أسماك القرش لا تهاجم الإنسان بغرض الاغتذاء، فهي من آكلات اللحوم ولكنها ليست من آكلات لحوم البشر، إنها لا تستسيغ لحومنا لا تكاد تخلو بقعة في بحار ومحيطات العالم من حوادث هجوم أسماك القرش وافتراسها لآدميين الدوافع التي تحث أو تستفز الأقراش لتهاجم فليست واضحة تمامًا حتي الآن الأقراش لا تفرق في هجماتها بين الأبيض والأسود والدراسات تؤكد هذا الدم الطازج يثير شهية أسماك القرش وهو أمر شائع ومعروف للجميع من الضروري أن يتماسك الشخص الذي يهاجمه سمك القرش وأن يقاوم بالدفع والركلات فمن الممكن إخافة القرش، وتعطيل عملياته الهجومية في الغالب لا تهاجم الأقراش الذين يقدمون لإنقاذ الضحايا تختلف الأقراش الموجودة في البحر الأحمر في درجة عنفها وخطورتها علي البشر عن الأقراش الموجودة في البحار والمحيطات الأخري رجب سعد السيد في بحثها عن مصادر متجددة للإثارة والرعب، غاصت بنا السينما الأمريكية في المحيط، وجعلتنا نواجه أسماك القرش، في سلسلة من الأفلام، مازالت محطات التلفاز تعرضها من وقت لآخر، تحمل اسم "الفك المفترس"، أو "الفكوك" تبعاً للترجمة المباشرة لاسم أشهر هذه الأفلام (JAWS )، وهذه تسمية موفقة إلي أبعد الحدود، إذ إنها تختزل حقيقة وكيان ذلك الكائن المفترس - سمكة القرش- في مجرد الفكين ... إن القرش يبدو، أثناء عملية الافتراس، وكأنه مجرد فكين يتحركان لينهشا الفريسة، وينطبقان ليتحول البوز إلي غطاء لكهف من الرعب، مبطن بصفوف من الأنياب المدببة المنتصبة في ميل خفيف إلي الداخل، كأنها سطح "مبشرة"، يمكنها أن تجرش العظام بسهولة! لا نريد، بهذا الحديث، أن ننضم إلي قافلة مثيري الرعب؛ ولكننا نهدف إلي محاولة الاقتراب من هذه الكائنات، وتدارس سلوكها الافتراسي تجاه الإنسان، لعلنا نخلص من ذلك إلي إشارات وتوصيات يمكن أن تفيد الآدميين الذين قد تلقي بهم الأقدار في مواجهة هذه المخلوقات البحرية الشرسة. وعلي أي حال، فإن هجمات الأقراش لم تثر الرعب فقط، وإنما تثير كوامن النفس من تردي أحوال البحث العلمي عندنا، وتخلفه، وتخاذله عن اتخاذ زمام المبادرة، وتنبهنا إلي أهمية توفير قواعد البيانات، وسيناريوهات موضوعة مسبقا لمواجهة الكوارث البيئية، والبحرية منها علي نحو خاص، حتي لا نتصرف بعشوائية حين تقع الواقعة، ويهرع المسئولون (إخلاء لساحاتهم) باستقدام (خبراء) أمريكيين، في وجود بيوت خبرة لدينا، متمثلة في قسمين لعلوم البحار، بجامعة الإسكندرية وجامعة قناة السويس، ومعهد قومي لعلوم البحار، به فرع متخصص للبحر الأحمر، ويمكن لعلمائنا أن يقوموا بعمل أفضل من أي خبير أجنبي، إن توفرت لهم الإمكانيات. ليست آكلات لحوم البشر ونبدأ حديثنا بحقيقة قد تبدو غريبة؛ وهي أن أسماك القرش لا تهاجم الإنسان بغرض الاغتذاء؛ فهي من آكلات اللحوم، ولكنها ليست من آكلات لحوم البشر؛ إنها - والحمد لله - لا تستسيغ لحومنا! فالأقراش تتغذي، بالدرجة الأولي، علي الأسماك وغيرها من الكائنات البحرية؛ وسلوكها الافتراسي تجاه الإنسان هو جزء من طبعها العام المتسم بالشراسة، والذي تحكمه عوامل ومؤثرات مختلفة. ونود أن نؤكد علي أن الدلائل تشير إلي نجاح العلماء في توفير وسائل تأمين للإنسان من خطر هذه المخلوقات العنيفة، فقد اكتشف بعض العلماء أن لمادة "خلات الرصاص" تأثيراً طارداً لأسماك القرش؛ فإذا خلطت هذه المادة ببعض أنواع الأصباغ الزرقاء، كانت أكثر فعالية؛ وعلي هذا الأساس، فإن أي إنسان ينزل إلي البحر ومعه بعض أقراص من هذه المادة، يكون آمناً علي نفسه من هجمات الفك المفترس. ولا تكاد تخلو بقعة في بحار ومحيطات العالم من حوادث هجوم أسماك القرش، وافتراسها لآدميين. وبالرغم من أن عدد الأنواع المفترسة من هذه الأسماك الغضروفية لا يزيد علي ثلاثين نوعاً، إلا أنها تمثل مصدر رعب وتهديد للإنسان، في المياه الدافئة من البحار والمحيطات، وفي الخلجان، وبعض البحيرات المتصلة بالبحر، بل وفي بعض الأنهار الاستوائية؛ فقد أكد بعض العلماء علي أن النوع المعروف باسم "القرش الثور" شوهد يدخل إلي مصبات بعض الأنهار، ويتوغل في مياه النهر العذبة لمسافات طويلة، بما يوحي بقدرته علي تحمل التغيرات الكبيرة في درجة ملوحة المياه. وقد شوهد القرش "رأس المطرقة"، والقرش الأبيض، بالقرب من شواطئ الخلجان؛ وشاهد كاتب هذه السطور، بنفسه، أنواعاً من الأقراش المفترسة في مياه خليج أبي قير، شرقي مدينة الإسكندرية. وتحيق أسماك القرش خسائر جسيمة بالمسامك (مصائد الأسماك) ذات الأهمية الاقتصادية العالية؛ فإذا تقاطرت أسراب من هذه الأسماك المفترسة النهمة علي منطقة من مناطق الصيد المهمة، أثرت بشكل واضح في المخزون السمكي بالمنطقة، وقللت من قيمتها. أما الخسائر الناجمة عن توقف نشاط بعض المنتجعات الشاطئية، ومناطق الاصطياف، نتيجة لهجمات الأقراش، فهي طفيفة، إذا قورنت بفقدان التجمعات السمكية. والأنواع المفترسة من أسماك القرش تهاجم وتقاتل ليلاً ونهاراً، وفي مختلف الأجواء والظروف، في المطر، وتحت السماء الغائمة، وبالأيام المشمسة، وفي المياه الرائقة أو المعتمة، وعند كل الأعماق، قرب الشاطئ، حيث لا يزيد عمق الماء علي قدم واحدة، وفي البحر الطليق العميق، صيفاً في المناطق المعتدلة، وفي كل شهور السنة في المياه الاستوائية. والاحتمال قائم دائماً، أن يتعرض الإنسان في المياه البحرية لهجمات الأقراش؛ وفي أي حال من حالات النشاط البحري، سابحاً أو غائصاً أو صائد أسماك بالحراب أو ضفدعاً بشرياً في مهمة تحت سطح الماء، أو هائماً في سترة نجاة، إذا حدثت كارثة جوية أو بحرية، بسقوط طائرة أو غرق سفينة ركاب؛ وحتي أولئك الذين يركبون الزوارق والقوارب الصغيرة، قد لا يسلمون من هجمات الفك المفترس ! 75 هجمة في السنة الواحدة وتشير الإحصائيات إلي أن متوسط عدد حالات مهاجمة أسماك القرش المفترسة للإنسان، في جميع بحار ومحيطات العالم، هو 75 هجمة، في السنة. أما التوزيع العالمي لهذه الهجمات، فهو كالتالي : 1 - غرب المحيط الأطلنطي، من نيويورك إلي خليج المكسيك والبحر الكاريبي جنوباً. 2 - غرب المنطقة الاستوائية من المحيط الهادي، ومن اليابان إلي أستراليا ونيوزيلندا، في الجنوب. 3 - الساحل الشرقي لجنوب أفريقيا. 4 - الساحل الغربي لأمريكا الشمالية وأمريكا الوسطي. ومن السهل استنتاج أن أكثر المناطق تعرضاً للهجوم هي الأعلي في الكثافة السكانية، حيث يزيد النشاط البحري للسكان. وتشير الإحصائيات إلي أن أسماك القرش هاجمت فرادي (سمكة واحدة مهاجمة، في كل مرة) بنسبة 94 % من مجموع الحالات المسجلة، بينما تظهر حالات الهجوم الجماعي للأقراش عند وقوع كوارث غرق السفن أو سقوط الطائرات في المحيط، فتتقاطر الوحوش إلي المنطقة. وأهم أنواع القروش المفترسة، الأشد شراسة: الأبيض، وماكو، والأزرق، وأبيض الطرف، ورأس المطرقة، والنمر، وأنواع عديدة من طائفة الأقراش الرمادية. وثمة أنواع أقل شراسة، بل هي كسولة في أحوالها الاعتيادية، ولكنها تنقلب إلي كائنات متوحشة إذا أثيرت برائحة أو مرأي الطعام، ومن أمثلتها قرش جرينلاند، وأشباهه، بالمحيط الهادي. أما الدوافع التي تحث أو تستفز الأقراش لتهاجم، فليست واضحة تماماً، حتي الآن. وقد درست 1406 حالات هجوم، واتضح أن 990 حالة منها لم تكن فيها عوامل استفزاز أو استثارة للأقراش المهاجمة، بينما قامت بالهجوم في مائة حالة، بسبب إثارتها وإزعاجها، سواء بمحاولات صيدها، أو محاولة النيل منها وجرحها أو ضربها. وكان نصيب ضحايا الكوارث الجوية والبحرية 94 حالة؛ كما قامت الأقراش بالهجوم علي قوارب صغيرة في 138حالة؛ أما باقي الحالات من مهاجمات الأقراش، فلم تكن محددة الملامح. ومن الحقائق المهمة التي توصل إليها العلماء أن حالات مهاجمة القرش للإنسان تتركز في مسافة المائتي قدم من خط الشاطئ، وذلك لثلاثة أسباب أو عوامل، هي: 1 - الأصوات المنطلقة من تجمعات المتواجدين في هذه المنطقة.. إذ تسري تلك الأصوات في المياه، في صورة ذبذبات منخفضة التردد، وفي موجات متضاغطة، فتلتقطها أجسام الأقراش وهي تجول بعيداً عن الشاطئ، في المياه العميقة، فتتوجه إلي مصدرها؛ فإذا وصلت إلي المنطقة المحدودة من الشاطئ، وهي منطقة الاستحمام، سهل عليها أن تميز ضحاياها، بالرؤية والشم ! وفي هذا المجال، نذكر تجربة استطاعت خلالها سمكة قرش أن تميز الموجات الصوتية الصادرة عن السباحة غير المنتظمة لسمكة عظمية مجروحة، فاتجهت إليها - وكانت بعيدة عن مجال رؤيتها - وافترستها؛ فما بالك بالحركة الفوضوية، والصخب والضجة، التي يثيرها مجموعة من المصطافين، في مياه ترتادها هذه الوحوش المتربصة ؟! ومن دراسة ل 275 حالة هجوم، وجد أن 122 حالة منها، أي بنسبة تزيد قليلاً علي 44 %، كانت الحية بصحبة آخرين، وفي مياه عميقة (عشرة أقدام) بينما سجلت 84 حالة، أي بنسبة 31 %، كان الهجوم فيها علي آدمي بمفرده، أو علي آدمي بصحبة آخرين، لكن في مياه يصل عمقها إلي مائة قدم. وعلي هذا، فربما كان من الضروري ألاَّ يدخل السباحون والغواصون فرادي إلي المياه المشتبه وجود الأقراش بها، لكن لا يفهم من ذلك أن وجودهم في مجموعات من اثنين أو أكثر يضمن لهم الأمان. وثمة نصيحة أخري، توجه إلي مجموعات المصطافين اللاهين في مياه الشاطئ، ألاَّ ينفصل واحد منهم عن الجماعة، فربما - إذا فعل - يصير فريسة سهلة لأسماك القرش المراقبة من بعيد، والمحومة حول المنطقة. 2- العامل، أو السبب الثاني، متصل بالرؤية عند أسماك القرش. ويتفق علماء التشريح علي أن عين القرش لا تستطيع أن تميز الألوان جيداً؛ كما أنها ليست حادة الإبصار؛ غير أن لديها القدرة العالية علي تمييز الهدف من بين مكونات الخلفية التي تظلله، حتي إذا كان الضوء شحيحاً. وقد درست 151 حالة هجوم، فوجد أن الضحايا في 110 حالة كانوا يرتدون ثياب استحمام ملونة غامقة (أزرق أو بني أو أحمر)، و في 13 حالة أخري، كانت لغواصين يرتدون بذلات غوص سوداء. واللون الأسود لبذلات الغوص يكون واضحاً تماماً، عندما يكون موقع الغواص بين القرش، من أسفل، وضوء النهار المتخلل سطح المياه. لذلك، ربما كان من المفيد تغيير ألوان أردية الغوص إلي الرمادي الخفيف، أو الأسمر الضارب إلي الصفرة؛ مع بعض التشكيلات والألوان الأخري، بغرض التمويه. وقد صمم اليابانيون ألبسة بحر متميزة، ذات ألوان خاصة للسباحة في المناطق المهددة بهجمات الأقراش. وتكثر في هذه الألبسة الألوان علي هيئة أشرطة أو شعاعات. 3- أما السبب الثالث، فهو الدم الطازج، المراق في المياه، وهذا أمر شائع ومعروف للجميع، وهو متصل بالقدرة الهائلة لأسماك القرش علي تمييز الروائح. ويجب ألاَّ يؤدي الخوف بمن يهاجمه القرش إلي الاستسلام؛ فمن الضروري محاولة التماسك والمقاومة، حتي وإن كانت بالدفع بالأيدي والركلات، أو بضرب القرش بأية أداة بمتناول اليد، كآلة تصوير، أو مجذاف. وفي حالة حدوث هجوم علي منطقة معينة، ولم يكن هناك الوقت الكافي ليسرع السابحون بالخروج من الماء، فمن الممكن العمل علي إخافة القرش وتعطيل عملياته الهجومية، وذلك بإحداث فقاعات و(رغاوي) في المياه؛ فإذا أصر وهاجم المنسحبين، فمن الضروري مواجهته ومحاولة النيل منه، بضربه في منطقة البوز. ولتأكيد قيمة هذه النصيحة، تم تصنيف 126 حالة هجوم، فوجد أن المقاومة أفلحت في 61 % منها، تراجع القرش المهاجم، بينما لم تؤثر في 39 % من الحالات، وعاودت القروش هجومها وافتراسها للضحايا. وتؤكد تعليقات بعض ممن نجوا من هجمات الأقراش علي أن ضربات المقاومة تثير القرش وتزيد من شراسته، ما لم تكن هذه الضربات مبرحة ومؤثرة فيه. ومن الملاحظات الغريبة، أن الأقراش لا تهاجم - في الغالب - من يقدم علي إنقاذ ضحاياها، بل تظل مركزة علي الضحية، لا تفلتها، خصوصاً إذا كانت هجماتها مؤثرة في الضحية؛ ومن بين 144 محاولة لإنقاذ ضحايا هجمات القرش، وقع 21 فقط من المنقذين ضحايا لنفس القرش. ولا تمييز عنصري، بسبب لون البشرة، عند القروش؛ فهي تهاجم البشر أياً كانت ألوان جلودهم. وقد وجد أنه بين 160 حالة، كان لون بشرة الضحية أبيض في 46 حالة، وأصفر في 82 حالة، وأسود في 32 حالة. ويبين الجدول التالي أكثر الأماكن، في جسم الضحية البشرية، تعرضاً لنهشات الأقراش المهاجمة؛ ويلاحظ أنها السيقان، والأفخاذ، والأذرع؛ أي الأطراف المتحركة: الجزء المعرض للهجوم (عدد الحالات المسجلة) 1- الرأس (12) 2- الكتف (20) 3- الصدر (22) 4- الخصر (62) 5- الفخذ (148) 6- الأعضاء التناسلية (5) 7 - السيقان (309) 8- الأقدام (113) 9- الأذرع (144) 10- الأكف (107) 11- لحم الجسم كله حتي العظام (71) 12- ابتلاع الجسم بأكمله (18) والثابت أن هجمات الأقراش تتسبب في نسبة كبيرة من هلاك ضحايا غرق السفن أو سقوط الطائرات في البحر. وعندما أغرقت السفينة الحربية "نوفا سكوتيا"، بالطوربيدات، أمام خليج "ديلاجوا"، في الحرب العظمي الثانية، تناثرت جثث البحارة طافية فوق المياه، في سترات النجاة، بلا أذرع أو أرجل؛ فاندفعت إلي المنطقة أسراب من أنواع عديدة من الأقراش المفترسة، أتت علي معظم جثث الضحايا. ويصف بعض الناجين من كوارث الغرق حالة الأقراش بأنها - خصوصاً إذا سالت دماء الضحايا - تندفع في حالة من الجنون، ويصبح هلاك كل من في الماء مؤكداً! وقد لوحظ أن ضحايا هذه الكوارث، الطافين في سترات النجاة، تزداد فرصتهم في عدم التعرض لهجوم الأقراش إذا كانوا في كامل ملابسهم ! وينصح الخبراء ضحايا هذه الكوارث بالانضباط. فإذا كان ثمة قارب نجاة، فمن الضروري الإسراع بوضع الجرحي في القارب، بينما يتعلق غير المصابين بجوانبه، إن لم يكن فيه متسع لهم. أما بالنسبة للطافين في أردية النجاة، فيجب أن يتماسكوا علي هيئة دائرة، ووجوههم للخارج، بينما يبقي الأفراد المصابون في وسط الحلقة. ويمكن لهذه الدائرة المتماسكة من الأفراد أن تقاوم القرش المهاجم، بضربه في منطقة البوز، وفي الرأس. ولهذا، تحسباً لحالات الطوارئ، يستحسن أن يبقي المرء مرتدياً كامل ملابسه، وحذاءه، خلال الرحلات البحرية والجوية. وقد يسهل ركاب قارب النجاة المهمة للأقراش للاستدلال علي القارب، فلتخفيف الحمولة، أو توفيراً لمكان لراكب إضافي، يلجأ الركاب إلي إلقاء كميات من الأطعمة المحفوظة، فتلفت نظر القروش! وقد حدث أن ألقيت عوامة بيضاء اللون إلي الخلف من قارب نجاة، للتقليل من سرعة انجرافه في اتجاه خاطئ، فعملت العوامة علي جذب العديد من أسماك القرش الجائعة التي تمكنت من فصلها عن القارب، واجتذبتها إلي مكان بعيد، تاركة القارب مضطرب السير، ولكن الركاب نجوا من الأسماك المفترسة. وأكثر الأقراش مهاجمة للقوارب والزوارق: الأبيض، وماكو، والنمر. وقد حدث أن هاجم قرش أبيض، طوله 15 قدماً، قارباً لهواة الصيد، وأخذ يعض ألواح قعر القارب، تاركاً بعض أسنانه مدفونة في خشبها. واستمر قرش أبيض آخر يهاجم قارب صيد لمدة أربع ساعات متصلة، واستطاع الركاب أن يشاهدوا رأسه فوق مستوي جدار القارب. كما أن حالات قفز الأقراش إلي القوارب معروفة، وتحدث كثيراً، وثمة رواية عن قرش قفز قفزة كبيرة، تخطي بها قارب صيد! وقد سجلت حالات غريبة، اقتربت فيها أسماك القرش من قوارب الصيد، وقوارب النجاة، والأطواف العائمة، لا لتهاجم، لكن - فقط- لتحك جلدها في قعر القارب. وقد عايش كاتب هذه السطور حادثة لن ينساها، عندما اقترب قرش، من النوع النمر، من حافة منصة طافية أقمناها، في مهمة بحثية، لدراسة رسوبيات القاع عند موقع بمدخل خليج السويس؛ وأخذ ذلك النمر يحوم، محدقاً فينا بعينيه، كأنما يستطلع أحوالنا ونوايانا؛ ويبدو أنه أدرك أننا من العاملين بالبحث العلمي، وأننا لا نستحق عناء المهاجمة، أو لعلنا، في أسمالنا التي نعمل فيها بالحقل، لم نفتح شهيته، فلم يلبث أن غادرنا -غير آسف- فالتقطنا أنفاسنا وحمدنا الله!