اختار مهرجان أبوظبي السينمائي المخرج العراقي محمد الدراجي للفوز بجائزة "مخرج الشرق الأوسط" التي تقدمها مجلة"فارييتي"في كل عام، والتي تسلمها في حفل خاص أقيم في قصر الإمارات في (19 أكتوبر 2010). تأتي هذه الجائزة لتضاف إلي جوائز كثيرة أخري حصدها الدراجي بعد أن حاز فيلمه "ابن بابل" الذي قدم عرضه العالمي الأول في مهرجان الشرق الأوسط السينمائي (مهرجان أبوظبي السينمائي حالياً) علي اهتمام كبير ليعرض عالمياً في مسابقة مهرجان ساندانس، وتظاهرة "بانوراما" بمهرجان برلين السينمائي ومهرجانات عدة أخري، ما يجعل المهرجان المكان الأمثل لهذه المناسبة.وقد وصفت مجلة "فارييتي" الدراجي بأنه "السينمائي الأكثر اجتهاداً في المنطقة" وأشادت بتصويره الآسر للحياة في عراق ما بعد صدام، الموضوع الذي تناوله في كلّ من أعماله الوثائقية والروائية. زمن الحرب عاش الدراجي في بغداد، درس الإخراج المسرحي وعمل مصوراً في هولندا بعد انتقاله إليها عام 1995، قبل أن يغادرها الي المملكة المتحدة لدراسة السينما وليؤسس هناك مكانة له عبر عدد من الأفلام القصيرة والوثائقية. في عام 2005 نال الدراجي إعجاب النقاد علي فيلمه الروائي الطويل الأول "أحلام" والذي قدم من خلاله تصويراً صادماً للحياة في بغداد زمن الحرب. عرض الفيلم في عشرات المهرجانات السينمائية حول العالم. وكان الدراجي قد صوّر "أحلام" في العراق رغم تعرضه للكثير من الصعوبات والمخاطر كإطلاق النار علي موقع التصوير في شارع الرشيد من قبل الجنود الأمريكيين عام 2003، وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر بالإضافة إلي الافتقار للتمويل الكافي والمخاوف الأمنية. ليقدم بعدها فيلمه الطويل الثاني وهو الفيلم الوثائقي "حب وحرب ورب وجنون" الذي يعتبر كفيلم "ميكنغ أوف" سجل خلفيات العمل علي صنع فيلم "أحلام" وقد عرض في مهرجان روتردام السينمائي الدولي وبعض المهرجانات الدولية الأخري. فيلمه الروائي الطويل الثاني جاء بعنوان "ابن بابل" (2009)، والذي فتح الطريق أمامه نحو العالمية. تلقي فيلم "ابن بابل" منحة مهرجان أبوظبي السينمائي لدعم انتاجه في مرحلة الإنتاج النهائية وذلك قبل إطلاق الأخير صندوق "سند"، وقدم عرضه العالمي الأول ضمن احتفاليات المهرجان العام الماضي.وقد تم ترشيح الفيلم إلي مسابقة جائزة الأوسكار للأفلام الأجنبية لعام 2011، وبهذا يدخل التاريخ كأول فيلم عراقي يترشح لهذه الجائزة العالمية.يتناول فيلم"ابن بابل" الذي صور في العراق أيضاً، مشكلة العراقيين المفقودين عبر قصة فتي كردي يبلغ من العمر 12 عاما يقرر مع جدته البحث عن أبيه الذي لم يعد إلي المنزل منذ حرب الخليج عام 1991. بين ذراعي أمي حضر الدراجي إلي أبوظبي هذا العام، ليس فقط لتلقي جائزة "فارييتي" كمخرج الشرق الأوسط لهذا العام، وإنما أيضاً ليقدم مشروعه الحالي "بين ذراعي أمي" الفيلم الفائز بمنحة صندوق "سند" الذي أطلقه مهرجان أبوظبي السينمائي مؤخراً وذلك لدعمه في مرحلة "التطوير" ويعرض هذا المشروع خارج المسابقة الرسمية كعمل قيد الإنجاز هذا العام. وفي هذا الإطار علق بيتر سكارلت المدير التنفيذي لمهرجان أبوظبي السينمائي قائلا "تتسم أفلام الدراجي سواء التسجيلية أو الروائية، بالرؤية الواسعة التي تكسر الأفكار المسبقة للناس لتظهر لهم العالم من منظور مختلف. وبالنسبة لي، فتلك هي واحدة من السمات المميزة لصناعة الأفلام الكبيرة. لقد تتبع المهرجان منذ فترة طويلة تطور الدراجي كمخرج، ونحن فخورون وسعداء بأن عمل هذا المخرج الموهوب المرتبط بالمجتمع يكرم الآن من قبل المجلة التي يعتبرها الكثيرون الموجه الأساسي للرأي في عالم السينما. وعلق الدراجي قائلاً "بعد أن عرض فيلم ابن بابل في مهرجان أبوظبي العام الماضي، تم اختياره ليعرض في مهرجان ساندانس. لقد دعمت أبوظبي الفيلم منذ أن كان مجرد صورة تتراءي في عيني، كما أني قد حصلت علي تمويل من صندوق "سند" لكلّ من المشروعين الجديدين اللذين أعمل عليهما، وبالنسبة لمخرج مثلي يعمل في ظروف صعبة للغاية فإن هذا الدعم لا يقدر بثمن". وفي السياق نفسه تحدث عيسي سيف راشد المزروعي مدير مشروع المهرجان "عندما خصصت مجلة فارييتي هذه الجائزة منذ ثلاث سنوات مضت، سرّنا أن يرحب بالسينمائيين من الشرق الأوسط بهذه الطريقة في المجتمع السينمائي الدولي، وبالتأكيد فإنه يسعدنا دائماً أن نري المواهب التي عرضنا أعمالها في المهرجان تتلقي إشادة دولية، ونحن نتطلع إلي العمل مع كل من الدراجي ومجلة "فارييتي" طويلا في الفترة المقبلة". وفي تعليقه علي منح هذه الجائزة قال تيم غراي محرر مجلة فارييتي: "أردنا تكريم محمد الدراجي هذا العام، ليس لأنه مخرج كبير من الشرق الأوسط، لكن وببساطة لأنه مخرج كبير صادف أنه من هذه المنطقة" وأضاف: "لقد أردنا من خلال هذه الجائزة أن نوجه اهتمام الناس إلي هذه المنطقة، فمنذ عامين فقط لم يكن الكثيرون في هوليوود يعرفون أين تقع أبوظبي، ولكن المهرجان ومؤتمر "ذا سيركل" والمبادرات المختلفة الأخري ومن ضمنها هذه الجائزة قد ساعدت علي لفت انتباه العالم إلي صناعة السينما في هذه المنطقة." فارييتي منحت جائزة "مخرج الشرق الأوسط" لإيليا سليمان العام الماضي.