خاص| ننشر صور تطهير مخرات السيول بالقاهرة استعدادًا لفيضانات النيل    افتتاح 3 مساجد بمراكز محافظة كفر الشيخ    باسل رحمي: غدا إفتتاح معرض تراثنا للجمهور الثالثة عصرا    استقرار سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري بختام اليوم    تعرف على الأسباب.. قطع المياه لمدة 6 ساعات عن بعض مناطق بالجيزة اليوم    تعرف على أنشطة رئيس مجلس الوزراء فى أسبوع    ترامب يلوّح بمهلة أخيرة: اتفاق غزة على المحك    ترامب: إذا لم توافق الفصائل الفلسطينية على الصفقة سيفتح أبواب الجحيم كما لم يره أحد    الريال ضد فياريال.. ميليتاو يعود لقائمة الملكي فى الدوري الإسباني    ترشح الخطيب.. غياب منسي.. تراجع صلاح.. مرض زيدان.. وكرة المونديال| نشرة الرياضة ½ اليوم    مسار يتفوق على الأهلي في قمة الدوري الممتاز للكرة النسائية    شوط أول سلبي بين سموحة والإسماعيلي    وزير الرياضة يهنئ اللاعبين المصريين على أدائهم في بطولة العالم للأندية لكرة اليد    السيطرة على حريق بشقة سكنية في بنها    محاكمة سارة خلفية وميدو وكروان مشاكل.. أبرز محاكمات الأسبوع المقبل    يحيى الفخراني: الفنان يجب أن يختار أعمالًا تحمل قيم تعيش مع الجمهور    وزير الخارجية يلتقي بمندوبة باراجواي الدائمة لدى اليونسكو    الحلو وثروت وهانى شاكر يحيون حفل ذكرى انتصارات أكتوبر بالأوبرا    محمد صادق يكشف عن تقديم جزء ثالث من فيلم هيبتا.. صور    سنوات مع صلاح منتصر..حكايات ملهمة لتجربة صحفية فريدة    القاهرة الإخبارية: جيش الاحتلال يواصل التقدم البري والقصف العنيف فى غزة    انطلاق مهرجان نقابة المهن التمثيلية المسرحى بمشاركة 32 عرضا غدا    مواقيت الصلاه في المنيا اليوم الجمعه 3 أكتوبر 2025 اعرفها بدقه    اسعار التوابل اليوم الجمعة 3-10-9-2025 في محافظة الدقهلية    محمد يوسف يكشف حقيقة معاقبة الشحات بعد مباراة القمة    محافظ أسوان يتفقد أعمال تطوير ورصف طريق كيما / السماد    صحة سيناء تعلن القضاء على قوائم الانتظار في المستشفيات    نائب وزير الصحة يتفقد منشآت طبية بمحافظة الغربية ويُشيد بأداء الأطقم الطبية    الزهايمر.. 5 عادات يومية بسيطة تحمي الدماغ من المرض الخطير    رسميًا.. البلشي وعبدالرحيم يدعوان لعقد اجتماع مجلس الصحفيين من جريدة الوفد الأحد    البابا تواضروس يلتقي كهنة إيبارشيات أسيوط    رسميًا| الكشف عن كرة كأس العالم 2026.. صور    الحاخام هنري حمرة.. أول مرشح يهودي سوري منذ 1967 يعلن الترشح لمجلس الشعب السوري    وزيرة التخطيط تبحث تطورات تنفيذ البرنامج القُطري مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية    الكاريكاتير يسخر من الهزيمة ويحتفي بالنصر في معرض أكتوبر بدار الكتب    الداخلية تكشف حقيقة فيديو شرطي يقود سيارة بلا لوحات في البحيرة    هل يجب قراءة سورة الكهف كاملة يوم الجمعة    عاجل- تعرف على سنن يوم الجمعة وفضل الدعاء وقراءة سورة الكهف    عاجل- سكك حديد مصر تُسيّر الرحلة ال22 لقطارات العودة الطوعية لنقل الأشقاء السودانيين إلى وطنهم    5 قرارات أصدرتها النيابة فى اتهام شاب ل4 أشخاص بسرقة كليته بالبدرشين    اسعار الحديد فى أسيوط اليوم الجمعة 3102025    باراجواي تعلن دعمها الرسمي للدكتور خالد العناني في انتخابات اليونسكو 2025    موعد شهر رمضان 2026 .. تعرف على أول أيام الشهر الكريم    تحريات لكشف ملابسات تورط 3 أشخاص فى سرقة فرع شركة بكرداسة    أحمد سليمان: جون إدوارد صاحب قرار رحيل فيريرا من الزمالك    ترامب يعلق 2.14 مليار دولار من مخصصات البنية التحتية في شيكاغو للضغط على الديمقراطيين    "يونيسف": الحديث عن منطقة آمنة فى جنوب غزة "مهزلة"    لقاء تعريفي حافل بكلية الألسن بجامعة قناة السويس للعام الأكاديمي 2025-2026    طائرة مسيّرة إسرائيلية تلقي قنبلة صوتية قرب صياد لبناني في الناقورة    الداخلية تكشف ملابسات مشاجرة عائلية بسبب الميراث بالمنيا    تعرف على سعر بنزين 92 اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025 فى محطات الوقود    تكريم 700 حافظ لكتاب الله من بينهم 24 خاتم قاموا بتسميعه فى 12 ساعة بقرية شطورة    «العمل» تحرر 6185 محضرًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 22 يومًا    جامعة قناة السويس تشارك في معرض تراثنا الدولي (صور)    استشاري تغذية علاجية: الأضرار المحتملة من اللبن تنحصر في حالتين فقط    الصين تدعو لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    الزمالك يختتم تدريباته اليوم استعدادًا لمواجهة غزل المحلة    بالصور.. مصرع طفلة وإصابة سيدتين في انهيار سقف منزل بالإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هوامش مهنية علي أزمة جريدة « الدستور»
نشر في القاهرة يوم 07 - 09 - 2010

بعد أقل من شهرين علي انتقال ملكية جريدة «الدستور» من صاحبها رجل الأعمال «عصام إسماعيل فهمي»، إلي مجموعة من رجال الأعمال يتصدرهم «د.سيد البدوي» - الذي تولي رئاسة مجلس إدارتها - و«رضا إدوارد» الذي تولي مسئولية رئيس مجلس الإدارة التنفيذي للجريدة، اختلف الملاك الجدد مع رئيس تحرير الصحيفة ومؤسسها «إبراهيم عيسي»، فأصدروا قرارا بإقالته من موقعه، لسبب قالوا إنه إداري ومالي يتعلق برفضه تحمل الضرائب المستحقة علي مرتبه، وتحريضه المحررين علي الامتناع عن العمل حتي يتحمل الملاك عنهم هذه الضرائب، بينما قال «إبراهيم عيسي» إن سبب إقالته مهني يتعلق بإصراره علي نشر مقال رفض الملاك نشره، فضلا عن أنه سياسي يتعلق بسعي الملاك إلي تغيير السياسة التحريرية للجريدة، التي عرفت بلهجتها المعارضة العنيفة، وكان من تداعيات هذا الموقف أن امتنع محررو وكتاب الدستور عن العمل بها، ما لم يعدل الملاك عن قرار إقالة رئيس التحرير، ويتعهدوا بعدم تغيير الخط السياسي للجريدة.
وربما كانت هذه أول مرة، تثور فيها مشكلة مهنية من هذا النوع في تاريخ الصحافة المصرية والعربية، لأن الملكية العائلية كانت الطابع الغالب علي ملكية الصحف المصرية قبل تأميمها عام 1960، فكان «أولاد تقلا» يملكون «الأهرام» و«أولاد زيدان» يملكون «دار الهلال» و«أولاد أمين» يملكون «دار أخبار اليوم» و«آل أبوالفتح» يملكون «المصري» و«آل ثابت» يملكون «المقطم» وهي عائلات كانت تشتغل بالصحافة، وتستثمر أموالها فيها، وتجد من ابنائها من تعينه رئيسا لتحرير مطبوعاتها، أو تتعاقد مع صحفيين يقومون بهذه المهمة، تحت إشراف ومشاركة أولاد العائلة الذين يركزون جهدهم عادة في الشئون الإدارية والمالية للصحف.
وخلال تلك الفترة، لم تنشأ مشكلة بين المالك ورئيس التحرير، لأن الذي كان يقوم بالدورين هو في الغالب شخص واحد، وهو الأمر نفسه الذي كان يحدث في الصحف الحزبية، إذ كان الحزب السياسي يختار أحد أقطابه ليرأس تحرير كل صحيفة من الصحف التي يمتلكها باعتبارها «لسان حاله» أي التي يعبر كل ما ينشر فيها من مواد سياسية عن رأيه.
وفي أحيان أخري، كان هذا القطب يترك رئاسة التحرير لصحفي محترف ليتولي دور «مدير السياسة» وينشر اسمه تحت هذه الصفة في صدر الصحيفة بينما ينقل اسم رئيس التحرير إلي صفحة داخلية ، أما الصحف التي يملكها صحفيون ينتمون للحزب، والتي لا يعتبرها الحزب «لسان حاله» بل مجرد صحف تسير علي مبادئه، فقد كان أصحابها يتداولون مع السكرتير العام للحزب أو أحد اقطابه فيما ينشر بها من أمور سياسية.
وحتي حين انتقلت المؤسسات الصحفية الكبري منذ عام 1960 إلي ملكية «الاتحاد القومي» ثم «الاتحاد الاشتراكي» ثم «مجلس الشوري» جرت الأمور علي النحو الذي كانت تجري عليه من قبل فالمالك الجديد يختار رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير انطلاقا من تقديره بأنهما سوف يعبران عن اتجاهاته، ويترك لهما الحرية في إدارة الصحيفة.
ومن المفارقات التي تدعو للدهشة، أن الصحفيين العاملين في الصحف القومية، المملوكة لمجلس الشوري وغيرهم من الصحفيين دأبوا علي التنديد بغياب «مجلس الشوري» كمالك لهذه الصحف، وإطلاقه يد رؤساء مجلس الإدارة ورؤساء التحرير في توجيه هذه الصحف، وهو منطق معاكس لما يذهب إليه بعض هؤلاء الآن، من المطالبة بشل يد المالك عن أي تدخل في تحرير الصحف بمناسبة الأزمة بين الملاك ورئيس تحرير الدستور.
ومن هذه المفارقات كذلك أن قانون سلطة الصحافة الذي صدر عام 1980 يقر الحق في تشكيل شركات مساهمة لإصدار الصحف، بعد عشرين عاما من تأميم الصحف، كان يشترط ألا يقل عدد المساهمين في هذه الشركات عن 500 مساهم، وألا تزيد ملكية الشخص وأسرته وأولاده القصر من هذه الأسهم علي 2 في الألف، وهي صيغة تختلف عن شكل الملكية العائلية التي كانت سائدة قبل تأميم الصحافة، وعن شكل ملكية الدولة الذي ساد بعد التأميم، إذ هي تتيح الفرصة، لوجود مسافة بين الملكية والتحرير، إذ سيكون للجمعية العمومية للمساهمين في هذه الحالة حق تعيين مجلس الإدارة ورئيس التحرير، وتحدد لكليهما سياسة الجريدة، وتحاسبهما علي تنفيذ هذه السياسة، من دون أن يكون للملاك أي حق في التدخل المباشر في سياسة الجريدة.
وكان غريبا أن الصحفيين قد اعترضوا علي هذا القانون، خصوصا أن عقبات إدارية قد حالت دون تشكيل عدد كاف من الشركات طبقا لهذه الصيغة، فكانت النتيجة، أن تم العدول عنها في القانون 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة، ليقصر التعديل عدد المساهمين علي عشرة فقط، لا يجوز أن يزيد عدد ما يملكه كل منهم علي 10% من الأسهم لتعود الصحافة المصرية إلي صيغة الملكية العائلية، ويتوالي إصدار الصحف الخاصة التي يملكها ظاهريا عشرة أفراد، ويملكها ويوجهها عمليا شخص أو مجموعة أفراد تنتمي لعائلة واحدة، لتبرز من جديد مشكلة العلاقة بين الملكية والتحرير، وبين سلطة المالك وسلطة رئيس التحرير وتنفجر أزمة جريدة «الدستور».
وتكشف أزمة «الدستور» عن ثغرات كثيرة في التنظيم المهني والقانوني للصحافة، من بينها أن اتهام «إبراهيم عيسي» للملاك بأنهم تدخلوا في السياسة التحريرية للجريدة، كان يمكن أن يكون أكثر قوة، لو أن عقد نقل ملكيتها إلي الملاك الجدد- الذي شارك إبراهيم في مفاوضات إبرامه قد تضمن نصوصا تلزم الملاك الجدد بهذا الخط، وتتضمن خطوطه العامة، أو لو كان عقد «إبراهيم عيسي» مع المالك السابق- أو مع المالك الحالي- يتضمن بنودا تتعلق بالخط السياسي للجريدة، وبطبيعة التزامات كل منهما قبل الآخر، والجهة التي يلجآن إليها في حالة الخلاف للتحكيم أو التوفيق أو التقاضي.
لكن الظاهر من روايات كل الأطراف أن العقود لم تكن تتضمن شيئا من ذلك، وأن المالك السابق للدستور، كان ينظر إليها باعتبارها مشروعا تجاريا يحقق له هامشا من الربح يتوازي مع إنفاقه المحدود عليه، من دون أن تعينه الوسيلة التي تحقق بها الجريدة هذا الربح، وترك الحرية لإبراهيم عيسي في أن يحدد الخط السياسي الذي يحقق للجريدة الرواج الذي لا يحقق له خسارة وهي صيغة، كان يمكن أن تدفع المالك السابق لإغلاق الجريدة، في أي وقت يشعر فيه أنها تحقق خسائر، كما أغلق صحفا أخري أصدرها من قبل عن الدار نفسها، وكان ممكنا في أي وقت أن تفتح الباب أمام الملاك الجدد للتدخل لتغيير هذه السياسة، إذا لاحظوا أنها تنفر المعلنين من الإعلان في الجريدة أو تجلب لهم مشاكل تضر بمصالحهم.
وإذا كان هناك درس لابد أن يخرج به رؤساء التحرير من أزمة «الدستور» فهو أن يضمِّنوا عقودهم مع ملاك الصحف نصوصا، تحدد بدقة حقوق وواجبات كل منهم تجاه الآخر بما في ذلك الخط السياسي العام للمطبوعة، الذي ينفرد رئيس التحرير وحده بتطبيقه من دون تدخل!
وإذا كان هناك درس لابد وأن تخرج به الصحافة من الأزمة، هو أن يسعي الصحفيون لموازنة صيغة الملكية العائلية التي عادت لتصبح الطابع الغالب علي ملكية الصحف، بصيغة الشركات المساهمة أو الجمعيات التعاونية لتضمن ألا يتعامل ملاك الصحف مع الصحفيين باعتبارهم بعض خدم القصر!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.