المتاحة علمي علوم ورياضة وأدبي    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 18 أغسطس 2025    أمينة الفتوى توضح علامات طهر المرأة وأحكام الإفرازات بعد الحيض    هل يجوز ارتداء الملابس على الموضة؟.. أمين الفتوى يوضح    4 ملايين خدمة صحية مجانية لأهالى الإسكندرية ضمن حملة 100 يوم صحة    قبل بدء الفصل التشريعى الثانى لمجلس الشيوخ، تعرف علي مميزات حصانة النواب    حلاوة المولد، طريقة عمل السمسمية في البيت بمكونات بسيطة    فيديو.. خالد الجندي: عدم الالتزام بقواعد المرور حرام شرعا    رئيس جامعة الوادي الجديد يتابع سير التقديم بكليات الجامعة الأهلية.. صور    مرصد الأزهر: تعليم المرأة فريضة شرعية.. والجماعات المتطرفة تحرمه بتأويلات باطلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السوري صفوان داحول.. فنان لا تتجاوز لوحاته الألم
نشر في القاهرة يوم 04 - 01 - 2011

أضيف إلي قاعات عرض الفن منفذ جديد لعرض الفنون ليزداد التفاعل داخل المشهد التشكيلي المصري- العربي في قلب القاهرة بافتتاح «جاليري أيام» لفرعها الجديد في القاهرة بعد فروعها في دمشق وبيروت ودبي.. واختارت «أيام» لوحات التصوير للفنان السوري صفوان داحول لتفتتح به نشاطها.
شاهدت المعرض في الجاليري المهيأ للرؤية الجيدة وأهدتني مديرة القاعة كتاباً ضخماً عن أعمال الفنان صفوان الذي كنت شاهدت له من قبل عدداً قليلاً من اللوحات.. وبهذا الكتاب وبلوحات المعرض أمكنني ان أدرك إلي حد كبير مسار هذا الفنان شديد التميز الذي لم يغادر مدار آلامه الذي اختاره لنفسه منذ سنوات ليزداد الألم برحيل زوجته ليصبح برحيلها تأثير ازاحة الألم مباشر للغاية من نفسه إلي سطح اللوحة.. ولعشرات من اللوحات.
ولوحات الفنان صفوان بها ثراء بصري ورمزي وأيضاً هي مجال خصب للسرد العاطفي وتقترب تقنيته قليلاً من مفهوم الحافة الصلبة للفن التجريدي بالتجائه للحد الأدني في السرد البصري ويمكن ان نتساهل فنقول ان اتجاهه يقترب إلي حد ما من فن البوب.
الفنان صفوان آراه في معرض القاهرة الذي هو امتداد لمعارض أخري ما زال محصورا في دهاليز بصرية ووجدانية لفترة مرض زوجته ثم رحيلها عام 2008 ثم ما بعد الرحيل حتي الآن.. وهذا يلاقي لدي الفنان قبولا وجدانياً لميله الدرامي فالحزن الكامن في لوحاته بدأ قبل ذلك بسنوات طويلة.
ورغم وضوح ومباشرة هذه التيمة للمرض والتي شاهدتها في معرض «أيام القاهرة» ولوحات كتابه أري الفنان صفوان قد جعل من زوجته «أيقونة» للمرض وطوطم لوحاته حتي اعتادها المشاهد عبر متابعته زمنياً.. ورغم هذه المباشرة إلا ان هناك غموضاً في لوحاته واحتباسا لحقيقة ما وربما هذا هو أمتع ما في لوحاته أكثر من فكرة السرد المرضي وما يتبعه من إحساس بالسلبي الظاهر واللوعة لفعل التضحية.
الفنان رسم زوجته في حالات معاناتها في استسلام ورحيلها استخدم فيه كثيراً تكرارات «ثنائية» للشخصية في اللوحة الواحدة باللونين الأبيض والأسود كثنائية في كل لوحاته وكأداة لتحقيق فراغ معنوي وجمال قصدي.. وهذه الثنائية استحضار الشخصية وثنائية اللون أراه استحضر أيضاً ما يوحي بثنائية انقسام الذات.
وتبدو في لوحاته ثنائية أخري متناقضة من تقبل الحياة.. فنراه في معالجته المتكررة والدائمة بالتفاف القدمين حول بعضهما البعض وكذلك الساقين لجسد ثقيل في مادية ربما هي رغبة في عدم الارتباط بالمادية الأرضية أو رغبة الانسحاب من الواقع المادي بينما نجد معالجته لأصابع الكفين تحاول شق طريقها للفراغ لأعلي في التواءات من يعاني رغبة في الانطلاق حتي عن الجسد. فتظل القدمان قيداً أرضيا في استسلام سلبي والأصابع هي الفاعلة الإيجابية وهذا التناقض يثير الحيرة في لوحاته.
ومثلما بدت لديه الأقدام أرضية مادية اتفق هذا واللون الأسود ومقاعد لوحات القائمة في ارتباطها والأرضي بينما محاولات انعتاق الأصابع اتفقت وفكرة التحليق التي بدت واضحة في إضافته أجنحة لشخوصه والذي ألصقها في بعض لوحات زوجته الراحلة كرمز مباشر للملائكية إلا ان الأجنحة ظهرت مبكراً في لوحة رسمها عام 1989.. وأري ان إضافته لأجنحة صغيرة رقيقة فوق كتفي زوجته الراحلة لم يضيفا شيئاً إلي الإحساس الدرامي وبديا رمزاً مقحماً للفقد لأن الجناحين رمز للطيران والارتفاع.. والغريب انه لم يعد للأجنحة رمزية مباشرة للتحليق ففي عام 2002 رسم امرأة جالسة ملتفة القدمين أرضاً ورأسها متكئ علي ركبتيها وفوق ظهرها جناحان صغيران.. فالانكفاء دون التسامي والجلوس دون التحليق.
ومنذ عام 2000 بدأ الأبيض والأسود يظهران في لوحاته والانكفاءات ولم تعد هناك نوافذ تطل منها شخوصه علي الخارج وبدأت تظهر مقاعد تحتضن شخوصه المنكفئة ثم بدأ إحساس الفقد يتصاعد برسمه المقاعد الشاغرة.
وفي معرض القاهرة ظهرت مقاعد شاغرة وفضاء اللوحة مضغوط ليتدفق ذلك والسكون الاستسلامي وعدم التواصل بين ثنائياته النسائية اللاتي يظهرن دائما كتوأم إحداهما تنسلخ من الأخري.. الأصل والمادة..
الصورة والطيف
وهناك رمزيات أخري في لوحات الفنان السوري فاهتمامه برسم القدم ربما يرتبط بما في المعابد القديمة بالأخفاف المحفورة في التراب كرمز للشخص القادم لتقديم أضحية.. كذلك العين التي يدفعها صفوان داحول تجاه المشاهد في تركيز أو كأنها عين منومة وهي ربما ترمز إلي انفتاحها علي الأبدية كما في بورتريهات الفيوم في مصر الرومانية.. كذلك لجأ الفنان إلي رسم عين «الأودجا» المصرية الفرعونية لنساء لوحاته كنقيض لعين الإنسان ولعين الباز حورس..
كذلك رسمه للكف تكمن في رمزية من خلالها يمكن ادراك نوع المرض الذي يصيب صاحبه.. وفي رمزية للأبيض والأسود جمع النقيض فالأبيض رمز الطهارة المنتشرة في الزمان والمكان والأسود ندركه والفراغ، ولنراهما متحدين بحيث لا يمكن الفصل بينهما وبين موت من جهة وحياة من جهة أخري.
والفنان صفوان هو مخطط بارع ويميل للسردي من لوحة لأخري وتكاد تكون لوحاته مجملة وفرادا شكلاً أدبياً وكأنه لا يرسم فقط بل يقصد ان يكمل موسوعته البصرية في وحدة وجدانية شديدة يحاول ان يضع كل علامة في زاويتها المناسبة.. رغم ان مفرداته البصرية مكونة من أنماط مكررة.
أما عن شخوصه وعلمي انه يرسم زوجته الراحلة دوماً إلا أنني تمنيت ان يتخطي الحدث وزمانه ليجعل الرؤية أوسع في إنسانيتها حتي لا يبدو متحركاً في نطاق زمني محدد ومحدود بدرامية معينة ليتمكن من رسم الإنسان أي يجسد فكرة معاناة الإنسان عامة وليست الشخصية.. وهذا سيجعل الضوء الباطني أكثر تألقاً، بدلاً من تقديم معاناته وزوجته في صور متشابهة الهيكل وبطريقة ومنظور واحد.. فأين مجادلة الفن هنا وهو يكرر عاطفة منصوصاً عليها من حيث القوة بشكل متطرد وفي مواقف محبطة الموضوع.. أعتقد أنه علي الفنان داحول الإفراج عن «نوار» زوجته الراحلة وآلامها من قيود تمثيلها المتكرر وتكريس آلامها.. فكيف بعيني مبدع وباهر مثل صفوان يحصر نفسه وتجربته عبر منظور واحد ويضيق الخناق علي المشاهد.. فقد يجعل هذا المشاهد متورطاً عاطفياً مع التجربة المؤلمة وحتي لا يتم الخلط بينه وبين التجربة الجمالية وهذا التكرار لن يضيف شيئاً ويصبح مجرد سرد في متوالية ممتدة للامتداد ذاته.. ويصبح هذا كل شيء.. وهذا التمديد لن يجعل المشاهد متعاطفاً قدر ما يجعله عاجزاً عن فهم وتفسير هذا الألم الممتد في ذاته والذي سبق وشاهده قبلاً وبإلحاح من الفنان.
أعتقد ان هذا الامتداد للألم في جانبه الدرامي في لوحات صفوان يبدو كسلسلة من العنف المادي يؤكدها الأبيض والأسود في حدتهما البصرية.. وهذا التكرار لآلامه ربما ورط المشاهد فيه واعتاده.. فهل علي الفنان ألا يجعل مشاهده يمل من حفظ خريطة آلامه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.